التكنولوجيا والمسرح.. هل تدعم «أبو الفنون» أم تهدد عرشه؟

 

 

محمد عبدالسميع (الشارقة)

«تطويع التكنولوجيا في خدمة المسرح».. طرح يؤيده المسرحيون الإماراتيون في مواجهة الاستخدام الخاطئ للتكنولوجيا الحديثة، مؤكدين بقاء «أبو الفنون» على عرشه كتواصل حقيقي ومباشر مع الجمهور، رغم التطور التقني الكبير، الذي تشهده الفنون الأخرى، بالإضافة إلى الطفرة النوعية في وسائل الاتصال، ووجود «السوشيال ميديا»، التي لا يعتبرها الفنانون مؤثرة على جمهور المسرح.
وتيرة متسارعة وتغيرات حاصلة في وسائل الاتصال والتكنولوجيا على مدار السنوات السابقة، اعتبرها الفنان الإماراتي الكبير مرعي الحليان عاملاً إيجابياً يمكن استخدامه في الإعلان والدعاية والترويج للعروض المسرحية، التي أصبحت أسهل بكثير من قبل، مشيراً إلى أن كل ظاهرة في المجتمع تغذي المسرح لأنه مرآة لمجتمعه، وللحياة بشكل عام.
واستدرك الحليان: نحن نتحدث عن الجانب الآخر من التكنولوجيا، وهو الاستخدام الخاطئ لها، حتى أصبح بإمكان الأشخاص طرح أي شيء على الجماهير مباشرة، مضيفاً: «هذا السقف المرتفع للرقابة، والتصرف الفردي قد يسيء للمجتمع، وهو غير مقبول على الإطلاق، وأعتقد أنه يجب توعية الناس بهذا الاتجاه».

وأشار الحليان إلى أن وسائل الاتصال الأخرى تفتقد حالة التواصل المباشر مع الجمهور التي يخلقها المسرح، وبالتالي فإنهم يذهبون إلى العروض حتى يلتصقوا ويلتحموا بالفنان، وهنا تأتي المسؤولية على المسرحيين أنفسهم في تقديم فن يُرضى المشاهدين، ويجعلهم يتركون أعمالهم ويأتون للمشاهدة، فصناعة هذا الفن صعبة للغاية.
وشدد الحليان: يجب على المسرح أن يستفيد من التكنولوجيا العصرية في تكوين الفضاء المسرحي، حيث يبقى مفتوحاً قابلاً للتوظيفات الجديدة، إذا ما كان هذا التوظيف يصب في صميم العمل المسرحي.
ويتفق الفنان الإماراتي سعيد سالم، مع الحليان في أنه متى استخدمت التكنولوجيا في خدمة المسرح فسيكون ذلك إضافة له، مؤكداً أن المسرح هو الأساس قبل السينما، والتلفزيون، والإذاعة، ووسائل الاتصال الحديثة، وعليه فعلينا أن نطوع هذه الأدوات، واستخدامها في خدمة «أبو الفنون».
ويرى سالم أن التطور في وسائل الاتصال الحديثة لن يؤثر على جمهور المسرح، إلا من يجهل أهميته، مشيراً إلى أنه على المسرحي أن يكون خلاقاً ومبدعاً، يسابق الزمن والأفكار حتى يواكب هذا التطور الحاصل، ولا يمل منه الجمهور.
وأكد أنه على الرغم من أن التكنولوجيا فتحت العالم أمام الجميع، ازدادت الصعوبة على الفنان في قراءة الواقع المتدفق والسريع، إلا أن الأداء المسرحي يبقى هو الأصل، مضيفاً: كممثل مسرحي آخذ شهادتي من الجمهور من أول دقيقة حين يفتح الستار، فنأخذ الدرع والجائزة من الجماهير قبل أن يجف العرق.

وأكمل سالم: «النصوص متواجدة في الشارع، وفي كل مكان، وحتى على (السوشيال ميديا) يمكن أن تلتقط قصتك، ولكن هنا أيضاً نوضح أن أكثر من يكتب للمسرح الآن هو من الجيل القديم، وعندما يبدأ جيل (السوشيال ميديا) في الكتابة، فسنجد مسرحاً قريباً من جمهور التكنولوجيا».
وقال الفنان والمخرج الإماراتي محمد العامري، إنه في السنوات الأخيرة دخلت التقنيات الرقمية الجديدة في العرض المسرحي على الخشبة، بعد أن بدأ استعمالها في برمجة النظام الضوئي والصوتي للعمل، مشيراً إلى أنه مع وجود «الموبايلات» والتكنولوجيا الحديثة وتطور الأعمال السينمائية والتلفزيونية، فإن المسرح لم يتأثر بوجودها؛ لأنه شيء حي كالإنسان، وهو الفن الذي يحتوي على كل هذه الفنون.
ويضرب العامري مثالاً بأن معظم المخرجين في العالم اليوم يعتمدون العمل على تداخل مدارس مسرحية كثيرة اعتماداً على أساليب السينما، والتلفزيون، والفنون التشكيلة، وأمور كثيرة يمكن أن تدخل في هذا الفن الحي، مستشهداً بكلمة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة: «كلنا زائلون، وسيبقى المسرح ما بقيت الحياة».
ويضيف أن المسرح خارج المنافسة مع الفنون الأخرى لاختلاف طبيعته التكوينية، وعلاقته مع الجمهور، والحالة الحميمية الموجودة بين المشاهد والفنان في العرض المسرحي، غير موجودة في أي فن آخر.
ويعترف المخرج الإماراتي إبراهيم سالم، بفضل السينوغرافيا والتواجد التقني على المسرح، ويطرح سؤالاً: لماذا يستمر الجمهور في الذهاب إلى المسرح؟، مجيباً: «الناس سوف تقول أي شيء على المسرح، ولكن سيبقى الرجل الذي يؤدي دوره، ويكون بينه وبين الجمهور هذه المسافة القريبة، أهم من كل الأدوات والتقنيات الموجودة».
ويشرح سالم أنه سيظل لدى الإنسان موضوع التواصل الحقيقي والحي مع الأفراد، وهي طبيعة في البشر منذ بدء الخلق، وفي هذه الحالة لن يفقد المسرح بريقه، وستكون التقنية مكملة لهذا الوجود.

 

 

https://www.alittihad.ae/

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش