بتر بروك والاداء الطقسي Peter Brook and ritual performance – د. شيماء حسين طاهر

بتر بروك والاداء الطقسي Peter Brook and ritual performance – د. شيماء حسين طاهر

يعد بروك الامتداد الطبيعي لكل من ارتوا وكروتوفسكي لما احداثاه من العمل الدؤب للتخلص من الاداء النفسي الطبيعي الغربي والبحث عن اساليب جديد او العودة الى المنبع الروحي ذات الصبغة الصوفية التي من خلالها يتجلى سموا الاداء من خلال دعوتهما الى ادخال الطقس بما يحتوي من اشارات وشفرات ليشكل فضاء العرض الجمالي 

لذا فقد سعى بروك في منهجه الى ان يبحث عن صيغ ادائية قادرة ان تتجلى فيها التجربة الانسانية من خلال الغوص بمعناها العميق والكشف عن مسرح يناهض التقاليد التقنية في المسرح الغربي او محاولة المزج بينهما لذا فقد اعطى اهمية الى الفعل الحي المباشر البعيد عن الاصطناع وثم العمل على اختيار المكان المسرحي الذي يستطيع الممثل ان يقوم بعلاقة داخلية متغيرة مع المتفرج اذ يرى بروك ان على الممثل ان يقتنص اهتمام المتلقي ويلاطفه حتى يجعله في موقف غير متوقع او على وعي بتصادم الافكار المتعارضة او التناقضات المطلقة حتى يصبح المتفرج اكثر نشطا ومشاركا(1). 

لذا فهو يرى ان المشاركة تنشط الخيال لأنها تشمل على عملية دخول في نوع من التواطؤ مع المسرح والسماح للمخيلة ان تلعب دور من خلال التصور الذي يخلقه الممثل والتعامل مع الاشياء البسيطة والسفر بها بعيدا كأن تصبح قنينة البلاستك التي يحملها المتفرج الى برج بيزا او تصبح صاروخ يذهب الى القمر تلتقي بطريق المصادفة بشخصية حقيقية فوق كوكب فينوس كل ذلك يمكن ان يكون ممكن في المسرح بشرط ان تكون داخل فضاء حر مرن يسهم الخيال على اعطاءها شكلها المطلوب(2). 

لذا فان اهتمام بروك بالممثل باعتباره العنصر الاساسي في العرض الذي تستند وظيفته على الاحتياجات الجسدية لان الجسد يشكل الحضور وان تداخلت خصائص ونظم ثقافات اخرى مثل اللغة والموسيقى والتشكيل الصوتي او نحت الفضاء وقد تجد عناصر واجزاء كثير في المسرح يملك خصوصية لا تتوفر في النظم الاخرى الا هو الانسان الذي دونه لا يتم العرض ذلك لان المسرح هو فعالية اجتماعية تعمل على ايقاظ الفرد وتطهيره من الخمول فالمسرح هو معرفة الكائن من خلال حثه على اثارة المخيلة وانتاج الدلالات وتوظيفها في خطاب العرض(3). لذا فان بروك يسعى في اطروحات التي تهدف الى تحرير الخيال وجذب الجمهور الى عالم خيالي , ففي اخراجه لمسرحية منطق الطير( لفريد الدين العطار) الذي يصور فيها العالم المرئي باعتباره وهما ظلا ساقطا على سطح هو الارض لذ فهو يرى ان المسرح عالم من الصور وروعته تكمن في استحضار الاوهام واذا كان العالم وهما اصبح المسرح وهما داخل الوهم(4).

 لذا فان الاداء عند بروك يتجه نحو المتفرج فلممثل عنده يتحسس الهواء والاحوال النفسية وردود الافعال دون ان يفرض نموذجا محدد او شفرة ثابته فالممثل عنده مشحون بطاقة خلاقة مدرب على توظيف طاقته من خلال قدرته على المنوارة والارتجال فهو يمكن يقفز في الفراغ ويتدخل ويقحم ذاته على خشبة المسرح دون نص ما وهو يسطيع ان يدخل في حالة ما وان يخرج منها وسرده مفتوح بأكمله في اتجاه المتفرج وهو يتحكم في تظرته وسمعه ويتفاعل مع غيره على نحو جماعي(5). 

يمكن القول  ان منهج بروك منهج متحرك ومرن فهو يسهم من خلال التدريب على تغذية الخيال وتعليم الممثل عدم الانسياق الى الاستجابات الطبيعة ويدعو الى كسرها والبحث عن استجابات اخر ومن نوع اخر.

المصادر

  1. اوديت اصلان: الجسد والاداء المسرحي ،ج2، تر، منى صفوت، (القاهرة: وزارة الثقافة، مهرجان المسرح التجريبي، 2008).
  2. بيتر بروك: الشيطان هو الضجر، اراء في المسرح، تر، محمد سيف، الشارقة، دائرة الثقافة والاعلام 2006.
  3. شاكر عبد الحميد: الخيال من الكهف الى الواقع الافتراضي، (الكويت: سلسلة عالم المعرفة عدد 360 2009)، .
  4. عوني كرومي: المسرح والتغير الاجتماعي دراسة في مفهوم العرض، (مصر: مجلة المسرح العدد الرابع، الهيئة العامة المصرية للكتاب، 1995).
  5. مدحت الكاشف، المسرح والانسان تقنيات العرض المسرحي المعاصر من الملحمية الى انثروبولوجيا المسرح، (القاهرة: الهئية المصرية العامة للكتاب، 2008). 

———————————————

د. شيماء حسين طاهر

مجلة الفنون المسرحية

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش