«أشياء لا تصلح للاستهلاك الآدمي».. محاكمة درامية للأخلاقيات المنبوذة على خشبة «أيام الشارقة»

وبالرغم من أن عرض «أشياء لا تصلح للاستهلاك الآدمي» طرح فكرة مكررة وهي محاكمة الممارسات الأخلاقية المنبوذة في المجتمع مثل «النفاق، القسوة، الكذب» إلا أن المخرج طرح النص برؤية إخراجية مغايرة عبر سينوغرافيا اعتمدت على المسرح الفقير البرازيلي «المهمل» المبني على أكياس القمامة التي كانت بطلاً للعرض.

الفطري والمكتسب

واعتمد النص على مجموعة من الشخصيات التي ارتبطت بمكان واحد، تحت إمرة شخص يدعى «هو» الذي يعتبر الشخصية الرئيسة في العمل وتتمحور حوله قصة العرض.

ويناقش العرض قضية «الفطري» و«المكتسب» من الأخلاقيات عند الإنسان منذ ولادته وعلى مدى سنوات عمره وحتى مماته ، ذلك المكتسب من الطبائع والعادات والسلوكيات والمبادئ ومدى ارتباط كل ذلك بعلاقته مع الآخرين.

تحفيز المتلقي

ولعل من أبرز ملامح العرض اتخاذه منحى فنتازي عبثي هدفه تحفيز عقلية المتلقي للتفكير تجاه قضايا من بيئته بأسلوب ابتعد عن السردية والمباشرة استطاع أن يرمز لـ«السلوكيات السيئة» في المجتمع بـ«القمامة» عبر طريقة جمالية متناغمة حركت مشاعر الناس.

لكن من مثالب العرض قدرة المتلقي على توقع المشاهد التي ستأتي، إلا أن ذلك لم ينفِ أهمية الصورة البصرية التي أبدعها المخرج، معتمداً على أكياس القمامة التي كانت البطل الحقيقي في العرض، وتحولت إلى ملابس ارتداها أبطال العرض.

ولجأ المخرج إلى إنهاء العرض بأسلوب مفجع صادم بإنزاله أكياس القمامة على الجمهور في رمزية إلى «أنكم مليئون بالممارسات السلبية وكأنه الواقع وعلينا التصالح معه».

المسرح الفقير

وعلى الرغم من عدم تدخل المخرج حسن رجب في التأليف إلا أنه نجح في صياغة النص البصري عبر السينوغرافيا من خلال المكياج، الموسيقى، الديكور عبر وحدة عضوية أدت إلى توليد دلالي مستمر على الخشبة من خلال تقديم فرجة مسرحية ممتعة.

واختار المخرج أن تكون السينوغرافيا مكثفة ومختزلة لإبراز طاقات الممثل الأدائية على الخشبة، معتمداً على المسرح الفقير البرازيلي الذي يعتمد على الأشياء المهملة الذي استطاع من خلاله إدارة 5 ممثلين، لكنهم تحولوا إلى أكثر من 100 ممثل تنوعت وتعددت أدوارهم عبر المشاهد المسرحية، وبأداء ميكانيكي حي وعضوي اتسم بديناميكية عالية جداً.

واختلفت آلية إخراج حسن رجب في طريقة اشتغاله على العرض مقارنة بالأعمال المسرحية التي أخرجها سابقاً من حيث أسلوب التناول إذ اعتمد على شخصيات كاريكاتيرية تجمع في تفاصيلها بين ما هو ساخر ومضحك وبين ما هو قاسٍ ومفجع.

مروة السنهوري

(الرؤية)

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …