“عنب أسود” يقتل كلبا ويفسد حياة زوجين

المصدر / العرب / نشر محمد سامي موقع الخشبة

أحداث المسرحية تجري في مدينة افتراضية تصاب بوباء غامض، ما يؤدي إلى انتشار الفوضى والانفلات الأمني فيها.

بدعم من مؤسسة عبدالحميد شومان عرض المخرج الأردني عبدالله جريان في المركز الثقافي الملكي بعمّان مسرحية “عنب أسود”، التي أعدها عن مسرحية كوميدية بعنوان “الأيام السبعة” للكاتب العراقي علي عبدالنبي الزيدي. وجاء العرض في العاصمة عمّان أخيرا عقب تقديمه في 8 محافظات أردنية.

تجري أحداث المسرحية في مدينة افتراضية تصاب بوباء غامض، ما يؤدي إلى انتشار الفوضى والانفلات الأمني فيها، ثم تأخذنا المشاهد إلى داخل بيت يعيش فيه زوجان، لا أبناء لهما، يشعران بالذعر من سماعهما صوتا غريبا لا يعرفان مصدره، الأمر الذي يجعلهما في حالة ارتباك شديد. ويكشف الزوج عن قيامة بتسميم عنب أسود ورميه في أرجاء البيت للقضاء على الفئران، وفجأة يكتشف الزوجان أن مصدر الصوت هو رجل غريب دخل بيتهما، زاعما أنه يبحث عن “كلبه” الذي فرّ منه.

يبدأ الرجل في البحث عن الكلب بعد نقاش وجدال بين الثلاثة، حتى يظهر أنه مات من جراء العنب المسموم، فيفرض الرجل الغريب هيمنته على الزوجين، ويتصرف معهما تصرفا إرهابيا، ويقرر معاقبهما بمنعهما من تناول الطعام والماء مدة أسبوع كامل. وتتضح تدريجيا هشاشة العلاقة بين الزوجين، وكأن وجود الرجل الغريب كان سببا في فضح تلك العلاقة.

لا يشير العرض، الذي مثل شخصياته كل من: مرام أبوالهيجاء، طارق التميمي، بكر الزعبي، يزيد العتوم، أحمد الجيزاوي، عناد بن طريف، يوسف جودة، عبدالله مشهراوي، وسيف المشاقبة، إلى اختلاف كبير عن النص الأصلي، وإنما إلى العلاقة الجدلية في ما بين عنوانيهما، وإلى حضور أهميتهما في آن.

وقد جاءت الأحداث، كما في النص الأصلي أيضا، في فضاء غير محدد، سوى أنه فضاء عربي، وفي الزمن الراهن، وفي سياق حضرت فيه الجماليات الرمزية، وحكاية اجتياح وباء ما ذلك الفضاء، نتج عنه غياب الأمن والفوضى التي أربكت حياة الناس، في إحالة واضحة إلى ما تشهده المنطقة العربية منذ بضع سنوات.

ركزت الرؤية الإخراجية، أساسًا، على تعميق الصراع بين شخصيات العرض، والمفارقات التي أفرزها الجدل الدائر في ما بينها حول موت الكلب، والعقوبة المجحفة والمضحكة التي فرضها الرجل الغريب على الزوجين المسكينين. وقد أوجبت السينوغرافيا المتمثلة بفضاء خال إلا من جدار أسود في عمق المسرح، وإضاءة أرضية ذات إيحاء شبحي، أوجبت على الممثلين أن يشدوا المتلقين بأدائهم الصوتي والحركي والإيمائي، فظهرت شخصية “الزوج”، التي أداها بكر الزعبي، شخصيةً خانعة، ذليلة، مستلبة، عاجزة عن مواجهة طغيان الرجل الغريب (طارق التميمي)، المستبد، الشرير الذي احتل البيت.

بينما تراوحت شخصية الزوجة، التي أدتها مرام أبوالهيجاء، بين الضعف والاندفاع والشعور بالصدمة المروعة من جبن زوجها، الذي لا ينقطع عن الثرثرة بكلام تافه، محملا إياها مسؤولية اقتحام الرجل الغريب منزلهما، ما جعل ذلك الرجل يستغل ضعفه، ويوغل أكثر في السيطرة على الزوجة، ويطمع في امتلاكها جسديا إلى أن تنتهي في المشهد الأخير جثة هامدة.

لعبت الموسيقى والمؤثرات الصوتية، لعبدالرزاق مطرية، دورا بارعا ومركزيا في إثراء الدلالة والتواصل، وتعميق المعنى، من بداية العرض وحتى انتهائه، مجسدة أعمال الشغب والعنف، وأخبار الفضائيات العاجلة التي تتحدث عن الانفجارات التي اجتاحت البلاد.

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *