الفاضل الجعايبي يعرض «عنف»/ناجية

بعد أكثر من خمسين عرضا بفضاء الفن الرابع وفضاءات أخرى داخل الجمهورية علاوة على مشاركات في أكبر التظاهرات الثقافية الدولية منها مهرجان قرطاج والحمامات وتظاهرات أخرى في الخارج منها إيطاليا وبيروت، يقدم الثنائي جليلة بكار والفاضل الجعايبي هذا المساء على ركح مسرح «أنسي» الفرنسي عرضا لآخر إنتاجات المسرح الوطني «عنف»، المسرحية التي يقوم بأدوارها كل من جليلة بكار وفاطمة سعيدان ونعمان حمدة ولبنى مليكة وأيمن الماجري ونسرين المولهي وأحمد طه حمروني ومعين مولهي أما النص فقد كتبته جليلة بكار وأخرجه الفاضل الجعايبي.
«أمَل أَلَمْ/عندما تنكسر المرآة/وتترك شظايا من صُور/عندما تصبح الأحلام حملا/ لا سواعد لرفعها/
عندما تتمخّض الأرض لتلقي بأبنائها وسط البحار/
عندما تتبخّر الآمال/ وتنطفئ النّجوم في السّماء
وتنغلق الأبواب/عندها يولد الإنسان الجديد/
الإنسان الوحش…».
بهذا النص قدمت جليلة بكار «عنف» وهو عمل يقوم على حالات أو هي بالأحرى أحداث/جرائم بشعة تعكس واقعا جديدا يسوده العنف بوجوهه المختلفة…
امرأة تقتل زوجها، شاب يذبح صديقه، مجموعة من التلاميذ يلقون بمدرّستهم من أحد طوابق المعهد ويتهشم رأسها، عجوز تقتل ابنها بأشنع الطرق…
جرائم يعيش المجتمع على وقع بشاعتها منذ بداية الثورة، جرائم تثير أسئلة كثيرة من بينها: من أيقظ الوحش النائم فينا؟
أو ما هي مبررات كل هذا العنف وما هي أسباب تنامي ظواهره؟
هل هو ظاهرة متأصلة في الإنسان أم نتيجة الفوضى التي زعزعت كيان المجتمع إثر الثورة التي لم تتصدرها النخب؟
هذه الأسئلة، وغيرها كثير، يطرحها المتلقي وهو يتابع هذا «العنف» بوجوهه المختلفة…: عبر نص يوغل في عالم الجريمة بكل قساوته ويتساءل عن كيفية ترويض الوحش الذي تحدث عنه كامو.
على وقع موسيقى مدهشة وضعها قيس رستم تنساب بانسجام تام مع مجرى الأحداث صاغ الجعايبي مسرحية تعرّي الواقع الاجتماعي والسياسي في تونس ما بعد الثورة، كما تكشف انعكاساته على النفس والسلوك وتفضح شراسة الانسان وهشاشته ومدى تأثير العنف على المجتمع كأحد أولى أسباب التفكك الأسري. في «عنف» يواصل الجعايبي عملية الحفر في المخيال الجماعي للتونسيين الآن وهنا، وفاء لمبادئ  آمن بها منذ بدء مسيرته المسرحية مطلع السبعينات وتجسّدت في أغلب أعماله على غرار «عشاق المقهى المهجور» و«سهرة خاصة» و«جنون» و«يحيى يعيش» و«تسونامي» وأعمال أخرى تقرأ الواقع وتحلل أسباب انهيار القيم وتستشرف المستقبل كمن يضع علامة «قف» للمراجعة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

المسدر/ اليوم

محمد سامي / مجلة الخشبة

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *