“شعراء مسرحيون” فرجة تجمع الشعر بفنون الأداء

فضاء رمزي يمتزج فيه الشعر بالمسرح والأداء الفني في أرقى تعابيره الإبداعية.

مراكش (المغرب) – تنظم دار الشعر بمراكش فقرة جديدة من برنامجها “شعراء مسرحيون”، لحظة شعرية وفنية استثنائية، حيث يلتقي خلالها أب الفنون بالشعر، بمشاركة الشاعر والمخرج المسرحي هشام عبدالوهاب والشاعر والمسرحي إدريس الطلبي والفنانة مريم لحلو.

وتشكل فقرة “شعراء مسرحيون” فضاء لتلاقي التعبير الإبداعي، في أرقى تجلياته، حيث يمتزج الشعر بالمسرح والأداء الفني. وتأتي هذه الفقرة الجديدة للدار ضمن افتتاح برنامج الطور الرابع للموسم الرابع 2020/ 2021، في استمرارية خلاقة تأتي في سياق الانتقال إلى اللقاءات الحضورية، بعد التخفيف في إجراءات العزل الصحية التي توخاها المغرب على غرار العديد من بلدان العالم توقيا من انتشار فايروس كورونا المستجد.

وتجدد دار الشعر بمراكش، هذا الفضاء الرمزي الذي جمع الشعراء المغاربة من مختلف الحساسيات والتجارب، برمجتها الثقافية وفق منظور جديد يراعي تداولية أوسع للشعر بين متلقيه. وفي اختيار واع يجعل من الشعر بعدا مركزيا قادرا على نسج حواريته المفتوحة مع الفنون، وفي حفاظ على هويته الخاصة.

لذلك حرصت الدار، كما توضح في بيانها، من خلال فقرات أطلقتها خلال مواسمها السابقة (شعراء تشكيليون وشعراء مسرحيون وشعراء حكواتيون)، أن ترسخ هذا الأفق عبر استضافة أصوات شعرية استطاعت أن تنسج عبر انشغالاتها الإبداعية هذا البعد في المزاوجة بين الشعري والأدائي/ الفني.

في “شعراء مسرحيون” يلتقي مبدعون زاوجوا في تجربتهم الإبداعية بين الشعر والمسرح. حيث نجد الشاعر والمخرج المسرحي هشام عبدالوهاب، أحد الوجوه الإبداعية من الجنوب المغربي (مدينة العيون)، فبعد دراسة الأدب والتواصل اتجه المبدع عبدالوهاب إلى المسرح وفن الفيديو من خلال تأسيس استوديو كريج أولا، ثم جمعية بروفا للفنون البصرية الاحترافية، والتي أسهمت في إعطاء ديناميكية لافتة للمسرح الاحترافي بالجنوب، كما كانت سببا مباشرا للكشف عن وجوه مسرحية جديدة أغنت المشهد الفني بالصحراء المغربية.

كما قدم عبدالوهاب، كمخرج مسرحي، العديد من  الأعمال المسرحية التي توجت بالعديد من الجوائز في العديد من المهرجانات، إلى جانب دواوينه الشعرية التي نذكر من بينها “عرق”، “وفا – سولي”، “حثالات”، “صمت”، ويشغل الشاعر والمسرحي حاليا منصب أستاذ مكون  بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين، وهو أيضا “مستشار في التنمية المستدامة والصناعة الثقافية” للعديد من الشركات والمنظمات الدولية غير الحكومية.

فقرة “شعراء مسرحيون” فضاء لتلاقي التعبير الإبداعي بين فنون عريقة حيث يمتزج الشعر بالمسرح والأداء الفني

ويشارك الشاعر والمسرحي إدريس الطلبي من خريبكة في فقرة تلائم تطلعاته وممارسته الإبداعية، بصفته زجالا وشاعرا وكاتبا مسرحيا وقاصا وممثلا وكاتبا للسيناريو.

الفنان والشاعر الطلبي، والذي قدم للجمهور المغربي مجموعة من الأعمال الفنية، نذكر منها مسرحيات “المانيرا” عن “قطار الشبح” لفرناندو أرابال مع محترف مسرح النهضة، و“التعركيبة” و“مشطة وقدم” مع محترف بيت المسرح، والعديد من المسرحيات مع فرقة الخشبة الصغيرة والفرقة الاقليمية للمسرح بخريبكة. كما خاض الفنان الطلبي تجربة سينمائية في أفلام “خربوشة” و“بولنوار” مع المخرج حميد الزوغي وفيلم “القمر الأحمر” للمخرج حسن بنجلون، فضلا عن أعمال تلفزيونية عديدة، كان آخرها سلسلة “حديدان عند الفراعنة”.

وصدرت للكاتب والشاعر الطلبي، والذي سبق له أن شغل منصب رئيس الكتابة الدائمة لمؤسسة مهرجان السينما الأفريقية، مجموعة قصصية “بين بين” بدعم من وزارة الثقافة، إلى جانب ديوانه الزجلي “فعلي يلقاني”.

وتقدم الفنانة مريم لحلو من مدينة العيون البعض من نصوص وقصائد الشاعر عبدالوهاب من دواوينه الشعرية الحديثة. لحظة يمتزج فيها القول الشعري بفن الأداء، في انصهار للكلمة الشعرية بالأداء الجسدي. والفنانة لحلو، طالبة بالمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط وهي ممثلة مسرحية ومنشغلة بالمجال الثقافي.

وفي “شعراء مسرحيون” تلتئم خلالها أنماط القول الشعري والفني ضمن قوالب أدائية فنية، حيث يصبح فضاء الدار ركحا مفتوحا ومسرحا صغيرا للأداء الشعري الفني.

وتأتي هذه الفقرة لتثير العلاقات القديمة والوثيقة بين الفنين، فقد ارتبط المسرح بالشعر منذ بداياته في الحضارات الشرقية والغربية، وكان الشعراء يتحكمون في معظم عناصره الأدبية والفنية، يكتبون نصوصه ويتولون عملية إعدادها وتفسيرها وتهيئة مستلزماتها لتقديمها مجسدة على المسرح، لكن مع ظهور الحداثة تراجع الشعر في المسرح إلى أن اختفى تقريبا، وهو ما يرفضه الكثير من الشعراء والمسرحيين محاولين إحياء العلاقة بين الشعر والمسرح.

فالعلاقة بين المسرح والشعر ليست فقط كتابية، ففي العصر الإغريقي كان الشعراء يرشدون الممثلين إلى أسلوب أدائهم، ويرسمون حركة الجوقة وإيقاعها، ويعلّمون الراقصين الرقصات الانفرادية والجماعية.

وعُرف عن أسخيلوس أنه كان من أبرع من جسدوا نصوصهم على المسرح، استنادا إلى ملاحظاته الدقيقة الواردة في نصوصه، والتي هي أقرب ما تكون إلى ملاحظات المخرج والمؤلف الموسيقي معا. لذلك جاء أول كتاب تنظيري لفن الدراما للفيلسوف اليوناني أرسطو بعنوان “الشعرية” أو “فن الشعر”، كما تُرجم إلى العربية.

لذا فالعلاقة تكاملية بين الشعر والمسرح، من حيث أن كل واحد هو مكمّل للآخر ويضيف له ما يضيف من الجماليات ومتعة الحضور.

 

https://alarab.co.uk/

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش