مسرح ثورة يوليو يترجم الخطاب الوطنى

لقطة من مسرحية سكة السلامة

 

ماهر حسن 

ما أن يثار موضوع المسرح المصرى، أو يتم التعرض لمراحله التاريخية إلا ويتم التعرض لمحطتين رئيسيتين وهما محطة ما بعد البدايات الأولى المتمثلة فى نشأة وتنافس الفرق المسرحية الشهيرة، كفرق رمسيس والريحانى وإسماعيل ياسين وجورج أبيض وعزيز عيد وعلى الكسار وغيرها، ثم يتصدر الاهتمام بمحطة يوليو 1952 والتى يعتبرها البعض صاحبة الفضل فى نهضة المسرح المصرى التى شهدها خلال فترة الستينيات، والتى يعتبرها كثيرون محطة العصر الذهبى للمسرح، والتى شهدت بزوغ أسماء كبيرة على مستوى الإخراج والتأليف فنجد أسماء مثل عبدالرحيم الزرقانى وكرم مطاوع وسعد أردش وسمير العصفورى وجلال الشرقاوى وغيرهم، وعلى صعيد الكتاب تواجهنا أسماء مثل نعمان عاشور وألفريد فرج ومحمود دياب وميخائيل رومان ويوسف إدريس وسعدالدين وهبة وتوفيق الحكيم وصلاح عبدالصبور وغيرهم، والمدهش أن من الأعمال التى كان لها بعض التأثير على الزعيم عبدالناصر فى بداية مسيرته الوطنية رواية توفيق الحكيم «عودة الروح» والتى تحولت لاحقاً إلى عمل مسرحى.

غير أن المسرح المصرى الذى حقق نقلة نوعية فارقة بفضل رعاية الدولة فى تلك الفترة إلا أننا لا نجد عملاً مسرحياً يتعرض لهذه الفترة ولو من قبيل رد الجميل، وبدءاً من عهد السادات أسدل الستار بإحكام على الفترة الناصرية وشهدنا بزوغاً وانتعاشاً للمسرح التجارى الذى يعتمد المشهيات الفنية فى جذب الجمهور، ونحن هنا إذ نقدم قراءة لحركة المسرح المنتعشة فى الستينيات وصولاً للسبعينيات. وبخصوص مسرح الستينيات فقد تباينت الآراء، ففريق يعتبرها الفترة الذهبية للمسرح المصرى، وفريق آخر ينظر لها باعتبارها فترة المسرح الموجه والمسيس، غير أن هذه الفترة قدمت مسرحاً قوياً وفق المعايير الفنية، مع الوضع فى الاعتبار أنها لم تكن بمنأى عن المتغير السياسى العام.

وكانت فرقة المسرح الحديث، التى ترأسها زكى طليمات، قد احتضنت خريجى المعهد العالى لفن التمثيل العربى (المعهد العالى للفنون المسرحية لاحقاً) وقدمت هذه الفرقة عدة مواسم ناجحة ساهمت بشكل واضح فى تحقيق نجومية هؤلاء الشباب وكانت بمثابة القاعدة التى انطلق منها الكثير من نجوم المسرح فيما بعد، كما كانت هناك فرقة المسرح الحر التى قدمت إسهامات حقيقية. وقد بدأت مقدمات ازدهار مسرح الستينيات فى أواسط الخمسينيات، حيث انقسمت الفرقة القومية إلى شعبتين هما الفرقة المصرية للتمثيل وفرقة المسرح المصرى الحديث، وضمت خريجى الدفعات الثلاث الأولى فى المعهد العالى لفن التمثيل العربى، وسار شبابها فى نفس الاتجاه الذى سار فيه الشيوخ، فقدم نبيل الألفى مسرحية «كدب فى كدب» لمحمود تيمور فى 1951 وقدم زميله حمدى غيث فى نفس العام مسرحية «كسبنا البريمو» لصوفى عبدالله، بعد عودتهما من بعثتهما الدراسية لفرنسا، ثم تكونت فرقة المسرح الحر من الدفعات الجديدة لمعهد التمثيل العربى فى 30 ديسمبر 1952، وقدمت باكورة عروضها «الأرض الثائرة» التى كتبها محمد كمال هاشم وعباس الرشيدى، وأخرجها عبدالمنعم مدبولى، ثم قدمت مسرحية «حسبة برما» لعزت السيد إبراهيم وإخراج مدبولى أيضاً فى إبريل 1953 وفى 1956 وإثر وقوع العدوان الثلاثى كان الضابط المثقف أحمد حمروش مديراً عاماً للمسرح، وكان قد تم تقديم ثلاث مسرحيات ذات الفصل الواحد، وعرضت بالمجان فى دار الأوبرا القديمة، وهى «صوت مصر» أول أعمال ألفريد فرج وإخراج حمدى غيث، و«عفاريت الجبانة» لنعمان عاشور وإخراج نبيل الألفى، وقد سبق أن قدم له المسرح أولى مسرحياته «المغماطيس» فى أكتوبر 1955 من إخراج إبراهيم سكر، ثم «الناس اللى تحت» التى أخرجها كمال يس، وافتتحت بها فرقة المسرح الحر موسمها فى أغسطس 56 فى بورسعيد، وتوقفت بسبب العدوان الثلاثى، وأعيد الافتتاح بالقاهرة فى يناير 1957.

ومما يذكر أن الدراما الواقعية قد ظهرت عند عدد من كتاب المسرح، ومنهم نعمان عاشور وسعدالدين وهبة ولطفى الخولى وألفريد فرج وميخائيل رومان ومحمود دياب وصلاح عبدالصبور ويوسف إدريس، بمسرحيتيه القصيرتين «جمهورية فرحات» إخراج فتوح نشاطى، والتى قام الكاتب نفسه بمسرحتها عن قصة قصيرة له، و«ملك القطن» إخراج نبيل الألفى، من خلال الفرقة القومية فى نفس موسم 56/ 1957، ثم توالى ظهور أبناء هذا الجيل ومنهم محمود السعدنى بمسرحية «فيضان المنبع» إخراج أحمد سعيد، فرقة المسرح الحر 1958، ولطفى الخولى «قهوة الملوك» إخراج نبيل الألفى، الفرقة القومية 1958، ورشاد رشدى «الفراشة» إخراج صلاح منصور، فرقة المسرح الحر 1959.

وتنافس مسرح ثروت عكاشة الجاد بمسرح عبدالقادر حاتم التليفزيونى، وجاء نقد الثورة قوياً فى فضاء المسرح، فصرخ عبدالرحمن الشرقاوى فى الحاكم، بلسان بطله الفتى مهران، ألا يذهب بجيشه ليحارب فى السند «اليمن» والعدو يهدد حدوده الشرقية، وطالب ألفريد فرج من الحاكم، عبر بطله أبوالفضول، بمنديل الأمان لكى يستطيع أن يجهر بالشكوى، وحذر سعد وهبة من ضياع سكة السلامة. كما كان المسرح الكوميدى والفرق الشعبية الجوالة مقصداً للجماهير، وعلى هذا فلقد كانت الطفرة المسرحية ثمرة تفاعل مع المتغير السياسى الذى أحدثته ثورة يوليو، فكانت هذه العروض تتوجه إلى القاعدة الشعبية العريضة والتى كانت مقصداً للمشروع الناصرى، فكان اهتمام الدولة بإعادة هيكلة المسرح التابع للدولة فكان قرارها بتشكيل لجنة عليا للإشراف على المسرح القومى وكان من أعضائها د. طه حسين ود. حسين هيكل لمساندة هذا الحراك واستمراره، كما كان قرار تولى أحمد حمروش، وهو من رجال الثورة، رئاسة المسرح القومى تحقيقاً موضوعياً لهذه المساندة.

—————————————————

المصدر : مجلة الفنون المسرحية – المصري اليوم 

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *