ليلك ضحى” قصيدة مفتوحة على الوجع اليومي : عبدالحق ميفراني

نشر : محمد سامي موقع الخشبة

مسرحية “ليلك ضحى” التي تدين كل أشكال التطرف تعرض ضمن فعاليات الدورة الـ28 من أيام الشارقة المسرحية.

في فضاء مسرحي مفتوح، اختار الفنان غنام غنام أن يدع المجال للممثلين كي تكون مساحة الأداء تتناسب مع مساحات الضوء المحدّدة وفق خطاطة تتخذ أحيانا مساحة مثلث أو مربع، فاتحة المجال لأداء الممثلين.

هذا ما قدّمته مسرحية “ليلك ضحى” ضمن فعاليات الدورة الـ28 من أيام الشارقة المسرحية التي تتواصل فعالياتها إلى غاية 22 مارس الجاري بقصر الثقافة بالشارقة.

والمسرحية تدين كل أشكال التطرف، رغم اختيار مخرجها لقوة فعل درامي، لحظة تكسير آلة العود، واختيار الشخصيتين ليلك وضحى الموت، إلاّ أنهما اختياران نابعان من قناعة غنام بجعل حالة المأساة تصل إلى مبتغاها النهائي.

واختارت “ليلك” الموت إلى جانب “ضحى”، في مشهد يؤشر على ديمومة قيمة الحب وهي تنشد الخلاص إلى عالم آخر، عالم تكون فيه قيم الحياة والحب جسرا للتعبير عن القيمة الحقيقية لكينونة الإنسان وحقه في الحياة.

ومسرحية “ليلك ضحى”، لفرقة المسرح الحديث بالشارقة لم تخرج عن اختيارات المسرحي غنام غنام والمتمثل في نشدان الخلاص من هيمنة هذه السوداوية لفكر ظلامي يحاول في كل مرة قتل الجمال.

وضمنيا عبر العرض المسرحي إلى لحظتين، لحظة أولى بإيقاع سريع متفاعل، وفيها انتقال ليلك (أدت الدور الفنانة علياء المناعي) وضحى (أدى الدور الفنان رائد دالاتي)، حيث تتحوّل أطماع بعضهم في ليلك إلى ذريعة، كي ينمو ما يشبه نزعة ذكورية تجاه اقتلاع الجمال من مكانه.

وليس من حق ضحى “ليلكه”، ولا من حق هذا الحب أن يعيش في وسط محكوم بحالة شاذة، حيث كل شيء يرتبط بالنزوات، وظلت اللحظة محكومة بحوارات، تتّخذ مسحة ساخرة أحيانا، ومع حضور الموسيقى على الخشبة كفاعل درامي عليها.

وفي لحظة ثانية تصبح الموسيقى هي القادرة على استيعاب البياضات، بل تتحوّل أغنية فيروز، ولازمتيها “نسم علينا الهوى”، و”بدي ارجع لبلادي” إلى مؤشرين خارجيين، لكنهما فاعلان في العرض المسرحي.

وفي الكثير من لحظات العرض المسرحي “ليلك ضحى” تعبر فاطمة (حبيبة محمود، أدتها الممثلة هلا البصار) كظل، جسد هلامي ملائكي يأتي من عالم آخر، يبحث عن آثار لما تركته خلفها، كي نكتشف في إحدى لحظات العرض قدرها المأساوي، وتحضر فاطمة كصوت يؤدي على الخشبة بعض مقاطع فيروز، وتلك اللازمة التي تتكرر حد الرتابة، للمزيد من إبراز الوجع.

على النقيض يحضر أبوالبراء (الممثل فيصل علي) كشخصية دموية متطرفة إلى جانب الشيخ البلداوي (الفنان إبراهيم سالم)، وأبوحمزة (الممثل عبدالله محمود) إلى جانب شخصية أبوسعيد، ويبدو الاختيار الواعي لتركيبة الشخصيات وتناقضاتها، وهو ما ظهر جليا خلال المسرحية.

“ليلك ضحى”، أقرب في الكثير من لحظات العرض إلى قصيدة مفتوحة على الوجع اليومي، حيث كل شيء أمسى مهددا.

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *