نضال الأشقر: لن يقضوا على أحلامنا/فاتن حموي

واجهت سيدة المسرح نضال الأشقر كلّ التحديات التي حاولت ثنيها عن تحقيق حلمها «المسرح» بالشغف. يرتدي نضالها اليوم نجاحًا شامخًا، إذ أرادت تظاهرة فنية في بيروت المسرح والفن والثقافة. وكان لها ما أرادت. محاطة بشغف الفنانين والمسرحيين والعاملين في جمعية مسرح المدينة والجمهور. قيل عن احتفاليتها إنّها ضرب من الجنون، وإنّها لن تستقطب الجمهور. قيل الكثير وكان الجواب على لسانها «لن ندعهم يقضون على أحلامنا ولا على أوهامنا».
تخطّت الأشقر أزمات وعوائق عدّة. قاومت بكلّ ما أوتيت من قوة ولين. صمدت وصمد المسرح. «مسرح المدينة» هو الوجه الثقافي والحضاري الأبرز في بيروت والحاضن لثورة الإنسان على كلّ صنوف الظلم. أبوابه مفتوحة لكلّ المبدعين والمناضلين، دعمًا للمقاطعة الثقافية والأكاديمية للعدو الصهيوني ومنعًا للرقابة المسبقة على الأعمال الفنية، شكّل المسرح حاضنة للشباب من خلال «مشكال» وتفعيل المجتمع الفني في لبنان من خلال تعرّف الطلاب من مختلف الجامعات على بعضهم البعض. كرّم كبار المبدعين في العالم العربي، ومدّ يد العون لكلّ الطاقات الشبابية.
بدأت عروض الاحتفالية بأول عشرين سنة مسرح المدينة في الرابع عشر من الجاري، وتختتم الاحتفالية مساء الليلة، بعرضين الأول عند الثامنة والنصف بعنوان «مش من زمان» لنضال الأشقر يشاركها أربعة موسيقيين خالد العبد الله، وزياد الأحمدية، وعلي الحوت، وعبد قبيسي، والعرض الثاني بعنوان «على العهد لمئة جديدة» لفرقة زكي ناصيف في الجامعة الأميركية بقيادة العميد جورج حرو.
ترفض الأشقر كشف ماهية عرضها لتـُبقي عنصر المفاجأة في أوجه، مكتفية بالقول «إنّه سيرة حياة فتاة صغيرة، وهو عرض مدّته أربعون دقيقة ومختلف عن كلّ ما قدّمته». مضيفة أنّ الختام سيكون بشكر جميع المشاركين في الاحتفالية واصفة إياها بالمباركة.
لن تتوقف العروض
تقول الأشقر لـ «السفير» إنّ العبرة من الاحتفالية تتمثّل بأن الجمهور يقبل على متابعة العروض الجيّدة، وليس العكس، «برهن الجمهور أنّه حاضر دومًا لتلقّف الأعمال الجيّدة، وأعطانا درسًا للسنين المقبلة»، مؤكّدة أنّها نجحت من خلال مراعاة ميزان التنوّع في العروض، إذ ضمّت مسرحيين وفنانين من أجيال ومدارس مختلفة، «لبنان مليء بالمواهب والإبداع، أردنا أن تجتمع المواهب المختلفة في فضاء واحد، استطعنا جمع التمويل من أشخاص وشركات خاصة في أقلّ من سنة لترى الاحتفالية النور. حضر كلّ مَن دعوناه ليكون جزءًا من الاحتفالية. جمعنا شغف كبير للمسرح والفن ولمدينة بيروت. قدّم الفنانون أعمالاً جديدة من إنتاج مسرح المدينة. كان الهدف هو وضع كل الإمكانيات المتاحة والمساهمة في إنتاج عروض جديدة ومميّزة. نجحنا. أخذنا عبرة مفادها أنّ المسرح اليومي مردوده مهم عند الجمهور وأنّ الإقبال على مناقشة الأفكار وخوض التجارب الفنية هو واقع جميل»، مضيفة أنّ الفنانين معطاءون ورائعون، «هناك مَن لا أعرفهم وأعرف أعمالهم وقد دعوتهم للمشاركة لأنّهم موهوبون. صحيح أنّ بعض المسارح أقفلت أبوابها، ولكن نسبة الأعمال ارتفعت، والمسرح باقٍ ما بقي العمل والشغف. نجد مَن يفترش الأماكن العامة والأدراج لتقديم عمل فني، والجودة ترتفع نسبتها في لبنان، وعلينا أن نستمر ونمدّ لكل فنان اليد، لننهض معًا».
تعلن سيدة المسرح أنّ العام 2017 في «المدينة» سيشهد إعادة عروض شاركت في الاحتفالية، «عرضنا الفكرة على البعض، وما زلنا نبحث مع الآخرين. ستعرض «الملك يموت» لفؤاد نعيم، ومأساتي لعصام بو خالد وسنتحدّث مع جميع المشاركين. وفي التاسع والعشرين والثلاثين من الشهر الحالي ستطلق الفنانة ريما خشيش ألبومها «وشوِشني» من مسرح المدينة. لن تتوقّف العروض، سيبقى المسرح مفتوحًا أمام الجميع، ينبض بالفن على الدوام، لأنه يعيد الإنسان إلى بهاء إنسانيته».
تختم الأشقر بالقول «لن نقف مكتوفي الأيدي بل سنعمل وننثر الفرح في مدينة أحببناها ونستمدّ من ضعفنا وضعفها القوّة لمنضي إلى الأمام، ولن يستطيع أحد سرقة ألق مسرحنا». وبانتظار تحقيق حلم الأشقر بتشكيل فرقة نضال الأشقر للفنون المسرحية، نستعيد جملتها لنقول «كلنا للمسرح».

المصدر/ السفير

محمد سامي / مجلة الخشبة

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *