مسرح الشارع ظاهرة ثقافية يمكن تطويرها سامي عبد الحميد

 

المصدر/المدى/ نشر محمد سامي موقع الخشبة

بمبادرة من (تجمع فنانو العراق) وبتنظيم من كريم جنجر، أقيم مهرجان مسرح الشارع في المركز الثقافي البغدادي يوم 31/3/2017 وشاركت في المهرجان مجاميع شبابية من مختلف محافظات العراق وبرغم بدائية تلك العروض وخلوها من الحرفية العالية وتواضع طروحاتها الفكرية، إلا انها مثلت بدايات طموحة يمكن أن تتطور في المستقبل. ومما يؤخذ على منظمي هذه التظاهرة الفنية، انهم اكتفوا بمكان واحد لتقديم العروض وابتعدوا عن بيئة مسرح الشارع، وهي بيئة متنقلة بمعنى أن العروض تقدم في اماكن مختلفة غير المباني التقليدية للفن المسرحي، وأن تتحول العروض بين الشوارع والساحات العامة. لقد كانت بيئة المركز الثقافي البغدادي غير مناسبة لتقديم عروض مسرح الشارع، وذلك بسبب تداخل اصوات أخرى مع أحداث الممثلين العارضين مما ضيّع على الجمهور الملتقي حول منصة التمثيل، الكثير من الحوارات والجمل، ومن تلك الأحداث المتداخلة ضجيج الموجودين في باحة المركز من غير جمهور المسرح، وكذلك اصوات الاغاني الصادرة من إحدى القاعات القريبة من مكان العرض.
ولعلَّ من المفيد أن نطلع القارئ الكريم على نبذة مختصرة عن تاريخ مسرح الشارع في العالم العربي والشرقي وطبيعة عروضه المسرحية وفنون الأداء.
الكثير من تسليات الشارع أصولها على أكثر من احتمال في مهارات ألعاب الشعوذة والألعاب السحرية أو الاكروبات، والتي تبعد الجمهور عن مشاغل الحياة اليومية بوسائل بسيطة، ومسرح الشارع قديم، قدم مفترق الطرق القديمة. ويرتبط مسرح الشارع بالمهرجانات والكرنفالات والمرح الصاخب ومجاميع الشغب والاجتماعات الشعبية التي تربك الروتين بالأفعال غير المهذبة والوحشية. وإدخال ما هو خارق في ماهو دنيوي وتحدي السلطة بالنكسات الرخيصة وتقوية الطعن بالبصر.
كان التمثيل الصامت وما سمّي (المنسترل) في اميركا، والحكواتي، والذي قالوا شعبية في المعارض والأسواق في اوروبا في القرون الوسطى جانباً واحداً من شبكة واسعة من الثقافة الانتقالية والتي تبحث المسرة في نفوس الملايين من البشر الموجودين في الشوارع، ويمكن أن يكون مسرح الشارع مضحكاً ومتسامياً في آن واحد وأن يكون متكلفاً ومصقولاً ومحرضاً أحياناً.
أمنت الحضرية المتعجلة في المجتمعات القريبة في القرنين الأخيرين للألفية الماضية، بأن مسرح الشارع مهنة اعتيادية واسعة الانتشار، ولها ابعاد مخيفة في الإعدامات أمام العامة والاعمال العنيفة في كل مكان، وانعكست في انكلترا خلال القرن التاسع عشر في (القروتسك البشاعة المضحكة) وفي عروض الدمى لما سمي (بنج وجودي) وفي اميركا في الخدع التي تقدمها فرق (المنسترل) الزنجية. وفي أواسط القرن العشرين كان لها اغراض متسعة ومتعددة ابتداءً من التسلية والتي تدّعي البراءة البدائية في عروض التهريج الايماني في المدن الساحلية الانكليزية ومشاركة مكثفة للصراع السياسي والتمرد في مجاميع التمريض للثلاثينيات والحركات التحريضية المتحررة خلال الستينيات لأجل الحقوق المدنية في اميركا والاحتجاجات ضد الحرب الفيتنامية، وهنا اتذكر مسرحية الكاتبة (ميغان تيدي) الموسومة (فيت روك) والتي قدمها في العراق الراحل (جعفر علي) وتشير إلى عروض فرقة مسرح الخبز والدمى لبيتر شومان وهي الفرقة الاميركية التي كانت تتحول بعروضها المسرحية بين اماكن مختلفة، حيث التجمعات السكانية ويعبر عن احتجاجها على الظروف الاقتصادية والسياسية السيئة في بلادها.

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *