عين على المسرح -مهرجان فرحات يامون للمسرح في دورته الخامسة والعشرين في ندوة فكرية ” سعد الله ونوس بين النص والفرجة ” وتكريم الإعلامي والناقد المرحوم ” عماد الحاج ساسي ” -الجزائر

في ضوء مهرجان يامون للمسرح في طبعته الخامسة والعشرين ، المقام بمدينة جربة بتونس ، تمّ عقد ندوة فكرية موسومة ب” سعد الله ونوس بين النص والفرجة ” على مستوى فضاء المكتبة العمومية التي استقطبت تلاميذ القسم النهائي لطلبة البكالوريا ، مع محاضرات أثراها خيرة الأساتذة والدكاترة المهتمين بالأدب والمسرح على وجه الخصوص ، محاولين مقاربة مفاهيم ومصطلحات للمسرح ، مبينين أهمية مثل هته الندوات الفكرية التي من شأنها إثراء رصيد الطلبة وفتح مجالات الحوار والمناقشة على أكثر من صعيد ، مع تبسيط المفاهيم لهم وإبراز أهمية ممارسة الثقافة والفن في ظلّ كل ما تكابده الدول العربية وبوجه خاص تونس الخضراء التي أبت إلا أن ترفع التحدي بإقامة ومواصلة فعاليات مهرجان فرحات يامون تثمينا للحوار الثقافي والفني بين الجيلين .

الندوة الفكرية التي عرفت العديد من المداخلات ، أين استهلت باقتحام مجال الرمزية وعلاقتها الرصينة والعميقة بالأدب والفن ، مع الأستاذ ” خميس الورتاني” أين وضع يده على ” الرمز في رأس المملوك جابر” مستعرضا أهم التيمات وأهمية الرمز والفرق بينه وبين الكناية ، والمقاربة التي من شأنها أن تحصل وتبرز الفرق ، مع تحديد مراحل الدراسة التطبيقية للص من الحوار الى الشخصيات ، الى الفضاء الزماني والمكاني مع استعراض الأحداث والأهداف ، والبعد الملحمي لمسرحه ، مع تسجيل مداخلة ثانية بعنوان ” مسرح سعد الله ونوس ما بعد النكسات ” للأستاذ ” محمد غزال ” الذي ركّز على البعد الذي اتّخذه مسرح سعد الله ونوس وكيف كان مجالا مفتوحا وخصبا للتسييس ، وأن النكسات المتتالية التي عرفتها الدولة الفلسطينية قد كانت مكوّنا أساسا في شحن مسرحه وتوجيهه ، وكل نكسات الدول العربية كما تمّ إثراء الندوة بمداخلة أخرى للأستاذ ” الهاشمي حسين ” بشأن ” توظيف التراث العربي في مسرح سعد الله ونوس ” حيث أن المسرح الراهن مثخن بالكثير من الأسئلة والهمّ العربي في شكله المعاصر وأهم الرهانات التي يحملها في ظلّ إصراره على الحفاظ على التراث وكيفية توظيفه فنيا ومسرحيا لأنه المكون الأساس في البحث عن تأصيله وصياغة تجاربه ، وتم اختتام الندوة بمداخلة للأستاذ ” رضا لبيض ” التي عنونها ب” في الحاجة الى بريشت ونوس أنموذجا ” حيث استعرض تجاربه وكيف أنه من المقتدرين الذين اعترفوا بالتحولات التي شهدها المسرح ولا يزال ، ومدى قدرة المسرح على الفعل في التاريخ أي نسبة الوعي فيه ، حتى نتجاوز كل ومجموع الخصوصيات ، وقد كانت له الجرأة ليعترف بغربته في مجال كتابته فهو العربي الوحيد الذي امتلك ناصية الاعتراف بذلك ، وهو الوحيد الذي تقاطعت تجاربه مع ” بريشت” وما قدمه ونوس بعد مدة صمت وتأمل من تجارب رائدة عرّت الصراع السياسي.

بعدها مباشرة تمّ فتح باب النقاش والحوار للتفاعل وتقريب وجهات النظر ، ليتمّ بعد ذلك فسح المجال لتكريم عائلة الفقيد المرحوم ” عماد الحاج ساسي” ، الإعلامي ، الشاعر والناقد حيث امتلك الكثير من الكتابات والأعمال في مجال النقد الأدبي من نثر وشعر قديمين ، ومسرح لعلّ أهمها :
” الحماسة في القرنين الثالث والرابع للهجرة ” ، ” القص القديم في الرحلة من الغفران لأبي العلاء المعري ” ، ” المسرح التونسي ، تقييم واستشراف ” ، ” كيف تقرأ المقابسات لأبي حيان التوحيدي ؟ ” ، ” مغامرة رأس المملوك جابر : دراسة نقدية ” ، كما يجب الاشارة الى أنه كان مدرّسا بالتعليم الثانوي أين اشتغل بالمعهد الفني لحومة السوق لعديد من السنوات ، وأسهم في جل التظاهرات الثقافية بجزيرة الأحلام جربة .
وهو باحث جامعيّ في حقل اللسانيات ، ومن خيرة الطلبة في صفوف الجامعة التونسية ، وقبيل أن تخطفه المنية أنتدب مساعدا للتعليم العالي في اختصاص اللغة والأدب والحضارة العربية ، وهو آنذاك بصدد إنجاز رسالة دكتوراه موسومة بــ” التعهد بالقول مفهومه اللساني ومظاهره في التراث النحوي والبلاغي ووسائل سمته النحوية والمعجمية ” ، رحل في نوفمبر 2013 ومع ذلك ثلّة من أساتذة الجامعة التونسية على رأسهم ” شكري المبخوت ” و” محمد الخبو ” أرادوا مناقشة رسالته بعد رحيله تكريما لروحه الطاهرة ، وكان الأمر كذلك ونوقشت الرسالة التي كانت رمزية وعلمية .
وقد تمّ بنهاية الندوة والتكريم ، منح شهادات شرفية وتقديرية للأساتذة الذين أثروا محور الندوة الفكرية وكل المساهمين في إنجاح الحدث ضمن فعاليات مهرجان فرحات يامون للمسرح ، مع تسجيل تدخلات للأستاذ ” زهير بن تردايت” مدير الدورة الخامسة والعشرين ، والأستاذ ” فوزي عبد اللطيف ” المندوب الجهوي للثقافة بمدنين ، وقد أجمع لفيف المشاركين من أساتذة وطلبة ومساهمين على أهمية كذا ندوات فكرية وعلمية التي من شأنها أن تفعّل الدور الثقافي والفكري والفني على أعلى جبهة ، وبالتالي ضمان الاستمرارية لهذا النبض العمليّ .

بـقـلم : عـبـاسـيـة مـدونـي – سـيـدي بـلـعـبـاس – الــجـزائــر

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *