المتداول الشفاهي والحكاية والأغنية الشعبية عند يوسف العاني/ احمد شرجي

(2-2)

– استخدام التراث والفلكلور الشعبي، لكنه حمل حمولات فكرية ذات أبعاد عربية، سياسية واجتماعية واقتصادية.
– توظيف الأغاني الشعبية ،(تخلل العمل عشرة أغاني شعبية ،من التراث العراقي).
– التعريف بالمكان، من خلال اللافتات ، التي تحملها الشخصيات للدلالة على المكان “حيران وحيرة يتقدمان الى مكان الجدود، لوحة كتب عليها- عكا- يحملها نوار ويضعها على المسرح”.( العاني ،ص 320)
–  كسر الجدار الرابع ، مخاطبة الممثلين للجمهور، للتعليق على الحدث:
نوار:( الى الجمهور) ماذا قلت قبل قليل؟ لايصدقون كلامي (يخرج) . (نفسه،ص 328).
– استخدام الماضي والرجوع اليه، لتغريب الحدث ، الحدث ليس مهما ، بقدر السؤال عن كيف حدث، بما يصنع الإجابة التي اعتمد عليها في كسر الإيهام عند المتفرج وأيضا كشاهد ومعلق على الحدث.
– التناقضات داخل المجتمع، ليس تناقض الشخصيات، الشخصيات هي التي تجسد الحدث، الوسيط بين العرض والمتفرج، حوامل لإيصال الخطاب الفكري الذي يهدف إليه الكاتب.
– شخصية الحكواتي، لم يكن العاني هو الوحيد من وظفها، بل اتخذها كثير من الكتاب العرب شكلا مسرحيا عربيا، جذوره التراث العربي، التي أصبحت قريبة من المسرح الشعبي للإنسان العربي.- الخطاب السياسي والفكر التنويري، وان كان هذا الخطاب قد جاء بصورة مباشرة.
لعل الظروف السياسية التي مرت بها المنطقة العربية، كانت احد الأسباب باللجوء الى بريشت ، الذي وجدوا في طروحاته ما يتناسب وتطلعاتهم السياسية “ان نظرية بريشت حول المسرح الملحمي دخلت العالم العربي بزخم بين المثقفين لان طروحاته الآيديولوجية توافقت مع فكرة الالتزام السياسي التي سادت في تلك الفترة، مع الرغبة في إيجاد قالب مسرحي يتوجه للجماهير العريضة.من المسرحيين العرب من تعرف على نظرية المسرح الملحمي عن طريق التعامل المباشر مع فرقة البرليز انسامبل، وهذه حالة العراقي يوسف العاني 1927 ، الذي عمل مع الفرقة اعتبارا من عام 1958،…).( المعجم المسرحي، ،ص 460)
– ضم النص كثيرا من الأحداث والأفكار التقدمية، التي أفرزتها تلك المرحلة (التحرر والحرية، منظمة عصبة الأمم، نكسة حزيران 1967،التخلف الاجتماعي، اغتصاب فلسطين)، الأحداث المهمة كانت تجسد على شكل صور كخلفية الأحداث، دافعا المتفرج إلى التدخل في الأحداث التي تجري امامه على الخشبة.
المنحى الاجتماعي يحضر في المسرح الملحمي بقوة ، كخطاب تنويري، على الرغم من لغته المباشرة في نص المفتاح، وفكرة بريشت الرئيسة هي “ان الناس المعاصرين يتقبلون الواقع إذا عرض عليهم كواقع كتغير، فعلى جميع الأشكال الفنية خدمة المهام الاجتماعية والسياسية”.( سورينا، تمارا، ستانسلافسكي وبريشت، ص53)
من هذا المنطلق نجد تجربة يوسف العاني تجربة غنية ومتنوعة ، هذا التنوع، نتيجة غناه المعرفي والتمثيلي، كونه احد أعمدة التمثيل في العراق، وصف الكاتب علي الراعي موهبته وإبداعه، بان مكانة العاني في العراق، تضاهي مكانة توفيق الحكيم في مصر، لكن العاني اعترض على ذلك، معتبرا الحكيم قامة معرفية كبيرة ، امتازت تجربته بشمولية مذهلة ما بين الرواية، الفكر، التنظير، الكتابة للمسرح.
و أخيرا نجد بأن تجربة العاني الكتابية مرت بمرحلتين:
– المرحلة الاولى: الواقعية الاشتراكية التي تأثر بها بالأدب الاشتراكي، وخاصة غوركي، كانت هذه المرحلة جل ما كتبه في الخمسينيات من القرن الماضي.
– المرحلة الثانية: في الستينيات من القرن الماضي، حيث كان التطور والانتقال كبيرا، ونقلة كبيرة في مسيرة المسرح العراقي، وذلك في استخدامه الواعي للحكاية الشعبية، متأثرا بمسرح بريشت، كان ذلك التأثير بإدخال شخصية الراوي، والبناء الدرامي، هذه المرحلة كانت بعد عودته من ألمانيا، وإقامته لمدة عام كامل في كنف فرقة (البرليز انسامبل)، حيث تعرف هناك على مسرح بريشت بشكل أوسع، نظريا وعمليا، ويعد العاني تأثره في بريشت أمرا مفروغا منه ، فهو جزء لا يتجزأ من تفكيره وخياله، وأيضا طروحات ومواقف بريشت السياسية، أفكاره، اتخذها العاني قاعدة لأعماله المسرحية أسلوب أشبه بالأرضية التي ينطلق منها العمل، وليس كاستعارة خارجية أو تزو يق ، فلقد “برزت أوضح علامة من التأثير البريشتي في مسرحية المفتاح 1968، او قل إن مسرحية المفتاح كانت المفتاح للتأثير البريشتي البارز في عمل يوسف العاني.وتعتبر هذه المسرحية انعطافا في عمله من ناحية الشكل والموضوع معا.إذ يستخدم العاني هنا،ولأول مرة شخصية”الراوي” فيوظفها في إطار حكاية شعبية تغنى عادة للأطفال.والقالب هذا نفسه جديد في عمله”.( العماري،لميس، برتولد بريشت والمسرح في العالم الثالث،مجلة الموقف الادبي، 1981)
لقد استفاد العاني من بريشت وطروحاته ، في تغيير شكل الكتابة المسرحية في العراق، التي عرفت أشكالا أخرى بعد تجربة العاني المتميزة.

المصدر/ المدى

محمد سامي / مجلة الخشبة

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *