المسرح المصري واشكالية المسرحة / د. سافرة ناجي

المصدر / محمد سامي موقع الخشبة

لا يختلف اثنين حول ريادة المسرح المصري ودوره في ترسيخ ثقافة المسرح في المشهد الثقافي العربي،واهمية ما انجز من فعل مسرحي منذ اول فكرة مسرحية ولدت على يد ابو خليل القباني،وتطورتعلى يد يعقوب صنوع، والاصرار على فرض موقفه الجمالي على المشهد السياسي أولا،والثقافي ثانيا.  ولا احد يتغافل عن ريادة المسرح المصري في نشر ثقافة المسرح في الوطن العربي ، من خلال زيارة الفرق المصرية لكل المدن العربية، وفي مقدمتها فرقة نجيب الريحاني وفاطمة رشدي. فكان ولا يزال فضاء فعل، ومصدر تعريف بهذهالثقافة،سواء بالريادة او مشروع الترجمة، او عبر ما اطرتالتنظيرات الجمالية المسرحيةلكل من رشاد رشدي ونبيل راغب ، وسعد اردش ، ونهاد صليحة  وابو الحسن سلام…. وغيرهم.وبلغ النضج المسرحي العربي والمصري على وجه الخصوص، مبلغا من النضج في فترة الستينات واستمر في هذا الحراكالمؤثر الممتد الى الدرس الاكاديمي ، ومدى دور كفاءاته العلمية التي لعبته فيترصين حضوره الاكاديمي والاجتماعي في المغرب العربي والخليج والعراق. ورغم كل هذا الحراك الا انه كان عرضة لكل التجاذبات السياسية التي مرت بها المنطقة العربية من احتلالات وثورات. مما كان لها الاثر على المسرح المصري وابرزها تدهور العلاقة مع الجمهور المسرحي، والسبب في ذلك، كما لاحظنا من متابعتنا له. هو ان المسرح المصري مثله مثل المسارح العربية يواجه اشكالية كبرى في ضوء ما ارست ما بعد الحداثة من مفاهيم واهمهامَسرحتكل شي،وتغيبهالكل المراكز، ومنها مركزية الخطاب المسرحي في المشهد الثقافي.فاصبح الفعل المسرحي مٌحيد في ضوء ما يشهد العالم من ثورة اتصالية منساقا لما تملي من افكار، اذ بات كل شيء في متناول اليد، وبالتالي فقد بعضامن تأثيره الجماهيري، وبسب اشكالية التمسرح والاستجابة  لجماهيريةهذاالمتغير الاتصالي.ظهر ما يطلق عليه بمسرح الفضائيات،مما يؤشر سطوة السوشيال ميديا على افاق المسرح،وتحجيم تأثيرها في الجماهير.ولان المسرح طقس خاص له سياقه السلوكي الذي يفرض عليه شروط في التلقي ضمن زمان ومكان محدد، كان سبب اخر في الابتعاد عنه. ولتجاوز هذه الإشكالية،لابد  من خلق فضاء للتواصل مع الجمهوروالالتزامبكينونته المسرحية.وان يكون له الدور في تشكيل ذائقة الجماهير الجمالية، التي تردت والقى هذا التردي بظلاله على المدينة. وهذا يشكل خطرا على مركزية المسرح،ودوره الفاعل في تشكيل الحياة العامة.وهذا الصراع يلزم وجود حل لخلق نوع من

 

 

الموازنة  بين ما يحدث من اقصاء لفعل المسرح،ومدى تأثير هيمنة التكنولوجيا على سلوك الفرد الثقافي.

ومما تجدر الاشارة اليه ان ما يحدث من تراجع ثقافي للفعل المسرحي لا تمثل سمة يتسم بها المسرح المصري، بل ان هذه السمة تشترك بها كل المسارح العربية ولا سيما بعد المتغيرات السياسية التي اجتاحت المنطقة العربية من احتلالات وثورات في الالفيةالثالثة. وحتى المسرح العالمي هو الاخر فقد حضوره الجماهيري لذات السبب. وهذا ما تؤكده كل الدراسات المسرحية الغربية. لكن ما فَعل من اثرها السلبي على المسرح العربي والمسرح المصري، هو ضعف الحضور الانثروبولوجي لدور المسرح في حياة الفرد الاجتماعية والثقافية،وبالتالي لا دور له في تشكيل معرفته وذائقته ،مما يكون له انعكاس على مدنية المدينة. لذا هو في الاصل خطاب فني هش الحضور في هذه الثقافة. وثورة التكنلوجيا قد كشفت عن هذه الهشاشة بشكل يسير.لانه الحلقة الاضعفثقافيا. وفي اعتقادنا ان تجاوز هذه الازمة هو في اقامة المهرجانات،التي تمثل فضاء جذب جماهيري وتوظيف السوشيال ميديا كعنصر تكميلي يًمكنه من الانتشار،لذلكمنالاهمية تنشيط المهرجانات المسرحية،بوصفها فضاء اعلان،وتعريف بدور المسرح الحقيقي وقدرته على فرض هوية الحياة الثقافية وفرز سماتها. وبالتالي  تحقق تفرد كينونتة  الجمالية . بألاضافة الى استقطاب جيل الشباب وتطهير المسرح من ثقافة البكاء على الاطلال. وهذا ما تميز به المسرح المصري بعد 2016 باقامةاكثر من مهرجان واهمها مهرجان القاهرة التجريبي، ومهرجان المسرح القومي، ومهرجان المسرح العربي لهواة المسرح.  وهذه المهرجانات وديمومة انعقادها ستجعل منه فعل حاضر في يوميات الفرد المصري، لان المسرح هو فعل آلان والهنا، واذا ما غادر هذه الخصيصة سيكون تحفة من تحف التاريخ الميتة. فعندها سيتجاوز المسرح  اشكالية التمسرح وهيمنتها المفرطة عليه .

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *