السينما و المسرح و النموذج الثالث… مسرحية الزيدي “يا رب” نموذجاً

السينما و المسرح و النموذج الثالث…
مسرحية الزيدي “يا رب” نموذجا…

هايل المذابي
…..
الخرافة رمز و الرمز يوحي و يدعو إلى الاستكناه..
لعل هذا بالاضافة إلى المقدس هو ما تطالعنا به الأحاديث التي قيلت عن مسرحية الكاتب العراقي علي عبدالنبي الزيدي “يارب” و التي تنافست مؤخرا على جائزة الشيخ القاسمي و كانت ضمن عروض مهرجان المسرح العربي بالجزائر يناير 2017 التي تنظمه الهيئة العربية للمسرح و بالعودة للتاريخ نجد مواقف كثيرة شهيرة يتطابق فيها ما دارت في جوائه مسرحية الزيدي…
” أين الله؟؟!!”.. هذه أشهر عبارة تخلدت في هولوكوست هتلر إذ كتبها يهودي على جدار محرقة هتلر و هي نفس عبارة مسرحية الزيدي حين تدخل المرأة التي ترتدي السواد من رأسها حتى قدميها تجلس على الكرسي القريب وتقول بصوت متهدج خفيض: (جئت اليك يا رب وفي قلبي الف دمعة وعتاب، اعاتبك واعاتب روحي، واتساءل: كيف لروحي ألا تستجيب لدعائي، أنا الآن غيرتك يا رب)، (يا رب يجب أن توقف هذا القتل، الغرق، الحريق، أي قدر هذا الذي يجعل أولادنا الذين نخاف عليهم من الهواء لقمة سائغة بفم اسماك البحر، اي قدر تافه هذا عندما نصحو صباحا ولا نجد سوى رائحة عطورهم على فراشهم) وايضا (يا رب انا اتحدث اليك بصفتي اكثر الامهات دفنا لاولادها، ادفن كيلوات لحم، كيلو كيلوين ثلاثة، وكبيرهم لم اجد له عظما واحدا) وايضا: (يا رب لقد جئتك بتواقيع الامهات، لم نزور ولا توقيعا واحدا وفي كل مرة النصاب يكمل عندك يا غفور، يارب.. نريد ان نقول لك شيئا مهما باسمي وباسم كل الامهات سنعطيك مهلة يا رب 24 ساعة ان تقول للشيء كن فيكون او نضرب عن الصلاة والصيام، ولن تجد اما بعد اليوم ترفع يدها للدعاء اليك يا اقرب الينا من حبل الوريد، شروطنا واضحة، ان توقف هذا القتل الذي يأكل اولادنا، ان توقف هجرتهم عن احضاننا، هم يخرجون ولا يعودون وهم بعمر وردة تحلم بربيع سيأتي) ثم ايضا (ربي.. انا في واديك المقدس، ياااا رب)..
و ثمة موقف آخر يفسر شيئا آخر في هذه المسرحية حدث في مقر حزب الرئيس الايطالي الأسبق موسولوني
الذي يجتمع مع كبار الأعضاء فيه ثم يستعير ساعة أحدهم و يقول سأمهل الرب الذي تؤمنون به خمس دقائق فإن كان موجودا فأنا أطلب منه أن يقتلني و إن لم يكن موجودا و لم يقتلني فما قدمته من أطروحة هي ما سوف تنفذونه….!!!
الغرب أنتج الكثير من الأفلام السينمائية التي تناولت موضوع الأنبياء و جسد شخصياتهم كفيل نوح و فيلم المسيح و غيرها و لعل فيلم الرسالة الذي أخرجه السوري العملاق مصطفى العقاد الذي تم اغتياله لاحقا بسبب فيلم الرسالة رغم أنه لم يجسد شخصية النبي في أي صورة أو هيئة بشرية و هذه كانت أول تضحية و أول شرارة لتحريك الأفهام و العقول و قد لاقى الكاتب البحريني عبدالله خليفة هجمة شرسة لأنه كتب عن فيلم نوح في عموده بصحيفة الخليج…
لكن الفكرة ذاتها نظريا قد قدمت بالفعل خصوصا في عوالم الشعر و النثر فقصائد نزار التي تحدث فيها صراحة عن هذا و غير نزار الكثير من الشعراء فيقول مثلا في القصيدة المتوحشة ” بعيدا عن بلاد القهر و الكبتِ .. بعيدا عن مدينتنا التي شبعت من الموت… بعيدا عن تعصبها بعيدا عن تخشبها … بعيدا عن مدينتنا التي من يوم أن كانت إليها الحب لا يأتي .. إليها الله لا يأتي…. ” إنها صرخة على ما يحدث في وجه العالم بل و الكون كله .. هل يهجر الله المدن لسوء ما يفعله أهلها؟؟ ربما لكن اللفظ الصريح حتى و لو كان صريح فهو مجاز فقط للتهويل و الأمر بالمثل في مسرحية يارب للزيدي و ما دار في فلكها…
لقد حاول الزيدي المؤلف و المخرج مصطفى تقديم النموذج الأعظم لما يجب أن يجرب في عالم المسرح وهو تقديم المسرحية بمعالجة سينمائية لكن هذا النموذج لم يكن مرتبإ كما ينبغي .. كان يحتاج لهندسة كبيرة حينها كان سيمثل فتحا وتجريباعظيما في فن المسرح بعيدا عن الموضوع الذي تناولته المسرحية و الفكرة التي قامت عليها… هي خطوة أولى و أتوقع أن تثمر و تستمر حتى المائة خطوة …

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *