عرض كتاب”الطيب الصديقي المخرج المتعدد في صناعة الفرجة”

يرصد تلك التجربة المسرحية الفريدة للطيب (1937- 5 فبراير/ شباط 2016)

يختلف النقاد على تجربة أيقونة المسرح المغربي الراحل الطيب الصديقي، لكنهم يجمعون على “تفردها وتنوعها”.

من هذا المنطلق جاء كتاب “الطيب الصديقي المخرج المتعدد في صناعة الفرجة”، للباحث والناقد المسرحي المغربي عبد الرحمان بن زيدان، الذي يرصد تلك التجربة المسرحية الفريدة للطيب (1937- 5 فبراير/ شباط 2016).

ويقدم الباحث، ضمن الكتاب، المتن النقدي القارئ لهذه التجربة المسرحية التي صنعت مجد المسرح المغربي والعربي على السواء.

وهي التجربة، التي مهما اختلف النقاد حول جديتها، إلا أنهم يجمعون على تفردها وتنوعها في استلهام التراث المسرحي المغربي والعربي الأصيل.

ويضم الكتاب، الصادر ضمن منشورات الجمعية الإسماعيلية الكبرى لمدينة مكناس، مجموعة من الدراسات النقدية للدكتور عبد الرحمان بن زيدان، التي تناولت تجربة الطيب الصديقي كمخرج، عمل على مسرحة التراث وتوظيف خبرته الإخراجية في تأصيل الفرجة المسرحية.

كما يضم تحليلاً للعديد من المسرحيات، التي تم تقديمها داخل وخارج المغرب، من بينها “ديوان سيدي عبد الرحمن المجذوب”، “مولاي إسماعيل”، “الامتناع والمؤانسة”.

إضافة إلى مسرحية “ألف حكاية وحكاية في سوق عكاظ”، التي أنتجها الصديقي مع فرقة الممثلين العرب برئاسة الممثلة اللبنانية نضال الأشقر، وشارك فيها ممثلون من أقطار عربية متعددة.

ويشتمل الكتاب على حوار استثنائي مع الطيب الصديقي، يتحدث فيه عن مرجعيات تجربته ودوره في صناعة الفرجة المسرحية.

وتولت تجميع فصول الكتاب، وتصنيفه كرونولوجيا ـ حسب زمن النشرـ الباحثة والممثلة المغربية وسيلة صابحي، التي تعمل في بحثها على تجربة الإخراج المسرحي بالمغرب، والتي رغبت من خلاله، كما جاء في تقديمها للكتاب، أن تعبر عن لحظة وفاء للطيب الصديقي، الذي حلمت بالعمل معه.

وتقدم تحية رمزية لرائد من رواد التأسيس الحقيقي لتجربة مسرحية لها حضورها على الخارطة العربية والدولية، قائلةً: “إن مسعاي من تجميع هذا الكتاب هو تقديم هدفين اثنين يكونان معاً الوحدة العضوية للمشروع”.

الأول “تجربة الطيب الصديقي، كتجربة مسرحية تنتمي إلى تجربة المسرح المعاصر، ثم تجربة النقد المسرحي كتجربة للقراءة التي أرخت لفعل قراءة المسرح”.

من هذه القناعة تقول الباحثة وسيلة صابحي: “من هنا فكرت في أن أقوم بتجميع الدراسات التي كتبها الدكتور عبد الرحمن بن زيدان، فجمعتها في كتاب يقدم صورة من صور التجربة المسرحية الصديقية، وحقيقتها، ومضامينها، ودلالاتها”.

ومضت قائلة، في المقدمة: “الكتاب يمكن أن يقدم ـ أيضاً ـ صورة من صور التجربة النقدية المسرحية في المغرب وهي تضع تجربة الصديقي في الميزان النقدي”.

وعن الكتاب يقول عبد الرحمان بن زيدان، للأناضول، إنه جاء من أجل “إبراز مكونات ظاهرة مسرحية وازنة حركها الصديقي بما يلائم ثقافته المتنوعة بغاية تأصيل الفرجة المسرحية التي تنهض على التراث العربي والمغربي”.

وأضاف أن الصديقي، يمثل بالنسبة له “أيقونة مسرحية كانت تفصح عن ثقافتها في تجريب مسرحي حرّك لدىّ الوعي بوجود نتاجات مسرحية تعاملت مع مرجعيات وحساسيات مسرحية مختلفة، وهو ما جعلني أتابعها كقارئ أراد أن يحافظ على ذاكرة تجربة مغربية وعربية مثلت الجديد الذي اختلف حوله النقاد في الوطن العربي، وفي المغرب”.

ويتضمن كتاب “الطيب الصديقي المخرج المتعدد في صناعة الفرجة” متابعة للعروض المسرحية، التي شاهدها الناقد عبد الرحمان بن زيدان، مشاهدة مباشرة، فكتب عنها.

كما يحتوي على قضايا إشكالية تتعلق ببعض الخطابات النقدية، التي تابعت تجربة الصديقي، وبهذا الشكل يمكن اعتبار هذا الكتاب إضافة نوعية تقرأ تجربة رائد من رواد المسرح العربي.

كما أنه يقدم عملاً توثيقياً لتجربة الطيب الصديقي المسرحية، وفي نفس الآن تجربة توثيقية للخطاب النقدي الذي أنتجه الناقد عبد الرحمن بن زيدان، حولها.

والمسرحي الراحل الصديقي، يعد من مؤسسي المسرح في المغرب، وأحد الوجوه الثقافية البارزة فيه طيلة عدة عقود.

وولد الطيب، في 1937، بمدينة الصويرة، جنوب غربي المغرب في بيت علم، وتلقى تعليمه الابتدائي بالصويرة، وحصل على شهادة البكالوريا (الثانوية العامة) في مدينة الدار البيضاء (غرب)، قبل أن يتوجه إلى فرنسا لاستكمال تكوينه حيث اختار دراسة المسرح.

بعد عودته عمل على تكوين فرقة “المسرح العمالي” عام 1957 في مدينة الدار البيضاء (غرب)، حيث قدمت في موسمها الأول مسرحية “الوارث” في العام نفسه.

وبعد ذلك توالت إنجازاته في المجال المسرحي بين التأليف والتمثيل والإخراج والإدارة والتكوين، واشتهر بتوظيفه للتراث المغربي في مسرحياته (مع فرقته مسرح الناس) ضمن رؤية تتوخى منح المسرح المغربي هويته وخصوصيته التراثية دون الاستغناء عن روح العصر.

زمن أشهر أعمال الطيب الصديقي المسرحية: “ديوان سيدي عبد الرحمن المجذوب”، “مولاي إدريس”، و”عزيزي”، التي كانت آخر عمل درامي قدمه في 2005.

أخرج الصديقي مجموعة من الأعمال المسرحية والسينمائية، وكتب أكثر من ثلاثين نصًا مسرحيًا، وشارك في بطولة عدد من الأفلام المغربية والعربية والأوروبية، لا سيما فيلم “الرسالة” للمخرج الراحل مصطفى العقاد.

أما عبد الرحمن بن زيدان، فهو باحث وناقد مسرحي مغربي، حصل على الدكتوراه في موضوع “إشكالية المنهج في النقد المسرحي العربي”.

وأثرى المكتبة العربية بعدد من المؤلفات الخاصة بالمسرح المغربي والعربي، من بينها: “من قضايا المسرح المغربي”، “أسئلة المسرح العربي”، “مقامات القدس في المسرح العربي”، “زنوبيا في موكب الفنيق”، و”قضية التنظير في المسرح العربي”، ومؤلفات أخرى.

—————————————————————–

المصدر: مجلة الفنون المسرحبة –  أماني فرحات – الأناضول

شاهد أيضاً

الكتاب المسرحي العربي للمرة الأولى في جيبوتي. اسماعيل عبد الله: حضور منشورات الهيئة العربية للمسرح في معرض كتب جيبوتي حدث مفصلي في توطيد الثقافة العربية.

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *