الكاتب السيد حافظ: نحتاج إلى مسرح شعبي جماهيري

كرم مهرجان الإبداع الطفولي بالأردن، الكاتب المصري الكبير السيد حافظ، وهو صاحب مشاريع أدبية وإبداعية كاملة سواء في المسرح أو الرواية أو التراث، وقال حافظ في حوار له إنه سعيد بهذا التكريم، وتم إعداد عشرات الرسائل الجامعية عن أعماله في الوطن العربي، ولكنه لم يجد احتفاء في مصر بقدر ما وجد في عدة دول عربية وأولها الأردن، وأشار إلى اهمية وجود مشاريع ثقافية كبرى، تخرج المثقف من عزلته، وضرورة العمل على الارتقاء بالفن خاصة فن المسرح، لافتا إلى اننا في حاجة إلى مسرح جماهيري وشعبي للارتقاء بحياة الناس ومناقشة قضاياهم.

ـــ كيف بدأت الدخول إلى عالم المسرح.. وما الذي تتذذكره من تلك المرحلة الأولى؟

– بدأت أهتم بالمسرح في سن مبكر، ومنذ المرحلة الثانوية اشتركت في المسرح المدرسي، وقرأت العديد من الكتب المهمة، ففي مرحلة الإعدادية قرأت أعمال نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم، ثم اتجهت إلى المسرح العالمي، فقرأت في إجازة الصيف في الصف الثاني الثانوي 176 مسرحية عالمية، وكانت هذه المسرحيات متوفرة في الأسواق بسعر زهيد 5 قروش، هذا الزخم المعرفي والفكري جعلني أنضج مبكرا، وفي السنة الأولى بالجامعة بكلية دار العلوم سنة 1970 نشرت أول كتاب لي وهو ما اسميه بالمسرح التجريبي، لأنني بعد نكسة يونيو شعرت بأن الهزيمة الفكرية أكبر من الهزيمة العسكرية، حيث أننا صدمنا جميعا بعد أن ترسخ في أذهاننا أننا دولة رائدة وخطيرة وكبيرة، ثم اكتشفنا أننا خلال 3 ساعات كانت إسرائيل تحتل أجزاء من 3 دول عربية وأولها مصر.

ـــــ كيف واجه جيلكم تلك الهزيمة؟

– كان من الضروري البحث عن الهوية ن والبحث عن أسباب الهزيمة الفكرية، كيف يهزم شعب فكريا، ويضع كل مقدرته في كف السلطة، ولا يملك الإرادة للمعارضة أو النقد، وفي تلك الفترة نشرت أول كتبي وهو مسرحية قصيرة بعنوان «كبرياء التفاهة في بلاد اللامعنى» وكتب على غلافه «المسرح التجريبي»، وأثار ضجة وقتها وكتب عنه نبيل عصمت وعبدالفتاح البارودي، وكان شبه لطمة في الوطن العربي، فالكل تساءل ما هو المسرح التجريبي، حتى ان الكاتب على سالم كتب: «اقتلوا هذا الشاب قبل أن يخرب المسرح المصري والعربي»، ولولا تدخل أمل دنقل وقتها في ندوة في دار الأدباء، وقال إن هذا الشاب يبشر بميلاد كاتب جديد، لما استطعت أن أواجه هذا الهجوم.

ــــ في هذا الوقت ازدهر المسرح الشعري على يد صلاح عبدالصبور، فهل كنت قريبا منه؟

– طبعا كانت تربطني به علاقة على مستوى الكتابة، ففي عام 1976 تولي رئاسة تحرير مجلة الكاتب، بدلا من أحمد عباس صالح، واتهموا صلاح عبدالصبور بالخيانة، فانضممنا إليه أنا ونجيب سرور ونعمان عاشور وعلي شلش، في أسرة التحرير، وكنت أصغرهم سنا، وصرف لي مكافأة نشر مضاعفة ليشجعني على الكتابة، وقبل ذلك عند صدور النص الشعري مسافر ليل قمت بإخراجه مسرحيا للأطفال، وشارك فيه 30 طفلا، كانوا جميعا أطفال من مركز شباب الحرية، وحضر هذه التجربة فاروق حسني قبل أن يتولى الوزارة، ولولا بعض العبارات التي قيل إنها إلحادية لحصلنا على الجائزة الأولى، هذه كانت البداية في اهتمامي بالاطفال بعد ان فشلت في إقناع الكبار بتمثيل المسرحية، لأنهم لم يفهمومها.

ــــ هل يمكن القول أنك متخصص في المسرح ومسرح الطفل على وجه الخصوص؟

– لا.. أنا صاحب مشاريع، ففي مسرح الطفل مثلا قدمت مشروعا من 18مسرحية، وفي المسرح والتراث العربي 13 مسرحية، ولي مشروع في المسرح الكوميدي كتبت 9 مسرحيات، وعن القضية الفلسطينية كتبت 5 مسرحيات، وفي المسرح النسوي قدمت 7 مسرحيات، وفي المسرح التجريبي كتبت 36 مسرحية، وكل مشروع يستغرق عدة سنوات، وأنا الآن ومنذ 7 سنوات أكتب روايات، وآخرها روايتي «كل من عليها خان»، وهناك اهتمام كبير برواياتي في الجزائر والمغرب وأكثر من دولة، وهناك دراسات وأبحاث كثيرة قدمت عن اعمالي، وستقيم جامعة عين شمس يوم 7 سبتمبر سيمنار حول روايتي الأخيرة.

ـــ وأين أنت من المسرح التجريبي الآن.. وأنت من المبشرين بهذا المسرح؟

– فاروق حسني كان من الهمتمين بهذا الأمر، وعندما تولى الوزارة وعدني بالاهتمام بهذا المشروع، حتى أن الدكتور فوزي فهمي كان يسألني نكرم من من الفنانين والكتاب العرب، فكنت أقول لهم فلان وفلان، لكن المشكلة كما قلت في روايتي «كل من عليها خان»، وفي رأيي لابد من التنظير لهذا المسرح حتى تظهر قواعده أو أسسه، قلة فقط نجحت في هذا المسرح.

ــــ وماذا عن مشروعك في التراث.. متى بدأ هذا المشروع ؟

– أنا مهموم بالتراث العربي، خاصة الحقبة الفاطمية التي كانت مزدهرة جدا سواء فتوحات أو حضارة أو فكر، ورغم ذلك تذكر في كتاب التاريخ في سطر واحد فقط.

ـــ وكيف ترى مسألة تكريمك

– أهدي هذا التكريم الذي حصلت عليه من دولة الأردن إلى وزراء الثقافة المصريين بدءا من ثروت عكاشة إلى حلمي النمنم.. لقد أمضيت خمسين عاما في المسرح لم أكرم من أي مهرجان مصري سواء على مسستوى المسرح التجريبي أو القومي، ولم أشارك في إحداها، وليس هذا بجديد على مصر معي، فقد كانت اول دولة تقدم اعمالي هي العراق في عام 1978 في مسرح الشارع، خمسين عاما مضت في المسرح قدمت 88 كتابا ودراسات، ولم أحصل على أي لفتة أو تقدير من مصر ومثقفينها العظام، واحمد الله أني نجوت من مقصلة التجاهل والاستغناء والتهميش، بالكم الهائل من رسائل الماجستير والدكتوراة في الوطن العربي من الكويت حتى المغرب، واخيرا في مصر منذ 4 سنوات بدأ الالتفات إلى اعمالي في جامعة عين شمس والقاهرة والمنوفية والاسكندرية، نحن في بلد كما يقول صلاح جاهين «لا بتفتكر ولا بتنسي» وكما قال صلاح الدين الايوبي، «ذاكرة مصر كالزير المثقوب»، فهي دائما تنسى.

ــــ ما الذي نحتاجه الآن للارتقاء بالفن في مصر؟

*نحتاج إلى مسرح جماهيري، مسرح شعبي، يعلم الناس ابسط الاشياء عن الفن، ويعالج قضاياهم ومشاكلهم، لماذا لا نستدعي تجارب سابقة كانت لدينا، مثل مهرجان المسرح المتجول ويذهب إلى كافة ربوع مصر، ويصل إلى كل الاقاليم، أو استعادة مسرح الحكواتي، بما يضمن حدوث حالة «الفرجة» المسرحية الجميلة التي افتقدناها، كما أشار إلى اهمية وضرورة عودة المسرح التجريبي باعتباره يقدم تجارب مختلفة وثرية جدا تساهم في اثراء الحالة المسرحية المصرية والعربية.

————————————————————————–

المصدر : مجلة الفنون المسرحية – محمد الكفراوي – مصر اليوم

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *