المسرح الإسرائيلي.. وأزمة الهوية

حين كان كتاب المسرح الإسرائيلي يقدمون لنصوص مسرحية تعمل على تهميش شخصية العربي الفلسطيني، خاصة فيما بعد 1948، في محاولة لطمس هوية الفلسطينيين، الذين فضلوا المقاومة في مواجهة العدو، نجد أن هؤلاء الكتاب أنفسهم كانوا يعانون في البحث عن “هوية” خاصة تميزهم، نتيجة شعور معظمهم بالاغتراب.

خاصة وأن هؤلاء الكتاب لم تكن تربطهم أي علاقات، لا على مستوى الثقافة أو اللغة، ولا حتى التقاليد والعادات، فلكل منهم ماضيه المستقل، ولا يجمعهم في الحاضر سوى التزامهم بالقيم الصهيونية، بعد فقدانهم لجذورهم، وكذلك الحال مع التراث اليهودي القديم، ومشكلة قبوله أو رفضه، لتنتهي المسألة بتوجيه ذلك التراث بحسب ما يخدم الصهيونية.

وبالتالي كان عليهم عدم الالتفات إلى الماضي، وانتظار الالتفاف حول “هوية الحاضر”، التي ما زالت لم تحدد بعد، لا على مستوى المجتمع ولا على مستوى كتاب المسرح هناك.

لقد وجد كتاب المسرح الإسرائيلي أنفسهم أمام”مجتمع” مفتت، مكون من جماعات من المهاجرين، غارق في الصراعات بين طوائفه المختلفة، ولكل طائفة طرحها الخاص للهوية الإسرائيلية، ولكل جماعة منهم أصول قومية منفردة، ما تسبب في العديد من التخبطات لهؤلاء الكتاب، ولو لم تنجح الصهيونية في جعلهم “مجرد دمى” تحركهم بخيوطها لانهاروا.

ويرى الناقد الفرنسي  بيير ريستاتي أن الفنانين اليهود الذين هاجروا إلى إسرائيل “ينتجون كما لو كانوا قد هاجروا إلى باريس أو نيويورك، في حين تظل أعمال بعضهم محتفظة بطابعها، كما لو ظلوا مقيمين في قراهم ببولندا أو روسيا”.

وحتى لو ظل كتاب المسرح الإسرائيلي في بلادهم الأصلية خارج فلسطين، وكتبوا أعمالهم المسرحية هناك، مع الالتزام بالتوجه الصهيوني والترويج له، فإنها لن تختلف في شئ عن الأعمال التي كتبوها.

ويؤكد د. عبد الوهاب المسيري في دراسة بعنوان “الخصوصية اليهودية”، أنه لا يمكن الحديث في الوقت الحاضر عن أي خصوصية إسرائيلية، ولكن حتى وإن ظهرت مثل هذه الخصوصية، فإنها لن تكون خصوصية يهودية عالمية، وإنما خصوصية التجمع البشري الاستيطاني في الشرق الأوسط، ذلك المجتمع الذي يتحدث سكانه اللغة العبرية، مع أنهم جاءوا من تشكيلات حضارية شتى، وأحضروا معهم خصوصياتهم الحضارية المختلفة.

————————————————————

المصدر : مجلة الفنون المسرحية – عادل حسان – البديل

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *