مسرحية ساعة الحساب “أو الفخ ” للويجي بيرانديللو د.علي خليفة

نرى بيرانديللو في أغلب مسرحياته القصيرة يعرض علينا مواقف من الواقع ولكنه يصوغها بأسلوبه الفني بما فيه من تركيز وتكثيف وإيحاء واستقصاء لدخائل النفوس البشرية
وفي مسرحية ساعة الحساب “أو الفخ”يصور لنا موقفا يعتمد فيه على الثالوث المشهور في كثير من المسرحيات لا سيما مسرحيات الفودفيل والفارس الفرنسي في نهاية القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين بما في هذه المسرحيات من عرض مواقف وذكر نكات تستدعي الجمهور للضحك ولكنها لم تكن تقترب من الحقيقة بقدر ما تحاول حث المشاهد على الضحك حتى وإن كان لا يقتنع بواقعية ما يراه في هذه المسرحيات
وفي مسرحية بيرانديللو التي نحللها في هذا المقال نراها تعتمد على هذا الثالوث ولكن بيرانديللو لا يكتفي فيها برسم الموقف وتصعيده ولكنه يستبطن نفوس الشخصيات بها ويرينا كيف ينتقم الزوج أمندريا من زوجته جوليا التي تخونه مع صديقه أنطونيو بأن يبث فيها القلق والتوهم بأنه يشك في خيانتها له ثم ينقض عليها فجأة كما ينقض الصقر على فريسته بمحاصرتها وتعريفها بفظاعة جرمها وأنها بذلك فقدت كل ما يجعلها تتمسك بالحياة كزوجها وولديها وعشيقها أيضا ولذا تتخلص من حياتها بالموت أما عشيقها فيحاصره أيضا بإيهامه بشكه فيه ويظل يعد عليه أنفاسه وحركاته ثم حين يأتي ويرى جوليا وقد قتلت نفسها يقول له في نهاية المسرحية أنت الذي قتلتها
وفي هذه المسرحية نرى بيرانديللو يظهر قدراته في صياغة المسرحية القصيرة المثيرة في حدثها وفي جو التشويق بها ولا يكتفي بهذا الشكل الخارجي للمسرحية بل نراه يطلعنا على أعماق شخصياته ويرينا دوافعها لما فعلته فجوليا من طبقة أرقى من طبقة إندريا ولكنها بادلته الحب وهربت من بيت أهلها لتتزوجه وأراد هو أن يثبت لأهلها ولها أنه جدير بها ولذلك عمل كثيرا بما استثمره من مالها الذي أخذته من ميراثها وأصبح ثريا ولكنه خلال انهماكه في عمله نسي حاجتها المعنوية والغرائزية له فخانته مع صديقه واستمرأت هذا الفعل ولكنها حين وقعت في مصيدة حساب زوجها اعتصرَها فشعرت بفداحة جرمها ولم تستطع أن تواصل حياتها وقد فقدت كل ما يربطها بها فتخلصت منها

محمد سامي / مجلة الخشبة

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *