ندوة فكرية عن العلاقة بين المسرح والصحراء أدارها وقدمها الفنان الإماراتي مرعي الحليان

استضاف مجلس المسامرات في موقع مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي ندوة فكرية تحت عنوان “المسرح والصحراء”، جاءت في محورين: الأول: المسرح والصحراء: الفرجة والفضاء/ والثاني تحت عنوان “المسرح الصحراوي: أي موضوع وأي شكل؟.

تواصلت مساء أمس الأول فعاليات الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي الذي تجري فعالياته في منطقة الكهيف بالشارقة، بمشاركة خمسة عروض مسرحية من الإمارات وموريتانيا والبحرين والجزائر والاردن. 

وفي إطار البرنامج الثقافي للمهرجان استضاف مجلس المسامرات في موقع المهرجان ندوة فكرية تحت عنوان “المسرح والصحراء”، جاءت في محورين: الأول: المسرح والصحراء: الفرجة والفضاء/ والثاني تحت عنوان “المسرح الصحراوي: أي موضوع وأي شكل؟.

أدار الندوة وقدم لها الفنان الإماراتي مرعي الحليان الذي استهل حديثه مستعرضاً سلسلة من البرامج تنظمها إدارة المسرح بدائرة الثقافة والإعلام، ليؤكد على الطابع المتعدد لهذه البرامج واهدافها المهمة ومنها إشاعة الثقافة المسرحية واستحداث فضاءات جديدة للفعل المسرحي. وهو ذكر في هذا الباب انشطة عدة، مثل “مهرجان خورفكان المسرحي” الذي ينظم على مدار يوم كامل على الساحل الشرقي للإمارة، إضافة إلى “مهرجان الشارقة للمسرحيات القصيرة” و”مهرجان المسرح الثنائي” وسواها. 

وقال الحليان إن هذه الأنشطة التي بدأت الدائرة في تنظيمها منذ سنوات قليلة رفدت الساحة الثقافية، وكان لها كبير الأثر في الدينامية التي يتحلى بها المسرح المحلي كما كانت مثار انتباه للعديد من الباحثين والنقاد المسرحيين العرب. 

وحول مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي، ذكر الممثل والمخرج الإماراتي أنه يمثل فاتحة لمشروع مسرحي يتسم بالخصوصية، مشيراً إلى أن مجتمعات الصحراء “ثرية بالمحكيات والأساطير والقيم التي يمكن أن تشكل مادة غنية للاشتغال الدرامي.. شخصية الانسان الصحراوي المتسم بالعفة والنبل والكرم وعلاقته بالطبيعة من حوله بالرمل والسماء والشمس والنجوم والتيه والخيل.. كلها عناصر ثرة للعمل الدرامي والجمالي”. 

وتحدث الحليان عن الجماليات المبهرة التي تداخلت فيها الكثبان الرملية والإضاءة وتشكيلات مجموعة المؤدين في عرض الافتتاح ” داعش والغبراء” تأليف صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة وإخراج محمد العامري، وقال إنها لا يمكن ان تتجلى بهذا البهاء إلا في فضاء كهذا. 

من جانبه قال الباحث الجزائري أحمد شنيقي عن حداثة التجربة المسرحية العربية مقارنة بالأوربية، وقال إنه ينظر للمسرح كفن أغريقي وليس أوروبياً، مشيراً إلى أن تجربة المسرح والصحراء هي بمثابة استكمال لما بذل في وقت سابق من طرف مسرحيين أمثال عبد القادر علولة وروجيه عساف والطيب الصديقي وعبد الكريم برشيد وسواهم، ممن دعوا إلى خصوصية عروبية لهذا الفن الوافد، وقال أن معظم هؤلاء درس في الغرب ولكنهم حين عادوا أرادوا أن يؤسسوا لتجربة مسرحية عربية وأغلبهم انقطع عن دعوته في وقت لاحق ولم يواصل في مشروعه، ملمحاً إلى أن هذا الانقطاع يمكن فهمه بأكثر من طريقة ولكن على وجه الخصوص يمكن النظر إليه كدليل على أن الأمر لا يقتصر على مجرد دعوة انما يحتاج إلى تجارب عملية.

وتحدث الباحث المسرحي والتشكيلي محمد يوسف عن الموقع الذي تم اختياره لتقديم عروض المهرجان، وقال إنه يداخل بين المشهد الطبيعي والأداء الفني الحي، مشيراً إلى أن هذه الصورة التي تمتزج فيها عناصر الطبيعة بمكونات العمل الفني الحداثي، كالأداء الاستعراضي والتشخيص والموسيقا، لها سحرها وتأثيرها على الجمهور، مبيناً التحديات الملهمة التي واجهتهم في اعداد عرض الافتتاح. 

وركزت مداخلة الباحث المصري جمال ياقوت على إبراز الابعاد البصرية المميزة لموقع المهرجان، وقال إنه استمتع بمشاهدة عرض الافتتاح، وذكر أن استخدام التقانة الحديثة في بناء مشاهد مسرحية ودرامية فوق رمل الصحراء ليس بالأمر السهل فهو يستلزم جهداً خاصاً ووعياً جمالياً متقدماً. 

وتحدث ياقوت عن أهمية دراسة التجربة بشكل أكاديمي فهي يمكن أن تقدم اضاءات أو طرق عمل مستقبلية تضيف إلى التجربة وتزيدها عمقاً، مشيراً إلى أن لأي مجتمع، صحراويا كان أو مدنياً، أسئلته وشواغله الاجتماعية التي يمكن للمسرح أن يقاربها ويناقشها، ولكن ما كحكم أو رهان هو الشكل الذي ستأتي عليه هذه المقاربة فمن الطريقة التي نستخدمها تكتسب التجربة هويتها وخصوصيتها.  

من جهته، قال الباحث السوداني عثمان جمال الدين، إن مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي يذكرنا بالجهود المسرحية التي بذلت ستينات القرن الماضي، ودعت إلى مسرحة الأشكال التعبيرية الشعبية العربية، لافتاً إلى تجربتهم في السودان الذي يتميز بمزاجه الثقافي العروبي والأفريقي، وتحدث عن أطروحة فكرية طبعت الممارسات الفنية السودانية حقبة ستنيات وسبعينات القرن الماضي في الخرطوم تحت عنوان “الغابة والصحراء”، بحيث تدل الغابة للبعد الافريقي في الثقافة السودانية، فيما تعبر الغابة عن بعده العربي. وقال جمال ان السؤال الثقافي المطروح اليوم هو: من نحن؟   

وشهدت الندوة أسئلة ومداخلات عديدة من الحضور كما جاءت متنوعة في أفكارها وطروحاتها فثمة من سأل: أهو مسرح صحراوي أم مسرح في الصحراء اهو انتقال إلى مكان ام استلهام للمكان، وهناك من قارن بين تجربة مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي والدعوة إلى “المسرح البدائي” التي أطلقت في أوروبا، كما تحدث بعضهم عن هوية خليجية يمكن للمسرح الصحراوي أن يكرسها على المدى البعيد.

——————————————————-

المصدر : مجلة الفنون المسرحية – الشارقة 24

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *