مسرحية «مهرجون في العاصفة» لروبيرتو شولي في «أسبوع المسرح» بالمسرح الوطني: رحلة موسيقية للبحث عن صراع الدين والسياسة

هم من يصنعون الضحكة على وجوه المشاهدين، هم من ينثرون زهور الفرح اينما حلوا وأينما وجدوا هم الذين يمتعون الصغير والكبير ولكن هل سبق وان طرح السؤال عما يشعرون به؟ او كيف يفكرون وما اوجه

التشابه والاختلاف بينهم وهل كل المهرجين مهرجون؟ كيف يفكرون وكيف يعايشون احلامهم وكيف يعاملون الاخر المختلف عنهم و كيف يعبر المهرج عن الصراع بين السياسة والدين؟ الارهاب والتطرف الحلم و الأمل جميعها اسئلة طرحها روبيرتو شولي في مسرحية «المهرجون في العاصفة».هي رحلة احلام فكاهية وموسيقية الى عالم اخر غريب، رحلة يقودها 11مهرجا، تختلف أزياؤهم وأفكارهم، رحلة خيالية تجوب الشرق والغرب وبلغة الموسيقى والإشارة يقدمون للجمهور تحليلا عما يعيشه العالم من صراعات طائفية ودينية وسياسية رحلة مطيتها الموسيقى التي وحدتهم رغم اختلافاتهم.

الدين…الطائفية..الانقسام افيون الشعوب
ظلام يخيم على المكان، حقيبة تتوسط الركح، خضراء اللون مرمية منسية على رصيف محطة انعكس عليها كل الضوء وكأنها محور الأحداث وللحقيبة دلالات عديدة فهي ما ترمز الى «الانتحاريين» الذين يفجرون انفسهم في الفضاءات العمومية، 11عشر مهرجا يجتمعون حولها يحاولون الاقتراب، خطوة الى الامام وثلاث الى الخلف في اشارة الى الخوف مما تحمله داخلها خوف من هجوم او تفجير متوقع.

مهرجون في العاصفة، مواجهة ونقاش جديد مع نظرة المهرج الى العالم، هم في مواجهة ذاتية مع انفسهم ونظرتهم للآخر ومواجهة مع الاخر في كيفية التعامل معه ان وجدا معا في نفس المكان، مواجهة اساسها الاول ديني فالأديان في المشرق كانت ولا تزال تلعب دورا اساسيا في صياغة الحضارة والنظرة الذاتية لها وفي الغرب تلعب دور بلورة اللمسة الرومية الكاثولوكية لاروبا.

من الحقيبة الى «اللحية» ورمزيتها عند الغرب فهي عنوان للصراع والخوف، اللحية يراها الغرب عنوانا للإرهاب والتقتيل و «الدولة الاسلامية» التي ظهرت مع الحركة الوهابية وأدت الى ارتفاع المخاوف من الاسلام، وعلى الركح يبنى مسجد وتوضع السجادة على القاعة فيخاف المهرجون الاخرون ويبتعدون عن الملتحي وكلما حاول الاقتراب زاد ابتعادهم عنه

اما اللحية في نظر المشارقة فيرونها ترمز الى الحملات الصليبية العنيفة تلك الحملات التي استباحت الارض والعرض لنشر الدين المسيحي، وبذلك نشأت ثقافة الممنوع والمحرم والفكر المتشدد اليميني و الاسلاموي وبين هذه الممنوعات يتحرك المهرجون ويحاولون اكتشاف اغوار الآخر يضحكون المشاهد، بحركاتهم السخيفة ولكنها جد مدروسة حركات تبدو بسيطة لنكتشف اخر العمل دورها في تفتيت كل الحواجز حد ان يصبح المهرجون الغرب يدافعون اشد دفاع عن المهرج المسلم ويشاركونه لحظات الصلاة والوضوء ويدافعون عن فضائه الصغير في اشارة الى وحدة الانسان متى ترك الدين والسياسة جانبا.

للموسيقى سحرها فهي لغة الشعوب
المهرجون في العاصفة عمل مسرحي موسيقي لروبيرتو شولي وماتياس فلاكه، رحلة صامتة لا حديث فيها، وحدها تقاسيم وجوه المهرجين وحركاتهم هي لغة العمل، حركاتهم، طريقة ضحكهم، انفعالاتهم جميعها تنقل بصمت او مع الموسيقى.

ساعة ونيف تكون فيها الرحلة موسيقية بامتياز فهم يضحكون بالموسيقى وبكاؤهم موسيقى ولصمتهم ايضا صوت الموسيقى وعن الموسيقى يقول شولي «الموسيقى مهمة للمهرجين لأنها تجعل من الفشل نقطة محورية، كلما ازداد الالتزام والفن في ممارستها ازدادت الفجوة بين الامل و الفشل، الصراع بين المهرج الابيض والأحمر بني على هذه الامكانية الكبيرة، والعزف على اداة بشكل متقن هو شيء مهم جدا للمهرّج والهدف من الموسيقى هو ربط المسرحية بالرحلة الى الشرق، لان الموسيقى تنقلنا الى عوالم وحضارات اخرى» و على خشبة قاعة الفن الرابع بالعاصمة كانت نغمات البيانو والناي وسيلة السفر، رحلة خيالية الى الشرق، رحلة تشتت فيها الافكار والرؤى والأسئلة، رحلة البحث عن الاخر و السؤال عن كينونته، رحلة جسدها المهرجون على الركح وشكلوا بأجسادهم سفينة اما الامواج فصنعها المخرج بتحريك البلاستيك ليحدث صوت المياه، رحلة في الخيال انطلقت من الخوف من حقيبة ثم المغامرة لاكتشاف مكان اخر وعالم مختلف رحلة قادتها النوتة واللّحن، رحلة الموسيقى لان الموسيقى هي اقوى اشكال قوة التخيّل من خلال غموضها وعدم وضوحها فكل نوتة حكاية ولكل نوتة عالمها الخاص.

 

بقلم مفيدة خليل

http://ar.lemaghreb.tn/

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *