المكتبة المسرحية: المسرح المسيحي في العراق.. دراسة توثيقية د.سلوى جرجيس سلمان

اثبتت الدراسات ان العراقيين القدامى عرفوا اشكالا قريبة من مظاهر الشكل المسرحي بدءا مـن العصر البابلي في  أعـياد رأس السنة  البابلـية ، وصولا الى العصر العباسي الـذي  شـهـد ظهوربعض الصور التمثيلية  ، من مثل  السماجة والقصخون  امثال  الرجل الصوفي  وابن  المغازلي ، فضلا عـن الشعائر الدينية التي كانت تقام في شهر محرم ، والتي كانت تتضمن  مظاهر قريبة من التمثيل المسرحي ، والتي سميت في ما بعد بمسرح التعزية.
كما عـرف العـراق  فـنونا شعـبية  احتـوت على  مظاهـر تمثـيـلية ، مـن مثـل  خـيال الـظـل  والقرقوز ، متمثلة باحتفالات (مظفرالدين) بالمولد النبوي  ، وتمثيليات (حكومة حسن باشا ) في الموصل ،وهذه الفنون مهدت الطريق لاستقبال المسرح الحديث  في اواخر القرن التاسع عشر، ولاسيما على ايدي الطوائف المسيحية في الموصل .
وعن هذه البدايات – بدايات المسرح – على ايدي الطوائف المسيـحية  في  الـعراق يقـدم لـنا الاستاذ الدكتور  ( علي محمد هادي الربيعي ) كتاب ( المسرح المسيحي في العراق  – دراسة توثيقية)  الصادر عن مؤسسة  دار الـصادق الـثقافية –  العراق ، وجـاء الـكتاب  في مـقـدمـة  واربعة  فصول  وملاحق .
يبدأ المؤلف مقدمة الكتاب  بالقول (( مسيحيو  العراق وطنيون ،وهم  من سكانه  القدامى ، واستوطنوا فيه منذ أقدم العصور، —-)) ص  5، وهذا القول  يؤكد عراقـة انتماء المسيحيين  الى العراق ، بل  ويضفي عليهم صفة الوطنية . ثم يتحدث بشيء من التفصيل عن بـداية وجود المسيحيين  في العراق بعد منتصف القرن الاول الميلادي ، وعن احوالهم  طيلة  قرون مختلفة ، فضلا عن حضورهم الطيب في العراق ، واسهامهم  الثقافي والفكري والعلمي ، ولاسيما  في مجال المسرح ، ويعلل المؤلف تبني المسيحيين لفكرة ضرورة وجود  المسرح انطلاقا من مبدأ ان المسيحية  تعنى  (( بابراز درامية العالم والضمير البشري ، وان تاريخ  البشرية  ليس  في نظرها  الاَ مأساة  تنتهي بالصليب  وآلامه ، والعالـم عـبارة عن مسرح  ذي ثلاثة مناظرهي  : السماء (الفردوس) والارض والجحيم . وانطلاقا من هذه الرؤى نهض  رجال الدين الى  حمل الفن المسرحي الى مدارس العراق  وكنائسه  بعدما وجدوا فيه مبعثا  تربويا  وتعليميا  واخلاقيا نجحوا في مسعاهم ،وراحوا يمارسونه تأليفا وتعريبا واخراجا وتمثيلا.))ص8
وايمانا من المؤلف بأهمية متابعة وتوثيق هذا النشاط  بادر بالبحث والتوثيق والأرشفة ، ولم يكن  انجاز هذا العمل  بالشيء اليسير، الا ان حبه  لفن المسرح الهمه  الصبر على  تحمل عناء  اتمامه ، وتقديمه للمهتمين بهذا المجال.
تم تقسيم الكتاب على اربعة فصول : الفصل الاول منه جاء تحت عنوان (الطائفة المسيحية ودورها في نهضة العراق الحديث ) .
وكان للصحافة دور لايقـل عن دور المدارس ،حيث  بــدا التحول الفكري  والثقافي واضحا في الفرد العراقي في النصف الثاني من القرن( 19)  من خلال اصدار مجلات  وجرائد عراقية تتناول موضوعات  فكرية وثقافية  وادبية  ودينية ، فضلا عن نشرات مطبوعة باحجام مختلفة ،وكانت هذه الصحف تنشر بلغات عديدة بالفرنسية والعربية ، ومن اشهر المجلات التي حقـقت انتشارا على المستوى المحلي والدولي مجلة ( لغة العرب) التي اصدرت من قبل الاب انستاس الكرملي عام 1911م .
اما الفصل الثاني الذي عنونه المؤلف بـ (اشكالية البداية والريادة المسرحية ) فيقدم فيه معلومة جديدة في تاريخ المسرح  العراقي لينفي من خلالها خبرا تداولته بعض الكتب .
وفي ما يخص الفصل الثالث ( توثيق العروض المسرحية) ، فان المؤلف بدأ بتوثيق العروض التي قدمت من قبل  الطائفة المسيحية تأليفا وترجمة وتمثيلا واخراجا من اول عرض عام 1874م لرواية (يوسف الصديق ) في بغداد .
وجاء الفصل الرابع تحت عنوان ( أعلام مسرحيون ) وقد قدم فيه المؤلف عرضا  وافيا  لابرز اعلام المسرح المسيحي امثال : ( سليم حسون ) ، و(سليمان غزالة ) ، و( حنا الرسام ) و(سليمان الصائغ ) ، و(سهيل قاشا ) ،  و( بهنام سليم حبابة) واخرون.

المصدر/ المدى

محمد سامي / مجلة الخشبة

شاهد أيضاً

المسرح متعدد الثقافات، أم مسرح المهجر … مادة بحثية حـسن خـيون

المسرح متعدد الثقافات، أم مسرح المهجر … مادة بحثية  حـسن خـيون  المقدمة  في قراءة للتاريخ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *