المسرح المدرسى فى مصر ذمة الله

حنان غانم 

ما خط قلم على ورقة، ولا رسمت ريشة على لوحة، فجعلت من صاحبها مبدعاً يتحدث عنه الناس ويشار له بالبنان، إلا ومن ورائه أب وأم ومدرسة يدعمونه ويقفون معه، فالموهبة كالنبتة أو البرعم الصغير الذى يحتاج للعناية والرعاية والاعتناء به.

ومن بين العوامل المهمة التى تسهم فى صناعة المبدع الحقيقى (المسرح المدرسى)، الذى اختفى فى ظروف غامضة، وأصبح فى ذمة الله ووزارة الثقافة لا تحرك ساكناً، وأتساءل هل يعلم وزير الثقافة هذه الكارثة وهذا الواقع المرير الذى نعيشه وكان سبباً فى اختفاء الإبداع والمبدعين، وهل يعلم أن معظم مدارس الجمهورية لا يوجد بها مسرح مدرسى خاصة فى القرى والأرياف.

وهل يدرك المسئولون أهمية المسرح المدرسى فى خلق جيل قوى وقادر على اتخاذ القرار وصناعته، فى وقت صعب جداً تعيشه مصر نحتاج فيه لكوادر حقيقية فى جميع المجالات، وغيابها سبب مباشر لتأخرنا عن ركب التقدم.

المسرح المدرسى يمكن أن يلعب دوراً فى خلق جيل لا يهزمه جهل أو فقر ولا خوف من المستقبل أو عليه، وقادر على تخطى الصعاب التى تواجهه بل يحولها إلى جسر يعبره إلى نجاحات كبيرة وآفاق أرحب.

على وزير الثقافة أن يفتح هذا الملف الشائك، لأن الطالب إذا وجد مسرحاً مدرسياً يتوافر فيه قاعات متخصصة فى جميع عناصر المسرح وتقنيات العرض المسرحى من ديكور وملابس وإضاءة وإكسسوارات، يقوم بدراستها كوحدات تنتهى بالعرض المسرحى المتكامل على خشبة المسرح، وقتها سيظهر جيل قادر على الإبداع والابتكار والتخيل واتخاذ قرار يمكن أن يفيد الوطن الذى أصبح فى حاجة ماسة إلى مبدعين.

ويحتاج الأمر إلى تضافر جهود وزارتى التربية والتعليم والثقافة حتى تكتشف المواهب ولا تستمر حالة قتل المواهب وخنق الإبداع وإجهاض الطموحات التى يمكن أن تخلق جيلاً متميزاً يستطيع أن يكون حجر الزاوية فى نهضة الأمة، فمن خلال المشاركة فى عمل مسرحى والمساهمة فى أى من عناصر تكوينه يتشكل الوعى والقدرة على التأمل والتفكير السليم واتخاذ قرارات ومواقف إيجابية نفتقدها فى معظم شباب الجيل الحالى.

وعتابى موجه إلى وزير الثقافة أكثر من رغبتى فى انتقاده أو انتقاد أى مسئول فى هذا البلد، وهذه السطور هدفها البناء وليس الهدم، وأقترح على الوزير أن يتفرغ بعض معاونيه لبحث موقف المسر ح المدرسى والصعوبات التى يواجهها فى محاولة لضبط الأمور وتصحيح المسار الهزيل الحالى، وليس غريباً أن نجد فى الوقت الحالى شباباً يقع ضحية الإرهاب والإحباط واليأس، فكل العوامل المحيطة به تبعده عن أى تفكير بناء، وليس مهمة وزير الثقافة حفلات التكريم فحسب، فبناء الحضارات يبدأ من الطفل والطالب والمسرح المدرسى الذى اختفى يمكن أن يساهم بدور كبير جداً فى بناء الوطن وتكوين الوجدان وصفاء الأذهان الذى يصل ببلادنا إلى بر الأمان.

—————————————————

المصدر : مجلة الفنون المسرحية – الوفد 

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *