«خارج برودواى» .. الخروج من عباءة المسرح التجارى

بدأت فكرة المسرح «خارج برودواى» Off-Broadway فى الخمسينيات من القرن العشرين للخروج من عباءة المسرح التجارى الذى يقدم فى «برودواى»،

وكان العرض الأول الذى قدمه هو إعادة عرض «أوبرا القروش الثلاثة» عام 1954 للمؤلف الألمانى برتولد بريشت. عكفت المسارح »خارج برودواى« فى البداية على إعادة تقديم مسرحيات »برودواى« الشهيرة ولكن بأسعار مخفضة، حيث إن أغلب مسارح تلك الفئة هى مسارح غير ربحية معنية بنشر الثقافة المسرحية. كما اهتمت بتطوير الحركة المسرحية حيث تنظم ورش عمل مسرحية تسعى إلى تطوير المسرح الأمريكى من ناحية وإلى فتح آفاق تعاون عالمية من ناحية أخرى. ربما يوضح عرض بعض نماذج تلك الفئة أهمية الدور الذى تلعبه فى المشهد المسرحى الأمريكى والعالمى:

– أكاديمية بروكلين للموسيقى :BAM وهو مركز عمره 150 عاما ويقدم فنونا متعددة (مسرح ورقص وموسيقى وأوبرا وفنون تشكيلية وأدب)، إلى جانب تنظيمه بعض الورش الخاصة بتعليم الفنون للأطفال. رغم أن المسرح الأساسى به أكبر من المسارح »خارج برودواى« فإنه يصنف ضمن هذه الفئة نظرا لتوجهاته حيث يرد فى التعريف بالمكان أنه مخصص للمغامرات الفنية. من أهم الفنانين الذين ارتبطت أعمالهم بهذا المكان هو المخرج الإنجليزى »بيتر بروك« الذى قدم به مسرحية شكسبير »حلم ليلة صيف« 1970، والملحمة الهندية »المهابهاراتا« 1987 التى يستغرق عرضها تسع ساعات، و«زهرة الأوركيد« لتشيكوف 1988، و«هاملت« 2001، و«البذلة« 2013 عن رواية إفريقية.

– مسرح لينكولن Lincoln Theater Center: أنشىء منتصف الستينيات، شعاره هو أن الفن لا يجوز أن يكون متاحا للخاصة فقط بل للجميع، لذا يستضيف الكثير من عروض برودواى بأسعار تذاكر مخفضة، كما يمنح الكثير من التذاكر المجانية للأماكن الأقل حظًا فى مدينة نيويورك، ويخصص عروضا خاصة بضعاف السمع، بالإضافة إلى نشاطه الدائم مع المدارس. كذلك يقوم المركز بتنظيم ورش فى الإخراج المسرحى، والتبادل الفنى بين الفنانين الأمريكان ونظرائهم فى العالم. علاوة على إصداره مجلة تناقش الأفكار المطروحة فى العروض. ويعرض حاليا المسرحية الموسيقية الشهيرة «الملك وأنا» الحائزة على أربع جوائز «تونى».

– مسرح التوقيع Signature Theater: تأسس عام 1991، وهدفه هو تقديم ودعم المؤلفين المسرحيين الأمريكان. يقدم المسرح حاليا ثلاث برامج مختلفة: تقديم أعمال للكاتبين «ناعومى والاس» و«أ.ر. جرونى» على مدار عام 2016، وإنتاج ثلاثة عروض لمؤلفين على مدار خمس سنوات منهم «آنى بايكر» و«ريجينا تايلور»، وبرنامج «الإرث الفنى» المعنى بإعادة تقديم أعمال لمؤلفين عرضت أعمالهم عليه من قبل ثم حققوا قدرا عاليا من الشهرة مثل «سام شيبارد» و«أوجست ويلسون»، و«إدوارد آلبى»، ويعيد حاليا عرض «قبعات قديمة» للمهرجين المخضرمين «بيل إروين» و«دايفيد شينر» الذى يؤديان فيه بعض من مشاهدهم القديمة، وقد أتيحت لى مشاهدته عام 2013 وكانت له جماهيرية عالية دفعت إلى إعادة عرضه هذا العام. يحاول المسرح التوسع عالميًا فبدأ باستضافة المؤلف والمخرج الجنوب إفريقى» آثول فوجارد» عام 2012 وعرض له: «أبنائى.. أفريقتى» و«عقدة الدم» وآخر أعماله «سائق القطار» الذى عرض لأول مرة ضمن هذه البرنامج، وقد سنحت لى الفرصة لمشاهدتهما بالإضافة إلى فيلم وثائقى عن «فوجارد» وتاريخ العنصرية فى جنوب إفريقيا ودور «فوجارد» فى المقاومة عن طريق المسرح مع رفيقى دربه «جون كانى» و«ونستون نتشونا»، وقد ألقى «فوجارد» كلمة عقب الفيلم واستقبل بحفاوة بالغة. جدير بالملاحظة أن المسرح يقدم عرضا أسبوعيا فى الثانية بعد الظهر ويكون ممتلئا على آخره خاصة بكبار السن الذين يقدم لهم المسرح التجهيزات اللازمة لضمان متابعتهم الجيدة للعرض.

 

أسماء يحيى الطاهر
 http://www.ahram.org.eg/

شاهد أيضاً

الكتاب المسرحي العربي للمرة الأولى في جيبوتي. اسماعيل عبد الله: حضور منشورات الهيئة العربية للمسرح في معرض كتب جيبوتي حدث مفصلي في توطيد الثقافة العربية.

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *