سلّطنا الضوء على عوالم الثورة والعنف والرغبة في عالمنا العربي/حوار: رحاب المازني

«في مقام الغليان… أصوات من ربيع مختطف» مسرحية ترتكز بالأساس على ستة مشاهد قصيرة مكتوبة في شكل مونولوغات تنثر أصوات أفراد وقعوا في مصيدة تشنّجات التغيير والنضال في قضايا المجتمع العربي وتناقضات المرحلة التي يمرّ بها…
كما يسلّط الضوء على عوالم الثورة والعنف والرغبة في العالم العربي المعاصر… بهذه الكلمات الموجزة قدم المخرج الكويتي سليمان البسام عمله المسرحي «في مقام الغليان… أصوات من ربيع مختطف» المشارك في فعاليات الدورة الثامنة عشرة لتظاهرة أيام قرطاج المسرحية المتواصلة فعالياتها الى غاية يوم السبت 26 نوفمبر.
سليمان البسام التقيناه في احدى قاعات العرض وهو بصدد وضع اللمسات الأخيرة على المسرحية فحدثنا عن تفاصيل هذا العمل ومواضيع أخرى في هذا الحوار…

لو تقدّم لنا مسرحية «في مقام الغليان… أصوات من ربيع مختطف».
المسرحية عنوانها «في مقام الغليان… أصوات من ربيع مختطف» وتتضمن ستة مشاهد قصيرة مكتوبة في شكل مونولوغات تنثر أصوات أفراد وقعوا في مصيدة تشنّجات التغيير والنضال في قضايا المجتمع العربي وتناقضات المرحلة التي يمرّ بها… كما يسلّط الضوء على عوالم الثورة والعنف والرغبة في العالم العربي المعاصر…
ويبحث هذا العمل الذي يستغرق عرضه حوالي ساعة وخمس دقائق في أوضاع صعبة تقدمها شخصيات مرسومة بدقة… وأضيف في السياق نفسه أنّ المسرحية تعكس مقاربة في الشكل الحداثي بأسلوب درامي جديد بهدف التعاطي مع المرحلة كما يعدّ العمل نواة قابلة للنموّ والتطوير ليشكل مشروعا للبحث في فضاءات الحداثة واشكاليات الهوية وفي امكانية تطوير نوع جديد من المسرح تحت عنوان «المأساة العربية المعاصرة».
هل قدّمت المسرحية في مناسبات سابقة؟
قدّم العمل لأول مرة في شكل ورشة بمعهد باريس للعلوم السياسية سنة 2012 كجزء من الندوة الدولية «العالم العربي في عصر الثورة». كما تم تقديمه أيضا باللغة الانقليزية ضمن فعاليات مهرجان سيدني الدولي للفنون باستراليا سنة 2013 اضافة الى عرضه في أمسيتين على مسرح مركز اليرموك الثقافي التابع لدار الآثار الاسلامية بدولة الكويت هذه السنة.
وفي السياق نفسه قدمت مسرحية «في مقام الغليان… أصوات من ربيع مختطف» في تونس من خلال المشاركة في فعاليات الدورة الثامنة عشرة لمهرجان أيام قرطاج المسرحية أمس السبت على ركح مسرح قاعة الفن الرابع ومن المنتظر أن أعرضها أيضا في فعاليات الدورة السابعة من مهرجان الربيع خلال شهر أفريل القادم ببيروت…
لو تحدّثنا  عن مضمون المسرحية وفحوى المونولوغات الموجودة فيها…
تتضمن المسرحية ستة مونولوغات متنوعة ويحمل المونولوغ الأول عنوان «رؤى شفا الموت» يقدّم باللغة الانقليزية وهو عن مراسلة حربية في خضم حرب أهلية… مقتبس عن قصة حقيقية وواقعية بطلتها ماري كولفين المراسلة الحربية لصحيفة صنداي تايمز البريطانية والتي غطت حروب المنطقة على مدى عقدين من الزمن ولقيت حتفها أثناء التغطية.
وأما المونولوغ الثاني فهو بعنوان «بدل المعطف معطفين» يقدم باللغة العربية ويروي قصة فتاة وحبيبها الطبيب الثائر الشاعر الذي تم قنصه وهو في طريقه للخروج من البلاد بعدما وضع على قائمة المطلوبين وكيف تغيرت حياة الفتاة، التي تعمل كبائعة هوى، بعد مقتله فتحولت الى ثائرة… وبالنسبة الى المونولوغ الثالث فهو يحمل عنوان «اخترقني» ويتحدث عن جندية اسرائيلية تخدم على أحد حواجز جدار الفصل العنصري الاسرائيلي في مدينة عسقلان المحتلة حيث تقع في حبّ فلسطيني، يدفعها ذلك الى تحدي عملها العسكري ومحاكمة دولة الاحتلال..
المونولوغ الرابع بعنوان «نادية اليزيدية» ويروي قصة الفتاة اليزيدية نادية مراد التي روت في مجلس الأمن الدولي تفاصيل اختطافها واغتصابها وهروبها من تنظيم داعش… كما يتناول معاناة اليزيديين في العراق وعمليات القتل والانتهاكات المرتكبة بحقهم…
وفي السياق نفسه يقدم المونولوغ الخامس بعنوان «الوريث رقم 153» وهو عبارة عن عرض مرئي تقوم به وسيطة أمام مستثمرين لزبونها وهو الوريث رقم 153 على قائمة ورثة العرش ويتناول أزمة الصراع على الحكم..
لو تقدم لنا أبطال المسرحية؟
في الحقيقة هذه الأصوات المتعالية عن العنف كتبت بعد الحراكات الشعبية او الربيع العربي وهي ست شخصيات من بينها العربية والأجنبية وهناك منها من يمثل الأقليات.. ومن خلال هذه المونولوغات تتم معالجة مرحلة مركبة جدا أتت بعد سنة 2011… لقد اعتمدت من خلال هذا العمل على ممثلتين وعازفة موسيقية وهن حلى عمران من سوريا وكاثرين قاول من أمريكا ويرطاني أنجول موسيقية من أمريكا أيضا.. هذا الثلاثي عبارة عن أدوات عزفت من خلالها المقطوعة وسماتها الكثافة الشعرية على صعيد النص والبحث في الفضاء وفي بساطة الجملة المسرحية.
حضور العنصر النسائي مكثف في هذا العمل، فلماذا هذا الاختيار؟
العنصر النسائي كفيل بحاله وذلك لأن نصوص المونولوغات مكتوبة لأصوات نسائية.. وهذا الأمر واضح فبالنسبة إليّ صوت الأنثى مغيب بشكل كبير داخل الربيع العربي وما تبعه من حراك.. فهذا الصوت يمثل الحلقة المفقودة ويبدو لي انه من المنطقي في سياق العمل المسرحي المعاصر والمتقاطع مع هموم آنية أن يحبّذ الكاتب أو المخرج في خياراته التركيز على كشف النقاط المخفية في السياق التاريخي..
إن أعمالي المسرحية تتقاطع وتتشابك مع العالم العربي بشكل حقيقي ومعمق وليس من الصائب أن يقتصر تاريخيا على قبائل تتحدث لغة موحدة.. فالبحث التاريخي لا بد أن يتشابك مع عناصر ذات لغات مختلفة وخلفيات متنوعة.
اشتغلت على النصوص الشكسبيرية كثيرا في أعمال سابقة، فكيف كانت التجربة؟
عملي مع النصوص الشكسبيرية كان يبنى بالأساس على التأويل فالنصوص التي كنت أكتبها استلهمت من الروائع العالمية انطلاقا من رسم خطوط جديدة والبحث في اللحظة الآنية التي نعيشها عبر نصوص معاصرة..
«سليمان البسام» مخرج ينطلق في رسم أعماله داخل مختبر، لو توضح لنا هذه الطريقة التجريبية في بناء العمل المسرحي؟
بالنسبة إلي العمل في شكل مختبر ضروري ومهم بالنسبة إلى المخرج المسرحي وهو يأخذ أكثر من مرحلة فهو يتضمن الكتابة والبحث وهو بداية المختبر وبالتالي مسألة التقاطع مع سينوغرافيين محترفين شيء جميل جدا ويضيف الى العمل المسرحي بشكل عام.. وهذا يفتح بابا للبحث في مناطق العرض وخلق نسيج مسرحي جاد.. المختبر مهم على الصعيد الفني وعلى الصعيد الانتاجي.. فأنا لا أتمتع بميزانيات انتاج تدعمني سواء كانت بدولة الكويت أو المؤسسة الثقافية الكويتية التي تعاني فشلا ذريعا وأؤكد  على أنني كنت قد قلت هذا الكلام مرارا في بلدي..
وماذا عن الواقع الثقافي في الكويت؟
الواقع الثقافي في دولة الكويت بائس ولنكن متفقين منذ البداية على أنّ بلدنا لا يتميز بكثافة سكانية كبيرة كما أنني هنا في تونس أقدم عرض مسرحيتي بدعم من مجلس الثقافة والفنون بالكويت  وأنا ممتنّ لمساهمتهم في هذه المرحلة من العمل.. ولكن هذا لا يعني انني ارى مشروعا ثقافيا وطنيا متماسكا في الكويت أو في أية دولة عربية… فلا توجد رؤى واضحة…
المصدر/ اليوم

محمد سامي / مجلة الخشبة

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *