نص مسرحية ديو دراما”لا … نحن ” تأليف ضرغام عبد الرحمن – العراق

نص مسرحية  ديو دراما”لا … نحن ” تأليف ضرغام عبد الرحمن 

الخطاب المسرحي : 

المسرح عاري تماماً ألا من , كرسيان الأول أبيض و أرجله سوداء والثاني أسود وأرجله بيضاء , ونخلة في منتصف المسرح مصلوب عليها جثة لرجل يرتدي الزى التاريخي القديم ورأسه عبارة عن آلة تسجيل قديمة ( مسجل ) , خلف كل كرسي هناك شماعة ملابس معلق عليها سيف و عباءة تاريخية وخوذة عسكرية .

في منتصف مقدمة المسرح هناك أطار خشبي صغير أو أطار جهاز التلفاز أن وجد 

الشخصيات :-

الأول : يجلس على الكرسي الأول ويرتدي قميصا أسود وسروال أبيض .

الثاني : يجلس على الكرسي الثاني ويرتدي قميصا أبيض وسروال أسود .

البداية :-

بقعة ضوء على النخلة يرافقها صوت خارج من مذياع قديم .

الصوت :- حان الآن موعد صلاة لم يأتي بها نبي بعد , وليس للزمن جذع يقوى على حملها , فهي سجدة للأفول كأشراقة الشهداء , وقنوت يستجدي استجابته من مراكز الاقتراع الانتخابية , لا تبدأ بوضوء مستحب , فالقرآن يكتب بالحبر ولكن يحرم الوضوء في السوائل الملونة , صلاة التأمل والوعي , يحضر متبنوها من دخول الكنائس والجوامع المرخصة من الدولة , حيرة كدوارق أبن سيناء المبالغ بتعرجاتها , لماذا ؟؟ تلك المفردة الطاغية بأستفهاماتها , على أول ركعة في الطف , حيث امتدادها الكوني , يسري كجدول هادئ , منذ فجر الإسلام وحتى فجر الظهور . لنصلي من أجل أن لا يصلى علينا يوماً , ومن أجل أن لا نصلب على جذوع جذورها متخمة بالماء البنفسجي , و الأستفهام الآن هل أنتهى الأدراك أم لم ينتهي بعد .

( يبدأ الصوت بالتلاشي مع خربشة المذياع )

التجسيد :-

تفتح الأضاءة على الأول والثاني جالسين بألوانهما المعكوسة والنخلة في المنتصف ) 

الأول : لم ينتهي بهد .

الثاني : بل انتهى .

الأول : لم ينتهي بعد .

الثاني : بل انتهى .

الأول : مادامت الطرق أليه مضاءة , لم ينتهي بعد .

الثاني : كفزاعة حقل تنبض بالسكون , تخيف الأحياء وهي ميتة . بل انتهى .

الأول : أن النبض ملتصق به , كالحناء في كفي عروس . لم ينتهي بعد .

الثاني : نحن العصا المحشورة في عجلة تقدمه . بل انتهى .

الأول : ( يشير الى النخلة ) منذ التمار , وعمتنا خائنة .

الثاني : ( يشير الى النخلة ) منذ التمار , وقبورنا أصبحت بين الأرض والسماء .

الأول : أعتاد الهواء أن يشيع عطرنا .

الثاني : والآن ماذا ؟؟ بدأ يحمل على أكتافه رائحة الدم منذ الطف والى الآن .

الأول : ومن الجبهات يدخل في عمق التأريخ يحمل الى الطف رائحة البارود ورائحة تقاتلنا . ( موسيقى )

( يذهب الأثنان ليسحبا السيوف من على شماعة ملابس كل منهما , ويلبسان خوذيتهما , ومن ثم يقلبان الكرسيين ليتحولان الى ساترين في جبهة يضعان السيف وكأنه بندقية , ويبدءان بالرمي من خلف الساتر , لحظات ويهدأ الوضع . كلاً يعدل كرسيه ويصعد فوقه )

الثاني : ( يلوح بسيفه مرتجزاً ) أنا الموتى الثائرون على قبورهم , أنا العقارب الأليفة , أنا الغراب المتعبد في جمجمة المسيح , أنا المطر الذي نخر رأس التمار , أنا أستقامة خيبر المهزومة , أنا الذي أكل من رأس عمته حتى شبع , ثم أحرقها كوقود للدفئ . ( ينزل من على الكرسي )

 هل من منازل ؟؟؟ هل من منازل ؟؟؟

الأول : ( يلوح بسيفه مرتجزاً ) أنا الأبيض مثل نوايا الحسين , أنا لون الشمس في وجه التمار , أنا دمع الماء في كربلاء , أنا عجلات العربات في دار المسنين , أنا خيط سقط من راية العباس , أنا شوطين من سبعة أشواط الحج . ( ينزل من على الكرسي )

أنا من سينازلك , هياااااا ..

( يلتقيان في المنتصف أمام النخلة ليتبارزان )

الثاني : ( وهو يتبارز ) لقتالنا هذا دوي في أرجاء العالم .

الأول : ( وهو يتبارز ) بل لقتالنا مجرى ثورة للمستقبل .

الثاني : ألا يحل العفو على كرسي القاضي في حربنا هذه ؟؟

الأول : أن كان الصفح موطنك فلما أغترت عنه في أرتجازتك ؟؟

الثاني : وجود الشمع بذاته دليل على وجود الظلام , وأنا تكلمت بسم آلهة الصلب والتعذيب .

( يتبارزان بشكل دائري الى ان يدفع أحدهما الاخر لينتهي القتال بأن الأول أصبح مكان الثاني )

الأول : هه , التعذيب , طريق نحو شمسٍ لا تضيء , ( يضحك ثم يستدرك ) 

( صمت )

وما نفع السياط ظهراً يحمل درع المبدأ ؟؟

الثاني : أششش .. , أن باخرة المبادئ قد غرقت في بحر من رسائل الكوفة , ( يذهب الى النخلة ليجلس بجانبها بطريقة مسرحية وبأداء في نوع من التكلف  ) 

( يكلم الجثة ) أليس كذلك أيها العجوز ؟؟ أيها التمار لما زرعت زر أطفائك أيها المصباح القديم ؟؟

الأول : ( يأتي ليجلس بجانب النخلة هو الاخر بطريقة مسرحية وبأداء في نوع من المبالغة وكأنه يحذر الجثة ) لا تذهب بأقدام وعيك الى طريق ذاك النباح المسموم , قوافل الكون تسري بكواكبها ولن يهمها عيون النيازك الملتهبة حقداً ,, أيها التمار . 

الثاني : ( ينهض ليقف في منتصف مقدمة المسرح ) أن الثورة ( يحك رأسه بأداء كوميدي ويخرج قملة ويقصعها ) أن الثورة يا أحبائي , هي دستور الأشياء الهادئة في ما بعد و ……

( يأتي الأول راكضا ليقف خلفه ويخرج يديه من تحت أبطي الثاني ليضع يده على فمه ) 

الأول : ( وهو يسد فم الثاني بيده ) أشششش … , لا تستمعوا أليه . ما أنت والثورة ها ؟؟ ( يدير رأسه بيده وكأنه يتحكم به ) قل قضاء وقدر ( الثاني يرفع يد الأول ويقول : قضاء وقدر . ثم يرجع اليد على فمه ) أحسنت ( يدير وجهه الى ناحية أخرى ) متى ما كنت موثقاً للتأريخ , أكتب ما شأت عندها يصبح الحبر خادمك المطيع . 

( يضع يديه على كتفيه ويجلسه على ركبتيه خلف الأطار )

الأول ( يكمل ) و أن لا تلقي بنفايات كلامك في غير موضعها .

الثاني : ( وهو جالس ) نفايات كلامي هي خطوط عريضة , يرفض غير الثوار سماعها , ولغة الكفوف المقطوعة على شواطئ الحرير الخشنة , لا يرحب بها أصحاب الأذرع الطويلة , الأذرع التي تمتد للحامض والحلو من مجتمعنا .

الأول : ( يبتعد ويذهب الى كرسيه وشماعة ملابسه وهو يضحك ويقول ) : ها ها ها ها ها .., كفاك نسجا شعريا وتحلى قليلا بالواقعية يا صديقي ( يستدرك وهو يأخذ العباءة و يرتديها ) صديقي !!! ( يضحك ) أنك أغرب من أن تكون أنسان حتى تكون صديقي .

( في هذه الأثناء ينهض الثاني ليذهب الى كرسيه وشماعة ملابسه ليرتدي العباءة هو الآخر ) 

الأول : ( يكمل ): وكيف للصداقة أن تدوم بين أثنين في سوق للنخاسة .

( يديران الكراسي ويقفان ورائهما وكأنهما بائعان في سوق النخاسة قديم )

الثاني : كيف حالك أيها الواقعي الكلاسيكي ؟؟

الأول : أهلا يا أيها القديم , ماهي أخبار المدينة اليوم ؟؟

الثاني : أن الأخبار لا تسر .

الأول : لماذا ؟؟؟

الثاني : رائحة الموتى تملئ أسواقنا وأنوفنا .

الأول : مادام العدل يحكمنا لا شك في أعدام العصاة .

الثاني : ( يخرج من وراء الكرسي ) قل لي يا أنت , لمن هذه الجثة المعلقة هناك ؟

الأول : أنها لأحد الخارجين على الدولة , وممن يتحدثون كثيراً .

الثاني : هل الحق معه أم مع الدولة ؟

الأول : مع الدولة بالتأكيد .

الثاني : أذن هو مظلوم …. وبالتأكيد أيضا .

الأول : ( يهرع نحوه ويأخذه ليجلسان حيث الاطار في مقدمة المسرح ) أصمت أيها الواقعي , فكل الجدران هنا جواسيس تعرف متى تتحدث .

الثاني : ألم يسقط النظام ؟؟ 

الأول : ولكن ذيول الطاغية موجودة في كل زمان ومكان .

الثاني : ( يدفعه فيقع ) فعلن أنك جاسوس متملق .. وجدا أيضا .

( يتمدد على الأرض خلف الأطار على جانبه الأيمن ) أعزائي المشاهدين , أن المصلوب على نخلته اليوم أنسان قال لا للباطل ……..

( يأتي الأول مقاطعا اياه متمدد ويضع رأسه بالقرب من رأس الثاني فيدفعه برأسه مقاطعا اياه قائلا ) :

الأول : أعزائي المشاهدين , كانت هذه حرية رأي , والمصلوب هو خارج عن القانون وثرثار جدا . 

الثاني : ( يدفع الأول برأسه ليظهر في الأطار ) لا أعزائي المشاهدين , أن المصلوب قد وعده الأمام علي بهذه الميته و…..

( يصارعان على الظهور في الشاشة )

الأول : الموت لأعدائك سيادة الرئيس .

الثاني : ستحاسب يوماً يا سيادة الرئيس .

الأول : لن يرحم الله الثائرين .

الثاني : رحمك الله يا ميثم التمار .

الأول : أن أعلامنا حقيقة .

الثاني : زيف على شاشات التاريخ .

الأول : فيه لأطفالنا دروس .

الثاني : تشويه صورة الطفولة البريئة .

الأول : آآآآآآآآآه , كفى .

( ينهي الصراع وينهضان ليجلسان متكأين كلا على ظهر الآخر )

الثاني : ( بهدوء ) تعبنا من المهدءات الصحفية ( يصرخ ) متى نخرج من عنق زجاجة التظليل , متى نسمع آخر خبر عاجل .

الأول : قبل يوم القيامة بدقائق .

الثاني : سيموت حينها حتى مقدم الاخبار .

الأول : لن نخرج من عنق الزجاجة مادام هناك أيمان بالطاعة العمياء .

الثاني : من أجل الرواتب , ستسير مظاهرة من النعم ضد نفرا من ال لا .

الأول : العيش والنزوات سهم في جسد كل حسين يخرج .

الثاني : ( ينهض ويرمي عباءته على الأول ) كفاك العيش في هذا التفكير الظلم , حق عليك أن تكون صادقا مع ذاتك . 

الأول : ( ينهض واقفا راميا العباءة على وجه الثاني ) سيذوب العقل في التفكير في الحق والسلام المهاجرين عن هذا البلد دون رجعة .

( يعودان ليرميا بعبائتيهما على شماعتيهما ترافقهما موسيقى آهات حزينة ثم يحمل كل منهما كرسيه ويخرج )

ستار

————————————————–

المصدر : مجلة الفنون المسرحية

 

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *