«أبو الفنون» والتكنولوجيا تنافس أم تكامل؟

طالما كرنا كلمة أبو الفنون فنحن نقصد بالطبع «المسرح» ذلك الفن الذي له ثقله ومميزاته الخاصة المتفرد بها وحده فهو أقدم الفنون الأدائية التي عرفتها الإنسانية منذ زمن اليونانيين القدامى مكتشفي هذا الفن ورواده.

فإن المسرح  فن عريق ومن ميزاته الاعتماد على التفاعل المباشر بين المؤدي أو الممثل وجمهور المتفرجين  وفي لحظتها يعرف مؤدو العرض المسرحي الفني ردود أفعال الجمهور جراء انعكاس أثر هذا العمل عليهم وأيضا ميزة ان تري الحدث و الأداء الدرامي عن قرب في لحظته وساعة حدوثه على المسرح فلهذا متعة خاصة.

واستحق عن جدارة لقب أبو الفنون فهو ملئ ومكون من عدة فنون وعلوم  فحتى نشاهد المشهد المسرحي فهذا يتطلب ما يسمى بالتصميم «السينوغرافي» اي علم تخطيط وتصميم المشهد المسرحي الذي يضم فن التخطيط للشكل المسرحي وفنون الهندسة والديكور، فنون الازياء و الملابس و الماكياج، فنون المعمار، وعلم المسافات بين الديكورات علي خشبة المسرح، والمؤدين وهذا الكم من العلوم والفنون فقط في تخطيط وتصوير المشهد المسرحي ما بالنا في بقية العرض.

حيث كاتب يصيغ فكرة ما بطريقته في شكل نص درامي يتكون من بداية ووسط ونهاية ولا بد ان يكون هناك مايجذب في هذه الاحداث وان تكون بشكل متسلسل ثم بعد ذلك يوضع هذا النص في يد شخص فنان يحول هذا النص الي صورة فنية تنبض بالحياة ويصيغها بشكل يتوافق مع فكر الكاتب مع امكانه ان يضيف رؤيته الابداعية بشكل لا يتعارض او شكل متضافر ومتكامل مع فكر الكاتب وهذه الصورة النابضة بالحياة حتي تتم لابد من مؤدين فنانين عندهم وعي بفنون وعلوم الحركة والاداء ولغة الجسد حتي نصل الي الانفعال والشكل الفني المطلوب تبعا للحدث القائم علي الخشبة.

وهنا اوضحنا مكونات العمل المسرح فما بالنا لو ذكرنا مجالاته الفنية كالمسرح الاستعراضي الراقص المسرح الدرامي بانواعه التراجيدي، الكوميدي، التراجيكوميدي، والمسرح الصامت اوالبنتومايم،المسرح الديني……الخ، ولكل له جمهوره .

بعد ما تم ذكره عندما يظهر التطور التكنولوجي، ومانتج عنه أجهزة حديثة، وظاهرة السوشيال ميديا  فهنا نتأمل هل سيكون هناك تنافس ام تكامل في ظل الاهتمام بالتكنولوجيا، والحرص علي مواكبتها حيث اصبح الآن كل ماتريد الحصول عليه متاحا بسهولة فقط بالضغط باصابع اليد علي زر الاجهزة الحديثة يصبح العالم وما يجري فيه بين يدينا،لذا اصبح السؤال ملحا خاصتا ان هناك اتجاه في العروض المسرحية الحديثة للاستعانة بالتكنولوجيا كشاشات العرض السينمائي، واجهزة التجسيم الضوئي «الهولوجرام»، و……الخ، وهذا منتشر جدا في مسارح العالم لمن يتابع، وهنا في مصر، ولكن بشكل ضئيل بعض الشئ.

ومع الاتجاه للتكنولوجيا، واستخدامها هل هذا سيفقد المسرح ميزته، وهو الحيوية والآداء الحي؟، أيضا فكرة تجاهل الناحية الابداعية الفنية الفكرية، والاهتمام بالناحية التكنولوجية خاصة، وفي ظل الانفتاح بين دول العالم والتأثيرات المترتبة علي ذلك، حيث نجد في المسارح الغربية أصبحت التكنولوجيا عنصر اساسي حتي أن هناك عروض تعتمد عليها فقط، ويتحكم فيها عن طريق اللمس.

أما في مصر، فرغم الاستخدام النسبي لها في العروض المسرحية الا ان هناك عروض تستخدمها كنوع من الابهار، والاستعراض دون الالتفات إلي المبرر الدرامي لجذب الجمهور، وذلك بسبب ما يعانيه فن المسرح في مصر فترة عصيبة في ظل اتجاه الجمهور للسينما، والتليفزيون اللذان يعتبران نتاج للتطور التكنولوجي المستمر.

لكن لا ننسي أن هناك عروض تحاول أن تجعل التكنولوجيا عنصر مكمل للعرض المسرحي او ان تجعلها عنصر مميز موظف لخدمة العرض المسرحي، وليس العكس حتي لا يفقد المسرح سماته، وخصائصه،وهنا نقول أن التكنولوجيا تلعب كعنصر مكمل، والعلاقة هنا علاقة تكامل، ومن خلال ما استعرضناه يمكن القول اننا لا نستطيع ان نجزم علاقة المسرح والتكنولوجيا هي علاقة صراع، تنافس ام تكامل فهذا يرجع إلي المستخدم نفسه أي المسئول، ومن يشرف علي العرض المسرحي نفسه في ظهور صورته أمام الجمهور، لكننا نطرح هذا التساؤل حتي نلتفت نحو ظاهرة هامة منتشرة من الممكن أن يتم استخدامها في تدمير المسرح، واختفاء هذا الفن العريق، وانتهاك خصوصيته خاصة، وان كان في حالة ضعف كما الحال في مصر، والتي من الممكن ان تستغل حب الشباب، وهوسه بالتكنولوجيا في أن تستخدمها بشكل مناسب، موظف في موضوع يبحث عن اهتماماتهم، ويقدمها،  وذلك بالاستعانة بالخبرات المتخصصة في هذا الامر حتي يتم الامر بشكل مناسب ويساعد هذا في الاسهام في تطوير وجذب الجمهور للمسرح في مصر من جديد.

 

http://www.alsahmnews.com/

 

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *