القادمون” لسامي النصري تقترح المواجهة كفعل لتجاوز أزمة علاقة الفن بالواقع/ حافظ علي عليان

المصدر / محمد سامي موقع الخشبة

بمناسبة احتفائه بذكرى 50 سنة على تأسيس فرقة الكاف وبزوغ أولى بوادر المسرح الاحترافي بالجهة في أواخر الستينات ، قدّم مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف مساء السبت 30 جوان العرض الأول لمسرحية “القادمون” عن “ديوان الزنج” لعز الدين المدني ، إخراج سامي النصري ، دراماتورجيا سامي النصري ورياض السمعلي وبمشاركة ركحية لكل من المنجي الورفلي وهيفاء الطويهري وناجي الشابي ومحمد السعيدي وزهير عروم ومحمد سليمة وشوقي سالم وسوار عبداوي وسيف الدين شارني ، سينوغرافيا عمر علوي. يطرح هذا العمل وهو يستشرف أحداثا اجتماعية وسياسية تعيشها البلاد في سنة 2021 جدلية دور الفن في تغيير الواقع والقدرة على الصمود أما سيل الرداءة وفيضان طوفان الفساد وانحسار سبل الحياة الكريمة واختناق العمل الفني الحر ، وسط كل هذه المنغصات. عمل اقتبسه الثنائي رياض السمعلي وسامي النصري عم “ديوان الزنج” لعز الدين المدني والتي قدمها الراحل المنصف السويسي للمسرح سنة 1972. من خلال تجربة مريرة تعيشها فرقة مسرح الشمس ، تنتهي بقرار حل الفرقة وغلق المقر يبرز العمل عبر التشخيص المتواتر لوضعيات نفسية واجتماعية وسياسية متأزمة عمق المأساة التي يعيشها المبدع في بلد على مشارف انقلابات ومظاهرات وفوضى ، حيث يفشل الفعل المسرحي في تغيير جزء كبير من هذا الواقع وهذه الأزمة التي تتفاقم لترمي بضلالها على أعضاء الفرقة الباحثين في مسرح جاد وفعل فني عميق لا يستسلم لما يطلبه السوق وما تحدده الأيادي المتاجرة بالفن والباحثة عن الربح سريع. هو تحدّ لأنفسهم في المقام الأول ، ولواقع يزداد قتامة وبؤسا. وظّف مخرج العمل ركحا قليلة أضواؤه ، ومكتظّ بحركة متواترة لأجساد منهكة تسرد على عجل ما يدفعها إلى التعجيل بالرحيل ، وهو رحيل عن عالم لا يشبه الحلم والأماني التي كانوا يرسمونها. تميّز نص مسرحية “القادمون” بكثافة المعاني وتكاثرها ، في موازنة بين خطاب مباشر يصف اللحظة الراهنة ومشاهد من نص عز الدين المدني الذي يعود بنا إلى القرنين الثالث والرابع للهجرة ، حين ظهر المختلف ليقاوم رفض الآخر له. تطرح ثورة الزنوج كحدث تاريخي وسياسي يبرز تلك العلاقة بين الحكم العباسي والحاكمين الجدد وحيلة الحاكم في كبح حوار التغيير. اقترح سامي النصري في مسرحية “القادمون” رغم كثافة النمط السوداوي في الطرح حلاّ واحد ووحيدا لتجاوز أزمة الحاضر ، وهو المواجهة وعدم الاكتفاء بالسلبية في التعامل مع الواقع مهما كانت حدّة بؤسه ، وفتح نوافذ للأمل محدودة ولكنها ساطعة بإصرارها على فعل المقاومة والدفاع عن الحق في العدل الاجتماعي بين كل الناس ، وهنا نشير إلى المضطهدين على هذه الأرض ، ضحية أنانية السلطة وتعجرفها. نذكّر أن مسرحية “القادمون” لسامي النصري ستكون ضمن فعاليات الدورة 54 لمهرجان الحمامات الدولي يوم 13 جويلية 2018 ، كما ستواصل جولتها في بقية المهرجانات الصيفية.

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *