سينوغرافيا مابعد الحداثة لروبرت ويلسون Robert Wilson

راندا طه 

هو مصمم مسرحي وكاتب وممثل ومخرج لمسرحيات ما بعد الحداثة كما أن له رسوماً ومطبوعات وأفلام، ومنذ عام 1960 قدم أشكالاً من الدراما الإنسانية الذاتية”Autistic”, وتتميز أعماله بالإستاتيكية الصورية والخطوات البطيئة، والتناقض في مسرحه هو الأساس ، ويرتبط ذلك بفكرة التفكيك والتناقض ، كما أن الفعل الذي تقوم عليه أي مسرحية من مسرحياته يتشكل وينحل ويتداخل مع أشياء أخرى ويتشظى ويعاد تشـكيله .

 ويوصف ويلسون بأنه” إسفنجة أساطير myth sponge”، وإيقاعه شديد البطء فقد تستغرق العروض من 7إلى8 ساعات. والتكرارية والاختزالية في عروضه مؤثرة وفعالة ، ومنظومة الرمز في أعماله تصل إلي طابع الكونية.

و قـد صمم مسـرحية ” خطاب إلى المـلكة فكتوريا “Letter for Queen Victoria  للعـرض في منطـقة البروسنيوم واستُعملت الديكورات المعقدة ، حيث يلبس الممثلون مـلابس صُممت خصيصاً للعرض ، فهي أشبه بمشهد من إحدى أوبرات فاجنر من القرن التاسع عشر (شكل 1). 

والمسرحية ليس لها بنية سردية ، فهي تفتقد لنقاط البداية والنهاية ويبدأ كل فصـل فيهــــا بمنظر ينضم إليه الناس تدريجياً ، في حين تظهر أشياء في أحيان كثيرة لا علاقة لها بالأحداث كتمساح أو رأس من الخس أو صخرة أو خزان مياه ، ويلعب المؤدون (الذين يحملون أرقامًا بدلاً من أسماء) أكثر من دور واحـد ، فعملية التحول مستمرة دائماً ( ).

أما موضوعات المسرحية فمختلفة ، مثل التفاعل الإنساني والجريمة والحرب الأهلية والاستعمار الثقافي والحضارات القديمة والقنبلة النووية. ولقد أراد ويلسون التأكيد على فكرة التواصل بين البشر وعوامل تدمير البشر في نفس الوقت ، واستعاد فيها ويلسون ما فقده المسرح الحديث من صفات التدين الصوفي ، وهي نقد لاذع للإدعاء بأن لغة الحوارهي اليد العليا في مسألة التواصل بين البشر.

كما يقدم رموزاً قوية من الإشارات والأصوات لأنه لا يوجد ديالوج بين الممثلين وإنما سطور متقطعة تكرر من فصل لآخر . وويلسون مثل “كاندنسكى” يخلق مناظر طبيعية على الخشبة من الأشكال المنحوتة التي تبهرنا بقوة ألوانها، كما أن أعماله توهمنا بوجود مسرحية تتطور من خلال استخدام صور مألوفة لا يمكن الوصول لتصور نهائي وحيد بشأنها( ) . (شكل 2, 3)

وقد وضع ويلسون تعريفاً جديداً للـ “خشبة المهـجنة”Hybrid Stage ، وهي المزج بين” الحركة البـاردة “Glacial Movement والرؤيـة الفنية وأنواع غريبة من الألفاظ الكلامية والأغـاني، و له رؤيـة ســريالية جــديدة للعالم(new-surrealist world view) لذا يعد وريثـــــاً للســــرياليين.

وكذا من أعماله المسرحية “نظرة شخص أصم Deaf man Glance” عام – وفيها اعتمد على تجربة العمل مع مراهق أبكم وأصم 1970- و “حياة سيجموند فرويد” و” أوبرا ملك أسبانيا”  1969( )، وكذلك ” حياة جوزيف ستالين” 1973م و”قيمة الإنسان بالدولار “1975م  و” اينشتاين على الشاطئ “1976م  و”وحوش جريس Grace Monsters of   “التى صممها بالحاسب الآلى (شكل 4).

ومما سبق نجد أن “ويلسون” يكتب لموضوعات مادته بأهمية بالغة لا تقل أهمية عن الصورة الشكلية للعمل ، وإذا كانت هذه الصور لا تبلور موضوعاً مسرحياً في نهاية الأمر، فإنها تؤدى وظيفة شكلية هامة لأنها صور مألوفة لها أصداء عاطفية في وجداننا مما يعطيها ثقلاً شكلياً كمادة للعمل . 

الهوامش
——————————————–

1- بونى مارينكا ,مسرح الصور,ترجمة سميه يحيى رمضان,اكاديمية الفنون,1994,ص 92.
2- المرجع السابق, ص98.
3-نك كاى ,ما بعد الحداثية والفنون الأدائية, ترجمة نهاد صليحة , أكاديمية الفنون , القاهرة ,1997, ص96, 101.

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *