الفرق بين النقد والانتقاد.. الصورة الضبابية – علي عليان #الأردن

عليان
علي عليان

الفرق بين النقد والانتقاد.. الصورة الضبابية – علي عليان

يظن بعض ممن يطرحون انفسهم نقادا للفنون في مختلف حقول الدراما من مسرح وسينما وتلفزيون انهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وعبر بوستات اتاح لهم العالم الافتراضي وضع ارآئهم في الاعمال الفنية باسلوب الردح والشتم والذم والوصف البذيء واسلوب السخرية والاستهزاء من هذا العمل الفني او ذاك، وهذا يعود لعدة اسباب واضحة المعالم ومبنية على اراء هجينة تعشعش في عقول حامليها ومن هذه الاسباب وعلى سبيل المثال لا الحصر:

عقدة النقص

يكون حاملي هذا الفكر الرجعي المتمكن في قدح الاخر وفي منجزه يحب الفن في طبعه ورغب يوما ما في حياته ان يكون له شأن في اي مجال فني كأن يكون ممثلا او مخرجا او سينوغرافا او اي حرفة يهواها حسب ميوله واتجاهاته السيكلوجية وقد يكون قام بدارسة الفنون فعلا في الجامعات والكاديميات العربية والاجنبية وحصل على شهادات عليا اهلته بحكم حصوله على ” الشهادة ” ان يقوم بالتدريس في حقل الفنون ايضا ويقوم بتخريج اجيال فنية شابة نرى مدى ابداعها عيانا ، لكن بقي هناك النقص الحاصل في عدم استطاعته الممارسة العملية في الحقل الذي أحب وجعله يتجه لدراسته وقد يكون قد جرب وفشل في ذلك وجرب مرة اخرى وفشل وجرب في قطاع آخر ولكنه فشل ايضا فالهواية وحب الشيء لا يكفي لكي تكون مبدعا في حقل ما وكمن يحب الشعر ولا يعرف نظم بيت او قصيدة او كمن لديه هواية ان يكون لاعب كورة ولكنه لا يملك ملكات ذلك.

وهنا يبدأ صاحب هذا الاتجاه بكبح جماح مبدعي الفن وباسلوب صريح وعلى “قاعدة انه لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب ولا يجامل أبدا ” ويعتقد ان مؤهله العلمي يسمح له بان يكون منتقدا للابداع من خلال القدح والشتم والذم والتحقير من بداية المقال او البوست الى آخره وهذا يعود بالاصل الى عقدة النقص التي لديه كونه لم ينجح في ان يكون ذا حظوة فنية فيلجأ الى هذا الاسلوب المنفلت من النقص والمتسلح بعقدة الشهادة التي يحمل وترى المطبلين على شاكلته يسرحون ويمرحون لما يطرح وهذا النموذج بطبعه الدساس وافتعال المعارك الوهمية وانه محور الكون والكل ضده ويصبح كمن يقاتل طواحين الهواء .

مُحب الفن

هناك نموذج نراه في الاروقة والملتقيات وفي مختلف الاقطار العربية وبكثرة مستشرية ولأنه لا يملك اية مقومات ابداعية في اي حقل فني ولكنه محب للفن فيبدأ بمشاهدة الاعمال الفنية المقدمة وفي غالبها مسرحا او سينما بحكم تواجده والتقائه المباشر بالعاملين في هذين المجالين ويبدأ بالتقرب وابداء الرأي هنا وهناك ومع مرور الزمن وبقدرة قادر عجيبه يصبح منتقدا للحالة ويتقرب اكثر الى الندوات التطبيقية ويعارض لاجل المعارضة وبدلا من ان يناقش ما شهده من عرض يبدأ بمناقشة ما قاله المعقب الرئيسي في ورقته النقدية كون المعقب قد قدم مفاتيحا واجتراحات عميقة في ورقته لا يدركها او لا يعرف ان يصل اليها باي حال من الاحوال ومع مرور الزمن وبحكم تواجده الدائم ويحفظ بعض المصطلحات العميقة يستمرأ ان يطلق على نفسه لقب الناقد ، ومع مرور الزمن ايضا نراه هنا وهناك وفي كل الملتقيات وايضا لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب وفي الحقيقة هذا النموذج فارغ من المحتوى !!!

ضعف الشخصية

لأنه لا يجرؤ ان يواجه مباشرة او خلال ندوة ما يلجأ الى جدران العالم الافتراضي المفتوح والذي اتاح لهذا النموذج فرصة عظيمة لتفريغ ضعف شخصيته وعدم مقدرته على المحاججة فيكتب على منصات التواصل الاجتماعي ومتسلحا بان هذه صفحتي الخاصة وانا حر بما اكتب وبجرأة عالية يبدأ بانتقاد الآخر وباسلوب النق والتطاول والوصف وان ما يقدم من مسرح في العالم العربي لا يرقى لذوقه وان المهرجانات المسرحية لا تؤسس لفعل مسرحي وانه يريد مسرحا دائما وهو بطبعه لا يحب المهرجانات ولكن اذا دعي اليها يذهب ركضا وهنا يمنح نفسه صلاحية تصنيف المهرجانات حسب دعوتها له فاذا كان مدعوا لهذا المهرجان او ذاك فيقوم بتصنيف هذه المهرجانات على انها هي الوحيدة في الوطن العربي فقط وما عداها فهو لا يرقى لأن يسمى مهرجانا رغم ان باقي المهرجانات لها سمعتها واستمراريتها وتاريخها الطويل!.

هذه النماذج الثلاثة اصبحت تتسيد العالم الافتراضي وتتصيد كل ما هو ناجح ورفيع المستوى وتستمر في ” الطخ المجنح” وتستعرض بطولاتها ومن ثم تقوم بتجييش من يشابههم بالنق على كل شي وما يمكن وصفهم باصحاب الطاقة السلبية في كل جوانب حياتهم فما بالنا اذا كانوا سيصفون الآخر صاحب الطاقة الايجابية ؟ في الاعتقاد لديهم ان هذا اسلوب للنقد وفي الحقيقة والواقع لا يمكن وصفه نقدا بل انتقادا او باختصار ” نق” او معارضة لاجل المعارضة .

النقد الحقيقي اصبح الان في مهب الريح ومن يدرك اهميته يدرك اهمية منجز فني رفيع المستوى كون النقد الفني حالة تكاملية ترفع من قيمة العمل حتى لو كان سلبيا فمهمة النقد تصويب الاخطاء وتلافيها لدى مبدعي الفن ، انه حالة وعي معرفي لقراءة ما بين سطور النص وخيال المخرج وابداع الممثل وجمال السينوغراف او صاحب الصورة المرئية العميقة ويقوم هذا التاقد بفلسفة الواقع لكي يصبح دراسة تحليلية متمكنة ومن الاهمية بمكان للمبدع الخلاق أن يستمع للرأي السلبي بمنجزه الفني اكثر من اهتمامه بالمديح والاشارة الى الفعل الايجابي .

علي عليان – الاردن

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش