(عين) صُنّاع البهجة: وجوه سامي قفطان – العراق

قال لي يوسف العاني يوماً : ” الذي لايتفرج على سامي قفطان وهو في البروفات ، مستحيل ان يعرف موهبة هذا الممثل” ، كان يوسف العاني قد شاركه في المسلسل التلفزيوني الشهير (حكايات المدن الثلاث)، وتعجب كيف يستطيع هذا الممثل ان يتحول من الموقف الكوميدي الساخر ،  الى الموقف الجاد وبلمح البصر . 

اول عمل شاهدته له على  المسرح  ” الثعلب والعنب ” التي اخرجها سليم الجزائري عن نص الكاتب البرازيلي  غيليرمي فيجيريدو، وفيه نشاهد كيف ان سامي  قفطان تمكن ببراعة الممثل المقتدر ان يروي  لنا حياة العبد الدميم ايسوب  ، وكانه كتبها بنفسه.

سامي قفطان موهبة ثرية ، لديه مرونة جسدية هائلة ،   وقدرة على تلوين صوته ” قدم عددا من الاغنيات  ” ، ممثل بالفطرة  نراه يزداد تالقا اذا كان الدور مكتوبا  بشكل جيد، اسوأ ادواره تلك التي تفرض عليه بسبب قلة الاعمال.

ظلت مشكلة سامي قفطان في ادارة موهبته الكبيرة، وليست في الموهبة نفسها  حتى اعماله التلفزيونية والمسرحية  ، لم تكن كلها بالمستوى نفسه ، الفارق شاسع بين دوره المتميز في نديمكم هذا المساء ، وماقدمه في مسرحية الف عافية  .

لا توجد مشكلة لدى سامي قفطان في اي شخصية ، ربما يكون من الممثلين القلائل الذين فرضوا انفسهم على  العمل الذي يشاركون فيه  ، فهو متقمص للدور  من الوزن الثقيل ، ممثل بمائة وجه ،  ممثل مسرحي بالاساس ،  وبقى في ادواته كممثل مسرحي  من خلال الطريقة  التي يستخدمها في الاداء  ، وفي استخدام  صوته ،  والطريقة التي يجسد بها الاداء الحركي .  قوته الخارقة في الدخول تحت جلد الشخصية مهما كانت وبناء تفاصيلها بدقة وببراعة والسعي لاقناع المشاهد من خلالها ،  انه مستعرض من الطراز الاول  للشخصية التي يؤديها بكل  تنويعاتها ، ممثل لايوجد  الا حين يكون في جلد شخصية  اخرى  ، او يمكن ان نقول بدقة ان سامي قفطان  مثل العديد من نجوم البهجة المسرحية  ،  لايكشف نفسه الا حين يرتدي قناع الشخصية التي سيمثلها.

ربما يشعر المشاهد بشخصيات لاتحصى  متباينة ومتناقضة  في داخل سامي قفطان  ، في السلوك والتفكير والمظهر  تتعايش في داخله  وتتاجج رغبة للبروز  على السطح ،  هذه الشخصيات كلها تشكل حقيقة سامي قفطان ذاته  ، وبدونها لايشعر انه قادر على تحقيق وجوده الانساني في الحياة .

في كل الاحوال لا يمكن ان نتحدث عن كبار الممثلين في العراق  ، دون ان نضع سامي قفطان في مقدمة المشهد ،  بوجه المبتسم دوما  وبصوته المتميز  ، وبصورته التي تنطبع في الذهن منذ اللحظة الاولى ، ورغم عمله في الكثير من المهن ، بسبب ظروف الحياة ،  الا ان سامي قفطان، لايجيد  فعل اي شيء غير التمثبل.

————————————————————
المصدر : مجلة الفنون المسرحية – علي حسين – المدى

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *