ايقونة المسرح وفنانة الشعب الممثلة والوزيرة والقامة العالية” ثريا جبران”.. وداعا – رسمي محاسنة #الأردن

والملك

ايقونة المسرح وفنانة الشعب الممثلة والوزيرة والقامة العالية” ثريا جبران”.. وداعا – رسمي محاسنة #الأردن

الكبيرة” ثريا جبران”..ايقونة المسرح..القامة الشامخة..الانسانة الى اقصى الحدود..صاحبة المواقف التي لاتنظر خلفها..عاشقة المسرح..وسيدة الخشبة.وسيدة الحضور على المسرح. واستاذة الاداء.. والوعي الفني والاجتماعي والسياسي.. المغربية العربية الانسانية…

تعيدني الراحلة الكبيرة”ثريا جبران”..الى ذات مساء صيفي..على مسرح “ارتيمس” في مهرجان جرش للثقافة والفنون..من تسعينات القرن الماضي..بالعرض المسرحي” نركبو الهبال”..هذا العرض الذي لم يتوقف مع مشهد النهاية، انما فتحت الستارة على مشهد جديد على المسرح،نحتضن “ثريا جبران” – بطلة العرض – وفريقها، حيث الصمت، والدموع في العيون،فالطرح الفكري، والمقترح الفني للعرض،الغى المسافة تماما بيننا وبين الخشبة، وبينما كنا نتعثر بالدرج، وفي التفاتة الى طرف المسرح، كان هناك الفنان الصديق “غنام غنام” يساعد فريق المسرحية في جمع وتوظيب مفردات ديكور واكسسوارات المسرحية، رغم ان” غنام” لم يكن يعرفهم، لكن “العرض” الذي كان يظغط على الجرح الفلسطيني،خلط الاوراق، وكان الجميع يحس انه جزء من الفريق، فكان هذا التصرف العفوي من ” غنام”.

جبران 2
ثريا جبران

“ثريا جبران” .” السعدية قريطيف”..القادمة من الحي الشعبي “درب السلطان”..في الدار البيضاء،والتي غادرتنا الى “مقبرة الشهداء”..حيث هناك رفاق سبقوها، منهم مؤسسي فرقة” ناس الغيوان”..”بوجميع..والعربي باطما” حيث تخرجا من “المسرح البلدي”  مع “الطيب الصديقي”..استاذها الاول.

رحلت الفنانة المسرحية والسينمائية والتلفزيونية، واول وزيرة فنانة في المغرب، حيث شغلت منصب وزيرة الثقافة في الحكومة المغربية “2007- 2009”.والتي بقيت منحازة تماما للشعب، والناس البسطاء،رغم محاولات بعض زملائها “الوزراء” منع عرض ابداعاتها في التلفزيون، بحجة ان ماتقدمه يؤثر سلبا على” صورة” الوزارة، لكنها رفضت كل محاولاتهم، وبقيت متواصلة مع جمهورها الشعبي، مثلما بقيت قريبة من الفنانين، ولم تكن الوزارة حاجزا ابدا بينها وبين زملائها، وكان هاجسها تحديث قوانين رعاية الفنان، والاهتمام بابداعه.

رحلت المبدعة والمسكونة بالموهبة والوعي والشغف، فقد استوطن المرض الخبيث في جسدها النحيل، لكنها حتى اللحظة الاخيرة، بقيت روحها تشع بالارادة والامل،وحيثما كانت، تترك اثرا وبصمة خاصة بها،على مستوى الاداء، والتاسيس،كما في عددٍ من الفرق المسرحية البارزة؛ مثل: “مسرح الشعب”، و”مسرح الفرجة”، و”مسرح الفنّانين المتّحدين”، وشاركت ” الطيّب الصديقي” في عددٍ من مسرحياته من خلال “فرقة الناس”؛ مثل: “سيدي عبد الرحمن المجدوب”، و”أبو حيان التوحيدي”..فقد كانت فترة الثمانينات والتسعينات مرحلة توهج غير عادي لها، ونستذكر من اعمالها،”حكايات بلاحدود”، و”نركبو الهبال”، و”الف حكاية وحكاية”،و”بوغابة”، و”النمرود في هوليود”، و”امرأة غاضبة”، و”جنان الكرمة”، و”خط الرجعة”، و”العين والمطفية”، و”عود الورد”، و”سويرتي مولانا” و”الشمس تحتضر” و”أيام العز″ و”اللجنة” و”طير الليل” و”إمتا نبداو إمتا” و”البتول”، و”العيطة عليك” و”الجينرال” و”أربع ساعات في شاتيلا”، و”ياك غير أنا”.. وفي السينما شاركت بافلام منها “جنّة الفقراء”، و”أركانة”، وعود الورد”، وبامو”، وفي التلفزيون “صقر قريش” و”ربيع قرطبة”.

المناضلة”ثريا جبران”..لم تستسلم امام محاولات اسكات صوتها ،لدرجة انه تم اختطافها، وهي في طريقها للتلفزيون، للمشاركة في حوار جريء، مع برنامج جريء ” رجل الساعة” مع الاعلامية والفنانة” فاطمة الوكيلي”، حيث تم اختطافها و احتجازها وتعذيبها، وحلق شعرها، ورغم  ذلك فانها استمرت في المسرح، لتقول كل ” المسكوت عنه”.

فنانة اعطت حياتها للمسرح ، وربما تكون كلمتها في يوم المسرح العربي، هي اهم ماقيل بهذه المناسبة، حيث كانت بمثابة” منافيست” ، وصدى لروحها وايمانها بالمسرح ودوره الحقيقي، كفضاء للامل، وهندسة للارواح الجديدة.

رحلت “ثريا جبران” في زمن تسدل فيه ستارة المسرح، بسبب جائحة الكورونا..لكنها حاضرة في الذاكرة، نموذجا ابداعيا وانسانيا مميزا، ومهرة اصيلة ، تصهل بالحق والجمال، وستبقى ايقونة لكل المخلصين للمسرح والابداع.

وقد بعث ملك المغرب ” محمد السادس” ببرقية تعزية جاء فيها” “إن وفاة الفقيدة لا يعد خسارة لعائلتها الصغيرة فحسب، وإنما للأسرة الفنية المغربية بصفة عامة، التي فقدت برحيلها فنانة وممثلة متميزة، يشهد لها الجميع بعطائها الغزير وبمساهمتها الفعالة والجادة في تطوير وإشعاع الفن المسرحي والسينمائي ببلادنا، وفي خدمة المجال الفني والثقافي الوطني”.

“ثريا جبران”… لروحك السلام.. وشاّبيب الرحمة تتساقط على روحك النبيلة..والعزاء لعائلتك الصغيرة..والعائلة الكبيرة من المسرحيين والمبدعين.

رسمي محاسنة – الأردن

(صوت العرب)

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش