«برج لوصيف».. تفوّق في وصف توريث السلطة

لم تكن مسرحية «برج لوصيف» التي قدمها المسرح الوطني التونسي، ضمن فعاليات مهرجان المسرح العربي، بعيدة عن الواقع العربي الذي يعنى بتوارث السلطة فيه، مهما كانت مترهلة او ضعيفة وكأنها تركة، حيث دارت احداثها بين افراد اسرة قارون الذي يمتلك السلطة والمال، ويبدأ المشهد الاول بالاحتفال بعيد ميلاد قارون الـ65 يحيط به ابناؤه وزوجاتهم، وما ان ينتهي الحفل حتى يدب الخلاف بين احدى الكنات وزوجها المصاب بقدمه لرغبتها في الانجاب، وهو لا يتحقق لبرود العلاقة من جانبه تجاهها، بينما شقيقه لديه خمس بنات، وزوجته دائما على خلاف مع الاخرى وتسعى دوما لاستفزازها، وتخطط على الرغم من انها متدينة للاستحواذ على التركة لمصلحتها هي وبناتها وزوجها.
العمل تفوق في فكرته من خلال العرض المسرحي، حيث كانت دلالات الشخصيات ما هي الا اسقاط على الواقع السياسي وطبيعة الجماعات والتنظيمات الموجودة في الوطن العربي، التي تتنازع فيما بينها على السلطة، حيث نجد الاخوة احدهما متدين والاخر متحرر الفكر، بينما الوالد قارون المريض لا يعرف حقيقة مرضه، ممثلا السلطة المريضة التي شاخت وكبرت، ولا يستطيع فرض هيمنته الا على زوجته الضعيفة والمحبة له، فتتصاعد الاحداث ما بين الشخوص في ثنائيات مسرحية في البداية متمثلة في الزوجة المتعطشة للانجاب والامومة ،الا ان عدم معاشرة زوجها حرمها من هذه النعمة، على الرغم من حبها له واملها بتغيير الحال، وان كان عاجزا عن الحركة بسبب كسر اثر في احدى قدميه فعابها، بينما نجد الثنائي الاخر ما بين الاخ الاكبر وزوجته المتدينين اللذين يسعيان لاخفاء حقيقة مرض الاب قارون ويعملان على التخطيط للاستحواذ على التركة وابعاد الاخ الاصغر عنها في صورة للنزاع على السلطة حتى وان كان الضحية من لحمنا ودمنا.
يتصاعد الحدث الى ان تبدأ مرحلة التصفية بين الاخوين الاكبر والاصغر وينتهي الامر الى ان نجد قارون خارج دائرة النزاع والسلطة، ويستحوذ عليها الابن الاصغر رغم علاته، في دلالة على توريث السلطة المريضة لسلطة عاجزة عن الحركة بشكل صحيح، وغير قادرة على تحقيق العدالة على النطاق الضيق في اطار الاسرة الصغيرة، والضحية الشعب الذي لايزال يحلم بتحقيق رغباته واماله دون جدوى.
اداء الممثلين على الخشبة رائع بلا استثناء، وكان المخرج الشاذلي العرفاوي مميزا باستخدام سينوغرافيا العرض المسرحي، وان صعب على الحضور فهم بعض الحوارات لكون العرض قدم باللهجة التونسية.
المسرحية من بطولة صلاح مصدق، سهام مصدق، شاكرة الرماح، صالحة النصرواي، عبدالقادر بن سعيد ومهذب الرميلي.

مع الحرية.. ولكن!
من المؤسف في مهرجان مسرحي نوعي ان يتأخر العرض لمدة ساعة عن موعده، حيث بدأ في تمام العاشرة وعشر دقائق، بينما كان من المفترض ان يقدم في تمام التاسعة، هذا الى جانب مشهد قد يكون صعبا على الجمهور العادي تقبله عندما خلع الممثل ملابسه على المسرح ليظهر بالملابس الداخلية فقط وزوجته في العرض بملابس النوم اللافتة، وان كان المسرح نوعيا ومتأثرا بالمسرح الاوروبي الى حد ما، لكنه كان صادما للمتفرج العادي البعيد عن الشأن المسرحي والفني، وان كنا مع الحرية ونحترم العرض الذي لم يكن مسفا، وكان مؤثرا في اداء المشهد ذاته، لكن وجب علينا التنويه.

نيفين أبولافي
http://www.alqabas.com.kw/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد العاشر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *