آليات التجريب في العرض المسرحي الحلي – العراق

الملخص

صاحب المسرح منذ نشأته ، نزعة التجريب في أساليب التعبير ، وذلك من اجل طرح أفكار جديدة بأشكال تساير المتغيرات التي تطرأ على المجتمع ، ولتطوير الاتصال تجاوزاً للحدود التقليدية ، ومما لاشك فيه أن هذا التطور أدى بشكل مباشر إلى خلق آفاق جديدة أمام المسرحيين ، باكتشاف سبل وأدوات وإمكانيات جديدة في التجسيد الإبداعي والخلق الفني .

وما يزال هذا العنصر الفعال _ التجريب _ في تاريخ المسرح فاعلاً وجوهرياً في واقعه المعاصر ، حيث شهد المسرح العربي المعاصر انتقالات جوهرية في ميدان (التجريب) ، من خلال بلورة هذا المفهوم على صعيد البنى الفكرية والتطبيقية لجملة من النتاجات المسرحية التي قدر لها ان تكون أنموذجاً متفرداً من حيث الصياغة التجريبية ، والبحث عن الدلالات المعرفية التي يلزم المخرج بتقديم اشتغالات فاعلة على المستوى الشكلي والمضاميني ، لا سيما وان صور التجريب كانت تأخذ مديات تحديثية واسعة .

لعل التجريب من السمات المميزة التي طغت على المسرح المعاصر ومعه المسرح  العربي ومنه العراقي ، لان من دون التجريب لا يمكن للمسرح ان يبقى مؤثراً ومتطوراً ، وخاصة انه يهتم بالمستحدث ، ومن هنا تكمن أهمية التجريب ، كونه نقلة في ذهنية المسرحيين من الكتاب والمخرجين والتقنيين ، كما انه إقصاء لذائقة جمالية مستهلكة ، فالعلم يرفض الوقوف إزاء المنجزات البشرية ، فهو مشروع لتحطيم الثوابت في عملية الإبداع ، وان هدف كل تجربة مسرحية البحث المستمر والواعي في التقنية الفنية المتعارف عليها كسلطة خطاب مسرحي تقليدي، من اجل تجاوزها والعثور على منهج مسرحي يساعد بالضرورة على إحلال عناصر جديدة في الشكل والمضمون تلائم روح العصر .

Summary

His theater since its inception, the tendency of experimentation in the methods of expression , in order to put forward ideas for new forms keep pace with the changes that occur in the community , and to develop communication transcended the boundaries of the traditional , and is no doubt that this development led directly to the creation of new horizons for playwrights , the discovery of ways and tools and new possibilities in the embodiment of creative and artistic creation .

Still this active ingredient _ experimentation _ in the history of theater actor and substantially in the reality of contemporary , where he witnessed the theater of contemporary Arab transitions essential in the field of ( experimentation ) , through the crystallization of this concept in terms of infrastructure intellectual and applied to a number of productions play, which is destined to be a model unique in terms of drafting the pilot , and the search for semantic knowledge that need to be director Achtgalat provide an effective level of formal and Alamadamina , especially as she was taking pictures experimentation ranges modernizing wide .

Perhaps the experimentation of the distinctive features which dominated the contemporary theater and with the Arab theater and from Iraq , because without experimentation can not be for the theater to remain an influential and well-developed , and in particular he cares Palmsthaddt , and here lies the importance of experimentation , as a shift in the mentality of playwrights of writers, directors and technicians , as he excluded the taste of aesthetic consumer , science refuses to stand about the achievements of mankind, it is a project to destroy the constants in the creative process , and that the goal of every theatrical experience continuous research and conscious in the technical art recognized as an authority letter of theatrical classic , in order to overcome them and find the approach theatrical necessarily help to bring new elements in the form and content fit the spirit of the age .

المقدمة

صاحب المسرح منذ نشأته ، نزعة التجريب في أساليب التعبير ، وذلك من اجل طرح أفكار جديدة بأشكال تساير المتغيرات التي تطرأ على المجتمع ، ولتطوير الاتصال تجاوزاً للحدود التقليدية ، ومما لاشك فيه أن هذا التطور أدى بشكل مباشر إلى خلق آفاق جديدة أمام المسرحيين ، بإكتشاف سبل وأدوات وإمكانيات جديدة في التجسيد الإبداعي والخلق الفني .

وعندما اخذ المسرح طابعاً تجريبياً ، اخذ المخرج يشكل مفردات العرض المسرحي فوق خشبة المسرح ، على وفق صياغات جديدة تتماشى مع فعل التجريب ، وبدأ المخرج يقترح علينا شكلاً جديداً للعرض المسرحي ، وقد يكون التجريب الحقيقي الذي يعد مادة جاهزة قابلة للتشكيل ، شيئاً يتسم بالابتكار الجدي في العروض المسرحية التي سيشترك فيها فيما بعد المتفرجون كي تصبح وثيقة مسرحية حقيقية .

والتجريب كمفهوم نشأ في نهاية القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين ، وارتبط بمفهوم الدراما الحديثة ، حيث ظهر التجريب في الفنون أولاً وعلى الأخص في الرسم والنحت ، بعد أن تلاشت آخر المدارس الجمالية التي تفرض قواعد ثابتة ، وبعد أن تأثرت الحركة الفنية بالتطور التقني الهائل في القرن العشرين وشهدت نوعاً من البحث التجريبي في اتجاه الخروج عن المألوف والسائد ، وعربياً ، عرف التجريب في النصف الثاني من القرن العشرين عندما بدأ الكتاب والمخرجون العرب ينهجون في أعمالهم نهجاً يخالف المسرح التقليدي الذي ساروا عليه منذ نشأة المسرح العربي . 

وما يزال هذا العنصر الفعال _ التجريب _ في تاريخ المسرح فاعلاً وجوهرياً في واقعه المعاصر ، حيث شهد المسرح العربي المعاصر انتقالات جوهرية في ميدان (التجريب) ، من خلال بلورة هذا المفهوم على صعيد البنى الفكرية والتطبيقية لجملة من النتاجات المسرحية التي قدر لها ان تكون أنموذجاً متفرداً من حيث الصياغة التجريبية ، والبحث عن الدلالات المعرفية التي يلزم المخرج بتقديم اشتغالات فاعلة على المستوى الشكلي والمضاميني ، لا سيما وان صور التجريب كانت تأخذ مديات تحديثية واسعة .

لعل التجريب من السمات المميزة التي طغت على المسرح المعاصر ومعه المسرح  العربي ومنه العراقي، لان من دون التجريب لا يمكن للمسرح ان يبقى مؤثراً ومتطوراً ، وخاصة انه يهتم بالمستحدث ، ومن هنا تكمن أهمية التجريب ، كونه نقلة في ذهنية المسرحيين من الكتاب والمخرجين والتقنيين ، كما انه إقصاء لذائقة جمالية مستهلكة ، فالعلم يرفض الوقوف إزاء المنجزات البشرية ، فهو مشروع لتحطيم الثوابت في عملية الإبداع ، وان هدف كل تجربة مسرحية البحث المستمر والواعي في التقنية الفنية المتعارف عليها كسلطة خطاب مسرحي تقليدي، من اجل تجاوزها والعثور على منهج مسرحي يساعد بالضرورة على إحلال عناصر جديدة في الشكل والمضمون تلائم روح العصر .

والتجريب (لغةً) كما جاء في (المعجم الوسيط) : (جَرّبهُ) تَجْريباً ، وتَجْربةً : اختبرهُ مرةً بعد أخرى ، والتجْرِبةُ : اختبارٌ منظم لظاهرة أو ظواهر ، يُرادُ ملاحظتها ملاحظة دقيقة ومنهجية للكشف عن نتيجة ما ، أو تحقيق غرض معيّن(1) ، وفي (مختار الصحاح) : المجَرَّب هو الذي قد جرَّبتْه الأمورُ وأحْكَمَتْه(2) .

والتجريب (اصطلاحاً) هو “محاولة تقديم موضوعات وطريقة معالجة جديدة”(3) ، فالتجريب “اختبار منظم لظاهرة أو أكثر للتوصل إلى نتيجة معينة ، كالكشف عن فرض أو تحقيقه”(4) ، والتجريبي هو “الحاصل من التجربة مباشرة من دون أن يكون مستنتجاً من قانون أو مبدأ”(5) .

ومن خلال مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في دوراته الثلاث الأولى ، تم تحديد معنى التجريب باتفاق أكثر من أربعين شخصاً من مسرحيي العالم والوطن العربي ، ويمكننا أن نستخلص بعض التعاريف :

_ التجريب هو التمرد على القواعد الثابتة .

_ التجريب مرتبط بالديمقراطية وحرية التعبير .

_ كل مسرحية تتضمن نوعاً من التجريب .

_ التجريب مرتبط بتقنية العرض .

_ التجريب ابداع .

_ التجريب تجاوز للركود .

_ التجريب انفتاح على ثقافات الآخرين .

_ التجريب عملية معملية .

_ التجريب مرتبط بالمجتمع .

_ التجريب ثورة(6) .

ويُعرّف الباحث التجريب تعريفاً إجرائياً على أنه (فعل يهدف إلى استحداث رؤى تغاير وتخالف الرؤى التقليدية الأرسطية عن طريق كسر المألوف في المسرح وتهشيم الزمان والمكان والبناء الأرسطي والخروج عن السياقات الفنية السلفية في العرض المسرحي التي تقوم على النظريات الجمالية القائمة على الشكل والمضمون) . 

الفصل الأول

التجريب في المسرح العالمي 

رافق مفهوم التجريب ، المسرح منذ نشأته في الحضارة الإغريقية ، فالممثل (ثيسبس 580 ق.م) طور الأناشيد الديثرامبية التي كان المنشدون في الاحتفالات الدينية الطقسية يمجدون بها الإله (ديونسيوس) إلى عرض مسرحي (مونودرامي) من خلال عربته الجوالة ، والشاعر الدرامي (اسخيلوس 525_456 ق.م) الذي أضاف ممثلاً ثانياً وطور الفعل الدرامي ، و(سوفوكليس 496_406 ق.م) الذي أضاف ممثلاً ثالثاً ، كان مجرباً لأنه عمّق البناء الدرامي ،  ووسع آفاق العرض المسرحي ، و(يوربيدس 480_406 ق.م) الذي انزل المسرح إلى الواقع ، وجعل الصراع بين الإنسان وقرينه وسخر من الآلهة ، وكسر القوالب الفنية القديمة حتى وصفه الناقد (ج. ل. ستاين) بأنه من بواكير الدراما المعاصرة  ، و(أرستو فانيس 488_380 ق.م) الذي رغب في تقديم شيء مغاير لما قدمه عمالقة التراجيديا الإغريقية ، فالملهاة كالمأساة ، تدين بوجودها إلى تلك الجذوة المبدعة صبوة الخلق والتجريب .

إن الكتاب المسرحيين كانوا قادة التغيير في أصول المسرح لأنهم محور الظاهرة المسرحية في كل عصر، حيث كانوا ينحون في الكتابة نحواً مغايراً للجيل الذي سبقهم ، ثم يخضعون أصول تمثيل نصوصهم نحو مغايرة للجيل الذي سبقهم ، وبذلك فهم حققوا أساليب جديدة في تشكيل العروض المسرحية ، ولعل ما كتبه (شكسبير 1564_1616م) في مسرحية (هاملت) من توجيهات لممثلي المشهد المسرحي الذي طالب تمثيله أمام عمه الملك ، خير اشارة كان قد ثبتها وطالب فيها أسلوباً جديداً في التمثيل يناسب أسلوبه في الكتابة ، ويغاير ما سبقه من أساليب في التمثيل ، وهذه الظاهرة عرفت بما يسمى (المؤلف المسرحي مخرجاً) .

بيد أن كل ظاهرة مسرحية كانت تعبيراً عن منعطف اجتماعي وسياسي جديد وحاسم في حياة مجتمع من المجتمعات ، فالمسرح كان يتخذ شكلاً فنياً جديداً معبراً عن المنعطف الاجتماعي الجديد ، ولهذا ، ارتبطت المدارس المسرحية المتعددة بتغير المجتمعات على مختلف تاريخ العالم المعروف ، وهذا ما جرّه عرض مسرحية (هرناني) لـ(فيكتور هيجو 1802_1885م) من معارك أدبية وسياسية ، فقد عُدّ تقديمها بمسرح (الكوميدي فرانسيز)(7) في فبراير عام 1830م حدثاً في تاريخ المسرح الفرنسي ، إذ اكتسب الرومانسيون نصراً ، بعد أن تهافت الجماهير على رؤية المسرحية تهافتاً لم يكن مألوفاً من قبل ، إذ هب الجمهور في فترات الاستراحة بالحفلة، وقد انقسم الجمهور على فريقين : الكلاسيكيين القدامى والرومانسيين المحدثين ، واخذوا يتراشقون بالهتافات وبالعبارات الشديدة ، وبما انطوت عليه الأيدي ، وكل فريق يدافع من وجهة نظره ، وهذا كان خروجاً عن السياق المألوف(8) . 

والنقاد يؤكدون أن عملية الهدم الأساسية للأشكال التقليدية في الدراما بدأت مع تجربة الشاعر والروائي والكاتب المسرحي الفرنسي (الفريد جاري 1873_1907م) وكان وقتها طالباً في التعليم المتوسط ، لقد كتب وهو في السادسة عشرة من عمره أول وثيقة تجريبية في الدراما . 

لكن شهرته تعود إلى مسرحية (الملك اوبو) التي عرضت على مسرح الأوفر عام 1896م ، وهنا بدأت مرحلة التمرد على المواضعات والثوابت التي أثارت السخط والدهشة في آن واحد ، فقد سخر من المسرح نفسه، ومن أشكاله السائدة ، ومن أبطاله ، ومن أفكاره وأهدافه ، من هنا اعتبر (جاري) المؤسس الحقيقي للجماليات الغربية الحديثة التي سرعان ما تحددت لتصبح تيارات في أشكالها وأساليبها وأفرزت قطبين جماليين : جماليات تجريبية وأخرى طليعية للخروج من رواسب المسرح التقليدي وخلق رؤى جديدة(9) .

يرى الباحث أن هذه المسرحية امتلكت فرادتها وأهميتها ، كونها لم تكن مسايرة لما هو معروف عن طبيعة المسرح أيام (جاري) ، بل لأنها تمتلك خصائص لم تكن موجودة سابقاً ، وذلك نابع من الإمكانات التي نظر بواسطتها إلى المنجز الراهن _ في وقته _ ووجد فيه ما يشكل الملل ، ولا يثير لدى المتلقي حوافز ذهنية من خلال كسر السائد ، فروح التجريب تهتم بتقديم ما يزحزح الثوابت لدى المتلقي .  

تقوضت الدراما الكلاسيكية في القرن العشرين حتى أنها فقدت سماتها الأساسية ، إذ كانت البداية مع ألفريد جاري ، ثم تتالت الهزات العنيفة حتى شكلت تيارات ومذاهب عديدة انضوت تحت الدراما اللا أرسطية ، وكان (جاري) الذي أطلق النقاد على مسرحه فيما بعد المسرح الطليعي ، أول من هز أركان القواعد الأرسطية التقليدية(10) . 

استناداً إلى ما تقدم ، نرى أن المسرح في تاريخه الطويل (تجريبي) ، فلماذا ظهر في العقدين الآخرين من القرن العشرين نوعاً خاصاً أطلقوا عليه اسم (المسرح التجريبي) ؟ ولماذا قصدوا أن يميزوه من التجديدات السابقة التي كانت أحياناً تأخذ اسم التجريب ؟ 

للإجابة على هذه التساؤلات ، لابد من العودة إلى نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ، وهي المدة التي ظهرت فيها وظيفة المخرج في العرض المسرحي ، وكان لظهوره تجريد الكتاب المسرحيين من مهمة الأشراف على العروض المسرحية ، ومن هنا بدأ النزاع بين الكاتب المسرحي والمخرج ، الذي سيطر على بقية الفنون التي يتشكل منها العرض المسرحي ، “فالمخرج لم يخضع لقانونه الفنيين الآخرين في المسرح ، بل عزلهم، وفي بعض الأحيان حولهم إلى عبيد”(11) .

& فسيفولود مايرهولد : (روسيا 1874ـ1940م)

حاول المخرج (مايرهولد) إيجاد صيغ جديدة ومتعددة في كسر الإيهام إذ أصبح المتلقي متهيئ لإطلاق خياله في حالات تختلف عما هو موجود في مسرح المحاكاة ، ولقد قامت فلسفته على تغيير واقع العرف بواسطة وسائل تقريبية وأفكار جديدة منها : الابتكارات الحديثة التي استخدمت في تحطيم المسرح الواقعي بإسقاطاته الضوئية للصور الفوتوغرافية ، والإعلانات التي تعلق على الفعل أو تعلي منه ، والملابس المبالغ فيها ، والإيحاءات الضخمة للديكورات المجردة(12) . 

من الواضح أن (مايرهولد) يسعى لإيجاد وسائل جديدة للتلقي والإبداع لكسر الأشكال المسرحية المحدودة بإطار مطابقة الواقع ، ويحرر الممثل من هيمنة الديكورات في (المسرح الشرطي)(13) الذي يتجنب (أمزجة) مسرح (تيشخوف (1860_1904م) التي تشد الممثل إلى المعاناة السلبية وتجعله اقل قوة من الناحية الإبداعية(14) . 

وكان هدف (مايرهولد) إعداد الممثل الجديد ، بفضل أساليب التكنيك الشرطية التي تحطم الماكنة المسرحية المعقدة ، ذلك يبلغ العرض حداً من البساطة تمكن الممثل من هيمنته على الديكورات والإكسسوارات وكل ما هو عرضي ، وتحرير الممثل من ركام الديكورات والإكسسوارات الزائدة ، وإيجاد العلاقة بين إمكاناته الجسمانية والأحاسيس الداخلية(15) .

وعلى وفق ما تقدم فقد سعى (مايرهولد) إلى إنزال العرض إلى مستوى الصالة وسمح بإيجاد أسلوب نطق جديد للممثلين وإدخال الرقص ضمن العرض ، وتسهيل إلقاء الكلمة المنطوقة والتعامل معها وتحولاتها من كلام هامس إلى صراخ أو إلى صمت وضمن هذا الإطار الذي أطلق عليه الإطار الشرطي .

& أنطوان آرتو : (فرنسا 1896_1948م) 

استخدام المخرج (آرتو) مسرح العلاج بالسحر النابع من الحركة ، والتعرية العنيفة للصراعات المتأصلة في اللاوعي الإنساني الجماعي ، وهو ما اسماه (مسرح القسوة) ، ففيه يصبح العرض وظيفة بدنية ، مثل حركة الدم في العروق أو مرور صور الأحلام في المخ ، وفيه أيضاً يختفي التناقض بين المؤلف والمخرج ، وينشأ خلق جديد يكون مسؤولاً عن العرض كله ، بما فيه من حرفة وقصة ، وفيه تصبح للكلمات الأهمية ذاتها التي تتخذها في الأحلام والرؤى وفيه تختفي المنصة والصالة ويصبح المسرح عرضاً يقوم في أي مكان في مخزن في كراج ، قاده هذا الشكل المقترح إلى البحث عن لغة مسرحية توازيه في الإدهاش ، لغة بعيدة عن الكلام العادي الذي أثقل المسرح الكلاسيكي وجعله مملاً ، لغة تنتمي لخصوصية خشبة المسرح ، لغة ملموسة موجهة للحواس(16) .

 إن الإحساس والإدراك اللذين كان يبغيهما (ارتو) في عروضه تجلت في رسم صور حلمية عن طريق الحركات معتمداً على الميثيولوجيا بتوظيفها توظيفاً طقوسياً ؛ إذ هنالك كم هائل من الحركات ترافقها أصوات تحمل قدرة عالية في التناغم وجمال أخاذ حينما تنسجم مع القطع الموسيقية النادرة ، إذ أن الألوان الموزعة في الأشياء لا تخلو من إيقاع يرتبط بالمحسوس من الحركات حين تتألف وتتصاعد أو تتنازل وفق حركات مألوفة لدى المتلقي إذ أن اختيار الحركات التي تكاد تكون جديدة ومدهشة لا تأتي من فراغ بالنسبة لـ(ارتو) ، بل هي ترجمة نابعة من نفس نسيج العرض تتيح فرصة للمتلقي لأن يحس بالإثارة ويتفاعل مع جميع المفردات التي تتحرك على خشبة المسرح(17) .

وفي العروض المسرحية لـ(أرتو) نجد أن هنالك نزعة أسطورية واضحة ، لأنه تجسيد للرؤية السادية للقسوة ، والروحانية عنده دينية في انبثاقها ، وتتطلع نحو المثالية المسيحية ، نحو (الجنة) ، كل الغرائز الجنسية تمثل شراً أي (جحيماً) وبما أنها جوهر الحياة ، فانه لم يعلن على ما كان يجري عليه الإخراج المسرحي وحسب، وإنما تمرد على المادة المسرحية(18) .

إذ حقق (ارتو) إبداعاً صادراً من عناصر العرض المسرحي يعتمد على التلقائية الفعالة ، والفوضى المنظمة التي تتفجر من خلالها الحدة والقسوة والضحك من اجل الوصول إلى تحقيق الصدمة لدى المشاهد ، هذه الصدمة الفعالة التي تسمح لنا بادراك الحقائق الروحية بينما الكلمة تسمح لنا بادراك الحقائق الذهنية ومع هذا فهو يؤكد عدم حذف الكلمة من المسرح بل تقليصها إلى أقصى حد وإعطائها قيمة فضائية ملموسة(19) .

ومما سبق يرى الباحث أن الطريقة التي اتبعها المخرجون تختلف من مخرج لآخر والتي تعبر عن راهنية الحياة المعاصرة ، وهي الأمثل والأقرب إلى ذهنية الجماهير ، ورغم انتقائية الباحث لمجموعة من المخرجين ، الا أن ذلك لا يلغي أهمية غيرهم ، ممن سعى إلى التجديد والتجريب كراينهاردت وبيسكاتور وكوبو ، ولذا فان اللاحق لا يقل أهمية عنهم ، حيث عمل الجميع على مد الحياة المسرحية برؤى جديدة منحت المسرح الاستمرارية والوجود . 

& برتولد برخت : (المانيا 1898_1956م)

يعد مسرح (برخت) مسرحاً ثائراً على النظم التي سادت منذ أرسطو حتى وصلت إليه ، فعملت تجاربه على قلب المعادلة المسرحية من حيث الشكل والمضمون . 

لم يجد (برخت) في الماركسية ما يتعارض مع توجهه الحداثي التجريبي الذي أفضى به إلى رفض نظرية أرسطو في المسرح ، بل وجد ان الماركسية تدعو إلى تحطيم وهم المحاكاة وحث الجمهور على المشاركة في حركة تغيير المجتمع الرأسمالي ، ونتيجة لتأثره أيضاً بفلسفة (هيجل 1770_1831م) ، وتعزيزاً لوظيفة الجدل النقدي التي يقوم عليها مسرحه ، فقد ركز (برخت) على استخدام مفهوم (الديالكتيك)(20) ، كونه يكشف عن الجدلية في الثبات مما يسهم في توضيح حقيقة الوقائع بمناقشة التناقض الجوهري للأحداث الاجتماعية .

فحاول (برخت) خلال مسيرته الفنية مخاطبة اكبر عدد من الجمهور ، لإقناعهم بأهمية تحرير أدوات أنتاجهم من سيطرة رأس المال ، كان دائماً يقول : “ان المتعة هدف من أهداف المسرح … أن اكبر متعة هي تلك التي تسببها المشاركة الفعالة التي تتضمن حكم المتفرج وتطبيقه لما يراه على المسرح في خارج نطاق المسرح”(21) .

ثار المسرح الملحمي عند (برخت) على كل القوانين المسرحية والقواعد التي ظل المسرحيون يسيرون بموجبها ردحاً طويلاً من الزمن ، فجاء (برخت) وأطلق على مسرحه بـ(المسرح الملحمي) وادخل بذلك هذا المصطلح الجديد مجال الأدب والنقد ، لذا يجد (برخت) في المسرح “مؤهلاً لان يلعب دوراً كبيراً في نشر الوعي السياسي والاجتماعي لدى الجماهير وفي تحريضها على الفعل الثوري”(22) .

إن اللعبة المسرحية تقوم بين الصالة والمنصة ، إذ أن (برخت) لا ينشئ بعداً واحداً ، جهل أعمى من ناحية ، وبصيرة من ناحية أخرى ، قضاء وقدر على المنصة ووعي في الصالة ، وهو يسعى إلى المجابهة بينهما، على أن يستنير الواحد من الآخر ، كما يقول (ماركس) أن “موضوع الفن أو أي إنتاج آخر يخلق الجماهير التي تفهم الفن والتي في مقدورها أن تستمع بالجمالي ، ولهذا فان عملية الإنتاج لا توفر مادة للموضوع فقط بل وموضوعا للمادة”(23) .

ومن الضجة الذي أحدثتها مسرحيات (برخت) وبياناته ، أنها مهدت لمعظم حركات التمرد في الخمسينيات، ابتداءً من (مسرح العبث) ، وظهرت تأثيرات أيضاً في المسرح العربي وخاصة في المسرح المصري في الستينيات عن طريق مسرحياته المترجمة أو من خلال المؤلفين والمخرجين الذين تأثروا بمنهجه وفلسفته ووجدوا في مسرحه انسب تعبير عن تيار الثورة الاشتراكية .

& بيتر بروك : (لندن 1925م _  )

من الواضح أن المخرج (بروك) يعد من أهم فناني مسرح الغرب المعاصر وأكثرهم حضوراً وتأثيراً ، وهو يخرج أعمال (شكسبير) وما يزال وهو في العشرين من عمره ، ولا تتناسى جهوده في تأسيس المركز الدولي لأبحاث المسرح سنة 1970م بباريس للبحث عن لغة مسرحية عالمية مشتركة وموحدة ضمن التعدد الثقافي العالمي .

ويرى بروك “أن الفراغ في المسرح يسمح للخيال بأن يملأ الثغرات ، وبطريقة متناقضة في الظاهر ، كلما أعطيناه اقل ، كان أكثر سعادة وفرحاً ، أن الخيال عضلة ، أنها سعيدة جدا بممارستها للعبة ، بإمكاني أن اخذ هذه القنينة البلاستيكية ، على سبيل المثال وأقرر أنها تمثل برج بيزا”(24) . 

وقد تشكل العرض المسرحي عند (بروك) باعتباره تعبيراً اجتماعياً يمكن من خلاله تصوير حياة وخبرة المتفرجين ، وليس مجرد تصوير لحياة متخيلة داخل المؤدي المبدع ، إذ طرح المبادئ التي تشكل تصوره عن المفهوم الاجتماعي للمسرح فقط ، وبحث أيضاً في الشروط التقنية التي تجعل أدراك المتفرجين ، إيماناً منه بضرورة وجود ما يسميه (المسرح الكوني)(25) ، فالتجريب لدى (بروك) هو محاولة لتحطيم الانفعال بين الممثل والمتفرج ، فهو يرى : “أن الممثلين يقيمون علاقة اتصال عن طريق عين المتفرج ، ويختلف هذا بالضرورة عما يحدث في المسرح التقليدي ، حيث يجب أن يحس الممثل بوجود المتفرجين”(26) .

& تادووش كانتور : (بولونيا 1915_1990م)

شكّل المخرج البولوني (كانتور) منعطفاً في المسرح ، واتجه نحو التجريب المسرحي من خلال مسرحه (كريكوت)(27) ، ولم يفصل بين عناصر العرض المسرحي الواحد عن الآخر ، وذلك وفق قدرات تشكيلية تكون ذات أبعاد تساعد على عدم فهم ودراية من قبل المتلقي لتحلق في أجواء تؤسس مدركات تسمح بنشوء أبعاد سريالية ، الا أن يصبح الشكل المسرحي للعرض غير مشكل وغير مرتب ، أي ذو أبعاد غير روتينية ، تصبح بشكل جديد يحمل صفات أخرى ، فان منح العناصر الفنية حقوقاً متكافئة ، وان الممثل والنص مدفوعان جانباً بمثابة إضفاء للاتجاه الشكلي المسمى بـ(اللا شكل) وهو ينفي الشكل تماماً ، فمادة العرض وأحداثه اعتمدت على عنصر الصدفة بالكامل(28) .

كان يساهم (كانتور) في كسر الإيهام مع الممثل على خشبة المسرح إذ يتواجد في كل عرض مسرحي فوق خشبة المسرح رابطاً دور المخرج بدور المشرف على طقس احتفالي ، أن حضوره الفعلي في عروضه المسرحية ، إنما يخدم التخلص من الإيهام الذي يحدث عند المتفرج وفي ذات الوقت يقوم بتذكيره بالواقع ، وينتج عن هذا الأسلوب نظام حركي جديد ، يبعد الممثل عن الحركة الآلية ، ويقر به من التلقائية ومن ثم التعبيرية التي تحمل الدلالات والمعاني المتدفقة، ولذلك فانه يطالب ممثله بالابتعاد عن كل الصيغ التعبيرية المتوازنة ، سواء في الحركة والصوت والكلام والشكل(29) .

وكانت أعماله تجمع بين الرمزية والتعبيرية والدادائية والسريالية ، من غير أن ينسب مسرحه إلى واحد منها ، بينما هناك تشابه وتماثل بين أعماله ومسرح النو الياباني .

لقد عمل التجريب على مر تاريخ المسرح ، من اجل إيجاد مجموعة من الخصائص والأسس التي شأنها دفع العملية المسرحية إلى تطورية ناضجة بكافة مستويات الفعل المسرحي في التمثيل والإخراج والتقنيات المسرحية ، ولا تغفل التطورات في تشكيل وتأسيس بنى جديدة في العرض المسرحي ، وكل ذلك ناتج عن تفكير خلاق تبناه مجموعة كبيرة من المجددين وهم بدورهم عملوا على ضخ أساليب تمنح الحياة بكافة إشكالها الحيوية والفاعلية في تناول موضوعات الفكر الإنساني ، بطريقة تبتعد عن اللا خلق واللا إبداع . 

الفصل الثاني

التجريب في المسرح العراقي

يثير مفهوم التجريب في المسرح العراقي ، إشكالية لا يمكن تغافلها ، وهذا يتأتى من خلال النظر إلى الكثير من هذه التجارب التي شهدها المسرح العراقي على أنها عروضاً خرجت على المألوف والمواضعات المسرحية المتعارف عليها ، وسار عليها المسرحيون ردحاً من الزمن . 

وإذا أردنا الخوض في مسار العرض المسرحي العراقي ، فأن أول ما يتمثل للذهن الرائد المسرحي (حقي الشبلي 1913_1985م) الذي وضع الخطوات العلمية الأولية في فن الإخراج المسرحي ، والنهوض به من شكله التقليدي الاستنساخي البسيط إلى أسس علمية في إخراج المسرحية والشخصية ، ففي إخراجه لمسرحية (يوليوس قيصر) استخدم القاعة كمدخل لدخول قيصر قبل مقتله ، أي انه عمد إلى كسر المألوف في تقديمه لهذه الشخصية من خلال دخولها في الممر الوسطي بين الجمهور وصولاً إلى الخشبة ، فكان يهتم بهيأة الشخصية وتأثيرها على أفعالها وليس سلوكها وما ينتج من أفعال ، وهذا يؤكد انه لم يكن مهتما للجانب الصوري للعرض بقدر اهتمامه بالأداء الصوتي والأدبي(30) .  

ووصولا لتطور دراسة علوم التمثيل والإخراج المسرحي ، بدأت بعض التجديدات على صعيد العرض المسرحي :

1ـ المغادرة التدريجية عن المنظر المرسوم واستبداله بالمنظر المجسم .

2ـ الإقلال من العناصر الخطابية في الإلقاء والشكلانية في الحركة .

3ـ التبشير بنظريات علمية لإعداد الممثل وبناء الشخصية(31) .

يعد (جاسم العبودي 1925_1989م) _ الذي أرسل ببعثة دراسية إلى أمريكا عام 1953م ، وعاد يحمل معه (طريقة) ستانسلافسكي ، وحاول أن يطبقها على النص المسرحي العربي والمحلي _ أول من أكد على الأصالة عبر توفير عناصر البيئة المحلية على المسرح العراقي ، متمثلة بسلوك الممثلين وتصرفاتهم من ناحية ، ونوع الملابس والديكور المستخدم والماكياج والمؤثرات الصوتية من ناحية أخرى ، ومن سمات (العبودي) الأساسية انه “لا يؤمن بمعنى ثابت لمناطق المسرح ، كأن تكون الجهة اليمنى للأشرار ، واليسرى للأخيار والخلفية للدسيسة ، والوسط للإبطال ، انه حاول أن يحرر مسرحنا من هذا الوهم”(32) ، وخلق علاقات وأجواء فكرية جديدة في العرض المسرحي العراقي الواقعي الذي يدعو إلى عرض مسرحي ذو حيوية ومنهجية مدروسة ، أي انه حاول أن يؤسس لتقاليد مسرحية محلية .

أما الانتقالة الأساسية في مسار المسرح العراقي ، فقد كانت على يد (إبراهيم جلال 1921_1991م) ، الذي درس السينما في ايطاليا ، والمسرح في أمريكا ، ومارس التطبيق الفعلي للمسرح الملحمي قبل أن يسمع أو يطلع عليه ، ثم أصبح أول ممارس لهذا النهج في المسرح العراقي ، فقد استطاع أن يثبت أفكاره عن المسرح الملحمي ، ويستخدم تقنيات خاصة به ، تعزز تلك الأفكار ، وتمثّل ذلك في مسرحية (البيك والسايق) التي عرقها صادق الصائغ عن مسرحية برخت (بونتيلا وتابعه ماتي) ، وفي مسرحية (رحلة الصحون الطائرة) التي أعدها فيصل الياسري ، وكذلك في مسرحية (المتنبي) لعادل كاظم ، لقد وعى (جلال) إلى نظرة (برخت) التي انطلق منها في كثير من أعماله وروياه للعالم المنقسم على قسمين غير متساويين : أولهما أقلية تملك ، والأخرى أغلبية تعاني . وقد دأب بأن يبرز (التغريب) في عروضه التي يخرجها بأسلوب ملحمي أو بغيره من الأساليب ، كونه يعتقد انه مازالت هناك متضادات في المسرحية ، ويرى (جلال) “أتباع منهج برخت بالذات يساعد على فهم تراثنا القومي بشكل أفضل ويفتح إمكانية لاستخدام العناصر الدرامية في هذا التراث”(33) . 

إن تخطيط الإخراج عند (جلال) يعتمد في الأساس الأول على تفسيره الخاص للنص ، فهو لم يلتزم بنص المؤلف بحذافيره ، مقترباً من موقف (مايرهولد) الذي كان له الرؤية ذاتها ، والأساس الثاني هو المكان الذي يوضح هذا التفسير ، ولذلك غالباً ما نجده يركز الأساسين في وسط المسرح ، ويجعل من جانبي المسرح مجرد ممرات إلى الوسط ، ففي مسرحية (الطوفان) كانت منصة الحسم وسط المسرح ، بينما شكلت جوانبها مجرد مسارب للصعود والهروب ، وبهذا تحيل المشاهد بأن خلف الكواليس قوة دافعة وكبيرة تحكم سيطرتها على حركة الشخوص والإضاءة والموسيقى(34) ، لقد استطاع (جلال) أن يرفع المسرح العراقي إلى أخيلة لم يكن يألفها عرضنا المسرحي .

حدد (جلال) جماليات الفعل المسرحي من خلال اختلاف المستويات والمناطق ، وهذا الإحساس بالتناقض والتقابل ، هو المحرك الأساس لكل فعل في المسرحية ، وهذا ما يؤكد جدالٍ بقوله : “هذا التناقض حين ينجمع فوق المنصة تخلق الفن ، وهذا ما اسميه بتجانس المتناقضات ، ولو احتدم التناقض بدون انسجام أو تجانس لواجهنا الدمار البشري وجهاً لوجه”(35) .

وفي خصوص تجارب (سامي عبد الحميد 1928م _  ) الإخراجية التي تعتمد على مبدأ الانتقائية في أعماله المسرحية معتمدة على :

1ـ الإيمان بأن المخرج هو المؤلف الثاني للنص .

2ـ اعتماد التجريب والتنوع .

3ـ اعتماد البحث عن بيئات متنوعة للعروض المسرحية .

4ـ اعتماد مصمم الديكور والملابس لان العمل الفني يعتمد التشكيل والعناصر البصرية بشكل أساس(36) .

إن الإخراج في منهج (سامي عبد الحميد) يتحول إلى رؤيا فكرية تنطلق من وحدات فلسفية لتجسيد الأبعاد الشكلية لوحدة الموضوع من خلال حس منبعث من ذاتيته كمخرج دون التقيد بوحدة النص التقليدية ، وهو ينطلق بذلك إلى ما بعد النص ليوحد الصور التي تعتمد على وحدة الذهن في تفسير النص من خلال ذاته كمخرج ، ومن خلال البعد الفكري والفني للنص المسرحي ، فنزع نحو التجريب ، حيث أن هذا الاتجاه يقف على الضد من الثبات على أسلوب واحد ، وهذه (التجريبية) تمثل بالنسبة إليه مصدراً للخلق والتجديد ، ومحاولة الخروج عن الأطر التقليدية الجامدة(37) .

إن تجول (عبد الحميد) عبر النصوص المسرحية المختلفة من عالمية إلى عربية إلى محلية كان هدفه في أن يوظف التجريب على كل أنواع النصوص لغرض التنويع وتجديد بعض سمات العرض المسرحي ، وان هذا التجوال بين النصوص ، جعله يغير المكان التقليدي ، كما في مسرحية (احتفال تهريجي للسود) التي استخدم فيها حفرة دائرية متدرجة للأسفل تقابلها في الأعلى شاشتان سوداوان احدهما للبيض وقد رشت باللون الأحمر وأخرى للسود وقد رسمت عليها شمس كبيرة ، أما جدران القاعة فملئت بلوحات جنسية مختلفة(38) .

عدّ (عبد الحميد) الممثل هو الركيزة الأساس في العرض المسرحي ، فلولاه لأصبحت الصورة مجرد أطار أو لتحولت إلى فن آخر غير الفن المسرحي ، ولكن يجب أن نتذكر بان كل العناصر الإنتاجية الأخرى في العمل المسرحي توظف لخدمة الممثل .

وفي تجربته في مسرحية (الخان) قسم المسرح إلى يمين ويسار ووسط الذي جعل جزءً منها ممتداً داخل الصالة ، وقد أجرى عليه الأحداث الأكثر التصاقاً بعامة الشعب ، أما اليمين واليسار فقد وزعها فكرياً ، اليمين لصاحب الخان وحاشيته ، واليسار للشخصيات الشعبية المسحوقة ، وفي مسرحية (ثورة الزنج) استخدم مرايا متكسرة على شكل صلبان للدلالة على تشتيت القوى الثورية ، وخالف ما جاء به مؤلف المسرحية (معين بسيسو) الذي وضع ديكورات ضخمة جداً ومعقدة وبكتل كبيرة أكبر من حجم المسرحية  ، وفي مسرحية (طقوس النوم والدم) ينحو (عبد الحميد) منحى المخرج والمنظر (باربا) الذي يتخذ الكولاج المسرحي سبيلاً تجريبياً في بناء هيكلة العرض المسرحي ، إذ يتم انتقاء ثيمة جوهرية تمثل البؤرة ضمن مشهد مسرحي مستل من نص عالمي ، ثم يعزز تلك الثيمة بمشاهد أو فصول من مسرحيات ذات صلة وثيقة بالثيمة(39) .

بينما في مسرحية (هاملت عربياً) لم يلتزم بالتقسيم الخماسي للفصول ، كما لم يتبع خطى بعض من سبقه في التقسيم الثلاثي ، فقسم المسرحية على فصلين مكونين من ثلاثين مشهداً بينها فاصل استراحة واحدة ، وهذا التقسيم يتيح للمخرج أمكانية تسريع المسرحية وشهدها ، وأراد من المتفرج أن لا يضع أمامه غير الصور التي يراها ويدع جانباً (هاملت) الذي سمع أو قرأ عنه ، وعمد في مسرحية (كلكامش) إلى استخدام المسرح التقليدي، الا انه دمج (الخشبة والصالة) ، وطلا جدران القاعة والمسرح باللون الأسود ، ثم أضاف رسوماً توحي الأجواء الموجودة نفسها في الملحمة ، وأراد من ذلك بان يشعر الجمهور بأنهم داخل معبد ، حيث تتحرك المجاميع في بداية المسرحية من خلف القاعة وعلى جانبيها صعودا إلى خشبة المسرح(40) . 

بلور (قاسم محمد 1934_2009م) محاولاته التأصيلية من منطلق تجريبي يعتمد على “توظيف بعض الأشكال ذات الطابع التمثيلي الموجود ضمن النصوص التراثية والتي تحمل في مضامينها وموضوعاتها وتركيبها الأدبي والفني مقاربات درامية فتفجر لغة العرض المسرحي بقيمتها التأصيلية من خلال محافظتها على سمات وخصائص تلك النصوص المنتمية بطبيعة تبعيتها التكوينية والأدبية”(41) ، فقد اختلف عن سابقيه في بعض مفردات العرض المسرحي لاسيما في تعامله مع الفضاء المسرحي إذ خصّ فضاء الخشبة بخاصية مهمة ، بحيث قلل ما أمكن من منظره لاستغلال الفضاء في تجسيد أفكاره بصورة أفضل من خلال حركة الممثل أو المجاميع والتكوينات التصويرية التي يخلقها من أجساد الممثلين ، وهذا ما فعله في مسرحية (أضواء على حياة يومية) حيث جعل كتلة من الحديد والخشب بشكل ثابت موحياً بالثقل الاجتماعي للطبقة وغير مريحة رغم التحول في الشخصيات(42) .

واسهم (محمد) في (رسالة الطير) التي أعدها عن رسالة الطير للرئيس ابن سينا ورسالة الطير للإمام الغزالي ومن منطق الطير للشاعر الصوفي فريد الدين العطار ، إذ عمد إلى صياغة قصة رمزية لمجموعة من الطيور برئاسة الهدهد وكفاحها من اجل اجتياز الجبال الثمانية ، وان اللجوء إلى الطيور والحيوانات الأخرى بديلاً عن الإنسان هي محاولة من المخرج لوضع عملية البحث الحقيقية في إطارها الفلسفي وإيجاد إجابات شافية ومؤكدة عن ماهية الإنسان ووجوده الحقيقي والنفاذ إلى تخوم ما وراء العلاقات الصورية الخيالية المؤثثة للعرض المسرحي بوساطة مجموعة من الدلالات التي توحي بسفر داخلي عند الإنسان العربي واغترابه .

وتعامل (محمد) في مسرحية (الإملاء) مع النص بحرفية عالية ، كخالق مبدع وليس كناقل نص جامد ، وهذا ما اكتسب خفة الحركة وسرعتها ورشاقتها ، وقوة التأثير وجمالياته ، فتدفقت المسرحية بديناميكية دافئة وشفافة ، وفي مسرحية (محاكمة فنس بن شعفاط) أعاد بعض تجربته في (رسالة الطير) وأضاف أخرى ، فقد جعل من فضاء الخشبة مفتوحاً ، تتدلى منه خيوط رباعية تقطع الخشبة من الوسط وتعزل جدار المسرح الخلفي ذا السياج والمعهود في اغلب المسرحيات ، فضلاً عن ذلك فقد أفاد من المخرج الروسي (فاختانكوف) في تجاربه الإخراجية في المسرح ، الا انه تعامل مع ممثليه بالحرفية الداخلية للأداء وتصعيد إيقاع الشعور لديهم وهذا يعد أسلوبا خاصا به .

إن الإضافة التجريبية لـ(محمد) تكمن في “قدرته على استنتاج سينوغرافيا عربية ، مكان وفضاء يلامسان الروح العربية ، أداء تمثيلي يقترب من (التشبيه) بالإضافة إلى الارتقاء باللغة العربية إلى مستويات درامية تناسب مع عمل الخشبة رغم وقوعه في مطبات السجح والتسجيع المصنوع أحيانا”(43) ، لكنه حاول في خلق مسرح يخرج من نطاق المسرح التقليدي من حيث الشكل والمضمون .

تنقل (عوني كرومي 1945ـ2006م) في أساليب إخراجية وفنية مختلفة ، فكانت عروضه تتوزع بين الاجتماعية والتجريبية ، وقدم سلسلة من التجارب المختلفة في النص والمكان والأسلوب ، وعن تجربته يقول : “في العرض المسرحي أوضح المنهج ، فأنا بلا منهج لا استطيع أن أكّون عرضاً ، ومنهجي الواقعي _ التجريبي قائم على أمكانية خلق مدركات جمالية من خلال التعبير الفني للغة الجسد والمعنى”(44) .

قدم (كرومي) مسرحية (فوق رصيف الرفض) في قاعة صغيرة بلا خشبة عرض واجلس الجمهور على الأرض ، وجعل التمثيل يدور حوله مستخدماً ديكوراً بسيطاً يمثل شواهد قبور وغطاء اسود السقف وبعض الحبال ليوحي بالخيمة ، وفي مسرحية (ترنيمة الكرسي الهزاز) حقق المكان حضوراً في العرض عندما أعطى للحدث عمقا ، كانت الأسرار داخل الشخصيتين أسرار مكانية(45) .

وفي مسرحية (قصائد ممسرحة) جعل الخشبة على شكل صليب داخل القاعة ، وأشرك الجمهور مع الممثلين في ردود أفعالهم أو إجاباتهم الآنية ، فكانت التحولات في التكوينات التصويرية سواء للممثلين في علاقاتهم بالمكان أو في تشكيلاتهم مع الجمهور ، وفي مسرحية (تداخلات الحزن والفرح) اعتمد على تقنية الانشطار العلاماتي عندما استخدم العباءة السوداء (دال) لتعطي عدة دلالات ، فهي تارة سجن ، وأخرى قيد ، ثم تتحول إلى خيمة أو كفن ، وهنا صور شخصية المرأة الشرقية في أدق مشاعرها نفسياً واجتماعياً وروحياً .

تعد مسرحية (فوق رصيف الرفض) من بين تجارب (كرومي) التي كسر فيها قيود مسرح العلبة ، حيث اجلس الجمهور فيها ، على ارض مفروشة بالبسط مع بعض الوسائط ، وجعل التمثيل يدور حوله مستخدماً فضاءً بسيطاً يمثل شواهد قبور ، وأنصاباً في مقبرة ، وغطاءً معلقاً في السقف(46) ، في حين ازدحم فضاء العرض في مسرحية (صراخ الصمت الأخرس) بقطع المنظر والملحقات التي اتخذت من الأسلاك وأجهزة الراديو والتلفزيون والكمبيوتر مادة لها ، بحيث شعر الجمهور بجو خانق يضغط عليه من كل جانب ، كما أن هذا الفضاء المزدحم _ الخشبة والصالة _ جعل شخوص المسرحية يبدون وكأنهم أقزام وسط هذه الموجودات ، ففي اغلب عروضه يؤكد على قدرات الممثل الأدائية .

ونقف عند مخرج مسرحي اختلف في تجاربه مع من سبقه في الإخراج أو حتى مجايليه من المخرجين ، الا وهو المخرج (صلاح القصب 1941م _ ) فقد أضاف للمسرح العراقي بعداً جديداً ليس في أسلوب عروضه المسرحية ، بل في تنظيره لهذه العروض التي أطلق عليها اسم (مسرح الصورة) ، الذي “هو ليس عبارة عن مسرح بدون كلمة ، أو فعل فسيولوجي بدون لفظة ، وإنما كيف تملك القدرة على خلق الصورة الشعرية الميتافيزيقية ، كيف تستطيع أن تبني إيحاءات بعمق”(47) ، والنص عبارة عن “إنتاج فكري درس ميت علينا أن نستحضره إلى زماننا بحيث يبدو قريبا الينا لذلك فأنه خامة أولية ميتة لا نبض فيها وهي لهذا مادة ميتة متحجرة الزمن ولابد لها أن تتحرك وتستحضر كل الأرواح الهائلة في هذا الأثير الأزلي”(48) . 

والتجريب عند (القصب) هو سحر كوني يحاكي الروح تحت وطأة الجسد ، انه قدسي سري تسبح فيه المخيلة باستمرار ليل نهار ، أثيري ، انه الرواق المفتوح على الفضاءات المجهولة لا ينتمي إلى معمارية الهندسة وخرائطها ، انه سر ، انه الجنون والخوف والفجيعة . 

زاد اهتمام (القصب) بالشكل على حساب الكلمة وإضفاء مضمون خاص بلحظة العرض ترتبط بخزين الذاكرة الحية للمنتج الفني (الممثل) ، وأن المسرح يشكل فضاءً لا منتهياً ، وفي تجربته (حفلة الماس) أكد في مرحلة جديدة أن العالم قد وصل إلى نهاياته ، وانه مقبل على كارثة مروعة ، كل شيء في مسرحه عائم ، وهائم بلا هدف ، وتتداخل الصور والتكوينات لتشكل بالتالي فضاءات عرض متغايرة ومشتتة كصور الذاكرة المهمشة لحظة استعدادها للحلم ، فكانت الأكثر إيغالاً في الشكل وليس على حساب المضمون ،  حيث احتوى هذا العرض على لا مكانية المكان الذي يعمل محافظاً لمستودعات الذاكرة وتداعيات المخيلة لدى المتلقي ، وقد كانت حركة المجاميع على المسرح مرسومة بدقة وموزعة ضمن بؤرة مسرحية قصدية يتيح للمتلقي متابعتها من خلال الإضاءة .

إن صور الحلم عند (القصب) هي الوحدات التفجيرية التي تعطى للفضاء لغته المرئية الخالصة ، صيغ بلاغية ، بصرية ، تعتمد التحويل والتوليد الدلالي ، ورؤوس وأرجل وأيدي تعزف سيمفونية (أحزان مهرج السيرك)، وكانت تجربته في (عزلة في الكريستال) تقوم على لعبة التدمير المستمر ، الصورة تدمر الصورة ، وكان التهديم والبناء هو المحور الأساسي الذي تبناه (القصب) في عمله هذا ، بدءً من إعادة النص وانتهاءً بصورة العرض المسرحي ، الا أن براعة المخرج وايثارة للإدهاش بالصور الحية المتحركة جعلاه ينحاز انحيازاً كاملاً  لكسر السكون ، فضلاً عن ملء الفضاء بعناصر صورية متنافرة . 

بيد أن المعالجات الصورية للنص الشكسبيري لدى (القصب) ليس نظاماً تواصلياً في أنتاج معنى واحد ، بل أنها تحتفظ بزمن متحرك للذاكرتين المنتجة والمتلقية لتنقل حالة التواصل المسرحي بمستوياتها المتعددة إلى عوالم الفلسفة ، أنه نظام لا ينقل السطحي والمباشر من المعنى النصي بل يولد غموضاً في الصورة وعلاقاتها لينتج معنى يؤدي إلى الغموض ، فمستويات التجريب “تؤسس فعل تحول من نظام لساني مكتوب في النص الشكسبيري ومشيد على مراكز إرسال فكرية إلى نظام عرض مبني على فعل الهدم والبناء يهدف إلى خلق مغايرة في المعالجات الإخراجية تتفاعل في إنتاجه مستويات النص , الإخراج , التلقي بخصوصية جمالية متفردة”(49) . ومن الجدير بالذكر أن تجربة (القصب) في (هاملت) بدت للبعض في الوسط المسرحي آنذاك محل شك واتهام ، بل وسخرية وتهكم وتندر ، فهذا المخرج “قد استخف بالنص الشكسبيري إلى الحد الذي قرر فيه الاستغناء عن كثير من المشاهد بل الفصول وشطبها وحذف بعض الشخوص ، فضلاً عن قراره وفرضيته الإخراجية بان المكان الذي يدور فيه هاملت هو أفريقياً وليس الدانمارك وان مجريات العرض وأجوائه تدور في قبيلة افريقية”(50) ، وفي (مكبث) كانت معالجة (القصب) الإخراجية تكمن في انه لم يقم بتجسيد النص ، بل راح يبحث في النص نفسه عن إشارات ورموز ومناطق خفية تمتلك فعالية التأويل . 

وبرز إلى جانب (القصب) مخرج تجريبي ينتمي إلى جيل الحرب ، هو (شفيق المهدي 1956م _  ) الذي عمل مع القصب مخرجاً مشاركاً في (الحلم الضوئي ، والعاصفة) ، وانفرد بإخراج (المعطف) التي أعدها عن رواية (جوجول) ، وبخاصة تعد انجازاً إبداعياً يكشف عن قدرة في ابتكار عرض مسرحي يقوم على خطاب الجسد وتجليات الحركة والإيماءة والإشارة .  

وأخيراً أن الساحة المسرحية العراقية تضم كماً هائلاً من الأعمال المسرحية التجريبية التي شاركت في مهرجانات مسرحية عالمية وعربية ومحلية وحصدت جوائز وشهادات تقديرية ، فلا يتسنى للباحث ذكرها ، لسعتها واستمراريتها ، لان التجريب المسرحي مستمر في البحث عن ما هو جديد . 

الفصل الثالث 

تحليل العينات

العينة رقم (1)

التعري(51) 

تأليف : سلافومير مروجيك

إخراج : ثائر هادي جبارة

يقوم المتن الحكائي لمسرحية (التعري) على فكرة مفادها ، وجود شخصيتين يقذفان بهما في غرفة (ما) غير محددة الأبعاد ، حيث تفتقد من خلال هذا العالم الذي يتواجدان فيه أي ملامح للزمان والمكان ، لتبدو فكرة (مروجيك) غير محددة بوطنه أو مكانه بل وزمانه حتى ، أننا نستطيع الخروج من هذا التواجد بمعرفة ثنائيات عالمين متناقضين هما الداخل / الغرفة ، والخارج / العالم الواسع ، كفكرة فلسفية محورية تتضح من خلالها التوجهات الفكرية للشخصيتين ، فضلاً عن ذلك يبدو تناقض الشخصيتين ، وهما يرزحان تحت وطأة سلطة مهيمنة .

استعاض (مروجيك) رمزياً بوجود أيادي تخرج من الجدران لتحدد مسارات وجوهر الآلية التي يجب ان يعملان بها ، وهو استدلال واضح للتعبير عن تلك السلطة التي تؤدي إلى نهاية الشخصيتين غير المألوفة ، وذلك عبر تحولهما إلى شخصيات فاضحة لفعل السلطة وهو ما احتواه أيضاً نص العرض المسرحي . 

عمل المخرج على وفق أسلوب معين سعى إلى توظيف فكرة النص بما يجعل منها تلائم روح الواقع الذي يعيش فيه ، فالشخصيتين _ وهما محور العملية المسرحية في هذا النص _ يعبران عن أفكار شتى تقع ضمن اشتغالات نص المؤلف ، ونص المخرج المبثوث للمتلقي والمجتمع ، ففي الشخصية الأولى ثمة فكرة مغايرة لفكرة مقابلة تحملها الشخصية الثانية ، فالأول يرى إن التحرر أنما يكمن في الخلاص من (الداخل) ، والداخل هنا يعني مجموعة كبيرة من الدلالات الموحية إلى الدواخل (الجسد ، الغرفة ، المجتمع ، الحياة) ، وهو ما يعني ان الحرية لا تكمن بما هو معتمد ضمن المكان المفترض ، العالم المفتوح على أفق غير مؤطر ، العالم / الخارج ، وليس الداخل ، وهذه الشخصية (الأول) تسعى إلى تفعيل كل ما هو خارج الجسد ، المكان ، الوطن ، الحياة .

إن شخصية (الأول) تقف على الضد تماماً مع فكرة شخصية (الثاني) التي ترى أن الخلاص / الحرية، كمفهومين فاعلين في الحياة والإنسان يتكأ كثيراً عليهما ، أنما يكمنان في الداخل وليس الخارج ، وذلك عبر رؤية فلسفية مفادها أن العالم / الخارج  ، لا يعني سوى مجموعة من التصورات والأفكار والأماكن الموبوءة والمليئة بالعفن والتكسر والانحطاط ، عالم يصنع فيه الموت ، ويتألق فيه الدمار ، عالم من الصراعات المريرة التي يعجز الإنسان عن مسايرتها وإيجاد الحلول لها ، لذلك وعبر تلك النظرة لهذا العالم / الخارج ، ترى الشخصية أن الداخل هو الأكثر صفاءً ، لأنه لا يثير المشاكل والصراعات ، ولا يؤدي إلى دمار من أي نوع . 

الرجل الأول : إن الطاقة الكامنة في حريتي باقية كما هي ، لم يحدث أنني اخترت ولم أضع لنفسي حدوداً ، لقد أغلقت الأبواب لأسباب خارجية ، أنا شخصياً ما زلت كما كنت من قبل .   

الرجل الثاني : هذه الأبواب تثير أعصابي(52) .

ووفق تلك البنية عمل المخرج على توسيع دائرة الدلالات التي حددها النص ، فضلاً عن وجود شخصيتين محوريتين في العمل (النص) الا أن هناك قوى صراع ثالثة ، تعمل على رسم مسارات متعددة في الحركة والفكر والصراع ، وهي أدارة سلطوية ظاهرة ومرمزة في ذات الوقت ، بحيث نجد أنها عند (مروجيك) ثمة يدان اثنتان تقومان بالتعبير عن القوة المسلطة ، الا أننا نجد في الجانب الآخر لدى المخرج (جبارة) ليس ثمة يدان ، بل أكثر وأكثر ، وهو يجعل من عنصر التوقع غير فاعل وغائب تماماً أثناء العرض ، ويتم تفعيل عامل المفاجأة والدهشة التي تسحر الجمهور ، وتعمل على سحبه ودفعه إلى التلاحم مع فكرة العرض .

انطلق المخرج من محددات ورؤى اجترحها لنفسه بعيداً عن رؤى مؤلف النص ، وذلك بسبب اختلاف البنية المجتمعية والسياسية لكل من بيئة المخرج والمؤلف ، ما منح نص العرض بعداً تشكيلياً وجمالياً ، وهذا بدوره سيقودنا إلى تلمس ملمحاً تجريبياً يحدد أفق العرض ، لأنه الأساس في تشكيل حركة الممثل وتوجيهها ، وبهذا يعمل المخرج بناءً على تلك المغايرة والمخالفة ، والبحث عن جماليات جديدة يستنبطها من النص لتكون أكثر تأثيراً ويكمن فيها الخلاص من التقليدي والمتوقع والمألوف .

تأسس الشكل المسرحي للعرض على مجموعة من الدلالات التي أراد من خلالها المخرج (جبارة) التعبير عن المكان نفسه ، ومن ثم عن المرجعيات المكونة للمكان (السلطة) ، فقد استخدم الدلالات التي تشابهت وهي عبارة عن مجموعة من السلالم ، وهي دلالات متحولة غير ثابتة ، تتحرك دلاليا على وفق ما هو محدد لها من قبل المخرج ، والذي يتوائم مع فعل الشخصية ، فمن عرش في وسط المسرح إلى صراع على السلطة (الكرسي) ، وقد توزعت جثتين ، بواقع (جثة) واحدة على كل سلم ، وهي إشارة إلى وجود أشخاصاً قذفوا سابقاً في هذا المكان وتلك كانت نهايتهم ومصيرهم .

كما كان اللون البارز في العرض والذي عمد المخرج إلى استخدامه هو (الأبيض والأسود) ليشير بذلك إلى عنصر فاعل يؤسس لفكر العرض ، الا وهو التناقض والاختلاف ، ومن ثم عدم التقاء العوالم (الداخل والخارج) ووجود تنافر لا يجتمع الا في المكان فقط ، وما يحمله اللونين من حدية وعدم توافق ، إذ وظف المخرج هذه الصورة لتعبر بشكل أساس عن عالمين من التناقض ، فتوزعت الآلية التجريبية التي يعمل على أساسها ، إذ لا مجال إلى وجود لون محايد أو أي لون آخر ، فالعالم الذي ترسمه السلطة لا يمكن الحياد عنه ولأنه محدد باتجاه معين ، وهو الرضوخ والعمل على عدم الرفض إذ لا مجال لذلك مطلقاً لان المصير الذي يأتي جراء الرفض وضعه المخرج التجريبي من خلال جثتين على سلمين احدهما في اليمين والآخر في اليسار .

عمل المخرج محاولاً تشكيل مفردات العرض من خلال رؤيته  بواسطة تهديم عدد من البنى في النص ، ويمكن الإشارة إلى الاستخدامات التي لم يرسمها المؤلف (مروجيك) في نصه ، منها (السلالم ، الألوان ، شكل الشخصيات ، القبعات ، الساعة الموضوعة في مقدمة المسرح) ، والأخيرة تشير إلى إلغاء عامل الزمن وانهياره ، وهو هنا لا يشير إلى وقت معلوم أو محدود . لذلك عمل المخرج (جبارة) بناء عرضه على وفق رؤيته هو ، فجاء الموضوع والشكل متلائمين ليعبران عن هدف المخرج أولاً ، ومن ثم النظر إلى هدف المؤلف الذي ارتضى لنصه أن يكون مجالاً للتجريب والاستخدام المرهون بوقته ومكانه ، وذلك يتضح من خلال استخدام (الاثنين) واتفاقهما على تعويم عاملي الزمان والمكان ، الا ان دواخل العرض والنص وبنيتهما الفكرية ارتبطت بالأيدي العارية وهي بذلك وكونها عارية ، لا تشير إلى أي سلطة محددة ، بل جاءت التأويلات النصية في التأليف والإخراج مفتوحة ، وغير قابلة للتحديد ، وهذا ما يذهب إليه المتلقي ، لان التحولات لم تكن لها أي وجود لا في النص ولا في العرض .

وعلى ذلك يكون المخرج قد حافظ على فكرة النص الأصل ومن ثم مغادرتها في الكثير من الجوانب عبر التشكيلات المرسومة والاستخدامات لفضاء المسرح المتأتية من الزي والضوء والموسيقى والمنظر واستخدامات حركة الأيدي والملحقات المتلائمة مع مناخ خطاب العرض . 

وهنا يمكن تحديد جوانب التجريب في عرض (التعري) وفقا للبنية الفكرية التي يحملها المخرج وليس المؤلف ، إذ ان الاستخدامات التي جاء بها المخرج ، هي استخدامات خاصة به ، تمثل رؤيته لمشهد الإنسان المعاصر الذي تناوشته الصراعات المحلية والعالمية ، وكما هو الحال واضح ، أن الإنسان ليس رهن مجتمعه فقط ، وان كان ذلك ، فانه أيضاً كائن اجتماعي لا يكتفي بإقامة العلاقات الإنسانية داخل المجتمع ، وهو ما يتضح جلياً من خلال فكرة الحرية كأساس محوري للعرض ، وتناوله وفق رؤية الداخل والخارج .

وفق ما تقدم يكون تعامل المخرج التجريبي (جبارة) مع النص المسرحي (التعري) متنوعاً وفق آليات التجريب والتعامل مع النص الأصلي ، بناءً على اعتبار النص خطوة أولى لبناء تشكيلات ومكونات العرض المسرحي الذي يريد المخرج أساساً إيصاله إلى المتلقي ، ومن خلال العرض يمكن إقامة علائق مع فكر المؤلف وبالتالي مع مجتمعه الإنساني الذي يعيش فيه ، وهو ما يعني أن العرض بمثابة بوابة لمعرفة الفكر الإنساني للمجتمعات وطريقتها في التعامل مع الحياة مرتبطة هنا بفكرة المخرج ومجتمعه أيضاً ، لذلك فان المخرج التجريبي يمثل حقل وصل وفق استخداماته واختياراته لنصوص مسرحية بعينها على إقامة حواراً حضارياً وإنسانياً. 

العينة رقم (2)

هاملت(53)

تأليف : وليم شكسبير

إخراج : محمد حسين حبيب 

يدعو التجريب المخرج المسرحي (محمد حسين حبيب) ليكون تجريبياً ، وهو يمضي قدماً في هدم وبناء آلية تشكيل الفكرة الأساس ، رغم محافظته عليها ، لكنه يقوم بتقديم مشاهد وتأخير أخرى ، ليبدأ العرض المسرحي تجريبياً برقصة مغايرة ، وهي ذاتها المشاهد الصامتة (التي قدمتها فرقة استقدمها هاملت لفضح جريمة عمه وأمه) لكن المخرج هنا يقدمها ممزوجة بالرقص الدرامي لمجموعة من المهرجين ، وبذلك فهو يستبعد مقولة هاملت الشهيرة (طابق الكلمة للفعل ، والفعل للكلمة) وهو يدعو الممثلين إلى الأخذ بها .

تلك البداية أشارت بشكل واضح إلى ان المخرج المسرحي هنا لم يهتم بما هو مألوف ومخزون في ذاكرة المشاهد حول النص الشكسبيري ، لذلك يطالعنا المخرج منذ بدأ العرض بروح تجريبية عالية المستوى .

لقد أسس المخرج (حبيب) فضاء العرض بمجموعة من الديكورات الثابتة ، ومجموعة أخرى متحركة ، كان الفعل الأساس وفق ذلك متوازناً ، ليشكل من خلالها بيئات وتشكيلات مكانية متعددة نابعة من تجريبية الرواية التي يقوم بطرحها ، ولم يتوان عن مد أفق الفضاء إلى خارج قاعة العرض نفسه ، وبذلك فهو يقوم بمجموعة من الامتزاجات التي نشاهد بواسطتها في العرض المسرحي الواحد (هاملت) مجموعة من الآفاق ، تمحورت حول العلاقة بين الداخل / القاعة ، والخارج/ الفضاء المفتوح (خارج القاعة) وكذلك بين الماضي وما قامت به الشخصيات من أفعال ، والحاضر (فضح تلك الأفعال من خلال المهرجين ورقصاتهم) ، فضلاً عن ما تم طرحه في العرض من إمكانيات بارعة في الاستخدامات الفلمية من خلال (الداتاشو) والتي منحت إطار العرض وجعلته رحباً ، وكان الربط بين الخارج والداخل يشير إلى وعي (المخرج) العالي بالمكان إذ استثمر البابين الموجودتين على جانبي قاعة العرض .

ولم يتوقف المخرج عند هذا الحد ، بل راح يؤسس لكل ما يجعل العرض المسرحي تجريبياً ، وذلك باستثماره للمكان ، فالمكان الواحد (منصة العرض) احتوت على مجموعة كبيرة من الأمكنة والتي لم يترك بواسطتها المخرج أي بقعة على المنصة الا وقام باستغلالها أروع استغلال ، فقد تحول المكان إلى حدائق وقاعات وغرف وفضاءات شاسعة من قاعة العرض ، إلى غرفة الخدم ، إلى حدائق القصر ، إلى المكان الذي تمت فيه جريمة  مقتل والد هاملت ، بمؤامرة حيكت من قبل (عمه وأمه) ، إلى مقبرة المدينة حيث حفارة القبور يجهز قبرا لـ(اوفيليا) ، وقد ساعد في ذلك التأسيس أيضاً ما استخدمه المخرج من فاعلية للضوء وتوزيعه على الأمكنة بالطريقة التي تمنح كل مكان خصوصيته ، وتحيل المتلقي إلى الفصل بين المكان اللاحق والمكان السابق ، بين المقبرة وصالة العرش ، بين أماكن تواجد هاملت وبين لقاءاته مع الآخرين .

ويجب عدم إغفال التكنولوجيا المتعددة في دعم حضور الممثل وتقوية أفعاله وإيصال صوته بدقة عالية ومتناهية ، عندما قام المخرج بتسجيل أصوات المعركة وقرقعات السيوف ، ومن ثم هيمنة صوت الملك (عم هاملت) وهو يدعو هاملت ولايرتس إلى الاقتتال .       

كما ان المخرج رغم محافظته على فكرة النص الأصلي كأساس ينطلق منه لتكوين نصه الخاص ، فانه لم يغفل إضافة إلى ذلك طبيعة الشخصيات التي جاءت في نص (شكسبير) ، فلم يكن المخرج يعتبرها أساساً مقدساً يمكن التأسيس والبناء عليه ، أو عدم زحزحته ، فنجد ان (هوراشيو) الذي يأخذ مساحة واسعة في النص الأصلي (لدى شكسبير) لم يكن كذلك في نص العرض ، وذلك نابع من رؤية المخرج ومحاولته على الأفعال المركزية وتسليط بؤرة الضوء على (هاملت) ، وإزاحة كل ما حوله من شخصيات أو تعطيل دورها قدر الإمكان ، لكي يتخلص من التشويش على الضوء المسلط باتجاه هاملت .

سعى (حبيب) ومن اجل ان لا يكون النص شكسبيرياً خالصاً ، من الناحية الزمنية أو التاريخية على ربطه بالحاضر _ الراهن _ اليومي ، من خلال مجموعة من استخدامات التي تحيل قارئ العرض إلى ذلك ، إذ استخدم مجموعة من الإمكانات التي جعلت من النص الشكسبيري منزوعاً من زمنه ومعبراً عن زمننا هذا ، وذلك بوساطة الوسائل الفيليمية (الداتاشو) ثم بتوجيه أشعة الليزر إلى المنصة دون تحديد اتجاه معين لها ، أو تسليطها عن شخصية معينة ، ثم الأضواء المتحركة الدوارة التي أضفت على جو الصراع مناخاً سينمائياً/ مسرحياً .

كان المخرج يبغي من تلك الاستخدامات _ فضلاً عن ربطها بالواقع _ أن الجميع كان مستهدفاً وليس هاملت وحده ، لوجود مؤامرة كبرى توزعت أدوارها على شخصيات معلنة (ادواتية / الملك عم هاملت) وأيدي غير معلنة قابعة في الظل هي التي توجه المعركة حسب رغبتها (أشعة الليزر) .

فإذن ووفق رؤية المخرج هذه ، نجد ان هناك عالماً ظاهراً (الشخصيات) ، وعالماً خفياً / باطناً هي القوى المحركة للفعل والإحداث التي يشير إلى وجودها (شعاع الليرز) .

لقد اهتم المخرج بتوظيف كل ما متاح أمامه من إمكانات في القاعة وخارجها ، فضلاً عن توظيف إمكاناته الفكرية وإيجاد الطريقة المثلى والشكل الجديد ، للعرض بغية تقديم مسرحية ذات مستوى فني عالٍ ، عرض يعبر فيه عن الواقع ، وعن التأريخ ، ويستشرف فيه المستقبل ، فقد عبر المخرج عن فكر شكسبير من خلال شخصياته وبيئتها ومرجعياتها الفكرية ، الا انه أزاح كل ذلك عندما أراد التعبير عن الواقع ، لأنه كلما كان المتلقون يندمجون مع النص الشكسبيري الراكز في أذهانهم ، كان المخرج بواسطة توظيفه لأدوات معاصرة يحاول تهشيم تلك البنية الراكزة ، بحيث قاموا بذلك منذ اللحظة الأولى التي بدأ بها العرض .

وبدل ان يظهر الشبح لهاملت كما هو معروف في النص الأصل ، نجد ان مشهد المؤامرة يعد بديلاً لذلك، وعندما تستمر الأحداث الشكسبيرية ، يراوغ المخرج مرة أخرى ويعلن ضرب تلك الاستمرارية من خلال مشاهد متتالية للتشييع ، وربط فضاء الخارج بقاعة العرض ، ثم يعود بنا إلى أحداث شكسبير المعتادة أو المعروفة ليوصلنا في نهاية العرض لمخالفة شكسبيرية تحسب لصالحه ، تتمثل بعودتنا إلى الواقع / واقع المخرج/ واقعنا ، وليس الواقع الذي رسمه شكسبير لشخصياته ، ففي المعركة يختفي شكسبير تماما وتنهار جهوزية القارئ واستقرار فكرة النص الأصلي لديه ، وتحل محلها فكرة / رؤية المخرج المعاصر ، كون المخرج المسرحي لم يكن غافلاً أبدا للواقع الذي يعيش فيه ، وما يمتلكه هذا الواقع من صراعات كان الأساس الأول فيها ، الصرع عن العرش ، بغض النظر عن الطرق التي يتم الوصول فيها إليه.

إن الطرح الذي قدمه (حبيب) في نص عرض هاملت ، امتلك إمكانات تواجده لعمقه وجمالياته الرائقة ، كما امتلك أفقاً تأويلياً غنياً ، أراد منه المخرج ان يكون خطابه إلى المتلقي ، لذا نلاحظ انه لا يهتم مطلقاً بما كان يسمى بالجدار الرابع ، الذي حافظ عليه شكسبير ، عبر تواجد الممثل بين جمهور المتلقين أو المرور من بينهم ، ثم خطاب الملك (عم هاملت) بعد قتله لأخيه ، حيث كان الخطاب موجهاً إلى جمهور القاعة ، والملك مجرد من الزي الرسمي الملكي .

فقد عمل المخرج كتجريبي على إزاحة أي فاصل يمكن ان يكون حاجزاً بين الممثل والمتلقي، وهو ما قام باستثماره (حبيب) بشكل واضح وصريح ، ليكون دافعاً فنياً في دعم فكرة توكيد الزمان والمكان الراهنين ، لان المكان الذي أراده المخرج ليس مكاناً شكسبيرياً ، ما جعل الممثل (عم هاملت) يقف أمام الجمهور تاركاً خلف ظهره كل أمكنة شكسبير (منصة التمثيل) ، فكان استخداماً فنياً رمزياً ارتبط بالواقع . 

انطلقت خصائص التجريب في العرض المسرحي (هاملت) من وعي المخرج لآليات التجريب المسرحي ، فضلاً عن كونه متخصصاً ومخرجاً ، له أعمال عديدة لم يكن هاملت أولها ، ما يعني وجود كم هائل من الخبرات الفنية والفكرية (لديه) في الأساليب التي انطلق منها التجريب إلى يومنا هذا .    

الخاتمة (النتائج)

ومن خلال دراسة آليات التجريب في العرض المسرحي الحلي، يمكننا أن نستخلص مجموعة من النتائج نختتم بها البحث الحالي وعلى النحو التالي : 

1. التجريب يمثل صراعاً فكرياً بين المؤلف (النص) ، و(مخرج) العرض ليتبدى هذا الصراع على شكل عرض يطيح بكل الثوابت . 

2. التجريب يمنح المخرج القدرة على الإعلان عن موت التقليد ومغادرته .

3. يرتبط المخرج التجريبي فكرياً بالمجتمع وتطوره الحضاري .

4. يدفع التجريب المخرج المسرحي في البحث والتقصي عن كل ما يمثل استحداثاً وحراكاً وتفاعلاً في الوقت الحاضر ، دون إغفال الماضي .

5. التجريب يتيح للمخرج المسرحي فرصة التحرك وسط متون مسرحية عديدة . 

6. عمل المخرج المسرحي الحلي على وفق مبدأ المغايرة والاختلاف ، لتحقيق عنصر المفاجأة في العرض المسرحي .

7. يحضر مفهوم التأويل بقوة وبكثافة داخل المتن الفكري للعرض المسرحي الحلي ، كون ان المخرجين اعتمدوا على حراك فكرة العرض وتشظيها لتعطي مدلولات متحركة لدوال ثابتة . 

8. يعلن المخرج المسرحي التجريبي الحلي منذ بداية العرض بما يمتلكه من روح تجريبية مؤثرة .

9. استثمر بعض المخرجين التجريبيين الحلين التقنيات الفنية المتعددة في دعم فاعلية العرض المسرحي . 

10. أنطلق المخرج المسرحي الحلي في تركيب ماهية العرض التجريبي على وفق رؤية يطرحها تعبر عن أفكاره المتلائمة مع فكرة النص . 

11. انطلق المخرج المسرحي الحلي في رؤيته لصناعة الصورة المسرحية على وفق مبدأ الحذف والإضافة والتوظيف .

12. المخرج التجريبي الحلي يقوم بخلخلة الأفكار الثابتة والمألوفة لدى المتلقي ويعيد تصوراته نحو فكرة ما ، انطلاقاً من مرجعياته وتصوراته الفكرية والفنية التي انتهجها واقترنت به . 

13. يتحدد التجريب في العرض المسرحي بناءً على الرؤية التي يطرحها المخرج لا المؤلف.

14. يعمد المخرج المسرحي في التجريب على تفعيل كل فضاء العرض المسرحي ، لقتل السأم والملل المتولد من التكرار والثبات ، فضلاً عن استخدام المخرج الحلي للفضاء استخداماً واضحاً فهو يعمد إلى تشكيل الصورة المسرحية انطلاقاً من مكان العرض ، فالمكان هو المحدد الرئيس لصورة العرض .

15. المخرج التجريبي الحلي يؤسس لكل ما يجعل العرض المسرحي تجريبياً باستثمار عنصري الزمان والمكان . 

الهوامش والتعليقات

(1) إبراهيم مصطفى وآخرون ، المعجم الوسيط ، ج1+2 ، (طهران : مؤسسة الصادق للطباعة والنشر ، دت) ، ص114 .

(2) محمد بن أبي بكر الرازي ، مختار الصحاح ، (الكويت : دار الرسالة ، 1983م) ، ص98 .

(3) الكسندر دين ، أسس الإخراج المسرحي ، تر : سعدية غنيم ، (القاهرة : الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1982م) ، ص33 .

(4) جعفر الحسيني ، معجم مصطلحات المنطق ، (طهران : مطبعة بقيع ، دت) ، ص63 . 

(5) جميل صليبا ، المعجم الفلسفي بالألفاظ العربية والفرنسية والانكليزية واللاتينية ، ج2 ، (قم : منشورات ذوي القربى ، 1385هـ)، ص244 .

(6) مدحت أبو بكر ، التجريب المسرحي : آراء نظرية وعروض تطبيقية ، (القاهرة : وزارة الثقافة ، إصدارات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي ، 1993م) ، ص166 . 

(7) الكوميدي فرانسيز: هو المسرح القومي الحكومي الفرنسي ، أسس بأمر ملك فرنسا لويس الرابع عشر عام 1680م وانضمت أليه فرقة المسرح الجديد ، وفرقة هوتيل دو بورجونيا وفرقة خوتيل جيني جود ليكّونوا ثلاثتهم معاً الفرقة المسرحية لمسرح الكوميدي فرانسيز ، للمزيد ينظر : كمال عيد ، أعلام ومصطلحات المسرح الأوربي : قاموس منهجي لدارسي الفنون في الوطن العربي ، (الإسكندرية : دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر ، 2006) ، ص639 .  

(8) ينظر : فيكتور هيجو ، مسرحية هرناني ، تر : زكي طليمات ، سلسلة المسرح العالمي رقم (57) ، (الكويت : وزارة الإعلام ، 1974م) ، ص12_13 . 

(9) محمد خير الرفاعي ، أدبيات التجريب في الكتابة المسرحية : المسرح الغربي نموذجاً ، المجلة الأردنية للفنون ، المجلد 1 ، العدد 1 ، (اربد : جامعة اليرموك _ عمادة البحث العلمي والدراسات العليا ، 2009م) ، ص77 .

(10) ينظر : عبد الناصر حسو ، هيكلية النص المسرحي ، ملحق جريدة الثورة السورية ، (دمشق : مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ، 3/10/2009م) .

(11) برنار دورت ، العرض المسرحي المتحرر ، تر : حمادة إبراهيم ، (القاهرة : وزارة الثقافة ، إصدارات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي ، 1994م) ، ص144 .

(12) ينظر : كاترين بليزايتون ، مسرح ميرخولد وبريخت ، تر : فايز قزق ، (دمشق : منشورات وزارة الثقافة ، المعهد العالي للفنون المسرحية ، 1997م) ، ص19 . 

(13) المسرح الشرطي : ظهر هذا التوجه في بداية القرن العشرين في روسيا كردة فعل على المسرح الطبيعي الذي يقوم على ترسيخ الإيهام ، والواقع أن (مايرهولد) لم يتعامل مع الشرطية كأسلوب فقط ، وإنما كانت بالنسبة له جزءً من نظرة جديدة للمسرح تعتبر أن الإخراج عملية ابداعية تتخطى تصوير النص بشكل حرفي ، وقراءة جديدة للنص المسرحي تستند إلى بنية العمل ، للمزيد ينظر : ماري الياس ، وحنان قصاب حسن ، المعجم المسرحي : مفاهيم ومصطلحات المسرح وفنون العرض ، المعجم المسرحي : مفاهيم ومصطلحات المسرح وفنون العرض ، (بيروت : مكتبة لبنان ناشرون ، 1997م) ، ص275 .

(14) ينظر : فسيفولود مايرخولد ، في الفن المسرحي ، تر : شريف شاكر ، ج1 ، (بيروت : دار الفارابي ، 1979م) ، ص85 . 

(15) ينظر : فاضل الجاف ، فيزياء الجسد : ماييرهولد ومسرح الحركة والإيقاع ، (الشارقة : دائرة الثقافة والإعلام ، 2006م) ، ص153.

(16) محمد خير الرفاعي ، أدبيات التجريب في الكتابة المسرحية : المسرح الغربي نموذجاً ، ضمن الندوة الرئيسية في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي ، بتاريخ 11/9/2006م ، ص77 .

(17) ينظر : عدنان المبارك ، أصول المسرح المعاصر وواقعه الراهن ، مجلة آفاق عربية ، العدد 10 ، السنة 4 ، (بغداد : مؤسسة رمزي للطباعة ، حزيران 1979م) ، ص91 . 

(18) ينظر : جورج ولورث ، مسرح الاحتجاج والتناقض ، تر : عبد المنعم إسماعيل ، (بيروت : المركز العربي للثقافة والعلوم ، 1979م) ، ص39 .

(19) أنطوان ارتو ، المسرح وقرينه ، تر : سامية اسعد ، (القاهرة : دار الهنا للطباعة ، 1972م) ، ص 64 .

(20)  الديالكتيك : هو فن الحوار ، إذا ما اجتمع اثنان مختلفا الرأي ينشب جدل بينهما ، يحاول فيه كل واحد دحض رأي خصمه ، فيكون تعارض الطرائح المعروضة محركاً للنقاش ، فكل مناقشة هي من هذا الجانب ديالكتية ، للمزيد ينظر : جبور عبد النور ، المعجم الأدبي ، (بيروت : دار العلم للملايين ، 1979م) ، ص113 . 

(21) رشاد رشدي ، نظرية الدراما من أرسطو إلى الآن : دراسة تحليلية للدراما أشكالها وتطورها ، (القاهرة : مكتبة الانجلو المصرية، 1992م) ، ص194 .

(22) قيس الزبيدي ، مسرح التغيير ومقالات أخرى في منهج بريشت الفني (جمع) ، (بيروت : دار ابن رشد ، 1980م) ، ص28.

(23) م. اوفسيانيكوف ، و ز.سميرنوفا ، موجز تاريخ النظريات الجمالية ، تر : باسم السقا ، (بيروت : دار الفارابي ، 1975م) ، ص443 .

(24) بيتر بروك ، الشيطان هو الضجر : آراء في المسرح ، تر : محمد سيف ، السلسة المسرحية ، (الشارقة : دائرة الثقافة والإعلام ، 2006م) ، ص75 .

(25) المسرح الكوني : المسرح الذي يجد فيه (بروك) محاولة لإعادة اكتشاف الحرية المفقودة للإنسان المعاصر ، بعيداً عن الأطر المعمارية التقليدية ، وحواجز اللغة ، والنماذج المسرحية الجاهزة ، للمزيد ينظر : مدحت الكاشف ، المسرح والإنسان : تقنيات العرض المسرحي المعاصر ، (القاهرة : الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 2008م) ، ص47 .

(26) احمد سخسوخ ، اتجاهات في المسرح الأوربي المعاصر ، (القاهرة : الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 2005م) ، ص39 .

(27) مسرح كريكوت : يعد أهم ظاهرة مسرحية تجريبية ، خلق مسرحاً لا يشبه المسارح الأخرى ، وبهذا المسرح أراد (كانتور) أن يجعل الممثل شيء اقرب إلى الأسطورة ، فهو يهدمه ويحطمه شتاتاً ليعيد بناءه من جديد حسب رؤيته ، للمزيد ينظر : باربرا لاسوتسكا بشزنياك ، المسرح والتجريب ما بين النظرية والتطبيق ، تر : هناء عبد الفتاح ، (القاهرة : المجلس الأعلى للثقافة ، 1999م) ، ص84 .

(28) ينظر : ضياء شمسي حسون ، العرض في المسرح البولوني المعاصر ، مجلة جامعة بابل للعلوم التربوية، العدد 2 ، المجلد 4 ، (الحلة : جامعة بابل ، 1999م) ، ص446 .

(29) ينظر : مدحت الكاشف ، اللغة الجسدية للممثل ، سلسلة دراسات ومراجع المسرح رقم (44) ، (القاهرة : أكاديمية الفنون ، 2006م) ، ص81 .

(30) ينظر : سامي عبد الحميد ، تطور الذهنية الإخراجية في المسرح العراقي ، مجلة الأقلام ، العدد 3و4 ، السنة22 ، (بغداد : دار الشؤون الثقافية العامة ، آذار ـ نيسان ، 1987م) ، ص20 .

(31) ينظر : سامي عبد الحميد ، نحو مسرح حي ، (بغداد : دار الشؤون الثقافية العامة ، 2006م) ، ص71 .

(32) عقيل مهدي يوسف ، الواقعية في المسرح العراقي ، (بغداد : دار الشؤون الثقافية العامة ، 1990م) ، ص25 .

(33) محمد الجزائري ، هل هناك منهج فني في المسرح العربي ، مجلة المسرح والسينما ، العدد 9 ، (بغداد : المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون والسينما ، 1/9/1973م) ، ص13 .

(34) ينظر : ياسين النصير ، ثلاثة نماذج في الإخراج المسرحي المحلي ، مجلة المسرح والسينما ، العدد 10 ، (بغداد : المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون والسينما ، 10/7/1974م) ، ص31 .

(35) عقيل مهدي يوسف ، إبراهيم جلال والسؤال الإبداعي ، مجلة الأقلام ، العدد 2 ، السنة 24 ، (بغداد : دار الشؤون الثقافية العامة ، آذار 1989م) ، ص126 . 

(36) ينظر : سامي عبد الحميد ، تجربتي في التمثيل والإخراج ، مجلة الأقلام ، العدد 5 ، السنة 15 ، (بغداد : دار الشؤون الثقافية العامة ، آذار 1980م) ، ص191ـ192 ، بتصرف .

(37) ينظر : ضياء خضير ، الإخراج في المسرح العراقي ، مجلة الأقلام ، العدد 2 ، السنة 25 ، (بغداد : دار الشؤون الثقافية العامة ، شباط ، 1990م) ، ص42 .

(38) ينظر : عواد علي ، المألوف واللامألوف في المسرح العراقي ، (بغداد : دار الشؤون الثقافية العامة ، 1988م) ، ص27 .

(39) ينظر : باسم الاعسم ، مقاربات في الخطاب المسرحي ، (دمشق : دار الينابيع ، 2010م) ، ص137 .

(40) ينظر : علي مزاحم عباس ، ملحمة كلكامش تجربة خلاقة في المسرح العراق ، مجلة الإذاعة والتلفزيون ، العدد 217 ، السنة 8 ، (بغداد : المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون والسينما ، 8/5/1977م) ، ص36 .

(41) كريم عبود ، التجريب في المسرح العراقي بين الفرضية والإبداع ، مجلة الفن المعاصر ، العدد 7و8 ، (القاهرة : أكاديمية الفنون ، 2009م) ، ص44 .

(42) ينظر : ياسين النصير ، ثلاثة نماذج في الإخراج المسرحي المحلي ، المصدر السابق ، ص30 .

(43) سامي عبد الحميد ، وشفيق المهدي ، التجديد في وسائل التعبير : المسرح التجريبي في العراق ، مجلة آفاق عربية ، العدد 3، السنة 17 ، (بغداد : دار الشؤون الثقافية العامة ، آذار 1992م) ، ص79 .

(44) عواطف نعيم ، تعدد الرؤية الإخراجية للتراث في العرض المسرحي العراقي ، السلسلة المسرحية ، (الشارقة : دائرة الثقافة والإعلام ، 2007م) ، ص157 .

(45) ينظر : ياسين النصير ، في المسرح العراقي المعاصر ، (بلجيكا : مؤسسة صحراء 93 ، 1997م) ، ص42 .

(46) ينظر : عواد علي ، المعرفة والعقاب : قراءات في الخطاب المسرحي العربي ، (بيروت : المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، 2001م) ، ص22 .

(47) حميد محمد جواد ، فضاءات مسرح الصورة ، مجلة أسفار ، العدد 13 ، (بغداد : أيلول 1993م) ، ص38 .

(48) صلاح القصب ، ما وراء الصورة : الإشارة الأولى لصورة الذاكرة ، مجلة الأقلام ، العدد 2 ، السنة 25 ، (بغداد : دار الشؤون الثقافية العامة ، شباط 1990م) ، ص66 .

(49) ينظر : كريم عبود ، التجريب في المسرح العراقي بين الفرضية والإبداع ، المصدر السابق ، ص51 .

(50) حسين علي هارف ، صلاح القصب الخارج عن القانون الإخراجي السائد : شهادة عن المغامرة الأولى ، مجلة شانو ، العدد4، (السليمانية : فرقة مسرح سالار ، حزيران 2007م) ، ص117 .

(51) قدمت هذه المسرحية ضمن مهرجان بابل الأول للفنون يوم الأربعاء الموافق 6/12/2006م على قاعة النشاط المدرسي ، والمسرحية من إنتاج النشاط المدرسي في بابل . 

(52) سلافومير مروجيك ، مسرحية التعري قطعة قطعة أو استريب تيز ، مسرحية التعري قطعة قطعة أو استريب تيز ، تر : إبراهيم حمادة ، مجلة المسرح ، العدد 1 ، (القاهرة : الهيئة المصرية العامة للكتاب ، مارس 1987م) ، ص153 . 

(53) قدمت هذه المسرحية ضمن احتفالات بابل عاصمة العراق الثقافية وعرضت ابتداءً من يوم الأحد الموافق 15/6/2008م ولمدة عشرة أيام ، على مسرح النشاط المدرسي في الحلة ،  والمسرحية من أنتاج النشاط المدرسي ونقابة الفنانين في بابل ، وتعد هذه المسرحية أضخم أنتاج مسرحي في بابل . 

قائمة المصادر والمراجع

& الكتب

(1) أبو بكر (مدحت) ، التجريب المسرحي : آراء نظرية وعروض تطبيقية ، (القاهرة : وزارة الثقافة ، مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي ، 1993م) .

(2) ارتو (أنطوان) ، المسرح وقرينه ، تر : سامية اسعد ، (القاهرة : دار الهنا للطباعة ، 1972م) .

(3) الاعسم (باسم) ، مقاربات في الخطاب المسرحي ، (دمشق : دار الينابيع ، 2010م) .

(4) اوفسيانيكوف (م.) ، و ز.سميرنوفا ، موجز تاريخ النظريات الجمالية ، تر : باسم السقا ، (بيروت : دار الفارابي ، 1975م) .

(5) بروك (بيتر) ، الشيطان هو الضجر : آراء في المسرح ، تر : محمد سيف ، السلسة المسرحية ، (الشارقة : دائرة الثقافة والإعلام ، 2006م) .

(6) بشونياك (باربرا لاسوتسكا) ، المسرح والتجريب ما بين النظرية والتطبيق ، تر : هناء عبد الفتاح ، (القاهرة : المجلس الأعلى للثقافة ، 1999م) .

(7) بليزايتون (كاترين) ، مسرح ميرخولد وبريخت ، تر : فايز قزق ، (دمشق : منشورات وزارة الثقافة ، المعهد العالي للفنون المسرحية ، 1997م) .

(8) الجاف (فاضل) ، فيزياء الجسد : ماييرهولد ومسرح الحركة والإيقاع ، (الشارقة : دائرة الثقافة والإعلام ، 2006م) .

(9) دورت (برنار) ، العرض المسرحي المتحرر ، تر : حمادة إبراهيم ، (القاهرة : وزارة الثقافة ، إصدارات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي ، 1994م) .

(10) دين (الكسندر) ، أسس الإخراج المسرحي ، تر : سعدية غنيم ، (القاهرة : الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1982م) .

(11) رشدي (رشاد) ، نظرية الدراما من أرسطو إلى الآن : دراسة تحليلية للدراما أشكالها وتطورها ، (القاهرة : مكتبة الانجلو المصرية ، 1992م) .

(12) الزبيدي (قيس) ، مسرح التغيير ومقالات أخرى في منهج بريشت الفني (جمع) ، (بيروت : دار ابن رشد ، 1980م) .

(13) سخسوخ (احمد) ، اتجاهات في المسرح الأوربي المعاصر ، (القاهرة : الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 2005م) .

(14) عبد الحميد (سامي) ، نحو مسرح حي ، (بغداد : دار الشؤون الثقافية العامة ، 2006م) .

(15) علي (عواد) ، المألوف واللامألوف في المسرح العراقي ، (بغداد : دار الشؤون الثقافية العامة ، 1988م).

(16) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ، المعرفة والعقاب : قراءات في الخطاب المسرحي العربي ، (بيروت : المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، 2001م) .

(17) القصب (صلاح) ، مسرح الصورة بين النظرية والتطبيق ، (الدوحة : المجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث ، 2003م).

(18) الكاشف (مدحت) ، اللغة الجسدية للممثل ، سلسلة دراسات ومراجع المسرح رقم (44) ، (القاهرة : أكاديمية الفنون ، 2006م) .

(19) ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ، المسرح والإنسان : تقنيات العرض المسرحي المعاصر ، (القاهرة : الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 2008م) .

(20) كووسوفيتش (يان) ، مسرح الموت عند كانتور ــ تيار ما بعد التجريب ، تر : هناء عبد الفتاح ، (القاهرة : وزارة الثقافة ، منشورات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي ، 1994م) .

(21) مايرخولد (فسيفولود) ، في الفن المسرحي ، تر : شريف شاكر ، ج1 ، (بيروت : دار الفارابي ، 1979م) .

(22) النصير (ياسين) ، في المسرح العراقي المعاصر ، (بلجيكا : مؤسسة صحراء 93 ، 1997م) .

(23) نعيم (عواطف) ، تعدد الرؤية الإخراجية للتراث في العرض المسرحي العراقي ، السلسلة المسرحية ، (الشارقة : دائرة الثقافة والإعلام ، 2007م).

(24) ولورث (جورج) ، مسرح الاحتجاج والتناقض ، تر : عبد المنعم إسماعيل ، (بيروت : المركز العربي للثقافة والعلوم ، 1979م) .

(25) يوسف (عقيل مهدي) ، الواقعية في المسرح العراقي ، (بغداد : دار الشؤون الثقافية العامة ، 1990م) .

& المعجمات والموسوعات

(26) الياس (ماري) ، وحنان قصاب حسن ، المعجم المسرحي : مفاهيم ومصطلحات المسرح وفنون العرض ، (بيروت : مكتبة لبنان ناشرون ، 1997م) .

(27) الحسيني (جعفر) ، معجم مصطلحات المنطق ، (طهران : مطبعة بقيع ، دت) .

(28) الرازي (محمد بن أبي بكر) ، مختار الصحاح ، (الكويت : دار الرسالة ، 1983م) .

(29) صليبا (جميل)، المعجم الفلسفي بالألفاظ العربية والفرنسية والانكليزية واللاتينية ، ج2 ، (قم : منشورات ذوي القربى ، 1385هـ) .

(30) عبد النور (جبور) ، المعجم الأدبي ، (بيروت : دار العلم للملايين ، 1979م) .

(31) عيد (كمال) ، أعلام ومصطلحات المسرح الأوربي : قاموس منهجي لدارسي الفنون في الوطن العربي ، (الإسكندرية : دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر ، 2006م) .

(32) مصطفى (إبراهيم) ، وآخرون ، المعجم الوسيط ، ج1+2 ، (طهران : مؤسسة الصادق للطباعة والنشر ، دت) .

& الدوريات

(33) الجزائري (محمد) ، هل هناك منهج فني في المسرح العربي ، مجلة المسرح والسينما ، العدد 9 ، (بغداد : المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون والسينما ، 1/9/1973م) .

(34) جواد (حميد محمد) ، فضاءات مسرح الصورة ، مجلة أسفار ، العدد 13 ، (بغداد : أيلول 1993م) .

(35) خضير (ضياء) ، الإخراج في المسرح العراقي ، مجلة الأقلام ، العدد 2 ، السنة 25 ، (بغداد : دار الشؤون الثقافية العامة ، شباط ، 1990م) .

(36) الرفاعي (محمد خير) ، أدبيات التجريب في الكتابة المسرحية : المسرح الغربي نموذجاً ، المجلة الأردنية للفنون ، المجلد 1 ، العدد 1 ، (اربد : جامعة اليرموك ـ عمادة البحث العلمي والدراسات العليا ، 2009م) .

(37) عباس (علي مزاحم) ، ملحمة كلكامش تجربة خلاقة في المسرح العراق ، مجلة الإذاعة والتلفزيون ، العدد 217 ، السنة 8 ، (بغداد : المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون والسينما ، 8/5/1977م) .

(38) عبد الحميد (سامي) ، وشفيق المهدي ، التجديد في وسائل التعبير : المسرح التجريبي في العراق ، مجلة آفاق عربية ، العدد 3 ، السنة 17 ، (بغداد : دار الشؤون الثقافية العامة ، آذار 1992م) .

(39) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ، تجربتي في التمثيل والإخراج ، مجلة الأقلام ، العدد 5 ، السنة 15 ، (بغداد : دار الشؤون الثقافية العامة، آذار 1980م) .

(40) ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ، تطور الذهنية الإخراجية في المسرح العراقي ، مجلة الأقلام ، العدد 3و4 ، السنة22، (بغداد : دار الشؤون الثقافية العامة ، آذار ـ نيسان ، 1987م) .

(41) القصب (صلاح) ، ما وراء الصورة : الإشارة الأولى لصورة الذاكرة ، مجلة الأقلام ، العدد 2 ، السنة 25 ، (بغداد : دار الشؤون الثقافية العامة ، شباط 1990م) .

(42) المبارك (عدنان) ، أصول المسرح المعاصر وواقعه الراهن ، مجلة آفاق عربية ، العدد 10 ، السنة 4 ، (بغداد : مؤسسة رمزي للطباعة ، حزيران 1979م) .

(43) النصير (ياسين) ، ثلاثة نماذج في الإخراج المسرحي المحلي ، مجلة المسرح والسينما ، العدد 10 ، (بغداد : المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون والسينما ، 10/7/1974م) .

(44) هارف (حسين علي) ، صلاح القصب الخارج عن القانون الإخراجي السائد : شهادة عن المغامرة الأولى ، مجلة شانو ، العدد 4 ، (السليمانية : فرقة مسرح سالار ، حزيران 2007م) .

(45) يوسف (عقيل مهدي) ، إبراهيم جلال والسؤال الإبداعي ، مجلة الأقلام ، العدد 2 ، السنة 24 ، (بغداد : دار الشؤون الثقافية العامة ، آذار 1989م) .

& النشريات

(46) حسو (عبد الناصر) ، هيكلية النص المسرحي ، ملحق جريدة الثورة السورية ، (دمشق : مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ، 3/10/2009م) .

& المحاضرات

(47) رشيد (حسن) ، أدبيات التجريب في الكتابة المسرحية ووثائقه ، ضمن الندوة الرئيسية في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي ، بتاريخ 11/9/2006م .

& البحوث

(48) حسون (ضياء شمسي) ، العرض في المسرح البولوني المعاصر ، مجلة جامعة بابل للعلوم التربوية ، العدد 2 ، المجلد 4 ، (الحلة : جامعة بابل ، 1999م) .

(49) عبود (كريم) ، التجريب في المسرح العراقي بين الفرضية والإبداع ، مجلة الفن المعاصر ، العدد 7و8 ، (القاهرة : أكاديمية الفنون ، 2009م) .

& المسرحيات

(50) مروجيك (سلافومير) ، مسرحية التعري قطعة قطعة أو استريب تيز ، تر : إبراهيم حمادة ، مجلة المسرح ، العدد 1 ، (القاهرة : الهيئة المصرية العامة للكتاب ، مارس 1987م) .

(51) هيجو (فيكتور) ، مسرحية هرناني ، تر : زكي طليمات ، سلسلة المسرح العالمي رقم (57) ، (الكويت : وزارة الإعلام ، 1974م) .

————————————————————————————————————

المصدر : مجلة الفنون المسرحية –  د. عامر صباح نوري المرزوك – مجلة مركز بابل للدراسات الإنسانية –  المجلد 6/ العدد 1

شاهد أيضاً

المسرح متعدد الثقافات، أم مسرح المهجر … مادة بحثية حـسن خـيون

المسرح متعدد الثقافات، أم مسرح المهجر … مادة بحثية  حـسن خـيون  المقدمة  في قراءة للتاريخ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *