أكثر من 100 عرض في أيام قرطاج المسرحية: انفتاح غير مسبوق على الجهات… وتساؤل عن جدوى سوق المسرح

مدارس مختلفة واتجاهات متنوعة في فنّ المسرح جمعت بينها الدورة 17 من أيام قرطاج المسرحية في برمجة واحدة لغاية الاستجابة لكلّ الأذواق الجماهيرية ومنح الركح لكل الأصناف المسرحية…

وإن حملت نسخة هذا العام من المهرجان شعار «أيام قرطاج المسرحية في كل معتمدية «تكريسا للامركزية الثقافية فإنها تراهن على إعادة تقاليد الفرجة المسرحية إلى الفضاءات التربوية…

حوالي 70 عرضا تونسيا و 29 عملا عربيا و7 عروض إفريقية و7 إنتاجات أوروبية … هي مكوّنات برمجة الدورة 17 من أيام قرطاج المسرحية والتي كشفها ،أمس، مدير الدورة الأسعد الجموسي خلال ندوة صحفية لتقديم مختلف تفاصيل برنامج المهرجان من عروض وفضاءات وتوقيت …

وإن قطعت نسخة هذا العام مع العرض الواحد في الافتتاح كما في الاختتام فإن فاتحة يوم الافتتاح ستكون بإمضاء مسرحية«غيلان» للراحل عز الدين قنون كتحية عرفان ووفاء لتاريخ هذا الرجل في الحقل المسرحي التونسي والعربي والإفريقي سيما وأنه كان يعمل على تحضير إنتاج تونسي و إفريقي لعرضه في المهرجان قبل أن يستعجل الموت رحيله قبل الانتهاء من مشروعه…

الجهات تنال شرف ما قبل الافتتاح
في سابقة محمودة، وللمرة الأولى من نوعها في تاريخ أيام قرطاج المسرحية يحط المسرح رحاله في الجهات تحت عنوان ما قبل الافتتاح الرسمي أو الافتتاح المسبق. حيث ستكون مدينة مطماطة من ولاية قابس نقطة انطلاق المهرجان يوم 9 أكتوبر الجاري لتتواصل الافتتاحات بالجهات إلى غاية 15 أكتوبر في رحلة عبر مدن الجمهورية يجوب فيها الفن الرابع مدينة «شنني» في تطاوين و»القصور» في مدنين و»فندق الحدادين» و»المركز الثقافي محمد الجموسي» في صفاقس و»مركز الفنون الدرامية والركحية» بقفصة…

وستحمل الدورة 17 من أيام قرطاج المسرحية إلى جمهور المسرح في عدد من ولايات الجمهورية مجموعة من الأعمال المسرحية التي ساهمت الأيام في إنتاجها بالتعاون مع أطراف أجنبية حتى لا يبقى دورها مقتصرا على مجرد العرض والفرجة، على غرار «المحطة 32» وهو عمل فني تونسي – إيطالي و»حكايات حكماء الصحراء» وهو عرض تونسي – بلجيكي و«خطيئة النجاح» وهو إنتاج تونسي – جزائري …وفي خط عكسي، ستحظى الجهات بالعروض الأولى لهذه الانتاجات المسرحية ومن ثم سيتم عرضها في العاصمة.

وتتنزل هذه البادرة في إطار الوفاء لشعار التظاهرة التي رفعت تحدي «أيام قرطاج المسرحية في كل معتمدية».وإن كانت «شمس» أيام قرطاج المسرحية عاجزة عن البزوغ والسطوع في كل معتمديات الجمهورية لعوامل يطول شرحها، فإنه ركبها سيحل بحوالي 240 معتمدية…

اتفاقيتان مع وزارتي التربية والتعليم العالي
«اعطني مسرحا أعطيك شعبا عظيما»…إيمانا بهذه المقولة واعتقادا في قدرة المسرح على التنشئة السليمة للأجيال للقادمة، راهنت أيام قرطاج المسرحية في نسختها 17 على الانفتاح على المدارس والمعاهد والجامعات خصوصا وأن إعادة الحياة الثقافية إلى المؤسسات التعليمية أضحت هاجسا وطنيا ترجمه المنشور الذي أرسله وزير التربية ناجي جلّول إلى مختلف المسؤولين المشرفين على المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية والمعاهد، أعلمهم فيه أنه تقرّر تخصيص مساء كلّ يوم جمعة لممارسة الأنشطة الرياضية والثقافية.

وقد نجحت إدارة أيام قرطاج المسرحية في إمضاء اتفاقيتي تعاون مع كل من وزارة التربية ووزارة التعليم العالي بموجبها تؤمن إدارة المهرجان سلسلة من العروض المسرحية في الفضاءات التربوية والتعليمية.

وفي هذا السياق ، أفاد المدير الأسعد الجموسي أنه سيتم تأمين 7 عروض في الجامعات و 6 عروض في المعاهد الثانوية…

عقود عمل عوض الجوائز !
لم يكن مستساغا لدى عدد من ممتهني فنّ المسرح ومتتبعي الشأن المسرحي أن تقطع الدورة 17 من أيام قرطاج المسرحية مع تقليد إسناد الجوائز للمتوّجين في حفل الاختتام، معتبرين أن التتويج في مثل هذه المحطات هو بمثابة جواز سفر نحو معانقة الشهرة والمشاركة في المهرجانات العالمية. أما مدير الدورة الأسعد الجموسي فاعتبر أن استبدال الجوائز ببادرة»سوق المسرح» من شأنه أن يحدث حركية وديناميكية في الحقل المسرحي التونسي وأن يضطلع بدور بوابة الترويح والتسويق ،مبرزا أن حوالي 50 مروّجا للعروض سيلتحقون بفعاليات المهرجان في اتصال مباشر مع المنتجين والفعالين المسرحيين التونسيين والعرب والأفارقة …

ونوّه مدير الدورة بأهمية هذه البادرة في ربط علاقات التبادل وخلق فرص العمل وعقود الشغل…مشيرا إلى أن سهرة الاختتام قد تشهد تقديم مخطط أوّلي للشراكات المبرمة واتفاقيات التعاون والتبادل على هامش «سوق المسرح».

ندوة دولية حول «المسرح وحقوق الإنسان»
تسجل الندوات العلمية والمطارحات الفكرية حضورها في الدورة 17 من أيام قرطاج المسرحية، حيث يحتضن مقهى- مسرح المونديال يومي 19 و20 أكتوبر ندوة دولية حول «المسرح وحقوق الإنسان».

وبمشاركة ثلة من أهل القطاع والحقوقيين وأهل الاختصاص من تونس والعالم سيتم استقراء الموضوع من ثلاث زوايا هي: دور المسرح في الوعي بالحقوق والحريات/ الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للعاملين في القطاع المسرحي/ وإشكاليات حقوق التأليف.

هذه القضايا التي تطرحها الندوة هي أيضا على علاقة وثيقة بمضامين «إعلان قرطاج لحماية المبدعين المعرضين للمخاطر» التي قرر القائمون على تنظيم الدورة إطلاقها مع انطلاق أيام قرطاج المسرحية 2015. فما هي أبرز ملامح هذا الإعلان؟

ماذا في «إعلان قرطاج لحماية المبدعين المعرّضين للمخاطر»؟
تسعى إدارة مهرجان أيام قرطاج المسرحية في دورتها 17 إلى ترك بصمتها في تاريخ هذا المهرجان عبر اللحاق بركب المواثيق الدولية وسجل الإعلانات العالمية، حيث سيشهد يوم الافتتاح تقديم «إعلان قرطاج لحماية المبدعين المعرضين للمخاطر» إلى وزيرة الثقافة قصد تقديمه إلى رئاسة الحكومة لتتولى رفعه إلى جمعية الأمم المتحدة.

وقد تولت صياغة هذا الإعلان لجنة من أهل الاختصاص، تتكون من الأستاذ حمادي الرديسي والمحامية مريم بوسالمي والأستاذ الأسعد الجموسي. ومن النقاط التي أوصى بها الموّقعون على هذا الإعلان، ما يلي : منح المبدعين المضطهدين، الذين هم في وضعية هشة أو عرضة للمخاطر في المناطق الخطرة وتحديدا في مناطق النزاع المسلح، وضعية دولية خاصة تسمح لهم بممارسة مهنتهم بحرية. وكذلك إحداث تأشيرة «فنان- مبدع»، الهدف منها تيسير الإجراءات التي تتيح للمبدعين المذكورين المشاركة في مشاريع فنية متعددة الأطراف، وفي الفعاليات الثقافية الدولية، وترويج أعمالهم الشخصية. وأيضا إحداث صندوق ممول بواسطة موارد وطنية ودولية عمومية ، بهدف مدّ يد المساعدة للمبدعين المذكورين في شكل هبات أو دعم للإبداع…

قاعات عروض دون المطلوب !
بعد أن أعدّ القائمون على أيام قرطاج المسرحية مختلف فقرات الدورة 17 من المهرجان واستعدوا لجلّ محطاتها، فكيف هو حال قاعاتنا «المهترئة» وهل تمت تهيئتها لاحتضان العروض والضيوف الأجانب؟ الإجابة جاءت على لسان مدير الدورة كالآتي :»أقول وأكرّر إن أكبر مسارحنا في تونس (المسرح البلدي) لا يقارن من حيث التجهيزات والآلات بأصغر مسرح في إحدى قرى فرنسا أو إيطاليا …ولقد لاقى الفريق التقني من الصعوبة الشيء الكثير عند تجهيز القاعات. وهنا أتوّجه إلى وزارة الثقافة بنداء قصد تحسين البنية التحتية للفضاءات الثقافية حتى تجد الممارسة الفنية المناخ الملائم والمحفز على الإبداع.»

إن لقي انفتاح الدورة 17 من أيام قرطاج المسرحية على الجهات الاستحسان، وإن قابل اهتمام المهرجان بنقل المسرح إلى الفضاءات التربوية الشكر، فإن غياب ما يعرف بـ«الوان مان شو» أثار تساؤل البعض ممن اعتبروا هذا الغياب إقصاء …

 

ليلى بورقعة

http://www.lemaghreb.tn/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد العاشر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *