إشكاليات النقد المسرحي في تناول عروض الشباب – العراق

التحولات والتناسلات في المناهج النقدية كلها اسهمت بتعميق الجدليات والاشكاليات في النقد المسرحي واختفاء هوية منهج نقدي (عربي) وشاركت بعملية استيراد اجراءات نقدية (غربية) وتطبيقها على (مسرحنا) والتي تعيش فيه (بيئتنا) دور البطل في اغلب العروض،ولا سيما مسرح الشباب (مسرح التوظيفات) .المتناغمة مع روح الشباب المتجددة ؛هذا الامر خلق هوة فضلا عن عدم وجود ارضية مهيئة للنقد المسرحي بفعل (افتقارنا) له في العروض الاخرى فضلا عن مسرح الشباب!واذ وجد فبنسبة قليلة (خجولة) عبارة عن ( نقد صحافي) وليس نقداً مسرحياً متخصصاً يعتمد على مناهج رصينة.ولعل ابرز ما يميز التناول النقدي لعروض مسرح الشباب ان اولئك الذين تناولوا العروض اهتموا بالنص على حساب العرض وبالتالي فان مؤلف النص يقع  خارج اطار (مرحلة الشباب) فعندما يأتي المخرج ( الشاب) لقراءة نقدٍ ما على عرض لمسرحيته لا يجد شيئاً يذكر يخصه كمخرج!
 
هذا الامر لاحق على القطيعة الحاصلة بين النقاد (الكبار) والنقاد(الشباب) وهو لا ينافي قولنا بقلة وندرة نقاد المسرح في العراق ،فضلا عن تعالي بعض الفنانين (النجوم والرواد) عن مسرح الشباب وبالتالي عزوف عن قراءة تلك العروض والنشر عنها في الصحف الفنية المتخصصة!فضلاً عن شعرنة الصفحات الثقافية في اغلب صحفنا (المحلية) ،ناهيك عن بعض رواد المسرح لازلوا يعتقدون بمسرح الشباب انه لازال الى الان ( ظاهرة تتنظر التشكيل) فتنشأ عقليتان قائمتان (حب الشباب) ( التخوف من الشباب) على حد تعبير الناقدة الفرنسية (ماريفون سيزون) كما لا بد ان نتجاوز ان مسرح الشباب كتسمية يشير الى دلالة ( عمرية) بل ان المصطلح انبثق بدلالة سياسية خصوصا بعد الثورة الطلابية الفرنسية ،كما يشير لذلك الناقد الفرنسي جون جورداي فقد ظهرت جمعية مسرحية عام 1971 في فرنسيا برعاية الناقد المسرحي بيار توشار مولتها انذاك وزارة الثقافة الفرنسية تهدف الجمعية لدخول ممثلين ومخرجين شباب الى الاحترافية،وما يعاب علينا هنا في الوطن العربي والعراق بالذات قلة اهتمامنا بالنقد كما اسلفنا خصوصا المثقفين والصفحات الثقافية ترى كل قارئ منتج يبغى ان يكون شاعراً او قاصا او روائياً ولا احد يرتكب للنقد وهذا بطبيعة وسيكولوجية المجتمع ونظرته لمفردة ( النقد) الجالبة للمشاكل! ويرى (جورج بولي) ان لقاء (الناقد /القارئ) بالنص هو لقاء وعي بوعي وهما معا يعيدان تشكيل التجربة ليكتمل معناها لذا فان فعل القراءة يقتضي تطابق وعيين وهو ما افتقدناه حيث انه مع قلة القراءات النقدية عن عروض مسرح الشباب( لا يفهمها كل اعضاء العرض المسرحي) بفعل تباين الوعي والادراك الجمالي المسرحي بين( الناقد والفرق الشبابية) والقراءات (القليلة) للشباب العاملين في الحقل المسرحي ، ولعل من ابرز العيوب الماثلة امامنا التي يمكن استقرائها لتراجع الحراك النقدي في عروض مسرح الشاب يكمن بالتالي:
 
1- تركيز القراءة النقدية(القليلة) على مضامين العروض تاركين عناصر العمل الاخرى.
 
2- ايراد النقد على شكل انطباعات صحفية مصاحبة للانفعالات والاراء المتكونة من العلاقات الشخصية بعيدا عن الارتكان لمعيار نقد رصين.
 
3-قلة مصادر النقد المسرحي باغلب المكاتب الاهلية والجامعية.
 
4-افتقار اكاديمية الفنون الجميلة ومعهد الفنون الجميلة الى فرع متخصص بالنقد المسرحي وهذا الامر تم رفعه عن طريق تأسيس فرع متخصص بالنقد المسرحي في كلية الفنون الجميلة بجـــــامعة البصرة مؤخراً .
 
5- كل الفرق الشبابية (الاهلية) تفتقر في اعضائها الى عنصر ( الناقد) وقديما كانت اغلب الفرق يصاحبها ناقد منذ التدريبات الاولى للعرض المسرحي وحتى مرحلة العرض.
 
6-عدم وجود مسابقات للنقد المسرحي للشباب على غرار مسابقات القصة والشعر للشباب.
 
7- اغفال النقاد مهيمنة واضحة بمسرح الشباب الذي لم ينفك عن اطلاق الاسئلة بدون الاكـــــــــــــــتراث للإجابات.
 
 8- تجاهل بعض النقاد لعروض مسرح الجسد لان بعضهم لازال لا يؤمن بهذا الاتجاه. وان العديد من الشباب التجأ لهذا النوع من العروض.
 
9- تدوير اراء سطحية على مواقع التواصل الاجتماعي والتقنيات الحديثة عن عروض مسرح الشباب بأقلام الشباب انفسهم من تلك الفرق المسرحية مما سهل عملية ابداء الراي بالعرض المسرحي وجعله عرضة للمقياس السطحي.
 
10 – قلة الورش الخاصة بالنقد المسرحي خصوصا في المؤتمرات والمهرجانات الفنية والتي نتمنى ان تكون على غرار ورش العمل التشكيلية والتمثيلية والاخراجية.وهناك تجربة مهمة بهذا المضمار اذ اجتمع مجموعة من الشباب بمكتبة دبي العامة في ورشة عمل خاصة بالنقد المسرحي وذلك في الدورة الثامنة لمهرجان دبي لمسرح الشباب. والهدف من الورشة التفاعل بين اعضائها وابداء آرائهم بالعروض التي تقدم ليأتي بعد ذلك تتــويج الجهد عبر مشاركتهم بتحرير النشرة التي تصدر يوميا عن المهرجان المسرحي.
 
 نتمنى في الختام الاهتمام بالنقد وخصوصا النقاد الشباب ونطالب بضم اولئك النقاد الشباب وتطوير قابلياتهم بورش عمل متعددة لتلاقح الافكار نحو رؤى منهجية في قراءة العروض المسرحية وتعويد طلبة المسرح في كلية الفنون الجميلة والمعاهد على كتابة ارائهم عن عروض التطبيقات التي تقام داخل الكليات وكذلك عروض المهرجانات التي تقام في المحافظة. متمنياً مزيداً من التألق لكل من يخوض مضمار النقد المسرحي.
  
——————————————————————-

المصدر : مجلة الفنون المسرحية – حيدر الاسدي –  الزمان

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *