هيكلية فرقة المسرح الفني الحديث كــافـــي لازم

لابد ان ننحني اجلالاً واكراماً لأولئك الذين بذلوا الكثير في سبيل تأسيس فرقة المسرح الفني الحديث وعلى رأسهم الفنان الراحل (ابراهيم جلال) الذي أعدّها ورعاها وأسس قواعدها هو وزميله رئيس الفرقة الفنان (يوسف العاني ) , كذلك الفنان (خليل شوقي). لقد أفنى أولئك الفنانون قسطاً كبيراً من وقتهم وضحوا بالكثير في سبيل بناء ركائز مهمة وتاريخية في المسرح العراقي .
ففي عام 1952 اسست مجموعة من الشباب الطموحين والذي جمعهتم رابطة الفكر والصداقة والهدف فرقة مسرحية باسم (فرقة المسرح الحديث) حين قدم الفنان ابراهيم جلال طلباً لإجازة الفرقة وحصل على الموافقة في الثالث من نيسان 1952. وكانت اول هيئة ادارية على الشكل التالي : – ابراهيم جلال (رئيساً)، – يوسف العاني (سكرتيراً )، – عبد الرحمن بهجت ( محاسباً)، – يعقوب الامين (عضواً).
يعتبر هذا التاريخ انعطافاً في تطور مسار حركة المسرح العراقي، وكافحت الفرقة منذ تأسيسها معتمدة على قواها الذاتية ومساهمات اعضائها انفسهم وبنت مسرحاً من الطين والخشب بأيدي اعضائها في مقر جمعية النداء الاجتماعي في الأعظمية وما زالت تفخر به حتى اليوم .
وتتكون هيكلية فرقة المسرح الفني الحديث من خلال النظام الداخلي الخاص الذي اقرته جهات قضائية رسمية وفنية وهو في غاية الدقة والكمال وبه تتم دعوة الهيئة العامة لعقد مؤتمرها السنوي والمتكونة من الأعضاء الأساسيين والأعضاء المؤازرين والأصدقاء وهم من مختلف الشرائح الثقافية والاجتماعية بالاضافة الى الفنانين وكتّاب الدراما وحتى الشعراء والتشكيليين .يبدأ المؤتمر بقراءة التقرير المالي والتقرير الاداري والفني المنجز من العام المنصرم , عندها يبدأ الترشيح لأعضاء الهيئة الادارية الجديدة ويتم التصويت بحضور ممثل عن وزارة العدل بصفة قاض كذلك ممثل عن نقابة الفنانين ويحق التصويت فقط للأعضاء الأساسيين، اما الأعضاء المؤازرين فيتم ترشيحهم كأعضاء اساسيين بطريقة التزكية من قبل اثنين من اعضاء الهيئة الادارية بعد اختبار ومرور فترة قد تطول او تقصر من خلال التزامهم وادائهم وحرصهم على العمل الفني الجماعي.
تتكون الهيئة الادارية من سبعة اشخاص واثنين احتياط ( رئيس الفرقة , السكرتير , المسؤول المالي , المسؤول الاداري , مسؤول الأمور الفنية , مسؤول الأمور الثقافية ومسؤول الأمور الاجتماعية ) . بعدها تتم الدعوة للاجتماع الاول لمناقشة الموسم الجديد وتوزيع المهام على اعضاء الهيئة ورسم خطط العمل اهمها دراسة النصوص المقدمة الى الفرقة من قبل خبراء الدراما المختصين حيث يتم اختبار عملين في اقل تقدير الاول اساسي والثاني احتياط وذلك تحسباً لاحتمال منع النص الاول من قبل الرقابة كما حدث لمسرحية (الجومة) تأليف (يوسف العاني) والتي اجبرتنا السلطة بعدم عرضها على الرغم من خوضنا الكثير من الحوارات معهم لتعديل النص ..( ولنا حديث آخر عن هذه المسرحية) . وإن من ضمن اهتمامات الفرقة تحديد سقف زمني لانتاج العمل وتقدير الكلف المالية والاهتمام بالعناصر الشابة المبدعة واعطائهم الفرصة والصلاحيات والحرية باختيار النص ضمن الخط الفكري للفرقة وقد قدموا اعمالا رائعة ومبدعة ظلت عالقة في اذهان الوسط الثقافي، وتجريب كافة المدارس المسرحية الحديثة , وهم فاعلون لحد هذه اللحظة ولهم مواقعهم المهمة والمؤثرة في الساحة المسرحية واذكر منهم (د. فلاح القصب , د. فاضل خليل , د.فاضل السوداني , د. عقيل مهدي , د. جواد الاسدي , الفنان عزيز خيون وآخرون ) .
التأكيد على آلية العمل الحرفي والأكاديمي في سير العملية الفنية تكون موثقة من قبل مدير المسرح الذي يرفع المنجز اليومي الى السيد المخرج الذي بدوره يرفعها الى الهيئة الادارية ليتم تحليلها وحل بعض المشاكل الخارجية التي تعيق العمل , يتم حفظ جميع الاعمال في بوكس فايل خاص بكل مسرحية وتدرج في ارشيف مكتبة الفرقة (الذي ضاع في ظل الخراب الشامل مع الاسف) .
كما ان الفرقة لاتنسى المنهاج الثقافي السنوي والذي يتضمن اقامة الندوات الفكرية والمسرحية واقامة المعارض التشكيلية والفوتوغرافية واستدعاء الكثير من النقاد والمعنيين بشؤون المسرح لمناقشة اخر المستجدات على الساحة المسرحية العربية والعالمية والتطورات الحاصلة على مستوى التقنيات والمدارس المسرحية واريد ان اذكر هنا الفنان الكبير الراحل فاروق فياض (الذي خسرناه مبكراً مع الاسف) حيث كان كتلة من النشاط والحيوية التي لا تهدأ ودائم الحركة اخرج مسرحية (القربان) لغائب طعمة فرمان ولنا حديث قادم خاص بهذا العمل بفصل اخر حيث تولى مسؤولية الامور الثقافية آنذاك .
تؤكد الفرقة دائماً على العنصر النسائي وتاريخها حافل بأهم الأسماء المبدعة بالحركة المسرحية في العراق , فمن ينسى الفنانات  زينب و ناهدة الرماح و ازادهوي صموئيل و زكية خليفة وبصماتهن واضحة ليس على صعيد المسرح فقط بل بالحركة السياسية والاجتماعية في العراق وأعقبهن جيلاً اخر لايقل اهمية (فوزية عارف ومي شوقي وسعدية الزيدي ) وتتابعت اجيال اخرى من الشابات المبدعات: عواطف نعيم , اقبال محمد علي , اقبال نعيم , انوار عبد الوهاب , سميرة الورد و حميدة حمد واسماء اخرى كثيرة  .
جدير بالذكر عدد الفنانات في الفرقة اكثر من الفرق الرسمية وغير الرسمية حيث تتم اعارة الفنانات من قبلنا للفرق الاخرى بطلب رسمي مقدم الينا ان كانوا بحاجة اليهن .
وقد اسست الفرقة لها فرعاً مهماً في محافظة البصرة والذي قدم بدوره كثير من الاعمال المهمة بقيادة فنانين كبار من المحافظة

المصدر _ المدى _ محمد سامي مجلة الخشبة

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *