عين على المسرح العربي – البسطة.. مسرح فلسطيني بالشارع للنقد والمقاومة

بين مدينتي القدس المحلتة ورام الله بالضفة الغربية، يتنقل ممثلون فلسطينيون شباب على عربة يطلقون عليها “مسرح البسطة”، ومن خلالها ينشطون في تقديم عروض حية في الشارع تجذب الجمهور إلى قضايا وهموم سياسية غالبا.

وعلى البسطة، علق الممثلون عبارة ساخرة عنوانها “البسطة مراقبة”، ولدى افتتاح أي عرض يبدأ أحدهم النداء بصوت عالٍ “فرمان فرمان..” على صيغة منادي السلطان قديما.

في عرض باسم “ملك الفراولة” كان الشاب حسام غوشة ينادي “إنّك تطمح بتأسيس بيت أو يكون لك عيلة ممنوع، إنك تطلع على شغلك الفجر ممنوع، إنه يكون طموحك تفوت جامعة ممنوع، أن تكون ملك الفراولة كمان ممنوع”.

بعد قليل ينتبه المارة إلى أن ما ينادى عليه هو جزء من مسرحية مرتجلة عن الشهيد سليمان شاهين الذي كان يعمل بائعا للفراولة على بسطة في سوق الخضار وسط رام الله، قبل أن يعدمه الجيش الإسرائيلي قبل ثلاثة أشهر.

و”ملك الفراولة” هو العمل الرابع لفرقة “مسرح البسطة” التي تحاول تقديم شكل فني مختلف يختلط بالجمهور ويجعله جزءا من العرض.

مسرح البسطة يقدم عروضا ساخرة في الشارع وبمشاركة الجمهور (الجزيرة)

معانقة الجمهور
يقول مؤسس “البسطة” حسام غوشة إنها مسرح شبابي مستقل يترك القاعات المغلقة ويخرج إلى الجمهور ليشاركه قضاياه، وبهذا الشكل يتحول المسرح إلى أداة تعبير لكل الناس. ويعود أصل “البسطة” باعتبارها شكلا من أشكال “الفُرجة الشعبية” التي تستخدم غالبا للبيع.

وفي الشهر الأخير قدّم غوشة وزملاؤه عرضا تناول إضراب الأسير محمد القيق عن الطعام في السجون الإسرائيلية، ورافقت البسطة إضراب المعلمين الفلسطينيين أمام مقر الحكومة.

ولا تسبق عروض البسطة إعلانات، بل ترتكز على عنصر المفاجأة في الشارع، فيتقمص الممثلون دور منادي السلطان أو البائع في السوق الذي يرفع صوته ليثير الانتباه حول أمر ما، ثم يسيروا وسط الجموع للتنبيه إلى قضية ما.

يقول غوشة إن “غاية المسرح خلق فضول عند الناس حول القضية المطروحة، وكما يتغير شكل المسرح فالجمهور أيضا متغير، إنه أحيانا غير مبالٍ، وأحيانا أخرى مهتم جدا”.

أما الممثل صلاح نزال فيعتقد أن الانتفاضة الفلسطينية في الأشهر الأربعة الأخيرة خلقت حالة نقاش دائمة في الشارع، ويقول “الآن من يملك بسطة في الشارع لديه صوت مسموع عند الناس”.

ويذكر القائمون على المسرح الجديد كيف كان نشطاء الانتفاضة الفلسطينية الأولى نهاية الثمانينيات يخبئون منشوراتهم تحت بسطات الخضار والملابس، “واليوم تحاول البسطة استعادة دورها في توعية الناس” كما يطمحون.

وجاء ممثلو “البسطة” من مسارح فلسطينية تقليدية، ولديهم تجارب في إنتاج أو إخراج أفلام قصيرة. وشارك غوشة (26 عاما) في كتابة وإخراج وتمثيل مسرحية “حاجز أخير” التي قدمت على مسارح تقليدية الصيف الماضي، وعمل في عروض بالعاصمة الألمانية برلين مع اللاجئين العرب الوافدين إلى ألمانيا، كما شارك في عروض “حكواتي القدس والشام” بالبلدة القديمة للقدس.

صلاح نزال: من يملك بسطة في الشارع
لديه صوت مسموع عند الناس
 (الجزيرة)

نقد ومقاومة
ويمثل مسرح البسطة شكلا فنيا جديدا في الشارع الفلسطيني والعربي، إذ يطرح عروضا نقدية تطال السلطة والفصائل والأجهزة الأمنية، ويعكس الحياة تحت الاحتلال. لذلك قد يكون عرضة للمضايقات الأمنية، لكن غوشة يقول إن “من يريد أن يسمع صوته في الشارع عليه تحمل المضايقات”.

ولا يتلقى أعضاء مسرح البسطة تمويلا، كما لا يطلبون تذاكر لحضور عروضهم، فغالبية عملهم طوعي مجاني، ويرفضون تلقي دعم مشروط بتوجهات محددة.

ويعتبر القائمون على مسرح البسطة الشارع مكانا لإعادة بث أدب المقاومة، “فهو يزيد وعي الناس أو يعزز وعيهم القائم، إنه يساعدهم على تغيير الواقع وصناعة البديل” كما يقول غوشة.

وبرأي الناشط حسن الصفدي الذي قال إنه تابع ثلاثة عروض للبسطة، فإن هذا المسرح “يحكي ما يفكر به الناس في الشارع، لذلك لا يجد صعوبة في الالتفاف حوله وجذب المشاهدين”.

ويعتقد الصفدي أن فكرة “البسطة” نقلت المسرح من طابعه النخبوي المغلق إلى مشاركة الجمهور بلا ثمن أو تذاكر، إلى جانب حيوية المواضيع التي يتناولها مثل الشهداء والأمن، وكذلك إضراب المعلمين مؤخرا مما يعطيه القدرة على تشكيل وعي ما تجاه قضايا معينة وتوجيه الأنظار إليها.

المصدر : الجزيرة

ميرفت صادق-رام الله

http://www.aljazeera.net/

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *