استعادة مسارات مسرحنا العربي قراءة في كتاب المسرح العربي بين النقل والتأصيل

تمهيد: المسرح كظاهرة كونية
حظي المسرح باعتباره ظاهرة إبداعية حديثة، ما فتئت تعبر عن هموم المجتمع وقضاياه، بمتابعة متوثبة، وواعية بأهميته كجنس إبداعي خلاّق، في العالم العربي من المحيط إلى الخليج، رغم الفوارق والتباينات التي تُسجل بخصوص مكانته، وفاعلية تقبله، ودرجة التأثر به، إذ لازالت بعض المجتمعات العربية المتخلفة، تنظر إلى المسرح نظرة أخلاقية بئيسة، وتجرم حرية انتهاك المواضيع التي يلتجئ الممثلون والمخرج إلى الخوض فيها، ورغم هذا وذاك، لا أحد ينكر ما بلغه مسرحنا العربي والمغربي اليوم من فتوحات على مستويي الجانب الإبداعي كتابة وتشخيصان، وقد تأتى ذلك في نظرنا عوامل كثيرة ومتداخلة منها:
ـ تضاعف وثيرة المهتمين بالمسرح كأب للفنون كتاّبا، ومبدعين
ـ تأسيس معاهد وأكاديميات للفنون، ومنها فن المسرح
ـ الاستفادة من ترجمة النصوص المسرحية العالمية، والحرص على الاقتباس منها
ـ تزايد عدد خريجي المعاهد المسرحية، وإقامة التظاهرات المسرحية محليا، وإقليميا، ووطنيا، ثم دوليا.
ولأن المسرح ظاهرة كونية مثل سائر الأجناس الأدبية، فقد أولاه ثلة من الباحث ما يستحقه، عبر تعقب تاريخه الطويل، والنبش في مظانه النصية، في مسعى إلى توثيق ذاكرته، وحمايتها من الزوال، وتقريب مساراته وتجاربه من النخبة والعامة المهتمة به، ومن هؤلاء الذين كرسوا أبحاثهم في خدمة المسرح عربيا ومغربيا، نستحضر باحثين لامعين، كعلي الراعي، وزكي طليمات، وحسن المنيعي وغيرهم كثر في ساحتنا الثقافية والإبداعية، ووعيا منا بصنيع هؤلاء نقدم هذه القراءة التفكيكية العاشقة في كتاب هام رصد بوعي علمي حصيف نشأة المسرح العربي، وهو  المسرح العربي بين النقل والتأصيل لجماعة من الباحثين العرب.
هي قراءة تفكيكية عاشقة تنطلق من المتن الذي يقدمه الكتاب، وتنتهي لتسائل واقع الممارسة المسرحية العربية، بعيدا عن الخطاب الثقافي الرسمي، الذي غالبا ما يقف متهيبا بعض النماذج الجريئة، ومنغرسا في تشييع بعض المغالطات التاريخية، وتكريس أنصاف التجارب الضعيفة والهشة بناء ووعيا بإواليات الممارسة المسرحية الجادة، التي بقدرما تستشرف الأفق والآتي، تبقى مشدودة إلى رؤية ضيقة وهشة، وهي تبني رؤاها اتجاه الواقع والعالم والحلم، في اجترار واستهلاك لمشاهد وتفاصيل الواقعين العربي والمغربي، دون المساس وخرق الطابوهات المتعارف عليها،  والسؤال الموجهة لهذه القراءة هو: كيف قدم هؤلاء الباحثون مسارات المسرح العربي؟.
 
كتاب المسرح العربي بين التأصيل والنقل:
1ـ قراءة توصيفية:
  المسرح العربي بين النقل والتأصيل، هو الكتاب الثامن عشر، من سلسلة كتاب العربي الفصلية، قدمته مجلة العربي في الكويت سنة 1988، وهو من تأليف ثلة الباحثين في المسرح وقضاياه، وهم، علي الراعي، وعبد الرحمان ياغي، وأحمد علي، وزكي طليمات، وسعد أردش، وحياة جاسم محمد، وسلامى عبد الرحمان، وآخرون، والكتاب يحوي مئتين وثمان صفحة، من الحجم المتوسط، موزع على أربعة فصول تشمل مواضيع فرعية، تنسجم و عناوين الفصول الكبرى، والفصول معنونة ب:
ـ الفصل الأول: مشاهد من التاريخ: ويقدم ثلاث مقالات وهي: المسرح عند العرب قديما، المظاهر المسرحية عند العرب، ثم خيال الظل.. مسرح قبل المسارح الحديثة.
ـ الفصل الثاني: البدايات الأولى: ويحوي أربعة مواضيع وهي: مارون النقاش وتجربته الرائدة، و جورج أبيض والتيار الجاد في المسرح العربي، ثم مولد المسرح في الكويت، والمسرح العربي في الجزائر.
ـ الفصل الثالث: تجارب وعروض: وتناولت مواضيع من صلب الممارسة المسرحية وهي: صندوق العجب والمسرح الفلسطيني، ريش نعام سوداني، ومنارات مسرحية جديدة، وسهرة مع أبي الخليل القباني والغرباء، ومهرجان دمشق للفنون المسرحي، ثم مهرجان قرطاج المسرحي الأول.
أما الفصل الرابع والأخير، فوُقّع بدال قضايا وهموم، وحوى خمس مقالات حملت العناوين التالية: هموم النص المسرحي العربي، ونحو شخصية متميزة للمسرح العربي، ومن قضايا المسرح العربي المعاصر، والحكواتي وأزمة المسرح العربي، ثم أبو محروس ومشكلة المسرح العربي.
 
 
2ـ خطاب المقدمة:
    افتتح الدكتور محمد الرميحي، باعتباره رئيس تحرير المجلة، الكتاب بمقدمة انطلق فيها من سؤال جوهري، حول مدعاة تقديم كتاب العربي مجموعة من الموضوعات المرتبطة بالمسرح العربي، وقد اعتبر السؤال منطقيا ومعقولا لدى بعض القراء، ممن لا يهتمون بالحركة المسرحية في الوطن العربي، وهنا تكمن أهمية الكتاب لأنه موجه لهم في الأساس، ف(المسرحي العربي والمهتم قد حصلا حتى الآن على دراسات كثيرة كثيفة، أما الرجل العادي غير المتخصص أو المرأة العادية فإنهما ينظران إلى قضية المسرح من زاوية هامشية إلى حد ما، لهؤلاء يصدر كتابنا هذا)(1)، وقد أتى على تحديد تعريف للمسرح بمعناه الواسع، وعرفه بأنه( شكل من أشكال التعبير عن المشاعر والأفكار والأحاسيس البشرية، ووسيلته في ذلك فن الكلام، وفن الحركة،مع الاستعانة بمؤثرات أخرى كالرسم والديكور والإضاءة والملابس والمكياج)(2)، نافيا في السياق ذاته، أن يكون للمسرح تعريف شامل تام يمكن الاطمئنان إليه وقبوله حول المسرح، بل هو اجتهاد قابل للنقاش.
وانتقل بعد ذلك، إلى الحديث عن الاجتهادات والدراسات المتعددة التي خاضت في الحديث عن المسرح العربي،  مبرزا مضامينها، وهي مضامين متباينة وتتراوح الأقوال فيها،(بين من يقول إن المسرح العربي ولد وتطور غريبا عن المجتمع العربي نفسه، وماهو إلا تقليد للشكل الغربي، وان ظاهرة المسرح في الثقافة العربية لها خصوصية تميزها عن المكونات الأخرى في هذه الثقافة، كونها ولدت غريبة عن الذات الثقافية العربية)(3) ، من جهة، وبين من ذهب، (إلى الدعوة إلى أن نصرف صفحا عن الشكل المسرحي المتعارف عليه اليوم، للعودة إلى أشكال أخرى من ثقافتنا العربية، كمسرح السامر، أو فن الحكواتي، أو حتى المسرح الاحتفالي، نسبة إلى الاحتفالات الشعبية في الحياة العربية)(4). 
وإذا كانت هذه الطروحات، في رأي الرميحي، تبدو مشوقة ثقافيا، ومتوافقة مع طروحات أخرى باحثة عن التميز الثقافي العربي،  فإنها تبقى، (رد فعل لم يصل حتى الآن إلى تقديم محصلة حقيقية تسند الطروحات النظرية، وتجعل الأمر حقيقة واقعة)(5) ، لأن المسرحين العرب لم يدخروا جهدا، منذ بداية المسرح العربي الأولى، في التحرر من المضمون الغربي للمسرح، بغية تقديم مضمون عربي، له سماته وخصائصه المميزة، واستنادا إلى تقديرات الرميحي، فإن المسرح العربي صار له مضمون عربي في أغلب تجاربه ونماذجه، ولعل استعارته لبعض الأنماط المصاحبة للعرض المسرحي، (ما هي إلا إثراء وغنى لهذا النوع من العمل الفكري المتقدم، مثلها مثل أشياء كثيرة قي حياتنا، قبلناها دون إثارة تساؤلات، لنغني بها ثقافتنا، ونغني في نفس الوقت ثقافات الآخرين، لأن الثقافة في وجه من وجوهها ما هي إلا أخذ وعطاء)(6).
وبخصوص رسالة المسرح، فقد جعلها الرميحي، رسالة مقبولة مرغوبة في المجتمع العربي بأشكالها المتعددة، ودليله في ذلك ترعرع المسرح وانتشاره حتى عُدّ ظاهرة يحرص العربي على مشاهدتها في الحواضر العربية كلها، معتبرا فن التمثيل هو الجانب الأول الأقوى من التأثير المسرحي على المشاهدين، بينما النص المسرحي فيبقى من اهتمام النقاد لأنهم يهتمون أولا بالنص باعتباره عملا إبداعيا أدبيا، أما التأثير الثاني للمسرح فيكمن في، تعبيره عن كثير من مشكلات الحياة الإنسانية وأزماتها، وفي مقدور الأعمال المسرحية بحكم طابعها الإنساني الشمولي، أن تكون لغة للخارج في الحوار مع الآخر، وللداخل في الحوار مع النفس، كما العمل المسرحي له بعد آخر يتجلى في، مناقشة الأمور التي يمكن مناقشتها في إطار فني آخر، لأن (المسرح يحتوي على درجة عالية من التخيل، ويقتضي التقمص لتجسيد الشخصيات والمواقف، وفيه فوق كل ذلك نقد للمظاهر السلبية في المجتمع)(7).            
إن خصوصيات العمل المسرحي العربي، يقول الرميحي، هي خصوصيات المجتمع العربي عينه، حيث لا وجود للسيدات في مسرح مارون النقاش وفرح أنطوان، قبل مائة عام، وهو الوضع ذاته اليوم، إذ لا تقوم النساء بأدوار على المسرح في بعض الأقطار العربية،  مستحضرا فهم المتقدمين لغاية المسرح، ومنهم مارون الذي اعتبر المسرح عملا، (ظاهره مجاز ومزاح، وباطنه حقيقة وصلاح)(8) ، وهو فهم لازال المتأخرون يعتدون به، ويؤمنون به، لكن المسرح يتطور بشكل صحي في المجتمع العربي.
 
 
 
ثانيا: خطاب المتن:
3ـ1: المسرح عند العرب قديما:
  ادعى الباحث علي الراعي، في مفتتح دراسته، بكثير من الوثوقية أن العرب والشعوب الإسلامية تعميما، قد عرفوا أشكالا متعددة من المسرح، ومن النشاط المسرحي لقرون طويلة، قبل منتصف القرن التاسع عشر، ففي الطقوس الاجتماعية والدينية في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام، نجد إشارات واضحة إلى أن،( المسلمين أيام الخلافة العباسية قد عرفوا شكلا واحدا على الأقل من الأشكال المسرحية المعترف بها،. وهو: مسرح خيال الظل)(9)، ومن الإشارات القديمة القوية التي يسوقها الراعي لإثبات أطروحته، ما وجده في كتاب الديارات للشابشتي، حيث ذكر الكاتب أن الشاعر دعبل(10)هدّد ابنا لأحد طباخي المأمون بأنه سيقوم بهجائه، فرد الابن بدوره قائلا: والله إن فعلت لأخرجن أمك في الخيال، ومعنى ذلك، إنذاره بأنه سيوحي إلى أحد فناني المخايلة، بإظهار صورة أم دعبل بمظهر يدعو إلى السخرية، ولاشك أن اللعب بخيال الظل شاع  في عصر الخليفة العباسي المأمون، واعتمد الهزل والسخرية والإضحاك.
ومن الحجج الدالة التي يتحجج بها الباحث، ما قاله باحث مسرحي آخر، هو شريف خازندار، الذي عدّ الخليفة المتوكل، أول من أدخل الألعاب والمسليات والموسيقى والرقص في البلاط، وأنه كان يميل إلى التهريج والأغاني الهزلية، ومن ثم أصبحت قصور الخلفاء مكانا للتجمع والتبادل الثقافيين مع البلدان الأجنبية، وكان ثمة ممثلون بأتون من الشرقيين الأدنى والأقصى، ليقدموا تمثيلياتهم في قصور الخلفاء(11)، وكانت العامة من الناس تجد تسليتها عند قصاصين انتشروا في طرق بغداد، وعرفوا بقصّ نوادر الأخبار وغرائبها، وابتدعوا،لأجل ذلك، طرق الهزل، (كتقليد لهجات النازحين من الأعراب والخراسانيين والزنوج والفرس والهنود والروم، أو محاكاة العميان والحمير، ومن أشهر هؤلاء في عصر المعتضد: ابن المغازلي) (12). 
ويذهب، علي الراعي، إلى أن انتشار الغناء دفع،هو الآخر، إلى قيام دور المسارح الغنائية في عصرنا الحاضر، واستند في التدليل على ذلك، إلى إشارة وردت في كتاب الأغاني، ومفادها أن ابن رامين الكوفي استقدم مغنيات من الحجاز، وأقام دارا واسعة يقصدها الناس، للاستمتاع بالعروض الغنائية بالمعنى الحديث، وهي المبادرة التي احتذاها بعض الخلفاء العباسيين، كالخليفة الواثق الذي عُرف بحب الحانات، وسعيه إلى رفع مستواها، بل ثبت أنه اتخذ لنفسه حانتين، واحدة في دار حرمه، والثانية على حافة شط دجلة ضمن ضيافته(13)، وأمر باستدعاء أحسن القيان البارعات في الغناء، لتقام طقوس الرقص، بعد تناول الطعام، من طرف الجواري الراقصات وهن يرتدين الأثواب الشفافة، الموشاة برسوم الزهور، ويتبعهن جوار من نوع آخر، تكاد ثيابهن الشفافة الملتصقة بأجسامهن لا تخفي شيئا من الملامح المثيرة للشعور، وفي غمرة ثورتهن  الفنية في الرقص يعمدن إلى فك العقد الذي يضم شعورهن، فينسدل ليل الشعر على نهار الأجسام(14).
وانتهى الباحث إلى عدّ هذه الفنون كلها حياة فنية حافلة، جمعت بين فنون الأداء جميعا( الأداء بالكلمة الممثلة مثلما كان يحدث في حالة الحكائين والمقلدين في الشوارع والمساجد، والأسواق، وفي بلاط الخلفاء، أو الأداء بالكلمة الموزونة الملحنة، كما في حالة الغناء أو الأداء بالجسم البشري في عريه وكسوته، أو الأداء بالعرض المسرحي المعد بعناية، كعرض الورود الذي ابتكــره الخليفة المتوكل، أو لكي يحقــق هدفا اجتماعيا وسياسيا مثلما كان يحدث في مواكب الخلفاء في الشوارع أو في استقبالاتهم الرسمية لسفراء الدول الأجنبية)(15).
والواضح، فيما يثبته الدكتور علي الراعي، أن هذه الطقوس التمثيلية التي مارسها الخلفاء العباسيون ظلت مستمرة، ولم تتوقف في مصر الفاطمية والمملوكية، إذ ظل تيار العروض التمثيلية متواليا، عبر المواكب السلطانية والشعبية تسلية للناس، وإمتاعهم بأبهة الحكم، وقد استدل على هذه الاستمرارية بأقوال للمقريزي في وصف أحد تلك الاحتفالات،( وطاف أهل الأسواق، وعملوا فيه، عيد النيروز، وحرجوا إلى القاهرة بلعبهم، ولعبوا ثلاثة أيام، أظهروا فيها السماجات، الممثلين وقطعهم التمثيلية)(16)، وقد انضاف إلى هذه الطقوس الأولى، ملاهي الشعب متخذة طابعا طقوسيا في بعض الأحيان أيام السلطان الغوري، كإقامة حفل عرس لبركة الرطلي، يتخلله رمي الحلوى والحناء، وتخرج النساء كاشفات الوجوه، بارزات الحلي، ويعلقن قناديل كثيرة ويوقدونها في الليل، ويمثل الممثلون الشعبيون من قراديّن ومدربي حيوانات، ولاعبي الأراجوز، وفناني خيال الظل، والممثلين الشحاذين، والممثلين الجوالة،  في الشوارع وحفلات الزواج والختان، ويقدمون حياة تمثيلية متصلة، علقت بوجدان الشعب.
ووقف الباحث عند خيال الظل، باعتباره لونا من ألوان الملاهي، وأرقى ما كان يعرض على العامة والخاصة من فنون، بصرف النظر عن أكان العرب هم من اجتلبوه إلى بيئة العباسيين، أم أنه انتقل إليهم، ولا يتوان في وصفه بأنه، مسرح في الشكل والمضمون معا، لا يفصله عن المسرح المعروف إلا أن التمثيل فيه كان يتم بالوساطة،( عن طريق الصور يحركها اللاعبون، ويتكلمون ويقفون ويرقصون ويحاورون ويتصالحون نيابة عنها جميعا) (17).
ووصل مسرح خيال الظل مع محمد جمال الدين ابن دانيال الفنان والشاعر والماجن المفكر ، شوطا طويلا من النضج، ويسوق قولا له: (هيئ الشخوص، ورتبها واطْل ستارة المسرح بالشمع، ثم اعرض عملك على الجمهور وقد أعددته نفسيا لتقبل عملك بثثت فيه روح الانتماء إلى العرض وجعلته يشعر بأنه في خلوة معك. فإذا ما فعلت هذا فإنك ستجد نتيجة تسرّ خاطرك حقا: ستجد العرض الظلي وقد استوى أمامك بديع المثال، يفوق بالحقيقة المنبعثة من واقع التجسيد ما قد تخيلته له قبل التنفيذ)(18). وفي هذه القولة، حسب رأي الباحث، يجتمع التطبيق العملي والنظرية الفنية معا: (الشخوص وتبويبها وطلاء الستارة في جانب التطبيق، وفكرة الاختلاء بالجمهور وخلق مشاعر الانتماء إلى العرض في جوانبه النظرية، ويضاف إلى ذلك، التجسيد الذي هو حقيقة العمل المسرحي، وجمال المسرح يتركز في العرض أمام الناس، وليس في تخيل هذا العرض على نحو من الأنحاء: في الذهن مثلا أو بالقراءة في كتاب)(19).
لقد جسدت عبارة ابن دانيال تلك، لحظة تاريخية حاسمة في تاريخ المسرح العربي، وفي تاريخ الكوميديا الشعبية بصفة خاصة، وإن كان المسرح العربي قد شهد محاولات للأنولود في بعض مقامات بديع الزمان الهمداني والحريري، فابن دانيال أخذ ما تكون في حضن المقامة من دراما، وجعل منها مسرحا حقيقيا له نظرية واضحة، وممارسة أوضح، يقول واصفا عمله في بابة: طيف الخيال:
خيالنا هذا لأهل الرتب
                              والفضل والبذل لأهل الأدب
       حوى فنون الجد والهزل في
                              أحسن سمط وأتى بالعجب
فهو فن يمزج الجد بالهزل، ويتوسل بالمهارة الفنية لإبهار النظارة، أما أسلوب أداء الفن فيقوم على مبدأ التشخيص، لكل دور، ولكل صوت، وهذا كله على خلاف الراوي الذي يتلبس كل الأشخاص ونطق بلسانهم: يقول ابن دانيال:
إذ قام فيه ناطق واحد
                               عن كل شخص ناظر واحتجب(20).
فمسرح ابن دانيال، (مسرح شعبي بالجمهور وللجمهور، وفن منوع يمزج الحقيقة بالخيال، والجد بالهزل، ويعتمد على أوسع قدر من مشاركة الناس فيه، بالمال والحضور والاستماع)(21). 
    الهدف الرئيسي منه هو،( إمتاع الجمهور وبهره بمناظر وشخصيات منتقاة من السوق: الواعظ، والحاوي، وبائع الأعشاب، الشربة العجيبة، كما نقول اليوم، والمشعوذ والمنجم، والقراد، القرداني، ومدرب الأفيال، والراقص الأسود، الذي يجمع بين البهلوان والمغني)(22)، وقد حرص ابن دانيال على انتزاع شخصيات مسرحه من واقع السوق، واستطاع أن يجعل
لها وجودا فنيا على رقعة المسرح، بواسطة، المقصوصات، أي رسمها عن طريق الجلد، وإحالتها إلى دمى ذات بعدين يحركها المؤدي من وراء ستار، ثم ينشىء لها حياة مؤقتة، تعرض فيها مهاراتها في الأداء، وتعرض أيضا حالها، فكثير منها يشكو الفقر للجمهور، بغية الاستعطاء، أو يغتنمون الصفو المؤقت كي يمرحوا بعيدا عن تحديد دائم الوجود في حياتهم.
إن أهمية بابات ابن دانيال ترجع من جهة إلى أسباب تتصل بالماضي وبالحاضر، إذ استدعت ما في المقامات من إمكانيات للدراما، ولكونها من جهة أخرى، أقامت في مصر مسرحا حقيقيا، زاوجت بين أمثلة تطبيقية لفن المسرح، وغرست فكرة المسرح في نفوس الناس، وحفظتها من الضياع إلى لحظة تعرف العرب المحدثون على المسرح البشري نقلا عن أوروبا.
3ـ2: المظاهر المسرحية عند العرب:
في سياق تمثل الباحث الدكتور، أحمد علبي، لمظاهر المسرحية في تحققها العربي، انطلق الباحث من طرح أسئلة استفهامية، بغية إدراك مدى توفر العرب على ما يشبه من وجه تمثيل الوقائع المعروفة الآن بالتياترو، أي المسرح، وتفاديا لأي تسرع عرض آراء بعض الباحثين ممن عالجوا الموضوع، وقام بالتعقيب عليها ومناقشتها، وتقديم رأيه الشخصي.
3ـ2ـ1: آراء الدارسين:
أول دارس استدعاه الباحث ذاته، هو جرجي زيدان الذي أقر بازدهار التمدن الإسلامي تناميه، إلا أن التمثيل ظل غير حاضر، ونفى في السياق ذاته، أن تكون المظاهر من قبيل التمثيل، بل لا تعدو أن تكون مجرد شعائر دينية، وهو طرح يأخذ به الباحث ويميل إليه، (وهذا رأي نقر بوجاهته، فالزوايا والتكايا ملأت العالم من دمشق إلى تطوان، ومن شاهد  الأذكار أو انخرط في الفرق الدينية والطرق الصوفية على أنواعها يدرك أنها لا تقتصر على الإشارات والحركات التمثيلية فقط، بل تشتمل أيضا على إيقاع في الخطو يشبه الرقص، وعلى صنوج تصطفق، ودفوف ينقر عليها، وعلى إنشاد جماعي يشدو بالمدائح البنيوية)(23)، 
   وبموجب ذلك، يؤكد الباحث أن هذه الاحتفالات الدينية والطقوس الدخيلة، التي تتخذ من أولياء الله محاور لها، كاحتفالات عاشوراء، أو مقتل الحسين بن علي في كربلاء، لا تدخل ضمن باب المسرح، بل ضمن باب الأدب الشعبي أو التراث الشعبي، ومدعاة التأكيد السابق، هو توسل بعض الدارسين بهذه الطقوس للتدليل على أنها أصل من أصول المسرحية في الأدب العربي، متناسين أن هذا التمثيل لم  تجعل منه البيئة العربية في الإمبراطورية الإسلامية مسرحا،  وإنما حدث في بلاد فارس ويعتمد اللغة القومية، وهو يسمى عندها بـ(روز قتل).
وينتهي الباحث إلى أن المظاهر الدينية بشتى مظاهرها، كعاشوراء، والمولد النبوي، ومحمل الحجيج، واحتفالات مولد السيدة زينب، والأعياد، والأعراس وأشباهها،(ليست مسرحا ولا هي منه في شيء، بل هي تدخل بمجموعها فيما ندعوه تراثا شعبيا غلى اختلاف فنونه)(24)، وحجته في ذلك، أن (مسرح. في نهاية المطاف ـ ومهما كان شأنه ـ دون نص مسرحي)(25).
 
3ـ2ـ1: المسرحية الدينية:
     اعتبر الباحث أن الربط الذي أقامه احد الدارسين بين رواية الواعظ الصوفي* والمسرحية الكنسية، ضعيف مهلهل، لانقطاع الخيط بين الرجل الواعظ من جهة والمسرحية الدينية من جهة أخرى، في أول نشأتها، كما أن هذه الأخيرة، أي المسرحية الدينية، (انبجست فكرة طريفة في ذهن القساوسة، هذا مع العلم أن المسرحية الدينية في طورها البدائي، وقوامها حوار قصير، كانت الأناشيد والتراتيل هي السمة الغالبة عليها)(26)، وأكد بموازاة ذلك، أن مسرحيات الأخلاق لا يمت إليها الرجل الصوفي، لأنها اشتملت على ما تشتمل عليه الأنواع الأدبية من مسرحية أو رواية أو قصة،ويعني عنصر الأحداث المتدرجة والمتوالية حد التعقيد، ثم تشق سبيلها إلى الحل فالنهاية، وقد أثبت أن هذا النوع، في مراحله التمهيدية قد فرضت الحياة نفسها عليه، فغذت نصف دينية، ثم غزتها فيما بعد بموضوعات خطيرة الشأن، ومن ناحية أخرى، اجتهد الباحث لتبرير عدم حدوث التطور الذي بموجبه تتكاثر ظاهرة الرجل الصوفي وتنمو، سيما أن المسرح وجد انطلاقته من قواعد دينية، وأعزى ذلك إلى(الإقطاعية الشرقية التي من سماتها الحكم الفردي المطلق والطغيان، ليست أرضا صالحة لنماء المسرح القائم على نقد السلطات وكشف أضاليلها. إن الأدب لمحتاج إلى الحرية كحاجة السمك إلى الماء)(27).
 
3ـ3ـ1: خيال الظل: المفهوم ، وجهازه، وأنماطه
وقف الباحث، عبد الحميد يونس، في مقالته الموسومة بـخيال الظل .. مسرح قبل المسارح الحديثة، عند معناه اللغوي، واعتبر التسمية (إضافة مقلوبة صحتها: ظل الخيال) (28)، وعزا ذلك إلى ترجيح الناس لهذه التسمية، تحقيقا للانتباه على الأصل الذي ينعكس الظل عنه من ناحية، وأخذا بالقانون اللغوي الأصيل الذي يحتكم إلى الموسيقى في التركيب والوقوف، أكثر مما يتحكم إلى العلاقة العقلية في العبارة من جهة أخرى، وبقدرما ربط الباحث خيال الظل بالفنون الشعبية، أكد أن دراسته قائمة على المشاهدة الحية، عبر العرض التاريخي للأخبار المدونة في الكتب، وبالإضافـــة إلى ذلك اعتمد على(جهاز كامل متنقل، يتيح لأصحاب الصنعة أن يذهبوا به من مكان إلى آخر، ومن مدينة إلى أخرى، كما أن كان يتخذ في بعض الأحيان دارا ثابتة له في القاهرة، ينتقل إليها الناس المتشوقون إلى التسلية)(29) 
   ويميز الباحث في خيال الظل بين نوعين:
ـ النوع الأول: عبارة عن منصة توضع قبالة رحبة من الرحبات، وتكون هذه الرحبة بمثابة مكان للنظارة، والمنصة بمثابة المسرح، وتستعرضه شاشة بيضاء وراءها مصباح كبير من مصابيح الزيت، وبين المصباح والشاشة، رسوم من الجلد تتحرك على قضبان، فتتجلى ظلال هذه الرسوم على الشاشة أمام الناس.
ـ النوع الثاني: أكثر مرونة من الأول، لأنه يتخلى عن المصباح، ويستبدله بنار توقد من القطن والزيت، أما الرسوم فيحرك كلا منها عودان من الخشب، والرسوم هي أشخاص المسرحية بأسمائها وأخلاقها، وأزيائها، غير أنها لا تقوم بذاتها، بل يحركها أفراد الفرقة، ويضفون عليها الأوصاف، ويتحدثون على ألسنتها، ويستخلصون من العلاقات والأحداث العظة المطلوبة، وقد يتدخلون في سياق المسرحية، سائلين أو مجيبين أو شارحين.
أقر الباحث ، بما أثبته الباحثون،بخصوص أصول خيال الظل، حيث تعود إلى حوالي ثمانية قرون من تاريخ العرب، فأقدم الروايات والأخبار الشواهد التي تتداوله، ترجع إلى القرن السادس الهجري، أما موطنه الأصلي فهو الهند، وهناك من يقول ببلاد الصين، وقد دخل الوطن العربي مع التتار، ومن أشهر منشديه الشيخ شمس الدين بن عبد الله محمد بن دانيال بن عبد الله الخزاعي المتوفي عام 711 هـ ، واشتهر فن خيال الظل في الإقليم المصري، مستفيدا من دعم السلطة السياسية العثمانية.
 
3ـ3: البدايات الأولى للمسرح:
   لا أحد بإمكانه، وهو يتحدث عن رحلة المسرح العربي الأولى، ألا يلفظ باسم مارون النقاش(1817 ـ 1855)، فله يعود له الفضل، حسب الباحث عبد الرحمان باغي، في اقتناص البذور المسرحية من الغرب، وزرعها في التربة العربية، وقد شكلت ثقافته المتنوعة وروحه المؤمنة بالمغامرة، والمشدودة إليها فــــي تخليه عـــن انشغالاته التجارية،  
وارتياد المسارح الإيطالية واستيعاب أبعادها في سبيل نقلها أو نقــــل بعض منها إلى بيته، ثم قرأ لموليير، وأدرك الفوارق بين المجتمعين المولييري والماروني النقاشي، لكنه مع ذلك ظل يجتهد حتى أمسك بالبؤرة التي يلتقي حولها مجتمع بيروت، عبر الخبرة التي راكمها من علاقاته بالناس، ومعرفتهم بأخلاقهم وطباعهم. 
     قدم مارون النقاش أول عمل مسرحي له عنوانه (البخيل) في بيته في بيروت سنة 1847، وكانت النظارة من طبقة قناصل بيروت، وأعيان بيروت، وسراتها، وفي سنة 1848 قدم في بيته مسرحيته الثانية المعنونة ب(هارون الرشيد)، وحضرتها شخصيات سياسية وثقافية وفينة هامة آنذاك، وتشكل المسرح من: باب في الوسط تعلوه كوتان، وعلى جانب منه نافدتان، وكانت الكواليس في آخر الفناء، وبالقرب منها تقع الأبواب الجانبية، بينما المنصة فقد أقيمت في الصدر، وجلس النضارة أمامها، ونشرت فوق القاعة ظلل من أشرعة السفن.
ووقف الباحث، وهو يجتهد في معرفة الأبعاد التي انطلق فيها مارون النقاش من خلال بعض الوثائق التي أرخت لجهوده التأسيسية، عند أربع حقائق:
1ـ أن مارون النقاش كان ممتلئ النفس، قناعة بأن ماهو مقدم عليه يشكل وسيلة حضارية وثقافية متقدمة، لم تروج من قبل في الوطن العربي.
2ـ أن المسرح معاناة فنية، ومجلبة للملامة، تكلف صاحبها الجهد والمال، ونظرة الناس المتدنية.
3ـ أن إدخال مارون المسرح، احتاج منه إلى سعة حيلة، وحسن تدبر، وتأنّ الأمور بحكمة.
4ـ أن مارون النقاش كان يعي الفروق بين المادة المسرحية المستوردة، وصياغتها العربية الشكلية، لذلك بدا حرصه على استدعاء التراث ضرورة.
وإلى جانب مارون النقاش يحضر بقوة المسرحي المصري جورج أبيض التي عرف المسرح الفرنسي، كأول طالب عربي يدرس فن التمثيل بكونسرفتوار باريس، وكانت أولى عروضه المسرحية  بميناء الإسكندرية، حيث قدمت فرقته، (مأساة هوراس) لكورني، ثم توالت عروضها فوق مسرح الأوبرا، وسط ترحيب كبار المسؤولين والصحافة والجمهور، وتميزت تجربته بتقديم العديد من المسارح العالمية، وترجمتها بواسطة أدباء كبار ، ومن نماذجها: (أوديب ملكا) لسفوكليس ترجمها فرح أنطوان، و(عطيل) لشكسبير ترجمها خليل مطران، و(لويس الحادي عشر) لكازمير دي لافيني، ترجمها إلياس فياض، ومن جليل أعمال جورج أبيض إنشاؤه فرقة مسرحية عربية،  تكفلت بتقديم مسرحية، جريح بيروت، وهي مسرحية شعرية كتبها الشاعر حافظ رمضان، وتناولت أحداث لبنان، التي تعرضت لاعتداء عسكري إيطالي، ردا على مقاومتها لتركيا وهي تغزو ليبيا، وقدمت المسرحية في التاسع عشر من مارس 1912.
والمعروف أن جورج انتصر لتشجيع المؤلفين المصريين الشباب، وتقديم الجيد من مؤلفاتهم، حيث قدم أول دراما مصرية وهي، دخول الحمام زي خروجه، لإبراهيم رمزي، إضافة إلى العديد من المسرحيات المؤلفة لعباس علام، ونجيب الحداد، وحسين رمزي، وأنطوان يزيك، وأحمد شوقي.
3ـ4: هموم المسرح العربي:
  حدد الباحث الدكتور علي الراعي، هموم المسرح العربي في ثلاثة هموم:
ـ الهم الأول: وسماه البعد عن إرث الجماهير، إذ كتب مارون النقاش وأبو خليل القباني، ويعقوب صنوح مسرحياتهم، تحت مبرر عدم معرفة العرب المسرح، واستدعوا المسرح الغربي المتبني للصيغة الإغريقية، متخذين كتابات موليير وراسين نماذج تحتذى، وتناسوا نماذج المسرح الشعبي، كخيال الظل، والقراقوز، ومسرحيات الشارع والسوق، وغيرها، واستدل بمسرحية سعد الله ونواس، سهرة مع أبي خليل القباني، التي جسدت الهوة الكبيرة بين الفن المسرحي الذي جلبه الرواد الأوائل، و(ما تخلص للناس عبر عشرات القرون من تجربة مسرحية كان بنبغي البناء عليها، بدلا من احتقارها ولعنها، في كل مناسبة)(30).
ـ الهم الثاني: قلة رجال المسرح بين الكتاب وحيرة النص بين أقطاب ثلاثة:
 يلاحظ الباحث ذاته، أن الغالبية الساحقة من كتاب المسرح في العالم العربي، لم تتمرس  بالمسرح تمرسا عمليا، إذ لم يعرفوا خشبته، وأغلب هؤلاء الكتاب كتبوا مسرحياتهم لرواج حركة المسرحية، ونتيجة ذلك، ندر النص المسرحي الجيد، فكثر الاعتماد على التعريب والاقتباس، وساهم ضعف النص المسرحي العربي على مضاعفة النزاع بين المؤلف والمخرج، و(أيهما أهم؟ فالمؤلف يرى انه مبتكر المسرحية، وهو وحده صاحبها، والمخرج لا يعترف بهذه الميزة للمؤلف إلا في حدود شكل النص المكتوب)(31)، ومن جهة أخرى، أشار إلى أن ضعف النصوص المسرحية دفع الممثلين إلى التدخل في النص المسرحي، ومما ساعد على هذا المنحى(نشوء فريق من الممثلين الكوميديين الموهوبين، ذوي الموهبة الكوميدية الواضحة، التي تتجاوز النص الكوميدي، وتضفي عليه قوة، إلى جانب تمتعهم بالقدرة على الخلق المتغير من حقل إلى آخر، وهؤلاء خلقوا حاجة إلى نوع من النصوص يكون مطاطا وقابلا للإضافة إليه بين الحين والحين)(32).
ـ الهم الثالث: ازدواجية اللغة العربية وقلة انتشارها:
 ويحدده في الاضطراب الحاصل بين اللغة الفصحى واللهجات الدارجة، وبموجب ذلك يبقى النص المسرحي قابعا في جدران الجزء الواحد من الوطن العربي، ويساهم في شيوع تداوله بين جمهور المسرح العربي على امتداد الجغرافيات العربية.
ـ الهم الرابع: غياب الناقد المسرحي الحق:
فساحة الكتابة ممتلئة بأدعياء النقد، ويحدد الباحث محددات الناقد الحق فيما يلي:
1ـ أن يكون فنانا مسرحيا بالإمكانية
2ـ وممثلا
3ـ  وكاتبا مسرحيا ومخرجا
4ـ ومتفرجا يفهم المسرح ومشكلاته، من وجهة نظر الطاقم الفني المسرحي والجمهور
5ـ ومتسلحا بثقافة واسعة تشمل حقل تخصصه، وتتعداه إلى فروع المعرفة البشرية
 
 على سبيل الختم: 
نخلص في ضوء قراءتنا التفكيكية لأهم المضامين والفصول، التي يحويها كتاب، المسرح العربي بين النقل والتأصيل، إلى أنه كتاب طليعي، يسجل له السبق في الوقوف على الممارسة المسرحية في بعض أقطار العالم العربي، والنبش في ماضيها البعيد، واستحضار أعلامها البارزين، بالإضافة إلى إبراز هموم الواقع المسرحي العربي في ثمانينيات القرن الماضي، غير أن ما يعاب عليه، أي الكتاب، أنه نسي أو تناسى الخوص في تاريخ الممارسة المسرحية لعدة دول لازالت إبداعيا تصنف على الهامش كالمغرب، والبحرين، وسلطنة عمان، لكنه مع ذلك كله، يبقى محاولة جريئة ترصد الماضي وتقيس الحاصر المسرحي بعيون تواقة إلى ممارسة مسرحية تتجاوز حدود الجغرافية العربية الضيقة، إلى الكونية.

هوامش الدراسة:
1ـ جماعة من الباحثين، المسرخ العربي بين النقل والتأصيل، سلسلة كتاب العربي،ط1، الكويت، 1988، ص:05
2ـ نفسه، ص ص: 05 ـ 06
3ـ نفسه، ص:06
4ـ نفسه، ص:06
5ـ المرجع السابق، ص: 06
6ـ نفسه،ص: 07
7ـ نفسه، ص:08
8ـ المرجع السابق، ص: 09
9ـ نفسه، ص:13
10ـ دعبل الخزاعي الشاعر
11ـ المرجع السابق، ص:14
12ـ نفسه، ص: 14
13ـ نفسه، ص: 19
14ـ نفسه،ص، 20
15ـ المرجع السابق، ص:21
16ـ نفسه،ص: 22
17ـ نفسه،ص: 25
18ـ نفس المرجع،ص: 26
19ـ نفسه، ص: 26
20ـ نفسه،ص: 27
21ـ نفسه، ص:28
22ـ نفسه والصفحة
وهي ثلاث: طيف الخيال، وعجيب غريب، ثم المتيم والضائع اليتيم، كان مقصودا بها أن تعرض تباعا في ثلاث ليال متوالية، وهذا تقليد مسرحي معروف في دراما العصور الوسطى الأوروبية.
ـ يقول جرجي زيدان: فأزهر التمدن الإسلامي وأثمر، وليس فيه تمثيل، إلا ما كان من قبيل الشعائر الدينية كتمثيل قتل الحسين عند الشيعة، أو بعض ما يأتيه أصحاب الطرق الصوفية من الإشارات أو الحركات التمثيلية… ص: 36
23ـ نفسه، ص ص:35 ـ36
24ـ نفسه، ص: 39
25ـ نفسه، ص: 39
*ذكر ابن عبد ربه في العقد الفريد،ج 6، ص:152، رواية الرجل الصوفي قائلا:( كان غافلا عالما ورعا، فتعمق ليجد السبيل إلى الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر)، ويعلق الباحث قائلا: معنى ذلك أن الصوفي كان يتظاهر بالحماقة كحيلة ليعقد محكمته، فهو غافل مجنون. المرجع ص: 43
26ـ نفسه، ص: 39
27ـ نفسه، ص ص: 42 ـ 43
28ـ نفسه، ص: 44
29ـ نفسه المرجع، ص: 46
30ـ نفسه، ص: 163
31ـ نفسه، ص: 164

——————————————————————-
المصدر :مجلة الفنون المسرحية –  عبد الهادي روضي – الرافد

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *