مسرح بغداد والوجه الحضاري لبغداد – العراق

 

سامي عبد الحميد

ظهرت في (الفيسبوك) في الآونة الأخيرة صورة لمسرح بغداد ،مقر فرقة المسرح الفني الحديث، وتوضح تلك الصورة كيف أصبح ذلك الصرح الفني العتيد مكباً للنفايات، وكانت تلك البناية في بدايتها كنيساً لليهود وأصبحت فيما بعد مخزناً للتبوغ إلى أن قام المخرج الراحل ابراهيم جلال والضابط المتقاعد طارع الغزالي بتحويلها إلى مسرح قدمت على خشبته روائع المسرحيات العراقية والعربية والأجنبية، ونذكر منها مسرحيات الراحل يوسف العاني (الشريعة) و(الخان) و(خيط البريسم) ومسرحيات الكاتب المجدد عادل كاظم (تموز يقرع الناقوس) و(الخيط) ومسرحيات الكاتب اللاتيني  ازفالدو دراغون (الرجل الذي صار كلباً) و(مرض أسنان) و(حكاية صديقنا بانجيتو) ومسرحية شكسبير المشهورة (هاملت) ومسرحية لوركا الأشهر (بيت برنارد ألبا) ومسرحية مكسيم غوركي (البورجوازي) ومسرحية محمود ذياب (اضبطوا الساعات) ومسرحية  جليل القيسي (غيفارا عاد) ومسرحية الفريد فرج (زينة النساء) ومسرحية محيي الدين زنكنة (حكاية صديقين) ومسرحية عبد الكريم السوداني (الكفالة) ومسرحية جيكوف (أغنية التم) ورواية غائب طعمة فرمان (القربان) ومسرحية فيصل الياسري (رحلة في الصحون الطائرة) وغيرها كثير. 

تعقيباً على الصورة – صورة واجهة بناية مسرح بغداد- قال الكاتب (فلاح هاشم) معلقاً على كلام المخرج (فاروق صبري) “هذه ليست بقايا مسرح فقط انها بقايا حضارة اجهضتها فلول الكلاب التي قتلت أحلامنا بعراق جديد نعود إليه بعد عقود غربتنا . على هذا المسرح أخرجت عام 1975 مسرحية (مهنة جذابة) . وعليه مثلت بطولة مسرحية (امتحان الموديل) اخراج الشهيد كاظم الخالدي . ومنه فررت خارج العراق قبل أن يتم عرض مسرحية (رقصة الأقنعة) بيومين وكانت من اخراج استاذنا جعفر السعدي . ومثل دوري الراحل الكبير عوني كرومي . هذا الصرح هو مقر فرقة المسرح الفني الحديث ذات التاريخ الحافل بالابداع . هنا قُدمت أعمال الكبار : ابراهيم جلال وسامي عبد الحميد وقاسم محمد وجعفر السعدي ويوسف العاني وفاروق فياض وغيرهم وغيرهم الكثير من عمالقة الدراما العراقية.. مخرجون وممثلون وكتّاب وفنيون . واليوم في مرحلة الظلام الدامس الذي يلف سماء العراق كان لا بد أن يتحول مركز التنوير هذا الى مكب للنفايات . فلتكن هذه الصورة رمزاً لبذاءة هذه المرحلة التي لا تشبه العراق ، هذه المرحلة الخارجة على القانون في حياة شعبنا، لا تشبه بقبحها إلا وجوه وقلوب وضمائر منفذي برنامج التخريب المنظم لوطننا. 

لقد تحرك ضمير العراقي (فاروق صبري) ،وهو المغترب في كندا، بأن يدعو العراقيين لدفع كل منهم دولارا واحدا من أجل إعادة ترميم مسرح بغداد وإعادته كمركز ثقافي تنويري كما كان ،و ويا لها من دعوة نبيلة . كتبنا الكثير وتحدثنا الكثير عن إعادة إعمار مسرح بغداد ، خصوصاً عام 2013 بمناسبة الاحتفال ببغداد عاصمة الثقافة العربية وقلنا في وقتها بأن إعمار هذا المسرح واعمار مسرح الرشيد وليس وضع حجر الأساس لدار الأوبرا، انما يدل دلالة واضحة على أن بغداد عاصمة للثقافة العربية إذ شهد المسرحان حضور العديد من السياسيين والمثقفين العرب وكانوا مبهورين بالعروض المسرحية التي كانت تقدمها الفرق المسرحية العراقية وفرق مسرحية عربية واجنبية. وراحت كتاباتنا ومطالباتنا حول إعادة اعمار المسرحين – بغداد والرشيد في مهب الرياح حيث لم نلق اية استجابة لا من الحكومة ككل ولا من وزارة الثقافة بالأخص . وكما بادر عدد من المسرحيين ذات يوم لإحياء ومسرح الرشيد وبمساعدة مادية من بعض النواب وللمتبرعين من الموسرين ولكن مع الأسف فقد قُبرت تلك المبادرة في مهدها ولم تلق آذاناً صاغية لاكمالها وبقى مسرح الرشيد بناية مهجورة معزولة ونخشى ان يأتي اليوم الذي تصبح كرفيقتها بناية مسرح بغداد مكباً للنفايات . وبعد ذلك هل يحق لنا الادعاء بأننا نعيش في بلد متحضر متقدم؟!!

————————————————————-

المصدر : مجلة الفنون المسرحية – المدى

شاهد أيضاً

الكتاب المسرحي العربي للمرة الأولى في جيبوتي. اسماعيل عبد الله: حضور منشورات الهيئة العربية للمسرح في معرض كتب جيبوتي حدث مفصلي في توطيد الثقافة العربية.

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *