«الوريث واللؤلؤ» .. الإخراج يوظف طاقات المسرح بنجاح

شكل مسرحية «الوريث واللؤلؤ» التي قدمها مسرح الإمارات القومي، نقطة تحول في واقع الحركة المسرحية الإماراتية، إذ شكلت هذه المسرحية حضوراً جيداً على عدة مستويات فنية وتقنية.
المسرحية من إعداد وإخراج د. فاروق أوهان، قدمتها فرقة مسرح الإمارات القومية في 26 يوليو/‏تموز من عام 1982، ومن تمثيل: سميرة أحمد، أحمد الجسمي، إبراهيم سالم، حميد سمبيج، عبد الرحمن أمين، وغيرهم.
مسرحية «الوريث واللؤلؤ» تبحث عن تراث وجذور الإنسان العربي وتربطه بالمعاصرة التي جعلته غريباً حتى في أرضه، هذه الصورة التي من الممكن أن تحدث في أي مكان في العالم، وهي معدة عن مسرحية جورج شحادة «مهاجر بريسبان».
لقد عاد الغريب بعد عشرين عاماً إلى مدينته، ومات على أعتابها مخلفاً وراءه ثروة كبيرة، من هذا المشهد تبدأ المسرحية إذ يختلف أهل المدينة على نسبه والكشف عن شخصيته، وفي اللوحة الأولى من العرض يدعو «النوخذة» على لسان المنادي بضرورة التعرف إليه.
تتوالى الأحداث بعد رفض المدينة ابنها الذي عاد، ويبدأ صراع محموم عندما يعلمون أن خلفه ثروة لا تقدر بثمن، وهي إرث لابن له تركة في هذه المدينة قبل المغادرة، فبدأ كل فرد محاولاً أن يجد صلات القربى معه حتى يعطي لنفسه شرعية الميراث متناسين كل القيم ومبادئ الشرف والأخلاق.
حاول فاروق أورهان عدم التركيز على مدرسة إخراجية معينة، منطلقاً من أن التمسك بأسلوب معين قد يحد من إمكانيات وإبداع المخرج، لذا حاول أن يوظف أكثر من اتجاه ومدرسة توظيفاً شاملاً مع كل عناصر التمثيل.
وتعامل المخرج مع النص والشخصيات وحبكة العمل على أساس التكامل الجماعي لوحدة العمل، فقد استطاع أن يوظف الإنارة والديكور والموسيقى والفواصل الغنائية، والالتزام بالتراث المحلي مع حركة الممثل والخطة الإخراجية، ليخرج عملاً شبه متكامل.
واستطاع عبد العزيز الفضلي أن يضع لحناً مسرحياً وظفه المخرج لتصاعد الفعل الدرامي، وليخدم العمل من دون اللجوء إلى التطريب، وليفسر أحياناً ما ظل مجهولاً بالنسبة للمشاهد.
كما كان العمل ناجحاً على صعيد توزيع الأدوار وإدارة التشكيلات واللوحات الفنية والتعبيرية، إضافة إلى دخول شخصيات خارجية على شكل ومضات كان المقصود منها كسر الإيقاع والرتابة ببعض المشاهد الكوميدية الخفيفة، كما كان أداء الممثلين متميزاً وبارزاً، حيث أضفى العمل الجماعي شكلاً خاصاً جعل العمل مترابطاً ومتماسكاً عبر أغلب مشاهد العرض، كما ظهر مدى استعداد الممثلين وتدريبهم على هذا العمل المسرحي الذي كان إحدى العلامات المضيئة في تاريخ المسرح الإماراتي، وإشارة إلى المجهودات الكبيرة المبذولة في محاولة رفع مستوى المسرح والنهوض به نحو أفق أكثر إشراقاً، وخطوة لمواصلة المسيرة وبناء مسرح إماراتي طليعي يكون مصدر فخر للجميع. –

غيث خوري

http://www.alkhaleej.ae/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *