هايل المذابي : لماذا كان شكسبير يستقي قصص مسرحياته من موروثات الشعوب الأخرى؟

لماذا كان يستقي شكسبير قصص مسرحياته من موروثات الشعوب الأخرى؟

هايل المذابي

 

تساءلت و أنا أبحث في أعمال شكسبير و أحصي تلك القصص في أعماله التي استقاها من التراث العربي و الاغريقي و اليوناني، تساءلت عن الدافع الذي يجعله يفعل ذلك و اهتديت إلى أن شكسبير كانت غايته الحديث عن الملوك و إرضاء الملوك لذلك فشكسبير كان أدبه و مسرحه ملكياً و لأن أوروبا في ذلك العصر لا تملك موروثا ثقافيا ثرياً يمكنه من النهل منه بما يكفي و يلبي احتياجات مسرحه و يرضي طموحه فقد لجأ شكسبير إلى تراث الآخرين..
ثمة فترة غامضة في حياة شكسبير و غير معروفة لا أحد يعرف عنها شيء و هي فترة بدأت في العشرين من عمره و استمرت عشر سنوات و هذه الفترة هي كلمة السر التي يمكن القول أن شكسبير اختفى فيها للبحث عن المنبع الذي سيستقي منه لاحقاً مواضيع مسرحياته..
الأوروبيون أيضا يروجون لذلك و لعل لهذا علاقة مؤكدة بين القول أن شكسبير استقى مواضيع مسرحياته من تراث الأمم الأخرى إن تحدث به أحد و بين نفيه كرد على تلك المزاعم…
الخلط الذي نجده في أدب شكسبير بين الألقاب التي تطلق على الطبقات الارستقراطية و طبقة النبلاء في بريطانيا حينها و جهل شكسبير بها يؤكد أن مصادر مسرحياته أجنبية لأنها لو كانت أصيلة لكان في أمر الألقاب صناعة محكمة لا أخطاء فيها فتلك الأخطاء كانت نتيجة طبيعية لحالة التحويل التي كان يقوم بها أثناء محاولاته تطويع القصص الأجنبية و اعتسافها في مسرحياته..
لقد كان شكسبير شاعرا و هذا كان خادما له أثناء إعادة الصياغة التي كان يقوم بها و يجريها على قصصه اامستقاة من موروثات الشعوب الأخرى و ميثيولوجياتها..
على سبيل المثال لا حصرا مسرحية العبرة بالنهاية نجد نزعة مديح الملوك و تمجيدهم يطغى حتى على الأعراف و التقاليد المعروفة فالأمير الذي تحبه هيلانة بطلة المسرحية كان سافراً جداً مولع بصحبة الغواني لكن شكسبير لا يجعله كذلك رغم أنه يحكي سيرته التي تؤكد ذلك و يجعل من مرافقه السبب في الضياع و الخسارة التي ينتهي إليها الأمير فذاك المرافق هو السبب في تلك الغواية. هنا نعرف أن شكسبير يتعمد ذلك لإرضاء من كانوا معنيين في مسرحيته و القصة هي توظيف لإحدى قصص ألف ليلة و ليلة في المسرحية فلم تكن الغاية إذاً لدى شكسبير هي سرقة القصة كغاية و لكن مجرد وسيلة لغايته في المديح و كان الرجل آنياً في أعماله و لم يكن مغرماً  أو مسكوناً بهاجس المستقبل لما يكتبه من مسرحيات و لو كان ذلك في حساباته لكان أكثر حرصا على أصالة مسرحياته و قصصها..
لغة شكسبير و شعره و مسرحياته كانت مكرسة جداً غايتها ارضاء الطبقات العليا في المجتمع من ملوك و أمراء و نبلاء و ليس المسرح في ذاته و لعل تاجر البندقية و قصة كتابتها تفيد بذلك فآخر ملكة من آل ثيودور تموت مسمومة فيكتب شكسبير مسرحيته من أجل التنديد بالمتهمين بالجريمة و هم اليهود و شايلوك كان النموذج الحقيقي لإيضاح الصفات التي تعرفها أوروبا عنهم و ليس شكسبير فقط من فعل ذلك حينها فيهودي مالطا مسرحية أخرى لكريستوفر مارلو جاءت كرد فعل طبيعي يوضح ما يسعى له جميع الكتاب حينها و هو إرضاء الملوك و النبلاء..
أخيراً يمكن القول أن شكسبير كالمتنبي الذي كان يمدح نفسه في الحقيقة و هاجس العظمة لم يفارقهما في كل سطر كتباه..

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *