المفتاح.. بين الرمز والموروث الشعبي – العراق

كتب يوسف العاني مسرحية (المفتاح) أواخر عام 1967 وانتهى من كتابتها بداية 1968، وهو بهذا يكون قد أنجزها في غضون ثلاثة أشهر، وهي فترة قصيرة قياسا بإنجاز أي عمل أو نص إبداعي آخر، وتتوزع على فصلين،جاء الفصل الأول منها تحت عنوان (السفر) والفصل الثاني تحت عنوان (الرجوع)، ويضم الفصل الأول ، عدا المقدمة ، ثمانية مناظر والفصل الثاني خمسة مناظر عدا المقدمة كذلك. وهي بهذا التوزيع تضم مقدمتين وثلاثة عشر منظرا، والمقدمتان مكرستان لترديد أغاني الحكاية الشعبية الموظفة في النص.

وتتكون المسرحية من عشرين شخصية، وتعتمد ثيمتها على قصة المفتاح الرامز الى الوهم أو الحلم عبر ترديد الأحدوثة الشعبية لهذه الحكاية غير المألوفة على امتداد المسرحية من بدايتها الى نهايتها التي مؤداها أن حيرة زوجة حيران ترغب أن تنجب طفلا، بينما زوجها لا يرغب ذلك بدعوى أنه يريد ضمانات ليعيش برغد . وبالمقابل فإن نوار وهو شقيق حيران الأصغر والذي غالبا ما يوصف من قبل حيرة وحيران بالمتفلسف، يرى أن الضمانات لا تتوفر إلا حين يصبح العالم، عالم خير ومحبة، وما أن تقع هذه الكلمات في أسماع حيرة حتى يدب اليأس في نفسها، وتبدأ بالعويل والبكاء، ولكن هذا اليأس سرعان ما يتحول الى أمل وتفاؤل، عندما تنظر الى المهد الصغير الرابض وسط المسرح لتقترب منه وتشرع بتحريكه، وهي تردد مع نفسها بصوت خافت أول الأمر، ثم يعلو شيئا فشيئا…..:

يا خشيبة نودي نودي 

وديني على جدودي 

وما أن تلفظ الجملة الأخيرة، تحديدا مفردة(جدودي) حتى تنادي زوجها، كما لو كانت قد وجدت الحل لمعضلتها التي تعاني منها وهي عدم الإنجاب، لتتفق مع زوجها وشقيقه نوار الذهاب الى أجدادهم لطلب المساعدة منهم بهذا الشأن.

ابتداء من المنظر الأول للجزء الأول للمسرحية المرسوم على طريق طويل بيضوي الشكل، يوحي المؤلف بأن الطريق الذي تسلكه الشخصيات الثلاث لا نهاية له، وبالتالي لاجدوى منه ولا نفع فيه معبرا عنه بهذه الصيغة:(يبدأ من وسط المسرح وينتهي كذلك الى الوسط وكأنه لا يؤدي الى نهاية) ،إلا أن أضافته الثانية بخصوص هذا المعنى تتعزز أكثروهو يفرغ المهد الصغير من الطفل،هكذا :

(حيرة وحيران يجلسان قرب المهد الصغير الخالي من الطفل).

ان أحداث حكاية المفتاح يغنيها الأطفال في (المقدمة) من بدايتها الى نهايتها، بينما الاجزاء الأخرى شروعا من المنظر الأول للفصل الأول الى المنظر الثامن للفصل نفسه، تأتي أحداث الحكاية مغناة على لسان الشخصيات بقدر ما يتطلبه الحدث، أي اذا كانت الأغنية في المقدمة تبدأ من: (يا خشيبة نودي..نودي..وديني على جدودي) وتستمر الى نهاية الحكاية حيث الثور يريد حشيشا والحشيش في البستان والبستان يريد مطرا والمطر عند الله… فإن المنظر الأول يأتي الى نهايته في جملة: وديني على جدودي وجدودي بطارف عكا والمنظر الثاني في جملة :يعطوني ثوب و كعكة والمنظر الثالث في: صندوكي يريد المفتاح والمفتاح عند الحداد والرابع: الحداد يريد الفلوس والفلوس عند العروس والخامس: العروس بالحمام والحمام يريد القنديل والسادس: البير يريد الحبل والحبل بقرون الثور والسابع :الثور يريد الحشيش والحشيش بالبستان.

—————————

المصدر : مجلة الفنون المسرحية  – صباح هرمز – المدى

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *