فنون الأداء كما يراها العالم النفسي البريطاني جلين ويسلون

 

محمد الظاهري

إنه من اللطيف والمفيد، بالإضافة الى انه من النادر في نفس الوقت ان تجتمع في شخص مهارات متعددة واختصاصات مختلفة ليقوم بتوظيفها في مجال واحد، لتكون مخرجاته النظرية والمادية ذات قيمة وفائدة احترافية متميزة. البريطاني جلين ويسلون بالاضافة الى كونه عالما نفسيا متمكنا، فهو مغن اوبرالي وممثل مسرحي وسينمائي ومخرج للعديد من المسرحيات التمثيلية، يقدم من خلال كتابه Psychology for Performing Artists «سيكولوجية فنون الأداء» ـ قام بترجمته الى العربية الدكتور شاكر عبد الحميد ضمن سلسلة «عالم المعرفة» والتي يصدرها المجلس الوطني للتقافة والفنون بالكويت ـ رؤية ودراسة نفسية تجميعية على فنون الأداء ممثلة بالأداء الأوبرالي، والمسرحي، ومن ثم التلفزيوني، واخيرا الأداء السينمائي، وهو الى جانب ذلك يسلط الضوء في احيان كثيرة على العملية الإخراجية التي تصاحب هذا الأداء وتأثيره على الصورة النهائية له وللعمل الفني بصورة عامة، فدلالة الأداء في كتابه اكثر شمولية من المعنى التقليدي واللغوي للكلمة، فهي تتعداها الى التمثيل والإخراج والتصوير بالإضافة الى الموسيقى والمؤثرات البصرية والصوتية.

ويتطرق ويلسون في كتابه الى العديد من الموضوعات والعمليات النفسية التي تصاحب الأداء الفني ابتداء من ذات المؤدي وحتى المتلقي للمادة الفنية، فهو يحاول قبل ذلك في الفصلين الأولين من كتابه التأسيس والتأصيل وإيجاد الرابط بين الفن كأداء تقني وبين التعبير الإنساني كعملية نفسية مصاحبة له، باعتبار الأداء الفني هو نتيجة فسيولوجية لنوعية خاصة من العمليات السيكولوجية التي يعيشها الانسان ويستطيع المؤدي التعبير عنها من خلال عملية تقنية يستقبلها الجمهور حسب موافقتها واحتياجاتهم النفسية، وهذه الاحتياجات قد افرد لها ويلسون فصله الثالث حيث يتحدث حول التوحد الذي يعيشه الجمهور مع العمل الفني وردود الفعل المتوقعة نتيجة له.

بعد ذلك ينتقل جلين ويلسون لينحو منحى اخر اكثر تقنية وعملية في الفصول المتبقية من الكتاب، ابتداء من تطرقه للاتجاهات التي رافقت الأداء الفني عبر تاريخه الطويل، وتسليطه الضوء على اهم مدرستين في ذلك وهي المدرسة التقنية الكلاسيكية المسرحية المرتبطة بالمدرسة الفرنسية «ديلسارتيه» والمدرسة الخيالية الواقعية المرتبطة بأسلوب ستانيسلافسكي وستراسبيرج، ليقدم بعد ذلك دراسة عملية حول اعداد الممثل اعدادا احترافيا تبعا لكلا المدرستين الخيالية والتقنية.

وتكمن الأهمية التي تحيط بكتاب جلين ويلسون في تطرقه الى واحدة من اهم القضايا في صناعة الفن، على صعيد المسرح والسينما على حد سواء، فعلى الرغم من الجانب التنظيري الذي قد يوهم به عنوانه إلا انه لم يغفل الجانب التطبيقي والعملي لدى صناعة المؤدي والممثل المحترف.

—————————————————————

المصدر :مجلة الفنون المسرحية –  الشرق الأوسط 

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *