كتاب «المسرح الحديث.. الخطاب المعرفي وجماليات التشكيل»

يرى كتاب «المسرح الحديث.. الخطاب المعرفي وجماليات التشكيل»، لمؤلفه عبدالفتاح قلعه جي، أن المسرح هو الحرية وثقافة التمرد، ومن هذا المنطلق يستطيع المسرحي العربي مطالعة المعطيات الفكرية التي جاءت بها اتجاهات الحداثة. وكذا بمقدوره الاستفادة من الأشكال والتقنيات المسرحية المتطورة التي جاءت بها الحداثة، وبذلك يغني قاموسه المسرحي، بالمتعدد والخلاق. ويبين المؤلف هنا، أن تشيخوف، الذي لا ينتمي إلى روسيا فحسب، وإنما إلى العالم كلّه، يظلّ محمولاً على أعناق عشرات الشخصيات في مسرحه والتي صورها بعناية وحب.
كما تنطفئ شعلة المسرح التعبيري بموت يوجين أونيل، ولا تزال ألمانيا تقدم مسرحياته التعبيرية، وأعماله تعكس أهم التجارب المسرحية في أميركا. ويوضح هنا، أن عدداً من الفنانين العرب مال إلى التعبيرية، ومن ذلك ما قدّمه مارسيل خليفة بعنوان «مجنون ليلى»، إذ يجمع الغناء مع الأداء الشعري والرقص التعبيري.
ويؤكد المؤلف أن المهرجانات المسرحية العربية، تشهد عروضاً تنتمي إلى المسرح التعبيري، ومنها: عرض «شوباش» الذي قدمه المسرح القومي في دمشق- من إخراج هشام كفارنة. وكذلك في عروض التجريبيين العرب، أمثال: توفيق الجبالي وصلاح القصب وجواد الأسدي.
وينتقل قلعة جي إلى إيضاح مسألة مهمة، مفادها أن الأحداث التي تجتاح العالم اليوم، تشكل مادّة غنية للعرض وكشف الحقائق والبحث والتفسير، وتحفز المبدع ليتحمل مسؤولياته في المجابهة والتعبير، وتعيد للمسرح التسجيلي مكانته في التعرية وإزالة الأقنعة وكشف الحقائق، فهو مسرح المعرفة المؤكدة.
ويلفت المؤلف إلى أن المسرح التسجيلي، هو ما يقدّم البديل ويجزم المؤلف، أن البحث عن مسرح جديد وعن مكان مسرحي خارج المكان المشيد، أصبح هدف المسرحيين الذين تبنّوا تيار ما بعد الحداثة، وذلك منذ ستينات القرن العشرين. كما أن الرواسب المتراكمة عبر السنين لم تتلاش تماماً.
ويخلص قلعة جي إلى إنّ مسرح الحدث التلقائية، حالياً، يدعو ويقدم شيئاً من مفردات الطقوس الدينية القديمة والاحتفالية.
يدرس قلعه جي مسرح الصور، مشدداً على البعد الكيفي في السرد، وموضحاً كيف تلعب الكلمة دوراً في فك شيفرات العرض الصورية، ويجد أنه، وبما أنّ هذه الفنون لازمانية، فإن مسرح الصور لازماني، في حين يسود في هذا المسرح البعد المكاني والتجربة الحسية، والتجربة العربية كانت مع ظهور المسرح الجديد في تونس، وانطلاقاً من تفكيك اللغة، والتركيز على دور السينوغرافيا كبديل عن الدراما التقليدية، فكك الجبالي الجذور في بنية مسرحية موازية في دلالاتها للجنون نفسه.
وكذا استطاع المسرح الحي تفجير طاقات الشبان ومواهبهم والتركيز على المجتمعات الإنسانية وحدها، في توليد الحدث وخلق مساحة العرض وإيقاعه، من خلال الديكور والإكسسوارات. وهنا كان لا بدّ لفناني ما بعد الحداثة، من البحث عن لغة أخرى وجدوها في الجسد:
إنه مسرح درامي يختزل الدراما في التعبير الجسدي الراقص، باعتبار أن الجسد، بتاريخه ورموزه وإيماءاته عالم معرفي قائم بذاته، له كيانه المستقل، ويتمحور حول فيزيائية الجسد وتحريره، من خلال إطلاق الطاقة الكامنة فيه، معبراً عن الوحدة العضوية بين: «الجسم والعقل» الرجل والمرأة. وهذا التحوّل شهد صداه في العالم العربي، وتشكلت فرق الرقص المسرحي الحديث، مثل أعمال فرقة «إنانا»، وأعمال كثيرة لوليد عوني. 

————————————————–
المصدر : مجلة الفنون المسرحية –  البيان

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *