خصائص مسرح القسوة

image-300x300

 

كتبها :جستن كاش

ترجمها للعربية : محمد عزام الجراح – مخرج مسرحي

للأسف لم يكن العقل المدبر الفرنسي المعروف باسم أنطونين أرتو (1896-1948) عقلًا حادًا وواضحًا على الدوام، بل قضى صاحبه – الذي صاغ مصطلح “مسرح القسوة” – جزءًا كبيرًا من أواخر حياته بين المصحّات العقلية وبين تعاطي الأفيون.
يستعصي فهم الكثير من كتابات أرتو عن المسرح، وأبحاثه في “المسرح ونظيره” أبعد ما تكون عن قصص الأطفال. ولا يحظى أرتو بشعبية كبيرة في أوساط المعلمين وطلاب المسرح بالمقارنة مع نظرائه من واضعي النظريات والممارسين بسبب صعوبة ترجمة تقنياته على أرض الواقع. وبناءًا على كل هذا لا يسهل على المرء فهم كيف أصبحت مفاهيم أرتو عن مسرح القسوة أعرافاً وممارسات راسخة على خشبة المسرح، ولكن هذا ليس دافع لإنكار دور أرتو وتأثيره على مسرح القرن العشرين.
يهدف مسرح القسوة، وهو أسلوب أداء مبني إلى حد كبير على الحركة، إلى صدم حواس الجمهور، أحياناً باستخدام العنف والصور الصادمة التي تناشد العواطف. أما النص فلم يتم التركيز عليه كثيرًا في مسرح أرتو، وذلك لأن الرقص والإيماءات لها تأثير قوي يناهز الكلمة المنطوقة، والأضواء والأصوات القوية تعصف بالجمهور خلال العروض.
أجرى أرتو تجارب على العلاقة بين الممثلين والجمهور، وفضّل أن يضع المشاهدين في قلب الأحداث المحيطة بهم. فقد كانت نيته إحاطة الجمهور من جميع الجهات بالحدث المسرحي.
أمضيت مؤخرًا وقتًا مع طلاب فصلي في صف الدراما في دراسة أرتو، فصرنا نجوب ونحلل العديد من النصوص من أجل فهم تقنيات مسرح القسوة بشكل عميق. وكان هدفنا أن يقدم بعض الطلاب في الفصل قصة جاك السفاح بهذا النمط.
أسرد هنا قائمة مصنّفة للعديد من أعراف مسرح القسوة عسى أن تفيدالمهتمين بهذا المجال.
النظرية
• رأى أرتو أن العالم من حوله والمسرح في حاجة إلى التغيير
• تأثر بالسريالية وكان عضوًا فيها في وقت ما
• هدف مسرحه إلى إيقاظ صور الحلم الخامدة في عقولنا
• شملت كتابات أرتو النظرية سلسلة من المانفستات المسرحية
• نُشرت مقالاته النظرية (في حياته) في عام 1938 في كتاب “المسرح ونظيره”
• قراءة كتابات أرتو أقرب إلى محاولة حل الكلمات المتقاطعة
• لم تُوضع نظرياته بشكل يُيسر على الأجيال القادمة تفسيرها بسهولة
• خاطب أرتو العقل غير العقلاني الذي لم يقولبه المجتمع
• كان هناك نداء إلى العقل الباطن، وبهذا تحرر الجمهور من السلبية الموجودة فيهم
• لم يكن التواصل في مسرحه عبر الكلام المنطوق (الأداة الأساسية للتفكير العقلاني)
• كان مسرحه عودة إلى مسرح الأسطورة والطقوس
• كان مسرح القسوة نظير محسّن للحياة الحقيقية
• خلق أرتو “نظير” بين المسرح والميتافيزيقيا والطاعون والقسوة
• قال أنه إذا كان المسرح نظيرًا للحياة الواقعية، فالحياة نظيرًا للمسرح
• كان مسرحه انعكاس لواقع خارج عن المألوف، لا الحياة اليومية الرتيبة
• غير المألوف هو الواقع غير الملوث بأفكار الأخلاق والثقافة
• مسرحه يجب أن يكون تصوير لشكل أسمى من الواقع
• هدف مسرح أرتو إلى استخراج عواطف الجمهور والإفراج عنها
• لَعِبَ المزاج دورًا مهمًا في عروض مسرح القسوة
• عن طريق العصف بالحواس، خضع الجمهور لما يعرفبـ(التطهير النفسي) أي الإفراج عن مكنونات صدورهم
يُعرف أرتو مفهوم “النظير” على النحو التالي: “يجب أن يعيد المسرح إلى الأذهان تلك اللحظات التي تلي استفاقتنا من الحلم غير متأكدين ما إذا كان واقعنا هو الحلم أم السرير الذي نرقد عليه.” (دليل روتليدج إلى المسرح والأداء)
النص
• تم التقليل من أهمية النص المكتوب أو المنطوق بشكل ملحوظ
• تم الإطاحة بمفهوم أن النص المكتوب ذو مكانة سامية (أي أكثر قوة من العناصر الأخرى)
• أطلق أرتو على الحوار المنطوق “شعر مكتوب”
• وضع التركيز على الارتجال، لا النص المكتوب
الأساس في كل عرض أن يحتوي كل مشهد على عنصر من القسوة(المانفستو الأول، أنطونين أرتو)
الحركات والإيماءات
• أعجِبَ أرتو باداء الراقصين في جزيرة بالي عام 1931 واستلهم منهم الوحي (استخدام الإيماءات والرقص)
• إدّعى غروتوفسكي أن تفسير أرتو لرقص الباليين كان “قراءة خاطئة للغاية”
• أمل أرتو خلق لغة جديدة (الجزء الكبير منها غير لفظي) للمسرح
• كانت الحركات (الطقسية) عنصرًا محوريًا (وفي الكثير من الأحيان حلّت محل النص التقليدي / الكلمات المنطوقة)
• أوصل بعض المؤدين قصصهم من خلال “الإيماءات”
• “الإيماءات” في مسرح القسوة كانت تُرى في تعبيرات الوجه وحركة الجسد
• الحركة الأسلوبية كانت تعرف باسم “الشعر المرئي”
• أصبح للرقص والإيماءات نفس فعّالية الكلمة المنطوقة
• لم تحلّ الحركة والإيماءات محل الكلمات فحسب، بل جسدت الأفكار والمواقف الذهنية
• خلقت الحركة في كثير من الأحيان صورًا عنيفة أو مزعجة على خشبة المسرح
• وأحيانا تجلّت الصور العنيفة في أذهان الجمهور (وليس على خشبة المسرح)
هدفنا ليس الاستغناء عن الحوار، بل إعطاء الكلمات قدرًا من الأهمية التي تحظى بها في الأحلام (البيان الأول، أنطونين أرتو)
المساحة وعلاقة الممثل بالجمهور
• أجرى أرتو تجارب على علاقة الممثل بالجمهور
• كانت العلاقة بين الممثل والجمهور في مسرح القسوة حميمة
• كان التفضيل هو أن يؤدي الممثلون أدوارهم حول الجمهور الجالس في المركز (إمّا على شكل مستطيل أو حلقة أو حدود)
• حاول التقليل من المساحة المخصصة للممثلين أو إلغاءها (الخشبة)
• دحض غروتوفسكي مفهوم أرتو في القضاء على خشبة المسرح
• تموضع الممثلون في الزوايا الأربع / على أربعة جوانب منالمساحة (ثوري؟)
• قال غروتوفسكي أن استخدام أرتو للفضاء ليس ثوري لأنه سبق تجربته بالفعل.
• وقد كان وضع الجمهور أضعف وأقل قوة (محاطين بالممثلين)
• كثيرًا ما كان يجلس الجمهور على كراسي دوارة (ليسهل عليهم متابعة الممثلين)
• تُمكن منصَّات العرض والممشى الممثلين من النظر إلى الجمهورمن على علوً (محاصرتهم)

العناصر المسرحية
• تم التركيز على الضوء والصوت في العروض
• كان الصوت في كثير من الأحيان عالٍ ومزعج وذو تأثير مخدِّر فيالجمهور
• استخدام الضوء والصوت والحركة للاعتداء على حواس الجمهور (ومن هنا جاء اسم “القسوة”)
• غالبًا ما رافقت الموسيقى والصوت (صوت شخص أو أداة موسيقية أوتسجيل) الحركة أو النص على المسرح
• استخدام مزيج من الإضاءة العامة والإضاءة المركزة والضوء الموجه
• أراد أرتو لمسرحه أن يخدِّر الجمهور باستخدام المشاهد والأحاسيس
• أضاف اللون والضوء والزي تأثير مسرحي (بعكس غروتوفسكي والمسرح الفقير)
• تم الاستغناء عن الخلفيات الجاهزة من العروض (ولكن يمكن أن تكوِّن الآلات الموسيقية جزءًا من “مشهد مجهّز”)
• مسرح القسوة هو “مسرح شامل” (مليء بالمشاهد)
• فضّل أرتو الاستغناء عن الأزياء الحديثة، والاستعاضة عنها بأزياء تراثية
• هناك بعض الدلائل على استخدام أداة عرض أو فيلم في عروض أرتو
• شبَّه أرتو تحرير الفيلم بالتباين بين حركات فناني الأداء وإيماءاتهم
• استخدام بعض الدمى ودمى العرض والتماثيل المكبَّرة لعمل مقارنة بينها وبين حجم الممثلين
• استخدام القناع أيضًا في بعض الأحيان
نعتزم الاستغناء عن خشبة المسرح وقاعة الجلوس، والاستعاضة عنهما بمكان واحد غير مقسم دون أية فواصل ملموسة من أي نوع، وهو ما سيصبح قلب الحدث (البيان الأول، أنطونين أرتو)
التمثيل والتشخيص
• تم تشجيع الممثل على استخدام العواطف بحرية (بعكس بريخت والمسرح الملحمي)
• لم يكن التركيز على الشخصيات الفردية في الأداء (بعكس ستانسلافسكي والمسرح الواقعي)
• كانت الشخصيات أقل تأثرًا بالحركة والإيماءات والرقص (مقارنة بالحوار المنطوق)
• حذر غروتوفسكي الممثل التابع لأسلوب أرتو من استخدام الإيماءاتالنمطية: واحدة لكل حس شعوري

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *