حصريا.. الباحث والناقد سمير حنفي يكتب: عايدة عبد العزيز ..الفنانة التي التحقت بمعهد التمثيل بأدائها لأغنية مصر التى فى خاطرى!

المتطلع أليها يلمح نبرات الإصرار فى صوتها، نظرات التحدى فى عينيها، وفى تطلعاتها، تلمح فى تهدج صوتها عشقاً وحباً للفن، وللكرامة، لتاريخها الفنى، ولأسرتها، لكن العشق الأكبر الذى تفصح عنه نبرات صوتها، هو عشقها الشديد لرفيق العمر الفنان أحمد عبد الحليم.

البدايات: ولدت عايدة عبد العزيز عبد الرحمن، الشهيرة بعايده عبد العزيز فى السابع والعشرين من أكتوبر عام 1936، لم يكن أحد من أفراد أسرتها يتخيل أنها ستكون أحدى علامات الفن المسرحى فى مصر، بل الأكثر من هذا أنها هى نفسها لم تتخيل أو تخطط لهذا، ولدت من أسرة مسقط رأسها مدينة بنها القريبة من القاهرة، لهذا لم يكن غريباً أن تولد بنت بنها فى حى المبتديان بمدينة القاهرة،  أثناء زيارة خاطفة كانت تقوم بها الأسرة لزيارة بعض الأقارب.

عايدة عبد العزيز3

موهبتها الأساسية: وفى بنها عاشت، وكانت بنها مدينة جميلة تتخللها المياه وتفترشها الخضرة ببساط أخضر ذاهى، كان عشقها أن تتأمل الغروب أو الشروق، عبر الأرض الخضراء المترامية الأطراف، فكان من الطبيعى أن تسيطر أحاسيس الفن عليها، وهى تعيش فى منتجع من الجمال، قبل أن تغزوه العمارات الشاهقة، فأمسكت بفرشاتها لتخطط وتصور هذا الأمتداد الطبيعى، الذى كان يتراءى أما عينيها.

دراستها: كان هدفها وهدف أسرتها الوحيد أن تكون مدرسة، تكبر لتتزوج فى منزل مجاور، ترعى أبنائها وتُرعى فى كنف زوجها وأسرتها، ربما داعبتها بعض الأحلام بأن تكون طبيبة، أو صحفية، لكنها فى الغالب كانت مستسلمة لأحلام أسرتها، ألتحقت فى مراحل تعليمها الأولى بمدارس بنها، وكان كل شيئ حولها يساعدها على التفوق، وعندما حصلت على شهادة التعليم الأولى، ذهبت إلى الزقازيق لتلتحق بمدرسة المعلمات، وفى هذه المرحلة بدأ حديث بعض زميلاتها عن عمتها ملك الجمل يستويها هذا، لينمو الحلم كامناً فى داخلها، بصيص منه بدأ أشعاعه عندما أعلن أحد مدرسى علم النفس عن تكوين فريق تمثيل بمدرستها، فتقدمت إلى الأختبار، لكن شعاع الموهبة يعود ليتوارى عندما نصحها أستاذها بأنها لا تصلح للتمثيل، وعليها أن تنسى هذا الأمر برمته، وبرغم عزيمة وأصرار عايدة عبد العزيز إلا أنها قررت أن تعمل بنصيحة معلمها، لكن يبدو أن القدر كان له  رأى أخر، فقد تفوقت فى مدرسة المعلمات، مما أهلها للألتحاق إلى المعهد العالى للمعلمات بشبرا، وأختارت أن تتخصص داخل الأطار الشرعى لموهبتها، وهو الرسم الذى عشقته منذُ الصغر، وحصلت على شهاده التخرج من المعهد العالى للمعلمات، بتفوق فى موهبتها قبل أن تكون فى دراستها، وتذكر عايده عبد العزيز فى خضم ذكرياتها أنها حصلت على شهادة تقدير نتيجة تفوقها هذا من الدكتور طه حسين الذى كان وزيراً للتربية والتعليم آنذاك.

من أسوان للسيدة: ويذهب بها تعينها، إلى أقصى صعيد مصر، مدينة أسوان، التى عانت فيها بعض الشئ نتيجة الغربة التى لم تتعود عليها، لكن الأقدار كانت رحيمه بموهبتها فيصدر قرار بنقلها إلى القاهرة فى العام التالى، ليتم تعينها بمدرسة السنية الأبتدائية بالمبديان، بجوار حى السيدة زينب، لتنتقل الأسرة بعد ذلك وبأكملها لتعيش فى حى السيده لتكون بجوار أبنتها، وبعد أن شكلت بنها فى وجدانها بعض الملامح الجمالية فى مخيلتها، تعود السيده زينب بملامحها الشعبية لتضيف إلى مخيلتها الفنية.

عايدة عبد العزيز 2

عايدة عبد العزيز 1

بدايتها مع التمثيل: وتتدخل الأقدار لتضعها فى الطريق الصحيح نحو رياده مسرحية تستحقها، فقد طلبت منها مديرة المدرسة

أن تقوم بالأشراف على فريق التمثيل، فتقول لمديرة المدرسة، ولكنى لا افهم أى شيئ فى المسرح أو التمثيل، فتحرر لها مديرة المدرسة خطاباً لعميد معهد التمثيل ممدوح أباظه وقتذاك، لتطلب منه مساعده عايده عبد العزيز على تتلقى بعض الدروس فى المسرح والتمثيل.

ألتحاقها بمعهد التمثيل بأغنية: يلمح ممدوح أباظه فيها موهبة تمثلية متقده فيطلب منها أن تلتحق بالمعهد بدلاً من بعض الدروس التى لن تسعفها، وبدون تردد توافق، بعد أن علمت أن الدراسة بالمعهد مسائية ولن تعيقها عن عملها كمدرسة، والغريب أن لجنة القبول طلبت منها تقديم مشهد تمثيلى، لكن عايدة لم تكن مستعدة لهذا، وأنتهى بها الحال لتقديم أغنية مصر التى فى خاطرى لأم كلثوم، وربما كانت تلك أول وأخر مرة، تلتحق فيها طالبة بمعهد التمثيل، بأدائها أغنية وطنية بدلاً من المشهد التمثيلى.

دراستها بالمعهد: وكان من زملاء دفعتها، عبد الرحمن أبو زهره،  رجاء حسين، عبد السلام محمد، رشوان توفيق، وبرغم القصة الغريبة لقبولها بمعهد التمثيل إلا أنها تتفوق وتحقق المركز الأول بين أقرانها فى المعهد، وتحصل على شهادة تقدير فى عيد العلم من الزعيم جمال عبد الناصر لحصولها على المركز الأول فى معهد التمثيل، كما تحصل على جائزة تفوق فى الشيش الذى كان من ضمن مواد الدراسة بالعهد آنذاك.

عايدة عبد العزيز 1

لقاءها بأحمد عبد الحليم:  كان أحمد عبد الحليم طالباً فى السنة الرابعة، عندما وجد فتاه سمراء تسأل عنه، لتستعير منه مسرحية أنتيجون، حسب أوامر أستاذها نبيل الألفى، فسالها، حتعملى دور أيه فى أنتيجون ؟ ، فقالت له معنفة، مش شغلك، حتجبلى المسرحية ولا لأ ، فبادرها خلاص، خلاص، حأجيبها بكره بأذن الله، فقالت له، عموماً لما تجيب المسرحية، حأقولك حأمثل أنى دور، وتعمقت علاقة أحمد عبد الحليم سريعاً بالفنانه عايده عبد العزيز، من خلال تدريبها على الدور الذى كانت ستؤديه وقبل أن ينتهى أحمد عبد الحليم من دراسته بالمعهد كان متزوجاً منها 1957، ولازمته فى رحله كفاحه حتى أخر أيام عمره ، وأنجبت له فى نفس عام تخرجها، أبنتهما نهال 1959، التى تعمل فى مجال الإدارة خارج مصر، وفى هذه الفترة شاركته فى بطولة بعض المسرحيات التاريخية والأسلامية، باللغة العربية، لجمعية الشبان المسلمين بالقاهرة، كما قامت بالأشتراك فى بعض أعمال صلاح عبد الصبور لمسرح التليفزيون، كما قدمت مسرحية الحقد الأسود، مع عبد الله غيث، أخراج حمدى غيث، ونالت عن هذه المسرحية جائزة أحسن ممثلة لمسرح التليفزيون من الدكتور عبد القادر حاتم.

عايدة عبد العزيز 4

سفرها إلى أنجلترا: وعقب تخرجها رشح أحمد عبد الحليم لبعثة لأنجلترا، وتم ترشيحها لبعثة إلى روسيا، ولكنها فضلت أن تضحى ببعثتها إلى روسيا، فى سبيل السفر مع رفيق عمرها إلى أنجلترا، وفى خلال هذه الفترة أنجبت أبنهما شريف، الذى يعمل فى مجال تقنيات الكومبيوتر داخل مصر، وقد ساعدتها الحياه فى لندن على أتقان اللغة الأنجليزية هى وأولادها، مما أهلها لدراسة علم الصوتيات وعلم الحركة بجامعة لندن، وهى مواد لم تكن تدرس وقتذاك بمعهد التمثيل، وأثناء أقامتها فى لندن عملت كمممثلة بإذاعة البى بى سى، وقامت بتقديم عدداً من كلاسيكيات المسرح العالمى، مثل الملك لير لشكسبير من أخراج الأديب السودانى الطيب صالح، وكانوا يستحضرون للتمثيل معهم يوسف وهبى، وأمينة رزق، ومحسن سرحان، قدمت مع يوسف وهبى مجموعة مسرحيات قصيرة، وكان يوسف وهبى يخرجها للجالية العربية بلندن بعنوان، ليتل شو.

عودتها إلى مصر: ومن سؤ الحظ أن يتلازم عودتها مع أحمد عبد الحليم من لندن عام 1967، أبان النكسة فلم يكن أى شيئ مهيئ للأستفاده من خبرتهما، وقامت عايده عبد العزيز فى هذه الفترة بتدريس علم الحركه فى المعهد العالى للفنون المسرحية، وكان عميد المعهد وقتذاك رشاد رشدى، وفى 1972 قامت بدور البطولة فى مسرحية نادى العباقرة، تأليف صلاح راتب التى أخرجها أحمد عبد الحليم، ونتيجة بعض المقالات النقدية، قرر أحمد عبد الحليم وعايده عبد العزيز ألا يشتركا معاً بعد ذلك فى أى عمل فنى، وأن يكون، والحقيقة أن أحمد عبد الحليم لاقى بعد عودته من لندن بعض المتاعب نتيجة العشوائية الفنية التى أعقبت النكسة فأضطروا للعمل فى بعض فرق الهواه وفرقة ال 100 كرسى.

عايدة عبدد العزيز

السفر إلى الكويت: نتيجة الترنح الذى كان واضح فى الحياة المسرحية أبان عودتهما من لندن سافر أحمد عبد الحليم 1970 للتدريس إلى الكويت، بمعهد الفنون المسرحية وظل بها ما يقرب من 22 عاماً،  مما أضطر الفنانة عايده عبد العزيز أن توقف نشاطها الفنى فى مصر، وتعمل كممثلة بإذاعة الكويت، لكنها كانت تعود إلى مصر بين حين والخر، لتشارك بالعمل فى بعض الأعمال الفنية.

أهم أعمالها المسرحية: برغم تعينها بالمسرح القومى، إلا أنها ظلت فترة بدون عمل، رغم مشاركتها سميحة أيوب البطولة فى مسرحية، دائرة الطباشير القوقازية، 1968، حتى رشحها الدكتور فوزى فهمى، مؤلف مسرحية عودة الغائب، للقيام بدور  جيوكاستا أمام محمود ياسين 1977، ومن بعدها رشحها عبد الرحيم الزرقانى لبطولة طائر البحر لتشيكوف 1978 بعد أعتذار سناء جميل، ثم قامت ببطولة مسرحية المهاجر 1981، لجورج شحاته، وأخراج عبد الغفار عودة، وفى 1986، لعبة السلطان، مع نور الشريف تأليف فوزى فهمى وأخراج نبيل الألفى، وحب ما قبل الرحيل 1988، لسوزانا تمارو، من أخراج هانى البنا، وقامت ببطولة مسرحية الست هدى، لأحمد شوقى 1996، أخراج سمير العصفورى، وقدت فيه، لأول مرة دوراً كوميدياً، وفى عام 2003، أتجهت للمسرح الحديث لتقدم اخر مسرحياتها، جواز على ورقة طلاق، لألفريد فرج، من أخراج زوجها أحمد عبد الحليم.

عايدة عبد العزيز5

الدراما التليفزيونية: قدمت العديد من أعمال الدراما التليفزيونية، لكنها تذكر على وجه الخصوص، مسلسل زينب والعرش، لصلاح حافظ، عن رواية فتحي غانم، ودور الناظرة المتسلطة فى مسلسل ضمير أبلة حكمت مع فاتن حمامه، كذلك دورها فى مسلسل رحلة المليون، ثم يـوميــات ونـيـــــس عام2011.

الدراما السينمائية: شاركت فى عدد كبير من الأفلام السينمائية، نذكر منها على سبيل المثال صراع الأبطال 1962، يوميات نائب فى الأرياف 1969، خرج ولم يعد 1984، النمر والأنثى، 1987، سوبر ماركت 1990، الواد محروس بتاع الوزير، 1999، بحب السيما 2004، خلطة فوزية 2009،

الجوائز والتقديرات: حصلت عايده عبد العزيز على العديد من الجوائز والتقديرات، منها، وجائزة احسن ممثلة ثانية عن فيلم، سكة سفر، وفيلم، خرج ولم يعد، كما تم تكريمها فى مهرجان المسرح التجريبى عام 1996.

غير أن التكريم الأكبر الذى تراه عايده عبد العزيز من وجهة نظرها هو ما أنعم الله به عليها وهو الزوج المحب المحب وأولادها .. نهال وشريف

موقع: المسرح نيوز

شاهد أيضاً

الكتاب المسرحي العربي للمرة الأولى في جيبوتي. اسماعيل عبد الله: حضور منشورات الهيئة العربية للمسرح في معرض كتب جيبوتي حدث مفصلي في توطيد الثقافة العربية.

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *