أوغستو بوال يتحدث عن مسرحي المنتدى و المقهورين وقوس قزح الرغبة

حدثنا عن مسرح المنتدى Forum Theatre ؟
ظهر مسرح المنتدى إلى الحياة في بيرو وبالطبع آنذاك أنجزته قليلاً. حين جئت إلى أوربا فإن أول شيء أخبروني به كان ” أوه نعم ذلك يليق جداً بأمريكا اللاتينية لكن هنا الموقف مختلف”. ثم رأينا بأنه لا يختلف كثيرا مطلقا. إن آلية المسرح المنتدى هي لكل شخص ولا تقتصر على الناس في بيرو، إنها للناس في أوربا أيضاً. هنا في أوربا بدأت أطور سلسلة “قوس قزح الرغبة Rainbow of Desire”. والآن لدينا خمس عشرة تقنية من قوس قزح الرغبة. التقنية الأساسية تطورت في أوربا وبالأخص في أسكندنافيا. ثم رجعت إلى البرازيل إذ بقيت أطور التقنيات الأخرى. والآن نحن نعمل قوس قزح الرغبة في كل أنحاء العالم. وابني جوليان يمثله في الهند أيضاً. لا اعتقد بأنك ما إن تكتشف شيء فإنه يصلح فقط لذلك الشيء. إذا ما حدث ذلك فإنه طارئ وسوف يختفي في الحال لأن الواقع سوف يتغير. إن التقنيات التي طورناها لن تموت مستقبلاً لأننا لن نصبح محددين بالظروف المحددة في بيرو واسكندنافيا. إنها تأتي كبناء وأنت تناقشها في مجموعة مع من يستخدمها. مثلاً في البرازيل لم أر المخدرات من قبل ولم أتكلم حولها أو حول عنف عصابات المخدرات لكن الآن في الريو إذا ما مثلت أربع مسرحيات ففي الأقل أحداها ستكون حول المخدرات وفي الأقل أحداها ستكون حول عنف الشرطة. لذا فإن الثيمات تتغير لكن الآليات هي نفسها. مثلا حين أتعلم الإنكليزية فأستطيع التكلم حول أي شيء. أستطيع التكلم عن الميتافيزيقيا وعن التاريخ وعن العلم لأني لدي اللغة. الخطاب، الكلام الذي تريد أن تخلقه، يحتاج إلى لغة. لذا تتعلم هذه اللغة وتستعملها لحاجات مجموعتك.
*بعض الناس سيقولون بأن اتجاه قوس قزح الرغبة في أعمالك قريب إلى العلاج كيف تعلق على ذلك؟
*تعليقي أن المسرح وسيلة علاجية. إنه ليس علاجاً بل وسيلة علاجية. إن مسرح المقهورين هو مسرح ديناميكي وليس ساكناً. فهو يسمح للناس أن يذهبوا ويحاولوا ويحاولوا مرة أخرى للمرة الثالثة والرابعة وهذا هو في المطاف الأخير وسيلة علاجية. مسرح المنتدى أيضاً علاجي. حين تأتي هنا وتبذل نفسك له فإن علاجي. أنه جيد لك لأن حقيقة أنك ترتكب التجاوز وتشترك فيه يجعلك أقوى. إنه يجعلك شخصاً لا يقبل خيال الحقيقة هنا وذلك شيء جيد. إنه علاجي لكنه ليس علاجاً. العلاج يتطلب أن لديك مشكلة سيكولوجية وحاجة للعلاج. ويفترض العلاج أن هناك معالجاً أي شخص يعلم أفضل منا.
*أين تكمن الحدود ما بين التعليمي والعلاجي؟
* لا أؤمن بوجود حدود هناك. أعتقد أن هناك تداخلاً. أظن أنك إذا ما مثلت هاملت بصدق وبشكل جيد فإن ذلك سيكون علاجياً لك كممثل. كذلك ممكن أن يجعلك مريضاً إذا لم تؤدِّ الدور بشكل جيد لكنه علاجي.
* هل هناك اختلاف مسرحي ما بين “قوس قزح الرغبة” و مسرح المقهورين The Oppressed Theatre؟
*اعتقد أن تقنية “قوس قزح الرغبة” أكثر تعقيداً. في الواقع إذا نظرت إلى مسرح المنتدى فسترى البساطة فيه. تصنع مشهداً مع بطل وتظهر ما تفعله؛ في الأساس هذا هو جوهره. تستطيع مثلاً أن تكوّن أفكاراً عن كيفية الاستفادة من الموسيقى لكن الأمر لا يزال بسيطاً نسبياً. ومع ذلك إذا ما أخذت تقنيات من قوس قزح الرغبة فإن الأمر يصبح أكثر تعقيداً ويتطلب وقتا طويلاً كي تنجزه. ذلك لأنه من الصعب كثيراً أن تصنع مسرحاً مما هو خافِ في عقلك، وربما مخفٍ أيضاً عنك. إنك لا تعلم لذا يتوجب عليك أن تدخل المناطق داخل رأسك والتي هي غير واضحة لك. لذا فإن الأمر أكثر صعوبة وتعقيداً، لكنه المسرح. دائماً أًصرّ: أنا رجل المسرح أنا لست معالجاً أنا لست معلماً لكن بالطبع إن المسرح علاجي. بالطبع المسرح تعليمي، بالطبع المسرح سياسي. سياسي بمعنى إنه مهما فعلت هنا فإنك لن تبقى هنا. مهما فعلنا هنا فسوف نخرج ونفعله في الحياة الواقعية. مهما تعلمنا هنا فسيكون تخمينياً. أن تكون مواطناً يعني أن تغير المجتمع. أن تكون مواطناً يعني أن تجعل المجتمع بصورة أفضل. إن مسرح المقهورين بإمكانه أن يساعد في ذلك. اعتقد أن كل الأشكال الموجودة في قوس قزح الرغبة يجب أن تذهب إلى مسرح المنتدى وينقلها بدوره إلى العالم الواقعي. أنّ ما نفعله هنا هو أيضاً حياة حقيقية لكني أعني الحياة خارج المنتدى. كل أشكال قوس قزح الرغبة هي طرق تجسيد المقهورين الذين تم تهميشهم. لكن من الضروري أن تحاول خارج الواقع أيضاً. لا لكي تعالج نفسك بل لتعلم نفسك ما منعه عنك التعليم الفاشستي. أقول أنّ في أنفسنا ثمة قتلة وهنا يكمن السبب في أننا نستطيع أن نؤدي دور “مكبث”. داخل أنفسنا كآبة (سويداء) وهنا يكمن السبب في أننا نستطيع أن نؤدي دور “هاملت، لكن لدينا من الأمور الطيبة داخل أنفسنا أيضا التي بإمكانها أن تساعدنا. إن التعليم الفاشستي يخنق هذه الأمور، لكنها ما زالت حية داخلنا. بعض المميزات التي من الممكن أن تكون مفيدة لنا نائمة هناك. ومسرح المقهورين يستطيع أن يظهر تلك المميزات.
*ما هي أهم التحديات بالنسبة للجوكر Joker؟
* أن للجوكر مسؤولية كبيرة في التنسيق بين المبدعين لأن كل فرد عليه أن ينخرط في الإبداع. كونك جوكراً عليك مسؤولية التنسيق بين كل الإبداعات والمبدعين. لكن أيضاً يتوجب عليك أن تتخذ الحذر من أن تفرض رأيك الخاص فأنت لا تتفوق على أحد. لديك رأيك ، لديك ذكاؤك تستطيع أن توظف كل الميزات لديك. لكن لا تقل أني مثل هذا أو أني أكثر معرفة من ذاك؛ ذلك هو المبدأ في ذلك. لماذا يسمى الجوكر بهذا الاسم؟ في البرتغال يسمى ” كورنيغا gorniga” في الأسباني “كوميدان comidan” لكن لسوء الحظ في الإنكليزية مرتبط بالمزاح (Joking) نحن نقول “Jokering” لا “Joking” لأنه يعني الكارت الأبيض. إن الجوكر الحقيقي هو شخص يستطيع أن يساعد الناس كي يكتبوا مسرحية، ويساعد الناس كي يعيقوا المسرحية ويساعد الناس بالموسيقى وبالنص وبكل شيء. ذلك هو الكارت الأبيض لذا فإن المسؤولية هو أن تتعلم أكثر فأكثر وأن تعرف أكثر فأكثر كي تستطيع أن تتعلم بالعديد من الطرق. تلك هي مسؤولية كبرى. لكن عليك أن تتعلم بطريقة ديمقراطية وأن تحترم الآخرين. حين يريد الجمهور أن تناقش ما يفكرون به فإن مسؤولية الجوكر تكون مسؤولية أخلاقية مع ذلك. من المهم أن تستخدم هذا الامتياز كي تفرض الأفكار لأنه موقع ذو امتياز. يشبه الأمر أني في موقع ذي امتياز هنا وجوليان في موقع امتياز هنا لأنك دعوتنا. لذا جئنا هنا ويفترض أننا نعلم شيئاً. ربما نعرفه وربما لا نعرفه، لكن من المفترض أننا نعلم كل شيء عن فوائد أشكال مسرحنا- وهذا شيء ليس صحيحاً. اليوم علمت هنا في النرويج أنكم تستخدمون مسرح المنتدى للأطفال بعمر 4 و5 سنوات. ولم أسمع عن ذلك من قبل: كيف تستخدم مسرح المنتدى مع أطفال يافعين جداً؟ كيف لهم أن يستجيبوا أود أن أرى فيلماً حول استعمال مسرح المنتدى للأطفال بعمر 4 إلى 5 سنوات. لم أر ذلك. لكنكم فعلتموه هنا. الآن أستطيع أن أخبر كل شخص: انظر أنا متأكد بأنك أن تستطيع أن تستخدم مسرح المنتدى للأطفال بعمر 4 سنوات. إذا ما كان الأمر ممكناً في النرويج فمن الممكن عمله في البرازيل أيضاً. لذا سأتبنى هذه الفكرة وأنقلها إلى البرازيل. شكرا لكم..

———————————————————————–

المصدر : مجلة الفنون المسرحية -ترجمة: نجاح الجبيلي – المدى

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *