سعدالله ونوس.. مسرحي للرمق الأخير

على هامش فعاليات مهرجان المسرح العربي الذي تنظمه “الجمعية المصرية لهواة المسرح”، على المسرح العائم “فاطمة رشدي” خلال الفترة من السبت 30 أبريل إلى الثلاثاء 10 مايو المقبل، نحتفي بنشر سيرة رواد وإعلام المسرح العربي الذين قدموا أبداعات خلدها التاريخ ومن أبرزهم الكاتب المسرحي سعدالله ونوس.
ولد “ونوس” في حصين البحر بمحافظة طرطوس السورية عام 1941، واشتهر منذ الستينات كواحد من أبرز وجوه الحركة الثقافية والمسرحية في العالم العربي إنهالكاتب المسرحي المجدد سعد الله ونوس،
درس ونوس الصحافة في القاهرة وأنهى دراسته في عام 1963، وفي تلك الفترة بدأ اهتمامه بالمسرح فكتب مسرحيات قصيرة صدرت عن وزارة الثقافة في سوريا، في كتاب مستقل تحت عنوان “حكايا جوقة التماثيل” ثم جمعت مع غيرها في كتابين صدرا عن الآداب في لبنان عام 1978، ومن أهم هذه المسرحيات القصيرة “ميدوزا تحدق في الحياة” و”فصد الدم”، و”جثة على الرصيف” و”مأساة بائع الدبس الفقير”، و”الرسول المجهول في مأتم انتيجونا” و”الجراد”.
سافر سعد الله ونوس إلى فرنسا عام 1966 وتعرف على المسرح الغربي في فترة تحولاته الأساسية، واستطاع أن يستوعب أهم الطروحات والمتغيرات في تلك المرحلة وأن يطوعها في أعماله على أرضية المسرح العربي واهتماماته، فاستخدم “الهابننغ والتحريض” وأدخل تقنياتهما على موضوع الحرب في عام 1968، وذلك لكي يطرح سؤالا جوهريا حول الهزيمة مشككا بقدرة الكتابة المسرحية التقليدية على التعبير عن المستجدات والأحداث العنيفة المعاصرة كما في مسرحية “حفلة سمر من أجل 5 حزيران”.
لم يتأثر سعد الله ونوس بتقنيات المسرح الغربي الحديثة ليتعامل معها بطريقة النسخ المباشر وإنما كان عملية جدلية ربطت ودمجت بين أهم التطورات التي دخلت على المسرح العالمي في الغرب، وبين أشكال وتقاليد “الفرجة” في تراثنا الثقافي والشعبي العربي، والذي تجلى في مسرحيات “الملك هو الملك” و”الفيل يا ملك الزمان”، و”مغامرة رأس المملوك جابر”، حيث يحكي حكواتي لجمهور مقهى شعبي حكاية المملوك الذي ضيع رأسه في معمعة الصراع على السلطة.
استخدم ونوس تقنيات اللعبة والحكاية التي تولد حكاية أخرى “كما في حكايات ألف ليلة وليلة”، وتقنية المسرح داخل المسرح بحيث تبدو الأمور وكأنه لعب ينقلب إلى جد، وقد بلور ونوس عبر هذه المسرحيات مفهوم “التسييس” وميزه عن المسرح السياسي.
وإضافة إلى ذلك صاغ ونوس أفكاره عن المسرح والثقافة بشكل نظري في كتابي “بيانات لمسرح عربي جديد” و”هوامش ثقافية”، تبلورت اهتمامات ونوس المتعددة والمتنوعة على المستوى الثقافي في نواح عديدة حيث ترجم جان فيلار إلى العربية، وكتب مسرحية عن مؤسس المسرح في سوريا وهي “سهرة مع أبي خليل القباني”، كما ساهم في ترسيخ أسس لمهرجان مسرحي في دمشق، وأسس وترأس تحرير مجلة مسرحية مختصة هي “الحياة المسرحية”، وساهم في إنشاء معهد لتدريس المسرح في سوريا.
كُرّم سعد الله ونوس في محافل عديدة أهمها مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي في دورته الأولى ومهرجان قرطاج بـ تونس عام 1989 وحصل على جائزة سلطان العويس الثقافية عن حقل المسرح في دورتها الأولى.
صدرت أعماله الكاملة في عام 1996، في ثلاثة مجلدات عن دار الأهالي بدمشق، جمعت فيها كل المسرحيات الطوية والقصيرة والنصوص النظرية من بيانات وكتابات تتعلق بالمسرح، وقد ترجمت مسرحياته إلى العديد من اللغات الأجنبية، كما نشرت وتم عرضها في كثير من الدول العربية والأوروبية.
رحل سعد الله ونوس في الخامس عشر من مايو 1997، إثر مرض دام لسنوات لم ينقطع خلالها عن الكتابة، ومن أعماله في هذه الفترة “طقوس الإشارات والتحولات” و”الأيام المخمورة”.

 http://www.news24eg.com/

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *