السعودية تدخل عالم الفن الرابع من بوابة “مسرح مصر” : سارة محمد

نشر / محمد سامي موقع الخشبة

مسرح السعودية” يعلن عن ميلاد مجموعة من المواهب الشابة التي تبحث عن ذاتها في مجالات التمثيل والكتابة والإخراج.

لا يزال الفنان أشرف عبدالباقي مؤسس فرقة “مسرح مصر” يحصد نجاح تجربته التي دفع فيها بمجموعة من الشباب الباحث عن فرصة لإطلاق موهبته وسط سيطرة محكمة من الجهات الإنتاجية في مصر، والتي كانت تفرض وجوها معينة وتقحم أحيانا أبناء فنانين للعمل دون موهبة حقيقية، والآن أصبحت الوجوه الناجحة التي أطلقها الفنان نماذج مؤثرة في الدراما أيضا.

وكان الانفتاح الذي بدأته المملكة العربية السعودية دافعا إلى دعوة فريق عمل “مسرح مصر” وتقديم تجربة مماثلة لما أنجزه عبدالباقي الذي بدت مهنيته في اكتشاف الموهوبين بدعم ورعاية وزارة الثقافة والإعلام السعودية والهيئة العامة للثقافة وضمن إحدى مبادرات مجلس شباب مكة.

انتقلت التجربة التي استحدثها “مسرح مصر” منذ انطلاقته قبل خمسة أعوام لإنعاش المسرح المصري، إلى السعودية التي بدأت في إقامة أول عمل مسرحي كوميدي، باسم “مسرح السعودية” استكمالا لمسيرة الانفتاح على الفن بأنواعه المختلفة ضمن فترة زاهية تعيشها المملكة التي تصبو إلى تقديم أعمال مختلفة تؤكد أهمية التطور الحضاري فيها

بعيدا عن التابوهات

يعد اهتمام المملكة بالمسرح إعادة بناء لمرحلة جديدة من التنوير، لأن المسرح السعودي هو القطاع الوحيد الذي عمل في الخفاء طيلة سنوات عدة من خلال تقديم تجارب صغيرة على مجموعة من الهواة.

ويعلن وجود “مسرح السعودية” عن ميلاد مجموعة من المواهب الشابة التي تبحث عن ذاتها في مجالات التمثيل والكتابة والإخراج، ويؤكد نجاح التجربة مستقبلا عبر بث عروض الفرقة على قنوات “أم.بي.سي” أكبر عملية لنشر الثقافة المسرحية في المجتمع السعودي، ومحاولة جادة لإدخال أنماط ثرية للتأثير المباشر في الجمهور.

وأكد المنتج صادق الصبّاح أن فكرة تأسيس “مسرح السعودية” بدأ العمل عليها منذ علم بعملية الانفتاح الجادة بالسعودية في أكتوبر الماضي، وفي حينه تحدّث مع الفنان أشرف عبدالباقي بشأن الفكرة، وهو ما تحمس له كثيرا الفنان المصري، ثم أعقب ذلك بالحديث مع المسؤولين في وزارة الثقافة والإعلام في المملكة فأبدوا موافقتهم على المشروع على الفور وقاموا بمنح الفرقة مسرح “النادي الأدبي” الذي تقام عليه العروض.

وأوضح الصبّاح، لـ”العرب”، أن تجربة تأسيس “مسرح السعودية” تقدّم لها ما يقرب من 1500 شاب وفتاة تمّت تصفيتهم بعد التدريبات إلى 48 شخصية من الأكاديميين وممن لديهم نشاط مسرحي.

وبدأ العمل منذ يناير الماضي وعلى مدار شهرين، ويشرف على كتابة الأعمال المسرحية الكاتب ياسر مدخلي، كما تمّت الاستعانة بفريق من التقنيين المصريين. وبرغم الإعلان عن التجربة الجديدة “مسرح السعودية”، إلاّ أن الإقبال الجماهيري هناك فاق التوقعات، والحفلات التسع الأولى من المشروع رفعت شعار “كامل العدد” ومن مختلف الفئات العمرية.

ويرى الصبّاح أن السعودية أمل المنطقة العربية، ونقل تجربة “مسرح مصر” الناجحة إلى المملكة إنجاز كبير يسهم في طرح قضايا المجتمع، نافيا في رده على سؤال “العرب” وجود محاذير على النصوص المسرحية التي ستقدّم ضمن المشروع، لكنه أضاف “منذ بداية تكرار مشروع مسرح مصر، هناك اتفاق مع بطله أشرف عبدالباقي على عدم الاقتراب من ثالوث الدين والجنس والسياسة”.

شراكة مسرحية

أشار المنتج صادق الصبّاح إلى أن مسرح السعودية يسير على نفس نهج مسرح مصر، ويظهر الفنان أشرف عبدالباقي في آخر دقيقة في العرض، وسيكون ذلك في العروض الأولى، ثم يترك الشباب وحدهم في المسرحيات المتتالية يعملون تحت إشرافه، وسوف ينطلق المشروع في العديد من المدن بالمملكة خلال الفترة المقبلة، مثل جدة والرياض وغيرهما على أن يستمر قبل بداية شهر رمضان، ليعود بين عيدي الفطر والأضحى القادمين.

ويأتي القيام بعمل مسرحي كوميدي مصري- سعودي للمرة الأولى استكمالا لثورة ثقافية يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بدأت بفك الكثير من القيود المجتمعية على المرأة، والسماح لها بقيادة وحضور المباريات الرياضية، وفتح الباب لأول مرة لزيارات عدد من نجوم السينما العالمية وإقامة حفلات موسيقية في مدن مختلفة، منها حفل للمطرب المصري تامر حسني وآخر للموسيقار عمر خيرت، ولا تزال تتوالى الأعمال الفنية في مجالات مختلفة.

المملكة تسعى لإقامة أول عرض مسرحي كوميدي بالتعاون مع الفنان أشرف عبدالباقي بالاعتماد على مواهب سعودية شابة

ولم يبد المخرج المسرحي ناصر عبدالمنعم حماسه لتقديم هذا النوع من المسرح الكوميدي بالسعودية، لأنه يرى أن السمة الغالبة لـ”مسرح مصر” تقديم مسرحيات كوميدية هزلية دون فكرة أو محتوى، وهو ما لا يساهم في إثراء الفن المسرحي في السعودية.

ويضيف لـ”العرب” أن “النموذج الذي يحقّق رواجا جماهيريا كبيرا ليس هو ما نحلم به لتعميمه في الدول العربية، لأن هناك أنواعا مختلفة من المسرح الكوميدي تنطلق من المواقف والموضوعات، وهي صناعة صعبة والحرفية فيها مهمة جدا”.

ويرى البعض من النقاد أن الفراغ الذي تركته المسارح الخاصة على الساحة المصرية مثلا، أدّت إلى فرض هذا النوع من المسرحيات غير الهادفة على المشهد بعد أن كانت المواسم المسرحية مزدحمة تحديدا على مستوى الكوميديا بما يقارب من 12 عرضا في الموسم الواحد تحمل كلها أسماء كبار النجوم، لكن الأعمال المسرحية اندثرت لتبقى تجربة “مسرح مصر” العمل الوحيد المستمر.

ومن هنا طالب هؤلاء أن تكون التجربة المسرحية السعودية متنوعة وثرية، ولا تخضع للحسابات الضيقة التي حكمت “مسرح مصر”، وتحاول أن تطوّر نفسها بما يناسب طبيعة المجتمع، فالفن الحقيقي هو الذي يعبّر عن نبض وقضايا المجتمع. وتعرّضت تجربة “مسرح مصر” للنقد بسبب اعتمادها على الربح والتجارة والسعي لتحقيق أعلى عائد مادي دون الاهتمام بجودة التمثيل المقدّم للجمهور والمضمون الهادف، وعدم الاهتمام بتطوير المسرح وتخريج أجيال ناجحة تقدّم فنا راقيا له أبعاد اجتماعية وثقافية.

ورغم التحفظات الكثيرة على تجربة أشرف عبدالباقي، إلاّ أن الكثيرين أشادوا بفتح السوق المسرحية مع السعودية حتى وإن كان مع مسرح تجاري كي يكون نواة لبروتوكولات وشراكات بين القاهرة والرياض لتقديم عروض مسرحية مختلفة، يمكن الاقتداء بها.

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *