تأملات في الطريق إلى وهران د. كريم عبّود / العراق

في جزائر الإبداع، تشرق الشمس لتكشف عن حقيقة التواصل المسرحي العربي، هاهنا نحتفل معا بالدورة التاسعة لمهرجان المسرح العربي، الهيئة العربية للمسرح حاضرة بكل ثقلها الداعم من قبل الشيخ سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة، وخلية النحل الفاعلة التي تتحرك بقدرات إدارية وتنظيمية راقية لتوفّر سبل النجاح لهذه التظاهرة الإبداعية يقودها رجل في لقائه تكمل المحبة، إنه الفنان المسرحي الأستاذ “إسماعيل عبد الله” رئيس مجلس الأمناء الأمين العام، ومعه نبض من العطاء والتفاعل، يعملون بصمت يخلق بنتائجه دوي واهتزاز في تغيير وتحويل السكون إلى حركة، إنهم إدارة الهيئة والمهرجان وفي مقدمتهم الصديق المبدع “غنّام غنّام”، ولابد من ذكر الطاقم الجزائري الفاعل الحضور على المستوى الإداري والتنظيمي والبحثي والفني.

في الطريق إلى وهران كان البحث عن الحقيقة، مسيرة تؤرق الإنسان عندما يبدأ خطواته الأولى، هذا القلق الدائم والبحث المستمر نحو اكتشاف المعرفة، لذا أقول من بصرة الفرح والطيبة والاحتفال مدينتي العراقية التي تعلّمت فيها حبّ المسرح، بدأت رحلة جديدة للتعرّف على أسرار المسرح، أسميتها الطريق إلى وهران.

في الطريق إلى وهران، ذابت كل آلام التعب عند الوصول، فلحظة اللقاء هي احتواء واكتشاف مسرح الحقيقة ومسرح المدينة ومسرح الحياة، فتح نسعى له جميعا لنؤكد أنّ تأريخ حضارة وهران هو تأريخ للإنسان الصانع للجمال وما يقدمه الأخوة في الجزائر للمسرح اليوم وللقاء الاحتواء المعرفي، يستحق منا أن نحوّله إلى احتفال ثم احتفاء.

في الطريق إلى وهران حلمت أن تتحقق الأماني والآمال، حلمت بمسرح نفترش فيه طريق الإبداع لنلتقي، وإذا بالمدينة هي الحلم الأكبر والمسرحيين المجتمعين في احتفالها، هم التطلع نحو عوالم الاكتشاف والهم والجمهور والشوارع والمسارع، كل يحتفل بطريقته الخاصة ليساهم بارتقاء هذه التظاهرة المعرفية، فرح للناس وللمسرحيين في كل مكان..

إنّ مدينة تختصر طرق اللقاء بهذا الحجم من التفاعل والتسامح والابداع، قادرة على تجاوز عثرات الطريق الملغومة لتهيئ طرقا سالكة نحو اكتشاف حقيقة المسرح التواصلية، فالتاريخ يكتب عن المدن أحزانها وأفراحها وهو الآن أي التأريخ نفسه يدوّن لوهران لحظات لقاء المبدعين المسرحيين العرب ليحققوا حوار الثقافات عن طريق فضاء يتحرر من القيود وينطلق لعوالم الحرية والاختيار.

الحضور العراقي في هذا الاحتفال اكتسب خصوصية لتأكيد روح المشاركة، شخصيات أكاديمية وأخرى مهنية مبدعة ونقاد، فضلا عن عرضين مسرحيين تم اختيارهما بانتقاء.. (يا رب) عرض الصدمة، الزيدي ما زال يحرّك الساكن فينا عن المقدّس ويواجه حقيقة هذا “التابو” الديني والاجتماعي من خلال لغة الأمهات.

أما ما طرحه المخرج الشاب “مصطفى الركابي” الذي يعدّ نجما ساطعا في فضاء الابداع المسرحي العراقي الجديد، هذا الطموح الذي لا يحده حدّ، لتجاوز رتابة المفاهيم التقليدية للفعل الإخراجي الباحث عن حقيقة الأداء المبتكر الذي يستند على فضاء سينوغرافي بسيط في تركيبه التشكيلي عميق في تداول معناه الدلالي، درس في التمثيل أسميته شعرية الأداء المعبّر، لقد جاءت هذه الشعرية من حسّ فني يؤمن بأنّ الصمت والسكون والأداء الهادئ هو الذي يبعث القلق في داخلنا ليحقق الصدمة.

احتفلنا جميعا بالعرض فكان فرحا عراقيا عربيا احتضنته وهران لتساهم إذا كمرتكز معرفي لهذا الدور الخلاّق وهي تغني للبحر أغنية التحدّي بوجودها الثقافي، إنه اختيار ناجح ودقيق للجزائر في دورة المسرح العربي التاسعة، هو طريق لتأسيس لقاء التواصل مع المدن.

 المصدر/ محمد سامي مجلة الخشبة

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *